انشغل المواطنون في محافظة اللاذقية، وطرطوس وبانياس بالأخص، في الأسابيع الماضية، بقضية الكشف عن "نفط عالي الجودة" تم اكتشافه في بعض المباني التي تجري حولها أعمال حفر. وأوضحت بعض الجهات الرسمية في الدولة، أنه لم يتم التأكد من هذا الخبر، ورجحت احتمال أن يكون "الزيت اللزج" الذي تم الكشف عنه، هو عبارة عن "تسرب" نفطي من خزانات قريبة من المنطقة، أو بعض بقايا مواد السفلتة التي ما تحتاج عادة إلى نوعية لزجة من مواد نفطية غامقة اللون.
ورغم التردد الرسمي بالإعلان عن الخبر، فإن مواطني المنطقة عبروا عن سرورهم العميق وفرحتهم الغامرة لهذا "الوعد بالثروة" التي يمكن أن "تتسلل من داخل البيوت". خصوصا في هذه الفترة التي تشهدها البلاد من تدهور اقتصادي وانخفاض غير مسبوق بقيمة الليرة.
لكن خبر السمكة البحرية العملاقة، ومن نوع القرش، طغت على اهتمامات أبناء المنطقة. فقد تناقلت الأنباء خبرا عن صياد نجح باصطياد سمكة قرش يبلغ وزنها أكثر من 200 كيلوغرام، وأنه باعها في السوق المحلية بسعر مغرٍ.
وعلى الفور سارع أبناء المنطقة إلى الابتهاج بخبر "عبور أسماك القرش لسواحل اللاذقية وجبلة وبانياس" وما تحمله من "أرزاق بحرية" للناس هناك.
من لحظة الإعلان عن خبر اصطياد سمكة القرش، وبيعها بأسعار مرتفعة، شهدت المنطقة اكتظاظا بعدد "الصيادين" الطامحين بسمكة قرش تؤمن رزقاً. مع أن غالبيتهم ليس لديهم باع في الصيد، وخصوصا صيد الأسماك الكبيرة ومن تلك الفئة صعبة المراس، كسمكة القرش.
إلا أن الطامحين بالثروة، عادوا وذكروا أبناء المنطقة، من أن نفطهم أغلى ثمناً، وهو جالب للثروة أكثر من مجرد سمكة قرش بالكاد "تغطي نفقات أسبوعين" لا أكثر.
اهتمام أبناء المنطقة، بالمال الذي يمكن أن تدره سمكة قرش، أكثر من مال نفط اللاذقية، أوضحوا سببه، بكل "صراحة". فهم يعتبرون "النفط مملوكا للدولة" وأنها في كل الأحوال "ستستولي على الأرض التي يظهر فيها نفط ولن تقوم بالتعويض على أصحابها إلا بأقل قدر". من هنا، فإن أبناء المنطقة المحيطة بمكان اكتشاف "الزيت اللزج القابل للاشتعال" رأوا أن الأفضل "التكتم" على أي زيت وعدم إخبار الحكومة به، لئلا "يطير العقار في مصادرات الدولة".
وتضيف مصادر من المنطقة، أنهم قرروا السير بمراكب بحرية متوسطة وصغيرة، والاستعانة بصيادين محترفين، لاصطياد "قرش المنطقة الذي هو أكثر أمناً من نفط الحكومة". إلا أن بعضهم عاد وعقّب متهكّماً: "وما الذي يؤكد لكم أن الدولة لن تصادر أسماككم التي اصطدتموها في البحر؟" وقال آخر: "لو تستطيع الدولة لصادرت الماء المالح الذي أخرج لنا هذا القرش السمين".
وكانت الحكومة السورية قد أرسلت بعض حفاراتها الحديثة، في الفترة الأخيرة، إلى منطقة "قنينص" في اللاذقية ومنطقة المشاحير. في تأكيد منها على توافر هذه المادة التي تعد بالثروة والمال. إلا أن رد فعل أبناء المنطقة، انتقل فورا للتركيز على حكاية النفط السوري، في الأصل. فقال بعضهم: "الأسد كان يمتلك نفط سوريا منذ خمسين عاما، في دير الزور وحمص والحسكة" ورغم هذا الامتلاك: "بقينا فقراء ومال النفط لم يدخل جيب مواطن سوري فقير. بل كان في سيارات ضباط الجيش وبيوت المسؤولين الذي أفقروا البلاد لعقود".
وتؤكد مصادر أبناء المنطقة، أنهم "حتى لم يفرحوا" بالخبر، معتبرين أن الأمر في الآخر" سيكون" مصادرة أراضيهم أو بيوتهم "بحجة" استغلال النفط لصالح الدولة. البعض منهم قال: "الدولة كانت تمتلك النفط ثم سلمته لداعش في دير الزور"، ويضيف معقبا: "هل تريدون أن تسلم الدولة أراضي نفط اللاذقية لداعش؟!".
سمكة القرش أرحم..
منذ نجح الصياد محمد درباك باصطياد ثلاث أسماك من نوع القرش، وأكبرها تزن حوالي 220 كيلوغراما، أمام شاطئ بانياس، ثم باعها في اللاذقية، قرر أبناء المنطقة الاحتفاء بخبر "زيارة سمك القرش النادرة إلى شواطئهم" وأن هذه السمكة "رغم خطورتها" هي "أرحم من نفط الحكومة" الذي لن يأكل منه "الفقير لا خبزاً ولا لحماً ولا أرزا" بل سيتحول "بقدرة قادر" إلى "إما مخصصات للجيش تتحول بنزيناً في سيارات الضباط" أو إلى ميزانية الدولة التي "ستبتلع الريع الناتج منه في تسليح الجيش الذي أكل الأخضر واليابس في البلد".
إلا أن الدولة هدأت من مخاوف الناس من "افتراس القرش" بتوضيحها أن هذا النوع غير مؤذٍ، وهو لا يهاجم الناس، وأبناء المنطقة هناك تسميه "كلب البحر".
ولهذا قرر أبناء المنطقة، أن تكون سمكة القرش هدفهم التالي، لا النفط. وأن "سمكة قرش على الشاطئ" أفضل "من عشر حفارات على شجر الحكومة" كما علق بعضهم ساخرا من خبر الزيت اللزج القابل للاشتعال.