غيبريسوس: نجاح البحرين في التصدي للجائحة نتيجة للاستعدادات المبكّرة والكوادر المؤهلة

محمد رشاد

أكدت وزيرة الصحة جليلة السيد على ما يحظى به القطاع الصحي في مملكة البحرين من دعم كبير واهتمام متواصل، في ظل المسيرة التنموية الشاملة بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، ومساندة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ، ما أسهم في تحقيق سلسلة من الإنجازات الرائدة بهذا القطاع بما يلبّي التطلعات والأهداف التنموية والتغطية الصحية الشاملة.

وقالت إن الرؤية الثاقبة والتوجيهات السامية من حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم، ومتابعة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء للجهود الوطنية منذ بدء جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) وحتى اليوم، كان لها عظيم الأثر في حفظ صحة وسلامة المجتمع البحريني وتطوير الخدمات الصحية المقدمة على كافة المستويات، مما جعل مملكة البحرين في مقدمة الدول في المجال الصحي، وحظيت بذلك على إشادات أممية واسعة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.

جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزيرة الصحة بمشاركة المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط أحمد المنظري في مركز ولي العهد للبحوث والتدريب، وذلك على هامش زيارته لمملكة البحرين والتي تأتي بعد انقضاء عام من افتتاح المكتب القطري لمنظمة الصحة العالمية في مملكة البحرين، للاطلاع على ما حققه المكتب من إنجازات، واستعراض جهود مملكة البحرين في مواجهة فيروس كورونا (كوفيد-19)، ومكافحة الأمراض ومرونة النظام الصحي وجودة الخدمات الصحية المقدمة بالمملكة، وذلك بحضور الممثل المعين لمكتب منظمة الصحة العالمية بمملكة البحرين تسنيم عطاطرة، وعدد من كبار المسؤولين في وزارة الصحة ومن مختلف القطاعات الصحية.

وذكرت أن زيارة المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط لمملكة البحرين تأتي استمراراً لمسارات التنسيق بين مملكة البحرين ومنظمة الصحة العالمية في مجالات التعاون والتنسيق المشترك بين وزارة الصحة في مملكة البحرين والمنظمة، خاصة في مجالات تبادل الخبرات والمعلومات لمكافحة الأوبئة والأمراض وتطوير الخدمات الصحية والعلاجية، مؤكدة أن هذه الزيارة تُشكّل دفعة قوية لأفق التعاون المشترك.

وأعلنت وزيرة الصحة عن فخرها بإطلاق منظمة الصحة العالمية لتقرير جهود مملكة البحرين في مواجهة فيروس كورونا (كوفيد-19)؛ والذي يوثق الاستجابة الاستراتيجية لمملكة البحرين للفيروس وجهودها في التصدّي له، من خلال التأهب والاستجابة المبكرة، معبّرة عن فخر مملكة البحرين واعتزازها بأن تكون من أوائل الدول التي توثّق تجربة التعامل مع (كوفيد-19).

وأكدت أنه انطلاقاً من توجيهات حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظّم والمتابعة المباشرة من صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء قامت المملكة بوضع الاستراتيجيات الاستباقية وخطط التعامل مع كافة السيناريوهات وذلك قبل الإعلان عن أول حالة قائمة في المملكة، لافتة إلى ما تم اتخاذه من إجراءات احترازية ووقائية واستعدادات مبكرة وتطبيق الإجراءات اللازمة المتوائمة مع المعايير الدولية وتوصيات منظمة الصحة العالمية لمواجهة الفيروس. مشيرة إلى أنه قد تم تشكيل الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا المختص بوضع البروتوكولات اللازمة في مختلف مسارات التعامل مع الفيروس، وإنشاء غرفة عمليات تعمل على مدار الساعة لمتابعة المستجدات وتتبع كافة العمليات، وهي مركز انطلاق استراتيجيات الاستجابة الفورية في المراحل المختلفة للتصدي للفيروس.

