^   بدأت المعارضة الراديكالية بالإعلان عن مواقفها من التعديلات الدستورية المرتقبة، وهي مواقف تمثل امتداداً لمواقفها السابقة منذ صدور التعديلات الدستورية الأولى في العام 2002 التي تعتمد على الرفض والتحفظ والتشكيك. التعديلات الدستورية الجديدة من الناحية الشرعية ليس من المنطقي التشكيك في شرعيتها لأنها تمت بإرادة شعبية خالصة؛ إذ طرحت حسب الآلية المنصوص عليها في الدستور، وتم عرضها على ممثلي الشعب في السلطة التشريعية بمجلسيها المعيّن والمنتخب، وبعد النقاش والدراسة تم إقرارها لترفع إلى عاهل البلاد للتصديق النهائي حتى تكون نافذة قريباً. من المسائل التي تحاول المعارضة الراديكالية تسويقها أن التعديلات الدستورية “شكلية”، وهو طرح غير دقيق البتة، فالتعديلات تعتبر قياسية على مستوى تجربة التحول الديمقراطي التي تشهدها البحرين منذ أكثر من عشر سنوات، بل قد يكون المجتمع غير قادر على استيعاب مثل هذه التحولات حالياً بسبب الثقافة السياسية المشوّهة السائدة. سأطرح هنا مجموعة من الأسئلة حتى نتأكد إن كانت التعديلات المقبلة “شكلية”: - هل التعديلات الدستورية شكلية إذا منح الشعب حق تشكيل حكومته وإمكانية رفضها؟ - هل التعديلات الدستورية شكلية إذا كان المطلوب 10 نواب فقط لتقديم طلب طرح الثقة في رئيس الحكومة؟ - هل التعديلات الدستورية شكلية إذا تم تجريد مجلس الشورى المعيّن من معظم صلاحياته لصالح مجلس النواب المنتخب؟ - هل التعديلات الدستورية شكلية إذا صار رئيس مجلس النواب المنتخب رئيساً للمجلس الوطني بدلاً من رئيس مجلس الشورى المعيّن؟ - هل التعديلات الدستورية شكلية إذا صارت الاستجوابات لأي من الوزراء تتم بناءً على طلب خمسة نواب فقط؟ - هل التعديلات الدستورية شكلية إذا صار استجواب الوزراء بشكل علني أمام مجلس النواب بدلاً من الاستجواب في غرف اللجان المغلقة؟ - هل التعديلات الدستورية شكلية إذا صار حل مجلس النواب بالشراكة بين ثلاثة أطراف هي رئيسا مجلس الشورى والنواب ورئيس المحكمة الدستورية وجلالة الملك، بعد أن كان مقتصراً على الصلاحيات الدستورية لعاهل البلاد؟ هذه سبعة أسئلة فقط وبالإمكان زيادتها لعدد كبير يمكن للجمهور أن يتعرف عن الوصف الذي وصفته المعارضة الراديكالية لمثل هذه التعديلات عندما ادعت بأنها “شكلية”. وأعتقد أن المحترف في السياسة يدرك جيداً الفرص التي يمكن أن يحققها من وراء مثل هذه التعديلات. مسألة أخرى مهمة تحاول المعارضة الراديكالية تسويقها وهي أن هذه التعديلات لم تمرر على الشعب، وأنها لم تكن طرفاً فيها؟! أعتقد أن مثل هذه الفكرة لا يمكن أن تمر على الجمهور الذي تابع مشاركة جمعيات المعارضة الراديكالية في حوار التوافق الوطني خلال الصيف الماضي، حيث مناقشة مجموعة من التعديلات الدستورية والأفكار المتعلقة بها خلال الحوار بحضور ومشاركة ممثلين عن هذه الجمعيات، وأذكر جيداً السقف الذي حاول المعارضون إيصال الحوار إليه، قبل أن يعلن عدد قليل جداً منهم انسحابهم من الحوار. وبالتالي فإن من المجدي الاعتراف بأن الإطار العام للتعديلات الدستورية تم وضعها في حوار التوافق الوطني بمشاركة كافة مكونات المجتمع بما فيها جمعيات المعارضة الراديكالية. ولا أعتقد أن مسألة إنكار عدم المشاركة مجدية هنا، لأن محاضر الاجتماعات موثقة ويمكن الاستعانة بها سريعاً.