لا يوجد في العالم دولة لا تجتهد في الوصول إلى المعلومات والأسرار التي قد تنفعها أو تحميها، لهذا يوجد في كل دولة جهاز أو ربما أكثر لهذا الغرض، فمن دون هذا لا يمكن للدولة أن تحصل على ما تريد سواء من الداخل أو الخارج. وهذا يبرر قيام الدول بالتجسس على العلماء ومراكز الأبحاث وكبار السياسيين ويبرر سعيها لمعرفة ما يقوم به الآخرون من دراسات وما يتوصلون إليه من نتائج.

المثير في أمر التجسس وخصوصاً منذ ازدياد الحديث عن شراء بعض دول المنطقة نظام بيجاسوس من إسرائيل أنه في كل يوم صار يخرج على الناس من يدعي أن الدولة تتجسس عليه وتقتحم هاتفه وخصوصيته رغم أنه والناس جميعاً يعلمون أنه لا يمكن للدولة أن تستفيد من عملية التجسس عليه شيئاً ولا يمكن أن تضيع وقتها في مثل هذا الأمر. وهذا يعني أن أولئك إنما يستغلون الفرصة ليكسبوا التعاطف وليبرزوا ويتميزوا ويشتهروا وليصيروا حديث الساعة في كل حين.

ترى ما الذي يمكن لتلك الأجهزة أن تكسبه من التجسس على سين أو صاد ممن يعتبرون أنفسهم «معارضة» أو «حقوقيين» وهي تعلم وهم يعلمون أيضاً أنه لا تأثير لهم في الساحة السياسية والحقوقية؟

ما صار ينتشر بين الحين والحين عن قيام تلك الأجهزة بترصد تحركات فلان أو علان من أولئك واقتحام هواتفهم وحياتهم الخاصة إنما يؤكد أنهم إنما يعملون على خداع العامة حيث يقدمون أنفسهم على أنهم مظلومون ومستهدفون ومتضررون من عمليات التجسس عليهم.

يعني بالمنطق هل يعقل أن تصرف الدولة مبالغ كبيرة كي تحصل على معلومات من وعن شخوص يمكن الحصول عليها بطرق أسهل وغير مكلفة؟ وهل يمكن أن تستهدف من لا تأثير له ولا وزن؟

لا بأس أن يسعى بعض أولئك ليخلقوا من أنفسهم أبطالاً، فلعل هذا حقهم، ولكن عليهم أن يعلموا جيداً ويتأكدوا أن بيجاسوس ليس لهم.