أدى أكثر من خمسة آلاف مصلي شعائر صلاة الجمعة الموحدة الثانية بجامع الفاتح اليوم، بإمامة خطيب الجامع الشيخ عدنان القطان، وبحضور عدد من كبار المسؤولين في المملكة وعدد من الوزراء، وذلك في أجواء روحانية عمت أرجاء المكان الذي امتلأ عن آخره بالمصلين من أبناء الطائفتين الكريمتين، فضلا عن المقيمين الذين حفلت بهم أروقة جامع الفاتح وساحاته.

واستهل فضيلة الشيخ عدنان القطان خطيب جامع أحمد الفاتح في خطبته اليوم بدعوة "أبناء البحرين الأوفياء من سنة وشيعة وغيرهم إلى الوقوف جميعا صفا واحدا في وجه ما أسماه تلك الأمواج العاتية من الأخطار والتحديات والمؤامرات" التي تحدق بالبحرين، مشددا على أن ما يجمع البحرينيين أكثر مما يفرقهم، حيث يشهد التاريخ "بأخوتهم التي تجذرت، وعاشوا معاً سنين طويلة أسرة واحدة، متحابين متكاتفين متعاونين".

وخاطب القطان جموع المصلين بالقول: "يا من ساهم في بناء وطنه بفكره وعلمه، بساعده وعرقه، بلسانه وقلمه"، داعيا إياهم بأن يقولوا جميعاً وبصوت واحد: "لا للطائفية، ونعم للأخوة والوحدة وللمحبة والصفاء والتعايش"، وأشار "اتقوا الله في هذا الوطن الآمن، واحذروا الفتن، وتضرعوا إلى ربكم جل وعلا أن يكشف عن هذا الوطن البلاء والغمة والفتن، وأن يرفع عنه المصائب والمحن".

وذكر أنه "يتعين على البحرينيين جميعا في ظل هذه الظروف والفتن التي تمر بها بلادنا وخليجنا وبلاد المسلمين، أن نلزم التواصي فيما بيننا بالبر والتقوى، والتمسك بحبل الله، والبعد عن التفرق والاختلاف والنزاع والشقاق والخصام، وأنه يجب على الجميع أن يوطد ويعمق معاني الأخوة والمحبة والوحدة والتعايش والتماسك في هذا الوطن"، لافتا إلى ضرورة أن "يحرس كل منا بحسب موقعه ومركزه نعمة الأمن والأمان، والوحدة والتماسك" التي تنعم بها البلاد.

وأضاف "أن من يسعى لنشر الفرقة بين أبناء الوطن الواحد ويعزف على وتر الطائفية والبغضاء، فإنه يسعى لإضعاف العوامل التي ينبني عليها أساس الأمن والأمان، والوحدة والتماسك"، مؤكدا على أهمية التناصح والتسامح بين أخوة المجتمع الواحد باعتبار ذلك السبيل الوحيد للحفاظ على أمن الوطن واستقراره".

وتابع قائلا موجها حديثه لكل أبناء البحرين "احرصوا على وحدتكم الوطنية ورأب الصدع، وانبذوا العنف والإرهاب، وحافظوا على مكتسبات وطنكم وما حققتموه من منجزات ومكتسبات، في عهد جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله ورعاه، واحذروا مكائد الأعداء ومخططاتهم والشائعات والكذب وتضخيم الأمور والإصغاء والتأثر بقنوات ومنابر الفتنة والفساد والتحريض، وتفاهموا وتحاوروا من أجل مصلحة وطنكم، واحمدوا الله تعالى على نعمه، ولا تعرضوها للزوال، واعتبروا بما يحدث في دول فقدت الأمن والأمان".

وخص القطان في خطبته أهل العلم من العلماء والخطباء والأئمة والفقهاء والدعاة ودعاة الخير والمثقفين والكتاب والمفكرين وأهل الرأي والعقلاء بجزء من حديثه، حيث دعاهم إلى تقوى الله في وطنهم وشبابه، وقال لهم: "كونوا للصلاح وإصلاح ذات البين، واحذروا التحريض والتجييش على العنف والتخريب وأذية العباد، وتدمير اقتصاد البلاد، والتحريض على الخروج للمظاهرات وإحداث الفوضى في البلاد، وتعطيل مصالح العباد"، واصفا ذلك بـ "دورهم الرئيس في الوعظ والإرشاد والنصح في جميع المحافل، وبما يسهم في التقريب والتعايش بين أبناء الوطن الواحد، والمحافظة على الأصول والثوابت".

