أكدت اللجنة الحكومية البرلمانية المشتركة المكلفة بمراجعة سياسة إعادة توجيه الدعم الحكومي وتنمية الإيرادات الحكومية بأنها قد توصلت إلى التوافق على المبدأ العام والمتمثل في تنفيذ تلك المبادرات على نحو يضمن وصول واستفادة جميع المواطنين دون غيرهم من الدعم الحكومي، وذلك فيما يتعلق بمواد الطاقة كالكهرباء والماء والديزل والكيروسين، والمواد الغذائية كاللحوم.
وعقد الجانبان اجتماعاً مشتركاً صباح اليوم الأربعاء استضافه مجلس النواب برئاسة النائب الشيخ ماجد الماجد، في حين ترأس الجانب الحكومي الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة الوزارية للشؤون المالية وضبط الإنفاق، وذلك بحضور عدد من أعضاء كلا اللجنتين من أصحاب السعادة الوزراء والنواب، في أجواء اتسمت بالتوافق والإيجابية لما فيه خير وصالح الوطن والمواطنين.
وفي مستهل الاجتماع أشاد النائب الشيخ ماجد الماجد بالتعاون الكبير الذي تبديه الحكومة الموقرة دوماً عبر حرصها على التشاور مع السلطة التشريعية التزاماً بتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء الموقر، مثنياً في هذا الصدد على الأمر الذي أصدره سموه مؤخراً بتأجيل تنفيذ قرار رفع الدعم عن اللحوم لمدة شهر آخر لإعطاء الفرصة لمزيد من البحث ودراسة كيفية تطبيق القرار بما يحقق العدالة ويحفظ المكتسبات للمواطنين، الأمر الذي يعكس مدى ما يتحلى به سموه من مرونة واهتمام بأن تكون جميع القرارات الحكومية مدروسة وملبية لهدفها.
وأشاد سعادته بدور الجانب الحكومي في هذه اللجنة ممثلاً بمعالي الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، نائب رئيس مجلس الوزراء، الذي يحرص عبر حضوره الشخصي لاجتماعات اللجنة إلى تقريب وجهات النظر وتوجيه الوزارات والجهات المعنية بتقديم كافة المعلومات إلى أعضاء الجانب النيابي بهدف تسهيل عمل اللجنة، وبالتالي تمكين النواب من اتخاذ القرارات المناسبة المبنية على المعطيات العلمية المعززة بالحقائق والأرقام.
من جانبه، أكد الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة أن التشاور والتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية هو مبدأ ثابت انتهجته الحكومة الموقرة لإيمانها بأهمية القرار الجماعي، كون المسؤولية مشتركة وتتقاسمها السلطتان كل بحسب اختصاصه، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن مراجعة سياسية إعادة توجيه الدعم الحكومي في مختلف القطاعات هو تجسيد حقيقي لالتزام الحكومة ببرنامج عملها الذي أقره مجلس النواب ونصَّ على إعادة توجيه الدعم الحكومي لمصلحة الفئات والقطاعات المستحقة وتحسين أساليب تقييم الاحتياجات بما يضمن توجيه الدعم لمستحقيه.
وشدد على أن الهدف من القيام بمراجعة سياسة الدعم الحالية والعمل على طرح مبادرات مستحدثة على صعيد تنمية الإيرادات الحكومية يتمثل في تحسين الوضع المالي للدولة الذي بدا متأثراً وبشدة من انخفاض الأسعار العالمية لبيع النفط إلى مستويات لم تكن متوقعة في ظل عدم القدرة كذلك على التنبؤ بوقت العودة إلى التعافي لتحقيق مستوى التعادل والمقدر ببيع برميل النفط الواحد بسعر يتراوح بين 120 إلى 130 دولاراً.
وقال: "في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة جاهدة بالتعاون والتنسيق المشترك مع السلطة التنفيذية على القيام بمبادرات تحسين الوضع المالي للدولة، فإنها حريصة كذلك على عدم المساس بمكتسبات المواطنين في أي حال من الأحوال أو أن يطالهم أي تأثير مباشر جراء تنفيذ تلك المبادرات، ومن هنا فإننا نؤكد على أن الخطوات المقبلة سترتكز على اقتصار الدعم للمواطنين فقط، حفاظاً على المال العام من الهدر الناتج عن القيام بالاقتراض من أجل تمويل وتقديم الدعم في صورته الحالية والتي يستفيد منها الجميع من الأفراد والشركات على حد سواء".
موضحاً أن تلك الإجراءات سيُراعى فيها المحافظة على ميزة التنافسية التي طالما عُرفت بها مملكة البحرين بين دول المنطقة، لما تقدمه من تسهيلات للاستثمار المحلي والأجنبي، فضلاً عن مراعاة تعزيز التنمية الاقتصادية في القطاعات السياحية والخدمات اللوجستية وقطاع الأعمال، وتقوية الشراكة بين القطاعين العام والخاص على نحو يساهم في خلق وتوفير فرص عمل مناسبة للمواطنين وبعوائد مجزية، وتطوير التشريعات والقوانين لتحسين بيئة الاستثمار، وكذلك تطبيق مبدأ استراد كلفة الخدمات الحكومية.
