أثار الداعية خالد الجندي جدلاً واسعاً في مصر عندما قال «على المؤمن أن يكون أمنجياً يبلغ عن الخارجين على القانون» وحصل لغط كبير حول كلمة «أمنجي» حيث اعتبر ناشطون ما قاله تعزيزاً لسلوك الوشاية بين المواطنين. فهل يتوجب على المواطن أن يكون «أمنجياً» فيتواصل مع الجهات المعنية بالأمن ويوصل إليها ما يتوفر لديه من معلومات تعينها على منع حصول الأذى للوطن وللمجتمع؟ وإن لم يفعل فهل يعتبر مقصراً في حق الوطن والمجتمع وناقص الإيمان؟

هذا سؤال مهم يستدعي البحث عن إجابة له بعيداً عن لغات الاتهام، خصوصاً وأنه منطقاً لا يمكن اعتبار مساهمة المواطن في دفع الأذى عن وطنه ومجتمعه وشاية، بل إن هذا الفعل وإن بدا أو عُد كذلك فالأكيد أنه يندرج تحت بند «الوشاية المحمودة».

السؤال الأكبر من هذا السؤال هو هل «المواطن» الذي يتخذ من الوطن موقفاً سالباً وظل يعمل ضد السلطة يمكن أن يقدم على مثل هذا الفعل فيزود الجهات الأمنية بمعلومات تتوفر لديه فيسهم في حماية الوطن والمجتمع من أذى ما؟ وإذا فعل فهل يعتبر خائناً ومتمرداً على الجماعة التي ينتمي إليها؟ وهل يكون بهذا ممارساً لفعل الوشاية؟

لو أن هذا الشخص أو غيره توفرت لديه معلومة أكيدة عن عزم مجموعة خارجة على القانون القيام بتفجير منشأة أو قتل شخصية أو عزم الأعداء مثلاً إطلاق صاروخ على البحرين وأبلغ الجهات ذات العلاقة بذلك فهل يعتبر واشياً؟ وهل يعتبر بهكذا فعل عميلاً للسلطة وخائناً للذين ينتمي إليهم أو للذين وثقوا فيه؟

التقدير هو أن الوطن والمجتمع أهم من كل شيء، فأن يقبل بأن يطالهما الأذى يعني أنه قبل أن يطال أهله والأمن والاستقرار اللذين ينعم فيهما، والتقدير أنه بمجرد تردد المواطن في أن يكون «أمنجياً» يكون قد خان وطنه ومجتمعه وخان دينه. والتقدير أن ما دعا إليه خالد الجندي هو الصحيح.