وأشار إلى ضرورة أن يسعى كل هؤلاء من العقلاء والعلماء إلى "تحقيق الوحدة والتلاحم فيما بين الناس، ونبذ الفرقة والخلاف، وإزالة كل ما يكدر صفو الألفة والمحبة والأخوة، التي جمعت ولا زالت تجمع بين أطياف المجتمع البحريني"، موضحا أن "الدين الإسلامي الحنيف، حث على ‏التآلف والمودة، واجتماع الكلمة، ووحدة الصفوف، وحذر من التنافر والفرقة والشقاق والتنازع".

وخلص القطان في ختام خطبته إلى الدعوة إلى إذكاء "روابط الإخاء الإسلامي، ودعم وشائج الصدق والمحبة في المجتمع"، مؤكدا "أنه لا علاج لداء الفرقة والخلاف والتفكك الاجتماعي، إلا بتتبع أسبابه وأعراضه، والجد في القضاء عليها".

وابتهل القطان في دعائه المولى عز وجل بالقول :"اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في وطننا، ووفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، اللهم وفق ملكنا حمد بن عيسى ورئيس وزرائه خليفة بن سلمان وولي عهده سلمان بن حمد، اللهم وفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وسدد على طريق الخير خطاهم وهيء لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين".

وأفاد مراسل وكالة أنباء البحرين "بنا" أن الجامع امتلأ عن بكرة أبيه منذ الصباح الباكر بالمصلين الذين وفدوا من مختلف أرجاء المملكة، وشهدت أروقته وساحته ازدحاما بالمصلين، حيث قامت الأجهزة المعنية ممثلة في الشرطة المجتمعية وإدارة المرور والمتطوعين بالترتيب لاستقبال المصلين وتأمين عملية دخولهم وخروجهم بانتظام لأداء شعيرة الجمعة الموحدة الثانية التي قام بها البحرينيون للجمعة الثانية على التوالي.

وأشاد عدد كبير من أبناء البحرين الذين التقتهم الوكالة عقب أداء الصلاة بدور الأجهزة المعنية بتنفيذ خططها التي أعدتها على أرض الواقع لتيسير عملية أداء الصلاة التي ضمت الكثير من شرائح المجتمع ومكوناته وفق ما هو مرسوم لها، معتبرين أن هذا الجهد المشكور لهو دليل على رفض كل أبناء البحرين أي محاولة لشق الصف، وأن البحرين ستبقى دائما أبدا عصية على محاولات ضرب اللحمة الوطنية وأنها ستعمل دائما بروح الفريق الواحد.

وفي لقاء خاص لوكالة أنباء البحرين "بنا" ثمن معالي وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة، المبادرة الأهلية للدعوة للصلاة الموحدة، ابتغاء لمرضاة الله سبحانه وتعالى، وتأكيد وحدة الصف، مشيرا إلى "أن الصلاة المشتركة هي مبادرة دينية ووطنية للتأكيد على وحدة المسلمين تجاه ما يتهددهم من أخطار الإرهاب والتطرف والكراهية"، وقال ان الجامع في الاسلام هو لجميع المسلمين وتوحيد صفهم وكلمتهم، مشددا على أن الإرهاب واحد أينما كان، قائلاً "أن استهداف المصلين لا يكون إلا ممن يعادي الله ورسوله، ودعا إلى إبعاد السياسة عن دور العبادة والشعائر الدينية، صوناً لقدسيتها والحفاظ على روحانيتها".

ومن جانبه، قال معالي وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة للصحفيين بأن "الصلاة اليوم في مسجد أحمد الفاتح كاملة شملت كل المسلمين من كل الطوائف وفي مسجد واحد، وأن هذا الحضور الكبير قد أفرحنا ونسأل الله تعالى في هذه الايام المباركة ان يجمع أهل البحرين على الخير"، مشيدا بدور الاستاذ سهيل القصيبي رئيس مجلس أمناء المؤسسة البحرينية للمصالحة والحوار المدني للدعوة للصلاة الموحدة".

وأكد الوزير بأن "الصلاة الجماعية والموحدة ستتكرر بإذن الله تعالى، وانه لا أحد يقدر على أهل البحرين، وأن البحرين صعبة المنال... البحرين أسرة واحدة وقوية، حتى أن درجة الخلاف لا يمكن أن نسميها خلاف".

وحول سؤال أحد الصحافيين بأن الصلاة الجماعية في مسجد الفاتح لها ميزة، أكد الوزير بأن "الصلاة التي كانت الاسبوع الماضي في مسجد عالي والتي اقيمت اليوم في الفاتح كلها بيوت الله ولا فرق بين مسجد وآخر، لكن مسجد أحمد الفاتح تقام فيه فعاليات كثيرة ونتمنى ان يشهد المزيد من الفعاليات التي تعزز الوحدة الوطنية في في بلادنا أكثر فأكثر".