محرر الشؤون المحلية
- بعد التضييق عليهم وخوفاً من استفحال القتل فيهم
- جميع القبائل شاركوا في حرب الثغب تحت الراية الخليفية
- علم البحرين كان يرفرف على الزبارة قبل العدوان
- عدد من أبناء القبائل استشهدوا في حرب الدفاع عن أرض الزبارة
- راشد النعيمي استشهد في حرب الثغب ودُفن في أرض المعركة
- ماجد النعيمي أصيب في معركة الثغب ونُقل للبحرين للعلاج بالمحرق
- المعتدون نهبوا الماشية والأسلحة وجمعهوا في شاحنة
عاش رعايا الدولة الخليفية في إقليم الزبارة بأمن وسلام ردحاً طويلاً من الزمن في ظل حكم ورعاية الدولة، واستمر الوضع كذلك حتى تسلّطت عليهم الأطماع السياسية والنفطية، فضيّقت عليهم وحاصرتهم، بل وحاربتهم.
بدأت القبائل العربية بعرضة الحرب، ويقول مبارك النعيمي الذي كان شاهداً على العدوان على أهل البحرين في إقليم الزبارة: «كنا صغاراً ونذهب إليهم، وكانوا «يرزفون» ونحن ننظر إليهم، وكان علم البحرين يرفرف على الزبارة، وبعد عدة أيام، ثارت الحرب، بدؤوا بمهاجمتنا، وبدأت الحرب، والذين شاركوا في الحرب جميع القبائل، النعيم، الكعبان، الكبسة، وغيرهم، جميعهم شاركوا في الثغب، والرمزان وغيرهم».
وهبّ رجال من البحرين، لمساعدة أهاليهم في هذه الحرب الظالمة، ويقول النعيمي: «الذين ذهبوا من البحرين للمشاركة في الزبارة كثيرون، منهم راشد وفهد وغانم، وأناس آخرون من النعيم، من الرمزان والماجد، وهناك من دخلوا في الحرب واستشهدوا».
ويضيف النعيمي: «مازال ناصر بن راشد النعيمي موجوداً، ابن الشهيد يعيش معنا في البحرين، راشد رأيته في يوم الحرب، وقد كان يزورنا في بيتنا، وكان يركب الفرس، ومعه ماجد وذهبا معاً، ونزل عندنا، وبعد تجمع الرجال انطلقوا إلى الثغب، كان صغير البنية، وله لحية خفيفة، شاب بمقتبل العمر، وكان حديث الزواج، وكان يمسك المسدس البلجيكي في يده الذي يسمونه ميزر».
ويتابع النعيمي: «كان الرجال يأخذون أسلحتهم وينطلقون إلى الحرب للدفاع عن الزبارة، وكان القتال عنيفاً جداً، ماجد النعيمي لم نره مجدداً، حيث استشهد في معركة الثغب، ولقد أصابته الرصاصة وجاؤوا به إلى البحرين بعد أن أصيب؛ حيث جاءت الرصاصة ودخلت من الإبط ووصلت إلى الحنك وكسرته وجاؤوا به وأنزلوه من على الجمل، وحاولوا إسعافه، وقبل الفجر كان علي بن حسن النعيمي على الشاطئ.
وذهبوا بماجد على البعير إلى الساحل، ونقلوه بالطراد، واتجهوا به إلى المحرق، إلا أنه وبعد يومين استشهد، فلقد كانت إصابته بليغة وشديدة، لقد كسر فكه «حنكه»، وإصابته أدت إلى استشهاده بعد أن أحضروه مصاباً من الزبارة إلى البحرين، واستشهد في مستشفى بندر كار بالمحرق».
أما راشد النعيمي فلم نره، واستشهد في المعركة ودفن هناك فقد كان الرصاص «الزهبة» يأتي من كل صوب أثناء الحصار بالثغب، لذلك لم يكونوا يعلمون من الذي يقوم بالقتل، جميع من كانوا هناك كانوا يتبادلون إطلاق النار، ولم يكن هناك سواتر وكانوا يبحثون عن ظلال قرب بيوت الشعر».
