أيمن شكل


التشريعات الإسلامية جاءت للقضاء على العبودية

أكد رجال دين على أن الإسلام قد حرم صور الاتجار بالبشر في العديد من التشريعات والنصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، قبل أن يبدأ العالم تجريمها بقرون، وقالوا إن تبوء البحرين لموقع متقدم عالمياً في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، جاء مستمداً من الشريعة الإسلامية.

وتناول الدكتور عبدالستار الهيتي دور الإسلام في منح الحرية للإنسان بما ورد في نص الآية الكريمة «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً» لافتاً إلى أن التكريم شمل كل بني آدم، كما نوه بالحديث الشريف «إخوانُكم خَوَلُكم، جعلَهم اللهُ تحتَ أيديكم، فمَن كان أخوه تحتَ يدِه، فلْيُطعِمْه ممَّا يأكُلُ، ولْيُلْبِسْه ممَّا يَلبَسُ، ولا تُكلِّفوهم ما يَغلِبُهم، فإن كلَّفتُموهم فأعينُوهم».

وأوضح الهيتي أن التشريعات الإسلامية جاءت للقضاء على العبودية بطريقة متأنية ومتدرجة، لافتاً إلى أن العديد من الكفارات كانت بعتق الرقبة وهو ما دفع الناس للتخلص من العبودية بفعل تعبدي، كما أشار إلى حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة عن دبر منه»، وقال إن ما حققته البحرين من موقع متقدم عالمياً في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص مستمد من الشريعة الإسلامية التي هي مصدر التشريع.

من جانبه أوضح الشيخ مجيد العصفور أن كلمة الاتجار البشر لم تكن مصطلحاً معروفاً في الإسلام، لكن صوره كانت متحققة في أفعال مثل الرقيق وإجبار الفتيات على البغاء، بهدف تحقيق ريع أو ربح، ونوه إلى قوله تعالى: «وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

ولفت الشيخ العصفور إلى الإرادة في الآية الكريمة «إن أردن تحصناً» والتي تنتفي في جريمة الإتجار بالبشر، مؤكداً أن الله تعالى قد حرمها بنص الآية وقال إن الله تعالى قد ختم الآية بالمغفرة والرحمة لمن أجبر على الفعل المحرم.

وفي السياق ذاته أكد الشيخ الدكتور حبيب النامليتي أن دستور وقوانين البحرين مستقاة من الشريعة وكذلك تاريخها المتصل بالإسلام منذ مشرقه على أرض الجزيرة العربية، وقال إن الإسلام حرم هذه الجريمة المنظمة التي تأخذ صوراً متعددة، ومنها استغلال الإنسان لأخيه الإنسان على وجه يهدر كرامته أو يقيد حريته بالإجبار أو الخداع.

وأشار النامليتي إلى الحديث القدسي: «ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولم يُعطِه أجرَه»، وأوضح أن من القواعد الفقهية: قول الفقهاء بأن «الحر لا يدخل تحت اليد»، فهو غير قابل للبيع والشراء والمساواة.

ونوه بترسيخ الشريعة لقيم الرحمة ولا سيما مع الأشخاص الأكثر ضعفا وحاجة؛ كالفقير والصغير حين قال صلى الله عليه وسلم: «من لا يَرحم لا يُرحم»، وقال: لم تكتفِ الشريعة بالتعليمات العامة بل نصت على فقرات عملية توجهية، وحفظت للأطفال الحق فيمن يقوم بتوفير حاجاتهم الأساسية، وأن مسؤولية التربية تقع على عاتق الوالدين، وهذا يضمن عدم حاجتهم للاضطرار للعمل في هذه المرحلة العمرية المبكرة، أو استغلالهم من قبل عصابات للحصول على الصدقات أو ممارسة الرذيلة.

كما لفت إلى أن الشريعة جعلت العلاقة بين المتعاقدين قائمة على التراضي وحفظ الحقوق بحسب العقود المبرمة، وأمرت بالوفاء بالعقود سواء من صاحب العمل أو الأجير العامل، لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»، «المائدة:1»، وتحريم الشريعة لتكليف العمال فوق طاقتهم وأمرت بحسن معاملتهم وعدم تعريضهم للإهانة والعنف وإساءة المعاملة، حيث قال صلى الله عليه وسلم بشأن التعامل معهم: «فلْيُطعِمْه ممَّا يأكُلُ، ولْيُلْبِسْه ممَّا يَلبَسُ، ولا تُكلِّفوهم ما يَغلِبُهم، فإن كلَّفتُموهم فأعينُوهم».

وأضاف النامليتي: «لم تكتف الشريعة بهذا التوجيه بل يعد الاتجار بالبشر مخالفةً شرعيةً تستوجب العقوبة المعنوية والمادية، والدنيوية والأخروية؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل كان يضرب خادمه:»لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عليه» فقال الضارب هو حر لوجه الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أَما لو لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ، أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ».

وحرمت المتاجرة بالأعضاء البشرية؛ إذ إن الإنسان لا يملك نفسه حتى يتربح من ورائها، وإن كان التبرع جائزاً وَفق شروط وضوابط بينها الفقهاء.