أكَّد أستاذ القانون الدولي العام في جامعة المملكة د.أحمد الرفاعي أنَّ “الدول الكبرى صنعت القانون الدولي لينظم علاقات الدول ببعضها، ولكنها تتحرك كيفما تشاء، سواء مع القانون أو ضده، ولا تعيره أي اعتبار وتنتهكه ليل نهار”، مشيراً إلى أنَّ “العالم تتحكم فيه الآن القوة والمصالح وليس القانون والمواثيق”. وأضاف الرفاعي، خلال ديوانية جمعية الإصلاح بعنوان “بنية العلاقات الدولية وأحداث غزة”، أنَّ “الدول التي صنعت القانون الدولي، هي التي أسقطت الخلافة العثمانية وأعانت إسرائيل على احتلال فلسطين، وتعتبر أنَّ الإسلام أخطر عدو لها، لأنه يملك نظام صحيح وبديل لنظامها الفاشل”. وقال “الخطأ الذي وقعنا فيه جميعاً هو عدم الفهم الصحيح لهذا النظام الدولي الجديد، ودوره تجاه قضايانا والناظر لجميع قضايا الوطن العربي فلسطين، والسودان، والعراق، يجد السياسة الحقيقية لهذا النظام تجاهنا، فعجلة النظام الدولي تتحرك بسرعة وتسحقنا ونحن مستسلمون لهذا السحق”، لافتاً إلى أنَّ “مقولة كولن بول قبل ثلاثة شهور من احتلال العراق تدلل بصدق على حقيقة النظام والمجتمع الدولي، حيث قال باول “نحن ذاهبون إلى الحرب مع المجتمع الدولي أو بدونه”، في حين أنَّ الولايات المتحدة هي أول من سعى لإنشاء المجتمع الدولي”. وأوضح الرفاعي أنَّ “النظام الدولي يتكوّن من شقين، القانون الدولي والسياسة الدولية، وأنه لكي نفهم ما يحدث في الحاضر يجب أنْ نرجع إلى منتصف القرن السابع عشر في أوروبا، حيث نشأ النظام في موضوع مصيري في حياة أوروبا اسمه مؤتمر وست فآليا عام1948، بعد خروج أوروبا من حروبها التي مزقتها وظهرت دول عظمى مثل بريطانيا وفرنسا وهولندا وروسيا والدنمارك والسويد، وقرروا مبادئ في المؤتمر منها “السيادة، والمساواة في السيادة، والتوازن الدولي”. وأوضح “لكي نعرف مفهومهم للسيادة نرجع قليلاً إلى أواخر القرن السادس عشر، حيث ظهر فقيه قانوني اسمه جان وهو فرنسي قال: إنَّ السيادة هي جوهر الدولة، وهي سلطة عليا مطلقة ليس فوقها شيء”، مشيراً إلى أنَّ “هذا ما يحدث الآن، فالدول الكبرى هي التي تضع القوانين ولا تطبق عليها، ومثال ذلك وأكبر دليل عليه هو حق الفيتو”. وقال الرفاعي “يجب أنْ نعي ما سبق، لكي نفهم دور المجتمع الدولي في العدوان على غزة تلك الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة، 21 يوماً مروا على أهلنا في غزة في محنة شديدة، استعمل فيها العدو الصهيوني أحدث الأسلحة براً وبحراً وجواً، وأهل غزة عزل من السلاح ويلقى عليهم الأسلحة المحرمة دولياً “الفسفور الأبيض”، وأهل غزة شيوخ وأطفال ونساء يصرخون ولا مجيب، ووقائع العدوان تنقل على القنوات الفضائية ولا مجيب ولا من صدى لصراخهم”، مضيفاً أنه “كان ينبغي أنْ نفهم العدوان فهماً صحيحاً، فقد حدث في بيئة دولية مهدت له وساعدت على حدوثه واحتضنته، ووقفت بجواره إذا ما كانت هناك بيئة دولية مساعدة والفهم البديهي لهذه البيئة، إنها تتكون من القانون الدولي والسياسة الدولية، ولقد انتهك القانون الدولي وانتهكت السياسة الدولية، وهذا يقودنا إلى وجود نظام دولي يتحرك في مختلف الاتجاهات”. وأكَّد الرفاعي “إذا كانت هذه هي نشأة القانون الدولي والنظام الدولي، فكيف نرى فيه أنه سيعطينا حقوقنا وبهذه المبادئ التي خرج بها هذا المؤتمر، فهو لم يستطع أنْ يوطد السلام في أوربا، ثمَّ نشأت الثورة الفرنسية التي غيَّرت معنى السيادة”. وأوضح الرفاعي أنَّ “النظام الدولي الحديث بدأ تشكيله الحديث مع نهاية الثورة الفرنسية، وكانت أول حركة لهذا النظام هو التحرك لاستعمار مصر في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، وكان هذا بعد الثورة بتسع سنوات”.