ويقول النعيمي في وصف تفاصيل ما حدث: «هناك شخصان من المعتدين من شيوخ الدوحة كانا يلبسان البشوت، كان لديهم شاحنة «لاري» في شمال حلوان، وكانا يسطوان على الأغنام، وذهبا إلى أم الما عند حسن بن درويش، وقاما بالسطو على الأغنام والأسلحة هناك، وكان الشخصان يسيران في المناطق للبحث عن الأغنام والركاب والأسلحة ليأخذاها».
وخوفاً من استفحال القتل في أهل البحرين وبعد التضييق عليهم، تم نقلهم من الزبارة إلى البحرين، ويقول عن ذلك مبارك النعيمي: «جاءنا أمر من الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وأرسل لنا السفن إلى شواطئ الزبارة، وقامت القبائل بركوب تلك السفن والقدوم إلى البحرين».
ويضيف: «ومن القبائل التي تم نقلها، الكبسة، الجفافلة، الكعبان، الرمزان، وغيرهم وهؤلاء جميعاً من رعايا الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، بعضهم نزل في منطقة جو وبعضهم نزل في حفيرة، وآخرون في الرفاع، فيما نزل آخرون في الحنينية، كما أن الجبر نزلوا في روضة الغار، قرب بيت الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وكان يروون من الحنينية، وعندما تتساقط الأمطار يخرجون في الروضة».
ويتابع النعيمي: «نحن من الذين نزلوا في جو وسكنوا في حفيرة، ومركزنا كان في حفيرة، والشيخ سلمان أمر بأراض لنا في الرفاع، حيث تم تخصيص بيوت وأراض للقبائل، ووالدي وعمي علي بن حسن أخذا أرضاً قرب المدرسة بالرفاع».
وسبق أن نشرت «الوطن» في حلقة سابقة من سلسلة «البحرين والزبارة دولة واحدة وشعب واحد» أن مبارك النعيمي قال عن ذكرياته في الزبارة: «كنت أعيش مع حسن بن صياح النعيمي، وهو أكبر مني بالسن، وأتذكر أننا لعبنا مع أطفال من آل جبر في حلوان، وجميع الأطفال كانوا يلعبون بعضهم مع بعض في منطقة حلوان، كنا نذهب إلى العرضة، التي كانت تقيمها الجبر والنعيم الماجد، فهم أهل عرضة، وكانوا يسكنون شرق الزبارة، وكنت أحرص على المشاركة في العرضة منذ صغري وسمعنا أخباراً أن هناك مشاكل بين القبائل العربية التابعة للدولة الخليفية والمعتدين الذين استعانوا بإيران، وأحضروا جيشاً من فارس، والثغب التي وقعت فيها الحرب هي عبارة عن روضة».
ورغم التهجير القسري لأهل البحرين في الزبارة إلا أن الحقوق تبقى إلى الأبد، فقد كان في الزبارة الأرض البحرينية الأصيلة، مجتمع متكامل، وكان هناك العلم والدين والتسامح والوئام والحرية، وكانت هناك المنازل والقلاع والمساجد والأسواق والموانئ والتجارة والرخاء، وكان هناك الأمن والاستقرار وكانت الزبارة مأوى العلماء، ومبتغى التجار، وموطن هجرة القبائل والأهالي الذين عانوا من الاحتلال والقرصنة ومن أطماع القوى الأجنبية على ضفاف الخليج.
كل ذلك تم تخريبه عمداً، والمجتمع المسالم تم تهجيره قصراً، والنهضة الحضارية والعمرانية تم هدمها وتسويتها بالأرض طمعاً في خيرات هذه الأرض، إلا أن كل ذلك لن يغير من التاريخ شيئاً مهما حاولوا طمسه، ولا يسلب من الحقوق شيئاً مهما تقادم الزمن، فالحقوق تبقى إلى الأبد.