كثفت مليشيات الحوثي عمليات نهب منازل الفارين من مناطق سيطرتها، إلى مناطق الحكومة المعترف بها دوليا، في فصل جديد من إجرام الانقلابيين.

واستخدام الحوثيون منذ انقلابهم واجتياح صنعاء أواخر 2014، سياسة نهب الممتلكات بما في ذلك المنازل التابعة للمناهضين لمشروع إيران باليمن، كأداة ضغط لتطويع هؤلاء المعارضين، قبل أن تمتد عمليات النهب مؤخرا لتشمل كل النازحين والفارين من بطش جبروتها شمالي البلاد.



وتستهدف مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، تجفيف سبل عيش اليمنيين وحرمانهم من حق العودة إلى ديارهم ضمن عقاب جماعي بحق النازحين من مناطق سيطرة الانقلاب.

وتلصق المليشيات الإرهابية تهمة "الخيانة" لكل من نزح من مناطق سيطرتها لتشرعن حملات النهب التي طالت آلاف المنازل في محافظات أمانة العاصمة، وصنعاء، وذمار، وإب، وصعدة، والمحويت، ومناطق من محافظة تعز.

وقال مصدر حقوقي لـ"العين الإخبارية"، إن حملات النهب الحوثية طالت مؤخرا منازل موظفين وصحفيين وناشطين حقوقيين وسياسيين وكثير من النازحين المدنيين الذين انتقلوا قسريا إلى المناطق المحررة تحت تأثير الأزمات المعيشية المتعمدة في مناطق المليشيات.

ونهاية العام الماضي، أمرت مليشيات الحوثي عناصرها الإرهابية بنهب منازل أكثر من 500 مدنيا في محافظة واحدة وهي "أمانة العاصمة"، واعترفت بذلك على وسائل إعلامها ووصفت ملاك المنازل بـ"المرتزقة والخونة".

يأتي ذلك عقب سنوات من قيامها بالفعل ذاته بحق أملاك وأموال وعقارات برلمانيين وقادة عسكريين وسياسين في معسكر الشرعية ومناهضين لها، وأحالت المليشيات ذلك إلى ما يسمى "الحارس القضائي"، الذي يترأسه صالح الشاعر المدرج على قوائم الإرهاب العالمية.

عقاب جماعي

وفي ذمار، كان السياسي المنشق عن مليشيات الحوثي، علي البخيتي، أحد ضحايا حملات نهب المنازل والذي يقودها شقيقه في المحافظة المتطرف محمد البخيتي.

وكتب علي البخيتي على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن الحوثيين صادروا منزله رغم أن اسمه غير مدرج في قوائم "الحارس القضائي"، ولا الفرمان الذي سنته المليشيات تحت مسمى "مصادرة أموال المرتزقة" لتشريع نهب من يخالفهم الرأي وينتقدهم.

واعتبر البخيتي ذلك "بادرة خطيرة ستطال الكثير، تؤكد أن زعيم المليشيات الإرهابية عبدالملك الحوثي مجرد لص وقائد عصابة تنتهك حتى الفرمانات التي تسنها".

وفي المحويت، وثقت منظمة يمنية أكثر من 42 حالة مصادرة وحجز ونهب ممتلكات خاصة ومنازل وسيارات وأموال نقديه لمدنيين ومعارضين سياسيين نازحين من المحافظة التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي.

ونددت منظمة راصد للحقوق والحريات في بيان، حصلت "العين الإخبارية" على نسخه منه، بعمليات النهب الحوثية "الممنهجة لمنازل وممتلكات المدنيين في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات اليمنية".

وأشار البيان إلى أن مليشيات الحوثي تعمل على تطويع القوانين والمراسيم التشريعية والقانونية لتسهيل سيطرتها على ممتلكات المدنيين المعارضين لها والنازحين من مناطق سيطرتها.

واعتبر البيان ذلك التصرف، عقاب جماعي بحق المدنيين والنازحين من مناطق سيطرة الانقلابيين، مضيفا أن القانون الدولي الانساني يصنفه كـ"جريمة حرب" وفق المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة.

ويتولى القيادي في مليشيات الحوثي "خالد الخزان" مسؤولية نهب المنازل في المحويت، وبحسب منظمة راصد اليمنية فإنها وثقت 42 حالة نهب للممتلكات ومنازل وسيارات وأموال نقدية لمدنيين فروا من بطش المليشيات إلى مناطق الحكومة المعترف بها دوليا.

وفيما دعا البيان مليشيات الحوثي إلى التوقف عن هذه الانتهاكات التي تنتهك القوانيين، طالب كافة المنظمات الدولية والمحلية العاملة في مجال حقوق الإنسان بالقيام بوجبها وتوثيق هذه الجرائم ومساندة الضحايا قانونيا حتى لا يفلت مرتكبي هذه الجرائم من العقاب.

وأرجع الناشط السياسي والإعلامي سلمان المقرمي، حملة النهب الحوثية للمنازل في مناطق سيطرتها، إلى موقف المليشيات العقائدي الذي يكفّر السكان ويستبيح أموالهم ودماءهم وممتلكاتهم.

وعدد المقرمي عديد حالات النهب التي استباح فيها الانقلابيون أموال أسر كبيرة العدد إثر مناهضة فرد واحد في الأسرة مشروع المليشيات الطائفي.

وأوضح المقرمي في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن مليشيات الحوثي تكرر النهج الإيراني في السيطرة على القطاع الخاص وتدمير الخصوم لتمويل حروبها، وإرسال رسالة للسكان بأن ثمن مقاومة الحوثي باهظ جدًا، لأن المليشيات باتت تعيش العزلة ولا يثق بها أحد سوى أعضائها.

وتأتي عملية السطو على منازل المدنيين، وفق الناشط اليمني، بالتزامن مع حملة تبرعات واسعة للفصائل الإيرانية في العراق لجمع ملايين الدولارات لحلفائها في اليمن؛ مليشيات الحوثي.

كما تأتي أيضا مع أكبر حملة تحشيد وتعبئة حوثية، ردًا على الهزيمة التي تعرضت لها المليشيات في شبوة وحريب وإفشال الهجوم الحوثي على مأرب، بعد سيطرة ألوية العمالقة على بيحان وحريب، وتدمير أسطورة الانتصارات الحوثية، حسب المقرمي.

وأشار الناشط اليمني إلى أن المليشيات الحوثية بحاجة إلى موارد ضخمة لتمويل عملياتها وأنها تسعى لتحويل المنازل والممتلكات المنهوبة إلى وقود لحربها، كون أسعار العقارات في البلاد هي الأعلى عالميا رغم الفقر الشديد في اليمن.