تشهد البحرين خلال السنتين الماضيتين فوضى «توصيل الطلبات»، حيث أصبحت مهنة من لا مهنة له، وبات كل من لديه موتر سيكل أو سيارة يعمل في توصيل الطلبات ودون أي كيان أو رقابة أو حتى محاسبة لما يمكن أن يفعله هؤلاء في المواطنين أو غيرهم.

ولا أفتري على أحد منهم أو أدعي أن جميعهم سيئون، ولكن ما حدث لأحد الأصدقاء جعلني أتساءل ومعي آخرون، عن كيفية السيطرة على تلك المهنة التي أجبرتنا عليها جائحة كورونا ويعمل أصحابها بعيداً عن رقابة وزارة التجارة أو حتى القانون.

فقد صادف أن طلب هذا الصديق الصدوق طلباً بقيمة 4 دنانير من إحدى الشركات، ووصل الطلب محمولاً على يد سائق موتور سيكل، فأعطاه صديقي 20 ديناراً، لكن لم يكن لدى هذا السائق خردة وعرض على صديقي أن يذهب سريعاً لجلب خردة من أقرب مكان، ولم يأت في مخيلة صديقي أن يطمع هذا الشخص في الباقي المتبقي من الخردة، لكنه ذهب ولم يعد.

تواصل صديقي مع الشركة فكان الرد صاعقاً.. سنجري تحقيقاً في الواقعة، فلربما يكون كلامكم مغاير للحقيقة..! وهو ما استغربه صديقي قائلاً: هل سنكذب ونتصل بكم لادعاء سرقة مبلغ بسيط؟ لكنه لم يصل معهم إلى نتيجة.

وفي اليوم التالي اتصل صديقنا بإدارة حماية المستهلك في وزارة التجارة، وكان ردهم أغرب من الشركة صاحبة المشكلة، فقد أبلغه الموظف أن هذه الواقعة خارج نطاق عملهم و«الموضوع وايد صعب».

السؤال الذي يتوارد للأذهان.. إذا كان ذلك قد حدث في مبلغ بسيط فمن المؤكد أنه حدث مع زبائن آخرين وفي مبالغ متفاوتة، كما أن وزر هذه الجريمة تتحمله الشركة التي وظفت هذا السائق وعليها أن تحافظ على سمعتها قبل أن تدعي التحقيق في الأمر.

ناهيك عن أن هؤلاء الذين يطوون الأرض روحة وجيئة على مدار الساعة ولا يعرف أحد عنهم شيئاً، فلربما بينهم سارق أو حتى مشروع قاتل يمكن أن يقتنص زبوناً يجهل هويته، خاصة وأنهم ليسوا تحت مظلة مؤسسة أو لهم تنظيم قانوني يعرف هذه المهنة وممتهنيها، ولربما يكون من بينهم مرضى نفسيين، أو حتى مرض معدي، هذا فضلاً عن خطورتهم المتمثلة في نقل فيروس كورونا من منطقة لأخرى.

الأمر يحتاج لسرعة بحث وتحري لأنه قد يتوسع وينتشر في كافة أرجاء البحرين، ومن المؤكد أن حوادث شبيه قد حدثت وتغاضى أصحابها عن ذكرها أو التبليغ عنها، ولكن هل سننتظر حدوث جريمة أكبر أو كارثة لا سمح الله؟

* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية