فيلم "البحث عن النار" أو "الحفر بحثا عن النار" هو من تلك النوعية من الأعمال السينمائية التي تورط المشاهد في حكاية محورية، وسرعان ما يجد المشاهد نفسه في متاهات من القضايا، وما ذلك المحور إلا ذريعة لاجتذاب المشاهد صوب الشاشة الفضية.
هذا ما اشتغل علية المخرج جو سوانبيرغ في كتابة وإخراج فيلمه الجديد "البحث عن النار"، الذي ساعده في كتابته جاك جوهانسون، الذي شارك في لعب الشخصية الأساسية في الفيلم، حيث نكون أمام حكاية تبدو للوهلة الأولى بسيطة، لكنها تقودنا إلى حيث ندري ولا ندري.
اكتشاف يؤدي لآخر
ويكتشف تيم "جاك جوهانسون" ذات يوم في حديقة منزله عظاما بشرية ومسدسا قديما، ويبلغ زوجته "لي" بالأمر، وتطلب منه أن ينصرف عن الموضوع والتفرغ للتفكير في المحافظة على هذا المنزل الذي يقع في مرتفعات هوليوود. وأيضا العمل على تأمين التزاماتهم المادية التي تغطي الفواتير الخاصة بالمنزل والحياة الأسرية.
ولكن الزوج لا يريد التوقف. عندها تقرر الزوجة أن تمضي عطلة نهاية الأسبوع مع إحدى الصديقات، بينما يدعو الزوج عددا من أصدقائه إلى المنزل.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع تلك، تمضي رحلة بحث الزوج عن مزيد من الآثار والحكايات مع الأصدقاء والتلميحات التي تنال الجميع، بينما تقود تلك العطلة الزوجة إلى علاقة عابرة في بحث عبثي عن أجوبة لأسئلة أكبر من الزواج والأبوة والأمومة.
حوار بين الأصدقاء
ويعتقد الجميع أنه يواصل البحث عن سر تلك العظام والمسدس، وأيضا لاحقا لوحة السيارة القديمة التي تم العثور عليها، لكننا نكتشف أن عملية البحث تلك ما هي إلا مجرد ذريعة للبحث داخل الذات الإنسانية عن كل شيء . في مغامرات منفصلة وغير متوقعة وقاسية للجانبين. وكأن الفيلم قبل أن يدعو تلك الشخصيات للتوقف عن البحث العبثي يدعو المشاهد أيضا لأن يرى نفسه في فوضى تلك الشخصيات وبحثها في الماضي والحاضر والمستقبل.
حينما عرض الفيلم في مهرجان ساندانص بالولايات المتحدة، حصد كثيرا من الكتابات النقدية الإيجابية للفكرة الذكية، وأيضا الاحترافية في الكتابة المحكمة الصنعة، من خلال مخرج متمكن من أدواته، وأيضا عناصر من الممثلين عاشوا الشخصيات بكثير من العفوية والصدق، وفي العمل جاك جونسون وروز ماري ودويت بدور الزوجة "لي" وأورلندو بلوم وسام اليوت وستيف بيرغ.
فيلم "البحث عن النار" هو في حقيقة الأمر بحث عن أجوبة أكبر من الزواج والمستقبل، من خلال حكاية تورطنا في متعة مشاهدتها.