تختلف الآراء والمواقف بشأن التواجد الأمريكي في المنطقة لكن الجميع يتفق على أنه سبب أساس لضمان استقرارها وأنه ضمان لحرية تدفق النفط إلى الأسواق ولحرية الملاحة البحرية. كما يتفق الجميع على أن خلو المنطقة من الوجود الأمريكي أو تراجعه يؤدي بالضرورة إلى حصول ارتباك وفراغ يفتحان الباب أمام النظام الإيراني ليحقق ما ظل يحلم به ويعمل ليل نهار فيسيطر ويسود، وهذا يعني غياب الاستقرار وحرية الملاحة البحرية وتعرض سفن النفط غير الإيرانية للكثير من المخاطر وصعوبة تدفق ما تحمله إلى الأسواق.

الغياب الأمريكي سيفتح الباب أمام التهديدات التي لن يبخل النظام الإيراني بها وسيوفر له سبلاً عديدة للتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة كلها من دون استثناء. وهذا وذاك يفرضان حسب رؤية العديد من السياسيين «صياغة سياسة واستراتيجية واضحتين للوجود العسكري الأمريكي والتعاون مع الحلفاء في منطقة الخليج العربي» دون أن يعني هذا أن الولايات المتحدة لم تخطئ خلال تواجدها فيما سبق أو أنها لن تخطئ في تواجدها بعد الآن فهي في البداية والنهاية تبحث عن مصالحها ولا يهمها إن قوبل تواجدها بالكراهية من قبل شعوب المنطقة.

لعل العبارة الأنسب في هكذا حال هي «أهون الشرّين»، فالوجود الأمريكي أفضل مليون مرة لدول المنطقة كافة من النظام الإيراني المستمر في حلم استعادة الإمبراطورية المفقودة والذي أعلن منذ اللحظة الأولى لاختطافه الثورة الإيرانية في 1979 أنه سيقوم بـ»تصدير الثورة» إلى دول المنطقة ووفر الكثير من الأمثلة خلال السنوات الأربعين ونيف الماضية على أنه يريد فرض فكره وتوجهاته وفرض مذهب بعينه.

لكن، لأن دول المنطقة منتبهة إلى كل هذا جيداً وتدرك أبعاد غياب الولايات المتحدة ولو جزئياً لذا فالأكيد أنها وضعت مختلف السيناريوهات التي تضمن لها الاستقرار وحرية الملاحة البحرية وتمنع النظام الإيراني من التدخل والسيطرة والتسيّد. والأكيد أن المتابع لشؤون المنطقة قادر على قراءة العلاقات التي نشأت أخيراً بين بعض دول مجلس التعاون وإسرائيل.