وأفادت بأنه وقبل تسجيل أول حالة في مملكة البحرين، تم وضع استراتيجية إعلامية متكاملة من خلال اعتماد وتفعيل دليل الأزمات للإعلام والاتصال لإدارة الأزمة إعلامياً والتعامل الإعلامي الأمثل لمواجهة التحدي بكافة السيناريوهات المتوقعة استباقياً وآنياً، بجانب إطلاق الحملات التوعوية المستمرة والمتجددة حسب المستجدات؛ والتي من خلالها أيضاً يتم الإعلان المستمر عن كافة الإحصائيات والمعلومات بدقة وشفافية وعلى مدار الساعة من خلال مختلف وسائل الإعلام وبلغات متعددة، مشيرةً إلى أنه قبل رصد الحالة الأولى، تم تشكيل الفريق الوطني الطبي لمكافحة (كوفيد-19) وإطلاق حملة وطنية متعددة اللغات لمكافحة انتشار الفيروس وتعزيز الوعي المجتمعي مع التوجيه الفني حول كيفية الوقاية، وعند اكتشاف الحالة الأولى، كانت فرق العمل جاهزة للانطلاق في استجابة حكومية كاملة، بفضل القيادة الحكيمة والنهج الشامل للرعاية الصحية، حيث شهدت مملكة البحرين دعماً مجتمعياً ملحوظاً، وتم تسجيل أكثر من 50 ألف متطوع عبر المنصة الوطنية لمواجهة فيروس كورونا.

وأشارت إلى أن المملكة اتبعت منهجية "التتبع، الفحص، العلاج" لحصر المخالطين والحد من انتشار الفيروس في المجتمع، إضافة إلى تكثيف الفحوصات العشوائية في مختلف مناطق المملكة، ووفرت البحرين الفحوصات مجاناً، والعلاج، والتطعيم للمواطنين والمقيمين، مما جعلها تحظى بمكانة سبّاقة على مستوى العالم من حيث نسبة الفحوصات والتعافي والتطعيمات، وتوفير فحوصات مختبرية يومية تتجاوز 30 ألف فحص في اليوم للكشف المبكر عن الحالات القائمة لسرعة الوصول إليها وسرعة علاجها وتعافيها.

وتطرقت الوزيرة إلى البرتوكولات العلاجية والتطعيمات المتنوعة مع إتاحة حرية الاختيار للجميع، كما أكدت على أهمية استكمال الجرعات حسب الفئة العمرية والحالة الصحية، مضيفةً أن المملكة حرصت على تعزيز التحوّل الرقمي لكافة الخدمات الحكومية بما يعزز من جودتها ويدعم كفاءتها، إلى جانب توسيع نطاق المنصّات الإلكترونية والتكنولوجية، ومن أبرزها تدشين تطبيق "مجتمع واعي" عبر الهواتف الذكية لرصد الحالات وتتبعها، وعلاجها، بالإضافة إلى الاستثمار في العنصر البشري وتمكين الكوادر ودعم البحوث.

وعلى صعيد جهود المملكة الدولية، بينت الوزيرة أن البحرين حرصت على تعزيز التعاون الدولي لدعم جهود التصدي للجائحة لمختلف دول العالم بما يسهم في القضاء على الجائحة عالميًا، مؤكّدة بذلك أن مملكة البحرين قدّمت نموذجاً متميزاً عبر جهودها المتنوعة لاحتواء ومنع انتشار الفيروس حفاظاً على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين، من خلال تشكيل فريق وطني لتطوير وتنفيذ استراتيجية وطنية شاملة لاحتواء ومنع انتشار الفيروس إلى جانب وضع الخطط لتعزيز آليات التشخيص والرصد والمتابعة، وتأمين المنافذ، واستعداد البحرين المبكر واتخاذها كافة الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية المتوائمة مع توصيات منظمة الصحة العالمية.

