كمية البرامج التي أنتجتها الفضائيات السوسة، الإيرانية وتلك الممولة من النظام الإيراني خلال الذكرى الثانية لمقتل قاسم سليماني الذي كان يشغل منصب قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني ويمارس دوراً مشبوهاً في سوريا ولبنان والعراق الغاية منها ترسيخ فكرة أنه رمز وأنه صار على الجميع أن ينظر إليه على أنه قديس وأنه بناء عليه يمنع منعاً باتاً توجيه أي انتقاد إليه أو مناقشة أخطائه بل إن مجرد القول بأنه أخطأ أو أخفق أو تجاوز يودي بقائله إلى السجن وربما إلى المقصلة.

فرض شخصية بعينها على الشعب الإيراني والمنطقة والعالم هو في حد ذاته تجاوز لحقوق الإنسان، فسليماني لا يحظى بكل تلك المكانة لدى الجميع بل إنه في نظر الكثيرين كان أداة هدم وقتل ووسيلة لتدخل النظام الإيراني في لبنان وسوريا والعراق وأنه كان يتاجر بالقضية الفلسطينية وأن الكثيرين فرحوا بقيام الولايات المتحدة باغتياله ومن كان معه. ولعل أبسط دليل على هذا هو إضرام مجهولين النيران في مجسم له بعد تشييده بساعات قليلة.

أن يحتفل النظام الإيراني بذكرى مقتل سليماني فهذا حقه الذي لا ينازعه فيه أحد، لكن فرضه على الشعب الإيراني إلى حد أن يتم اقتطاع 150 مليون تومان من ثروته لتشييد تمثال له في وقت يعاني فيه الإيرانيون من صعوبات العيش فأمر مرفوض حتى من الإيرانيين الذين ينظرون لسليماني بإيجابية.

النظام الإيراني يسعى إلى فرض نفسه على القضية الفلسطينية والقول بأن الشعب الفلسطيني لا يمكنه تحرير أرضه وحصوله على حقوقه من دون النظام الإيراني وأن ما حققه حتى الساعة هو بفضله وفضل سليماني. وبالطريقة نفسها يسعى إلى فرض نفسه على العراق وسوريا ولبنان واليمن والقول بأن هذه الدول مستمرة في العيش بفضلهما.

فرض قاسم سليماني وتقديسه عبر الاحتفال بذكرى مقتله سنوياً بهذا الشكل المبالغ فيه وتوظيف ترسانة النظام الإيراني الإعلامية لتحقيق ذلك لا تخفى غايته على الإيرانيين والمتابعين للشأن الإيراني.