المصالح النفطية والمرتبطون بها وراء سلب حقوق البحرين في الزبارة
بسبب اكتشاف النفط ولدوافع اقتصادية تم اختلاق تبعية الزبارة لقطر
الزبارة كانت بحرينية وستظل مهما جرى من طمس للآثار وتزوير للحقائق التاريخية الثابتة
الرحلات الطلابية اعتادت زيارة الزبارة دون جوازات كونها أرضاً بحرينية
المصالح السياسية والنفطية لن تطمس الحقائق التاريخية وستظل الزبارة بحرينية
في ربيع عام 1953 ميلادية، ركب طلاب بحرينيون ومدرسوهم سفينة من فرضة المحرق، متوجهين في رحلة مدرسية معتادة في ذلك الوقت، إلى جزر حوار ومدينة الزبارة، وهي أراضٍ بحرينية، تخضع للسيادة البحرينية.
محمود بن عبداللطيف المحمود، كان واحداً من الطلاب الذين شاركوا في إحدى هذه الرحلات المدرسية، وقد وصف محمود المحمود، في الجزء الأول الذي نشر في وقت سابق، كيف تم الإعداد لهذه الرحلة، وعدد أسماء الطلبة المشاركين فيها.
ويقول محمود المحمود: «الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، والد الشيخ خالد بن أحمد مستشار جلالة الملك للشؤون الدبلوماسية، كان ودوداً ويحب الناس ويساعدهم، وكان يساعد بعض الطلاب المحتاجين ويعطف عليهم، وعندما تجلس معه ترى أنه شخص يتحدث جيداً، ويجذبك بالحديث، والشيخ أحمد كان طالباً معنا، ويسكن في القسم الداخلي، وفي وقت الفراغ كنا نجلس معه يحدثنا عن تاريخ البحرين، وتاريخ آل خليفة بشكل خاص».
واستذكر المحمود تفاصيل زيارة الضيف الغريب الذي زارهم خلال رحلتهم إلى الزبارة قائلاً: «كنا في الخيمة ودخل علينا رجلان، الشيخ أحمد عرف أحدهم، ولكنه تظاهر بأنه لا يعرفه، جلس بجانبه، فقمنا بصب القهوة، وبدأ الحديث معه، وبدأ الرجل بالسؤال عن رحلتنا، ماذا تفعلون ولماذا أتيتم، وعقب ذلك، قال له الشيخ أحمد، ألست فلان بن فلان، قال نعم، كيف عرفتني، قال أنا أعرفك، فعرفه بنفسه أنا أحمد بن محمد آل خليفة، فقال: والنعم، وأخذ يقبل رأس الشيخ أحمد، هذا الشخص كان من رعايا البحرين، والشيخ أحمد يعرفه».
ويضيف: «وفي صبيحة اليوم التالي أو بعده بأيام قليلة، تناقل بعض الطلاب المشاركين في الرحلة، وجود ضابط بريطاني يتوجه نحو خيمة القيادة التي يوجد فيها المشرفون على الرحلة». ويوضح: «جاءنا ضابط إنجليزي، كان يعمل في البحرين، وأعتقد أنه كوكريد، وكان يعمل في سلك الشرطة المرورية على ما أعتقد، وكما بيّنا فالمسؤولان عن الرحلة كانا الأستاذين أحمد العمران ويوسف الشيراوي رحمهما الله، ونزل الضابط من السيارة وطلب رؤية المسؤولين عن الرحلة، وكان يعرف العمران والشيراوي، ودخل معهما إلى الخيمة».
وأضاف: «بعد ذلك سرت إشاعات بيننا تفيد أنه يجب أن نرحل لأن هذه الأرض ليست أرضا بحرينية، ونحن جئنا دون جوازات، وهذا أمر غريب بالنسبة إلينا فنحن نعرف أنها أرض بحرينية تابعة للبحرين، فما حاجتنا للجوازات، لقد أتينا وزرناها وسكنا وضربنا المضارب والخيام».
ويواصل المحمود سرد الأحداث، فيقول: «كان هناك لاسلكي بين البحرين والمشرفين على الرحلة، بقينا هناك ليوم واحد أو يومين، وخرجنا من المنطقة، وكنا نستفهم ما الذي حصل، فهذه المنطقة تابعة للبحرين منذ قديم الزمن».
وأصبح الجواب على هذا السؤال معروفاً بالتاريخ، بعنوان الحماية السياسية مقابل المصالح النفطية. ويبين المحمود: «بعد الدراسات والاتصالات تبين أن المسألة اقتصادية، فالبحرين كانت قبل النفط تعمل بها شركات نفطية إنجليزية بهدف الاستكشاف، ولكنهم لم يجدوا الكميات التجارية التي يبحثون عنها، فتخلوا عن التنقيب في البحرين وعندما أتى الميجر هولمز تعاقد مع شركات أمريكية، وأخذ موافقة الحكومة البريطانية على العمل مع الشركات الأمريكية، وهي شركة ستاندرد أويل، واحدة من أكبر الشركات النفطية، وقد وافقت على استكشاف النفط في البحرين، بعد الحرب العالمية الأولى وفي عام 1930، ووجدت النفط بكميات تجارية، فأصبح الإنجليز في موقف محرج. فالبحرين محمية بريطانية شأنها شأن دول الخليج في ذلك الوقت وأمريكا دخلت واكتشفت النفط بدلاً منهم، فأراد البريطانيون التضييق على الشركات الأمريكية ومنعهم من التوسع في عمليات الاستكشاف في الأماكن الأخرى فاعتبروا أن المناطق عدا البحرين تابعة للإمارات الثانية».
ويوضح المحمود: «الاتفاقية بين البحرين وميجر هولمز والشركات الأمريكية تقول إن حق الاستكشاف يشمل البحرين وتوابعها، أي إن الاستكشاف يكون في جزر البحرين وجميع الأراضي التابعة لها وبالتالي يجوز للشركة استكشاف النفط في جميع الأراضي البحرينية بناء على الاتفاقية المعقودة».
ويقول المحمود: «الحكومة البريطانية أصبحت في موقف محرج، وتم اختلاق قضية أن هذه المنطقة - أي الزبارة - تابعة لقطر وليست للبحرين، وهذه الدعوة جاءت من منطلق اقتصادي، بعد فشل بريطانيا في اكتشاف النفط في البحرين».
وهكذا ساهمت المصالح النفطية، والمرتبطون بأصحاب هذه المصالح النفطية، بما حدث بعد ذلك من سلب للحقوق، وطمس للآثار، وتزوير للحقائق التاريخية الثابتة، ولكن في جميع الأحوال، فإن كل ذلك لا يغير من التاريخ شيئاً، مهما حاولوا طمسه، ولا يسلب من الحقوق شيئاً مهما تقادم بها الزمن، فالحقوق تبقى للأبد.