وأضاف قائلاً: "في ظل الأوضاع المالية الراهنة، فإن المعادلة لا تستقيم مع استمرار مستويات الصرف بما كانت عليه في أوقات الرخاء، ولذلك فقد بدأت الحكومة بنفسها فعلاً بتبنيها مبادرات داخلية لتقليل الإنفاق وضبطه وترشيده، كان آخرها توجيه مجلس الوزراء بخفض مشاركة الوزراء وكبار المسؤولين في المؤتمرات والاجتماعات والندوات الخارجية إلا تلك التي تستدعي مصلحة الحكومة المشاركة فيها، وفيما عداها يمكن أن يمثل الحكومة في تلك الفعاليات سفراء مملكة البحرين المعتمدين في الخارج، فضلاً عما سيجري من مراجعة لبعض الامتيازات غير الضرورية والتي تشكل عبئاً في ظل هذه الظروف الاستثنائية".
وأبدى ترحيبه بأية اقتراحات جوهرية يتقدم بها أعضاء مجلس النواب تهدف إلى إضفاء تصورات تعزز الرؤى الحكومية وتساندها أو تقدم خيارات أخرى بديلة قابلة للدراسة والتطبيق، مشيراً إلى أن الحكومة ستأخذ على عاتقها عند إعداد الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين 2017 – 2018 مراعاة الإعداد المبكر لها على نحو يضمن التركيز على زيادة مستوى الإيرادات العامة بمختلف الوسائل التي سيتم التوافق في شأنها بين السلطتين.
بعدها، استمع الأعضاء إلى عرض قدمه سعادة الدكتور عبدالحسين بن علي ميرزا وزير الطاقة، والفريق الفني المرافق حول التوجهات الخاصة بإعادة توجيه دعم مواد الطاقة ممثلة في الكهرباء والماء والديزل والكيروسين والغاز الطبيعي، وقد توافق الجانبان على مبدأ عام يتمثل في المحافظة على الدعم المقدم للكهرباء والماء للمواطن في مسكنه، إذ يستفيد جميع المشتركين في الوضع الحالي من الدعم والبالغة مخصصاته ما قدره 650 مليون دينار بحريني موزعة بالتساوي على العامين الحالي والمقبل.
وفيما يتعلق بالسياسة المقترحة لإعادة توجيه الدعم لوقود الكيروسين والديزل المحلي، فقد جرى التوافق بين الجانبين على رفع أسعار بيع هذين المشتقين النفطيين تدريجياً مع استمرار تقديم الدعم لصالح القطاعات المستخدمة لهما، وهما المخابر الشعبية والصيادين، كون طبيعة أعمالهما تمس المواطن بشكل مباشر، وأن الوضع الحالي يقوم على استهلاك أغلبية هذين الوقودين من قبل القطاعات الصناعية والاستثمارية والحكومية.
وقال وزير الطاقة في معرض حديثه عن هذين المشتقين: "تتمثل أسباب مراجعة أسعار الكيروسين والديزل في الرغبة في تقليل العبء على الميزانية العامة للدولة الناتج عن المواصلة في دعم هذين المشتقين، والتحكم في ظاهرة التهريب، وترشيد الاستهلاك الذي تترتب عليه عوامل إيجابية من النواحي الاقتصادية والبيئية".
واستعرض دراسة أجرتها جامعة البحرين تلبية للمطالبات النيابية في هذا الصدد أثبتت أن التأثيرات المتوقعة عند رفع سعر بيع وقود الديزل بنسبة تصل حتى 20% من السعر الحالي ستكون محدودة وغير مباشرة على الاقتصاد والمستوى المعيشي في البحرين.
على صعيد متصل شدد وزير الطاقة على أهمية اعتماد سياسة متوازنة لتسعير الغاز الطبيعي، وذلك بهدف تعزيز استقرار الاقتصاد الوطني، واستدامة الاستثمارات في القطاع الصناعي، وإعطاء الوقت الكافي للشركات لتعديل أوضاعها لتجنيبها أية خسائر مفاجئة وتفادياً لتآكل قيمتها السوقية، مضيفا "لقد انتهت الهيئة الوطنية للنفط والغاز من إجراء دراسة بالتعاون مع إحدى الشركات الاستثمارية العالمية المتخصصة لاستحداث سياسة تسعيرية للغاز الطبيعي في البحرين أوصت بوضع خطة تبدأ بتعديل سعر الغاز الطبيعي تدريجياً خلال فترة انتقالية، على أن يتم في السنوات اللاحقة تطبيق معادلة سعرية تعكس تكلفة إنتاج الغاز الطبيعي أو استيراده وتوزيعه وبيعه مع الأخذ بالاعتبار الأولويات والتوجهات الحكومية، وهو ما تم ترجمته من خلال قرار تعديل سعر بيع الغاز الطبيعي الذي صدر في مارس الماضي – أي قبل حوالي سنة من بدء تطبيقه – وهو يقضي بزيادة سعر البيع لكافة المستهلكين تدريجياً بمعدل 25 سنتاً لكل مليون وحدة حرارية سنوياً اعتباراً من الأول من أبريل 2016 وحتى الأول من أبريل 2021 ليصل إلى أربعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية اعتباراً من الأول من أبريل 2021".
من جهة أخرى، قدَّم سعادة الدكتور محمد العامر، رئيس الجهاز المركزي للمعلومات، عرضاً شرح فيه الآلية التنفيذية لتطبيق قرار رفع الدعم عن اللحوم الذي سيسري اعتباراً من شهر سبتمبر المقبل تنفيذاً لقرار صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر، حيث اتفق الجانبان على تشكيل لجنة فنية مصغرة لمناقشة التفاصيل المتعلقة بهذا القرار خلال الفترة المقبلة قُبيل سريان تنفيذه الفعلي.