رؤى الحايكي

على الرغم من تأقلمنا الشبه كلي نحن وأطفالنا مع ظروف الحياة ومستجداتها بعد الجائحة، إلا أننا لانزال في بحث دائم عن طرق ووسائل تعالجنا وتعالجهم مما خلفته الجائحة من تداعيات نفسية واجتماعية. ونسأل الله دوام التوفيق والعون، فنحن نحاول أن نستجمع شتات تلك النفس الجميلة التي تغنت يوماً بالحياة ونرمم ما تفتت من استقرارها الوجداني الذي كانت تحظى به قبل أن تباغتها هذه الجائحة.



ولكن للأسف المسألة ليست سهلة، فالقلق لا يزال متفشياً وخاصة إزاء تزايد حالات الإصابات بالفيروس بسلالاته الجديدة.

لقد تطرقت في مقال سابق العام الماضي إلى ظاهرة غضب الأطفال وسلوكياتهم غير المقبولة والتي نتجت عن فترة الحجر المنزلي. فالأطفال شحنات من الطاقة والحركة والبراءة وللأسف مرورهم بظرف استثنائي مشحون بالتوتر والقلق أدى للشعور بالكبت وعدم الاستقرار النفسي.

فقد لاحظ بعض الأسر بأن جلوس الأطفال في المنزل طوال فترة الحجر المنزلي العام الماضي بسبب الفيروس المستجد والتعايش مع المحيط المشحون بالترقب والقلق أدى لظهور سلوكيات مستجدة على الأطفال مثل نوبات الغضب المستمرة والسلوك العدائي الذي ينتج بسبب شعور الإحباط الشديد الذي يشعر به الطفل بسبب بعض الصعوبات التي يواجهها ولا يمكنه التعبير عنها بالكلام ويعتبر نوعاً من التعبير عن المشاعر السلبية المكبوتة أو غير المفهومة. وهذا السلوك لايعتبر صحياً أو مقبولاً أبداً بل وخطيراً جداً.

اليوم لابد لنا من وقفة لتقييم تلك السلوكيات عند الأطفال وخاصة بأن وتيرة الحياة عادت تقريباً لسابق عهدها مع وجود بعض الاختلافات والإجراءات وبعض من القلق. لابد من ملاحظة السلوكيات ومقارنتها بتلك التي صاحبت فترة الحجر المنزلي.

نوبات الغضب والسلوكيات غير المقبوله تنتج في أساسها بسبب ضيق أو قلق يصاحب الأطفال، لذلك لابد أولاً من التركيز على حالة الطفل النفسية والوجدانية بعيداً عن موضوع الجائحة للتمكن من عزل المشكلة إذا كان لها جذور. وبعد ذلك يمكن النظر للأسباب التي فاقمت من تلك السلوكيات والتي سببتها الجائحة.

بصفة عامة وليس خاصة، جميع الأطفال بحاجة للترفيه واللعب، ومن الجميل أن يحظوا بمشاركة من الأبوين فذلك يعزز من ثقتهم بأنفسهم ويشعرهم بالراحة والسعادة رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها.

لذلك لابد من احتواء الأطفال والاهتمام بهم بصورة أكبر في حال استمرار نوبات الغضب والسلوكيات العدائية لأنه في حال لم يجد الطفل من يستمع له ويعيره الانتباه سيلجأ لهذه النوبات فقط للحصول على الاهتمام الذي يرغب به. وإذا لم يجد أيضاً الاهتمام ستتحول هذه السلوكيات إلى طباع وتصرفات غير مقبولة مثل التعدي على الأطفال الآخرين باللفظ أو الضرب، ويمكنها أن تتحول أيضاً لعزلة غير مرغوبة تؤثر على تحصيلهم الدراسي وعلى تعاطيهم مع الحياة وتطورهم.