انطلاقاً من الاهتمام الذي توليه المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتصديقاً للاتفاقية التي وقعتها حكومة مملكة البحرين بموجب القانون رقم (22) لسنة 2011 بضرورة تمتع جميع الأشخاص الذين يعانون الإعاقة بجميع أنواعها بكل حقوق الإنسان والحريات الأساسية سواءً المدنية والسياسية أو الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فقد نظمت المؤسسة الوطنية ندوة بعنوان "الحقوق الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة" بالشراكة مع جمعية الصم البحرينية والجمعية البحرينية لتنمية الطفولة والجمعية البحرينية لأولياء أمور المعاقين وأصدقائهم، وذلك في قاعة جمعية الحكمة للمتقاعدين بمنطقة مدينة عيسى.
في بداية الندوة، تحدث سعادة الدكتور فؤاد صالح شهاب أستاذ التاريخ بجامعة البحرين رئيس مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود لتنمية السمع والنطق عن تجربته الشخصية التي أثرت عليه وكانت حافزاً له للعمل على خدمة ذوي الإعاقة السمعية، وأدت إلى إنشاء المركز، ومن ثم تطرق إلى أهم الأهداف التي يعمل المركز على تحقيقها، والاستراتيجية التي يقوم عليها، وأهم الأنشطة وورش العمل والدورات التي قدمها المركز منذ افتتاحه عام 1994، إضافة إلى تجربة المركز الرائدة في الدمج التربوي والاجتماعي للمعاقين سمعيًا.
ثمة صعوبات أكد عليها الدكتور آل شهاب في بداية عمله لإقناع الجميع بأن المعاق السمعي قادر على الكلام، واستدرك قائلاً:" لقد استطعنا أن نصل بفضل عمليات زراعة القوقعة الآن إلى أن لدينا شبابا معاقين سمعياً أنهوا دراساتهم الجامعية، بل أن كل طفل في المركز الآن عمره 4 سنوات يتحدث لغتين، فالدراسات أثبتت أن 98% من ذوي الإعاقة السمعية لديهم بقايا سمعية، لذلك العمل جار على استنهاض وتحفيز البقايا السمعية لهم".
كان واضحاً في ورقة الدكتور آل شهاب بأن حجر الزاوية لإنجاح العملية التعليمية لدى الطفل المعاق هي الأسرة التي عليها أن تتقبل هذا الطفل الذي عليه أن ينمي قدراته الإبداعية، أما على مستوى المجتمع من خلال عدم تحمله مسؤولية الربط بين الصم والبكم وتغيير المفهوم الذي يعتبر المعاق سبة عار أن يصبح مصدراً للفخر لأسرته، إذ أن المركز يقوم بتطوير العاملين به من خلال التواصل مع كل المؤسسات العاملة في هذا الشأن على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
كما بيّن سعادة السيد فريد غازي رفيع عضو مجلس المفوضين بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، رئيس لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعضو الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في ورقته ماهية الحقوق الاجتماعية للإنسان، والإطار القانوني الدولي والوطني لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة.
وأردف السيد غازي قائلاً: إن مصادقة الدولة أو انضمامها إلى اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ينطوي عليها ثلاثة واجبات أساسية هي، أولها التزام الاحترام، إذ يجب أن تمتنع الدول الأطراف عن التدخل في تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بحقوقهم، ومثال ذلك: ألا تجري الدول الأطراف تجارب طبية على هذه الفئة دون موافقتهم، وألا تستثني أشخاصاً من الحق في العمل أو السكن الملائم على أساس الإعاقة. وثانيها: التزام الحماية، أي يجب أن تمنع الدول الأطراف انتهاك حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من الانتهاك من قبل أي طرف ثالث، فيجب على أرباب العمل في القطاع الخاص توفير ظروف عمل عادلة ومواتية للأشخاص ذوي الإعاقة. وآخرها: التزام الوفاء، فيجب أن تتخذ الدولة الطرف في الاتفاقية تدابير تشريعية وإدارية ومالية وقضائية وغير ذلك لضمان الإعمال التام للحقوق الواردة والمنصوص عليها في الاتفاقية، لذا يجب على الدولة الطرف أن توفر تدريباً مهنياً لذوي الإعاقة، كما يجب عليها أن تيسر استخدام لغة الإشارة واللغة السهلة ولغة برايل والاتصال التراكمي والبديل في المعاملات الرسمية".
واختتم السيد غازي ورقته بالتعريف بدور المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في تعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مؤكداً بأن هذه هي الفعالية الأولى التي تنظمها لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالمؤسسة منذ إعادة تشكيل مجلس المفوضين، وأنها تأتي في إطار استراتيجية المؤسسة لنشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن اللجنة ستقوم بتجميع المقترحات التي تقدم بها ذوي الإعاقة وبلورتها ورفعها إلى مجلس المفوضين لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيلها في ضوء حق المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لاقتراح مشروعات القوانين.
من جهتها، أكدت سعادة السيدة بدرية الجيب الوكيل المساعد للرعاية والتأهيل الاجتماعي بوزارة التنمية الاجتماعية في مداخلة لها على أن مملكة البحرين اتفقت مع الأمم المتحدة على تقديم تقريريها الأول والثاني بشأن التزاماتها بالاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، في نوفمبر 2016، عوضاً عن التقرير الأول وحده الذي كان مقرراً أن يعرض في نوفمبر 2013، حيث أن المملكة فضلت تأجيل التقرير الأول حتى يتم إعداد تقارير رسمية إلى جانب تقارير الظل التي تعدها مؤسسات المجتمع المدني العاملة في هذا الشأن.
وأشادت السيدة الجيب بتجربة مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز لتنمية السمع والنطق، وهو ما شجع الأهالي والحكومة على إجراء عمليات زراعة القوقعة، التي أدت إلى انخفاض أعداد الأطفال ذوي الإعاقة السمعية في مركز شيخان الفارسي من نحو 300 طالب في 1994 إلى ما يقرب من 35 طالباً خلال هذا العام (2015).
واختتمت السيدة الجيب قائلة: إن الحكومة أنشأت مركز «لست وحدك» الذي أسهم في توظيف نسبة الـ 2% من المعاقين في الشركات. وإن إجمالي ذوي الإعاقة المسجلين لدى وزارة التنمية يقترب من الـ 10 آلاف بحريني أي ما يعادل نحو 1,5% من المواطنين.
في ختام الندوة، قام سعادة الدكتور عبدالعزيز حسن أبل رئيس مجلس المفوضين بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بتوزيع الدروع التذكارية وشهادات الشكر على المحاضرين ورؤساء الجمعيات المشاركة.