وبدوره، أعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في كلمة مرئية، عن شكره وتقديره إلى مملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظّم، وحكومتها برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، لحرصها على تبادل الخبرات في المجال الصحي، متطلّعاً لاستفادة البلدان الأخرى في منطقة شرق المتوسط من تجربة البحرين الرائدة والنموذجية، ومؤكداً أن نجاح البحرين في احتواء انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) هو نتيجة للاستعدادات المبكرة وتغطية التطعيم العالية والاستمرار في تقديم الخدمات الصحية الأساسية من قبل كوادر وطنية مؤهّلة تزخر بها المملكة.

ومن جانبه، أشاد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط أحمد المنظري، بالتعاون رفيع المستوى بين القطاعات الصحية بمملكة البحرين ومنظمة الصحة العالمية في الاستجابة لجائحة فيروس كورونا (كوفيد- 19)، معرباً عن تقديره للجهود المنسقة والفاعلة التي شهدها خلال زيارته لعدد من المرافق الصحية والتي تعكس اهتمام مملكة البحرين وكفاءتها العالية في الجانب الصحي، لافتاً إلى أن مملكة البحرين أثبتت من خلال استجابتها المرنة للتصدي للفيروس أنها تتمتّع بقطاع صحي متطوّر. مشيراً إلى أن وجود المكتب القطري لمنظمة الصحة العالمية على أرض مملكة البحرين، دعم إعداد تقرير مفصل عن الاستراتيجية التشغيلية لمملكة البحرين في احتواء انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19).

وأكّد على أهمية توثيق تجربة البحرين في التصدي لفيروس كورونا (كوفيد-19)، لافتاً إلى أنه ومن خلال هذا التقرير، تسعى منظمة الصحة العالمية إلى زيادة التواصل وتبادل الدروس المستفادة بين العاملين في مجال الطوارئ الصحية داخل منطقة الشرق المتوسط التابعة لمنظمة الصحة العالمية وخارجها، مشيراً إلى أن التقرير يؤكد قوة ومتانة ومرونة القطاع الصحي في مملكة البحرين وقدرتها على تبادل أفضل الممارسات العالمية وتعزيز التأهب للطوارئ الصحية والاستجابة لها في مختلف الظروف الاستثنائية.

وفى ردها خلال المؤتمر الصحفي على سؤال بشأن كيف يمكن المحافظة على النجاحات التي حققتها البحرين على الصعيد الصحي قالت الوزيرة إن القطاع الصحي في البحرين أثبت صلابته ومرونته في آن واحد، وقدرته على التكييف مع المستجدات والمتغيرات الصحية العالمية الطارئة، مشيرة إلى أن الوزارة ماضية في البناء على ما تقدم من نجاحات بتطبيق الاستراتيجيات والمبادرات والبرامج والمشاريع الإقليمية والعالمية والمشروعات الوطنية المتوافقة مع رؤية البحرين 2030 بما يصب في مصلحة المواطنين المستفيدين من الخدمات الصحية باعتبار أن المواطن هو أساس العمل الخدمي الذي تقدمه الوزارة.

ولفتت إلى أن هناك العديد من المشروعات التي تعمل عليها الوزارة من ضمنها السير قدماً في تطبيق نظام الضمان الصحي والتسيير الذاتي، فضلاً عن مشروع الجينوم البحريني الذي حقق الكثير من الإنجازات سواء في البحرين أو في بعض الدول، لافتةً إلى أنه من المهم للغاية تعزيز الصحة والكشف المبكر وطرق إدارة المشاكل الصحية لتحقيق جودة الحياة والتمتع بالرفاهية ضمن أهداف التنمية المستدامة.

وفي سياق متصل دعت الوزيرة في ردها على سؤال بشأن أهمية لقاحات الإنفلونزا الموسمية في موسم السفر لتقوية المناعة لدى المواطنين، إلى ضرورة أخذها خصوصاً لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن، والأطفال أقل من خمس سنوات والنساء الحوامل، ممن ليس لديهم موانع صحية، مشددة أن اللقاحات ضرورة طبية للوقاية من الأمراض والقضاء عليها لذا من المهم أخذ المشورة الطبية عند السفر لمعرفة اللقاحات المطلوبة للوقاية من الأمراض المستوطنة في البلدان التي يقرر المواطنون السفر إليها.

