وسط تصريحات متناقضة من الجانب الإيراني حول دخولها في اتفاق نووي جديد أو عدمه أو التفاوض مقابل رفع العقوبات، وكل هذا يجري أمام مرأى العالم من دون ممارسة أي ضغوطات تذكر على طهران كما كانت الإدارات الأمريكية السابقة، يذهب أكثر المحللين وصناع القرار إلى أن الضغط العسكري سيجعل إيران تعيد حساباتها.

غير أن هناك ورقة ناقصة في جميع هذه الأحداث، وهي أن إيران مستعدة لصناعة قنبلة نووية، وهي على مشارف ذلك، فكافة التقارير المنشورة في وسائل الإعلام الإسرائيلية تؤكد أن طهران لا تبعد كثيراً عن إنتاج القنبلة النووية وخاصة بعد الكشف عن معلومات من قبل المخابرات الإسرائيلية بأن نسبة تخصيب اليورانيوم قد بلغت أكثر 60%، ولم يتبقَ إلا القليل للوصول للهدف الإيراني بصناعة القنبلة النووية.

وبالتالي، إيران على ما يبدو تخطط لوضع برنامجها النووي كأمر واقع على المجتمع الدولي، وسط تخاذل الإدارة الأمريكية التي لا زالت غير مقتنعة بأن إيران قادرة على صناعة تلك القنبلة، وفي المقابل فإن الإعلام الأمريكي يضع لومه بشكل واضح على أن أزمة النووي الإيراني هي أزمة مصطنعة وأن الإدارة الأمريكية تتعمد أن تطيل هذا الصراع من أجل البقاء، وقد يذهب بعض النقاد على السياسة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس جو بايدن بأن يمارس المدرسة القديمة التي لا تتفاعل بشكل سريع مع الأحداث وتأخذ وقتها في اتخاذ القرار وهذا ينعكس بشكل كبير بتحاشي ما قد يحدث بالمستقبل.

في المقابل، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تعمل كمنظومة متكاملة في هذا الملف، حيث إن الصراع الذي يدار في غرف فيينا يتصل مباشرة بدول الجوار، وكما المعتاد أن الاتفاق النووي قد لا يخدم دول المنطقة، فالأخبار المنشورة بأن الاتفاق القديم سيكون هو نفسه الذي يجري التباحث فيه ولا يوجد أي مستجدات كوقف البرنامج الصاروخي الباليستي أو وقف دعم الجماعات الإرهابية وكأننا عدنا للمربع الأول.

خلاصة الموضوع، حالياً المنطقة تمر بمنعطفات لعلها الأخطر وقد تكون نهاية تشكيل الشرق الأوسط الجديد، والخطط تذهب لافتعال أزمة كما حدث في العراق لتغيير الخارطة أو تصفية الحسابات النهائية، وعند النظر بتعمق أكثر ليس لمصلحة أحد الحرب في منطقة الشرق الأوسط، والفاتورة ستكون مكلفة جداً، وهذا ما تعلمه طهران جيداً، فهي تكسب الوقت وفي ذات السياق ستضع العالم أمام الأمر الواقع بأن يكون لها برنامجها النووي العسكري إن لم يكن الآن فقد يكون غداً أو بعد غد.