فيما أشار المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، في رده على سؤال بشأن التحديات التي واجهت دول العالم من ناحية إصرار البعض على عدم فاعلية اللقاحات، إلى أن هناك مجموعات مضادة ضئيلة من سكان العالم كانوا يدعون إلى الإحجام عن أخذ اللقاحات لمضادة لفيروس كورونا، لافتاً إلى أن تلك المجموعات ومع بدء الإنتاج للقاح فيروس كورونا عمدت إلى نشر المعلومات المغلوطة على مختلف وسائل التواصل للتشكيك في مأمونية وسلامة اللقاحات المضادة للفيروس.

وقال إن اللقاحات لديها تاريخ طويل مع البشرية في الكثير من الأزمنة والأوقات حيث ساهمت في إنقاذ ملايين الأرواح بسبب الأمراض الوبائية ومكنت الدول من مختلف أرجاء العالم، من خفض أعداد الوفيات بشكل لافت إلى آلاف ثم مئات ثم عشرات إلى أن وصلنا إلى معدل صفر إصابات في بعض الحالات، موضحاً أن جائحة كورونا سرعت من عمليات إنتاج اللقاحات التي كانت تستغرق عشرات السنين إلى سنة واحدة تم خلالها إنتاج اللقاح المضاد.

وأوضح أن المنظمة عملت بالقرب من الشركات المصنعة والدول المنتجة للقاح فيروس كورونا كوفيد 19، بهدف مراجعة كافة الوثائق لضمان مأمونية وسلامة اللقاحات، مشدداً على أنها لم ولن تسمح بالموافقة على إجازة أي لقاح ما لم يكن استخدامه آمناً على البشر ولا يعرض صحتهم لأي مخاطر.

ونوه بأن مملكة البحرين لديها تجربة ثرية وناجحة في مجال اللقاحات كونها من أوائل الدول التي بدأت في إعطاء المواطنين والمقيمين دون استثناء اللقاحات المضادة للفيروس بما يؤكد الحرص الذي توليه المملكة للحفاظ على صحة وسلامة الجميع والحد من انتشار فيروس كورونا في المجتمع، مضيفاً أن تجربة البحرين شهد لها العالم بالتميز وأشيد بها في الكثير من الاجتماعات الإقليمية منها والعالمية وهي تجربة تستحق التوثيق وتظهر قوة ومتانة ومرونة القطاع الصحي في مملكة البحرين وقدرتها على تبادل أفضل الممارسات العالمية وتعزيز التأهب للطوارئ الصحية والاستجابة لها في مختلف الظروف.

وقال المنظري في رده على سؤال حول مأمونية تصنيع اللقاحات وكيف يتم اعتماد الشركات المصنعة من قبل منظمة الصحة العالمية، إن الشركات المصنعة للقاحات تمر بمراحل تجارب من أجل الوصول إلى اللقاح الآمن عبر مرورها بتجارب مختبرية ومن ثم تجارب على مجموعة من الحيوانات ثم الانتقال إلى التجارب السريرية على البشر وتبدأ تلك التجارب على عشرات الأفراد ثم المئات ثم الانتقال إلى الآلاف من البشر، مضيفاً أن منظمة الصحة العالمية تقوم باستلام نتائج تلك التجارب منذ البداية ولديها فريق متخصص يقوم بمراجعة تلك الوثائق ومن ثم ترسل إلى الدول والشركات المصنعة كما أن المنظمة تزور تلك الدول والشركات للاطلاع على خطوط الإنتاج وعمل تحليل لمكونات اللقاحات لاتخاذ قرار منحها إجازة استخدام من عدمه.