نوف الشوملي
يتناول بعض الأطفال الطعام بشراهة خوفاً من نفاده أو أخذ الأكل من أمامه، وهذه العادة خطرة على الطفل من نواحٍ جسدية ونفسية وتسبب من ناحية أخرى الحرج للآباء أمام الحضور، فهناك من يرى أن الطفل يمكن أن يكون محروماً من الطعام وقد يراها آخرون أنها عادة مكتسبة من الأهل. وبعض الأطفال يحاول تقليد شخصيات حولهم أو من أفلام ومسلسلات الكرتون لحبهم لها.

وتقول نورة يوسف «ولية أمر»: كل طفل يتطبع بأطباع من حوله عندما يختلط بالآخرين، في الروضة والمدرسة من أقارب وأصدقاء في الحياة الاجتماعية، وعلى التربية المتبعة لأطفالي لكن الطفل يحب أخذ أطباع من الآخرين وتقليدهم وهذا شيء طبيعي جداً ويجب علي كأم التوجيه والانتباه له.

وأضافت: واجهت موقفاً واحداً قبل سنة ونصف أو سنتين، كانت ابنتي تأكل بشكل مختلف عن الطبيعي في مطعم كأنما الأكل سينفذ أو يؤخذ من أمامها، ووجهتها في الوقت ذاته أن الذي تفعله خطأ وأن كنتِ تريدين المزيد بعد نفاذه سأطلب طبقاً آخر، لا يصح أن أحرمها أو أعاقبها على طعام لأن من وجهة نظري هذه طريقة خاطئة فالتوجيه والتعليم هو الطريقة المثلى في هذه الأمور.

من جهتها، قالت «مدرسة رياض أطفال» ليلى خليل: قلة من الأطفال من يكونوا شرهين على الطعام في الوقت المخصص للأكل الروضة فمن بين كل سنة دراسية أواجه طفلاً أو طفلين وبعض السنوات لا أواجه أي طفل شره.

وتابعت: الطفل الذي يأكل بشراهة أبدأ معه بالتوجيه من مرة إلى ثلاث مرات قبل أن يقلده باقي الأطفال، وبعدها يبدأ الطفل بالتعلم وعدم الأكل بشراهة، وفي بعض المرات يقلده طفل أو طفلان فقط وأستمر بالتوجيه مرة أخرى. وأيضاً يكون التوجيه دائماً قبل الأكل و عند ملاحظة أحدهم أوجههُ مرة أخرى، وتبين عند التواصل مع أولياء الأمور بعض الأطفال لايفعلها في المنزل والبعض الآخر يكون يأكل بشراهة في المنزل ولكن عند تواجده لدينا يكون أكله بالشكل الطبيعي.

أخصائية التغذية العلاجية بشاير الوداعي، قالت لـ«الوطن»: يعتبر اضطراب شره الطعام أمراً شائعاً خصوصاً عند الأطفال، أي أن الأطفال يفقدون السيطرة في تناول الطعام، ويلجؤون لتناول كمية كبيرة من الأطعمة التي تحتوي على السعرات الحرارية العالية بالإضافة إلى الدهون المشبعة والسكريات بشكل سريع جداً إلى حد الذي يسبب الامتلاء الشديد وعدم الارتياح. أغلب الأطفال المصابين بمتلازمة اضطراب الشره يختارون الأكل بعيداً عن أعين الوالدين وفي بعض الأحيان ممكن أن ينتاب الطفل شعور الخجل والإحساس بالذنب بعد تناوله الطعام.

وتابعت: من الأسباب الشائعة لفرط تناول الطعام‘ تناول الطعام بسرعة كبيرة في وقت قصير خصوصاً الأطعمة الدسمة مما يؤدي إلى خلل في مستويات هرمون الشبع عند الأطفال وزيادة مستوى السكر في الدم ومشاكل الجهاز الهضمي، يجب مراقبة أوقات تناول الطعام عند الأطفال وتحديد وقت كافٍ لهم لإتمام أطباقهم ومنعهم من الأكل النهم بسرعة كبيرة، ومن أسباب الشره، الشعور الدائم بالجوع يسبب ارتباط الطعام عند الأطفال بالنمو، فيجب مراعاة احتياج الطفل اليومي من الغذاء مع التأكد من وجود جميع المجموعات الغذائية.

وأضافت: يمكن أن يربط الطفل الطعام بالراحة عند الغضب أو الفرح، ويتناول أكثر من احتياجهم وبعض الأطفال يختارون الأكل للتعبير عن مشاعر الملل أو الحزن وهنا يكون دور الأهل في التحدث مع الطفل أو ممارسة الرياضة معه أو أخذه في نزهة، كذلك شعور الطفل بالحرمان وخصوصاً من الأطعمة المحببة له فيلجأ لتناولها بالخفاء، يجب أن يأخذ الطفل وجبات خفيفة بين الوجبات لكي لا يشعر بالجوع والحرمان وبالتالي يتناول الأطعمة التي تحتوي على سعرات حرارية كبيرة. وأردفت: من الأسباب، عدم حصول الطفل على على الغذاء الصحيح بالكمية المناسبة، فيجب مراعاة سن وطول الطفل لتقديم الكمية المناسبة له في أوقات محددة مع مراعاة وجود الحبوب الكاملة والدهون الصحية والخضروات والفواكه والبروتينات ومنتجات الألبان قليلة الدسم، فعلى الآباء مساعدة وتشجيع عادات الأكل الصحية وأن يكونوا قدوة جيدة في تناول الطعام وممارسة الرياضة، ولا يستخدمون الطعام كمكافأة لأطفالهم. وعلقت خديجة العويناتي «أخصائي نفسي إكلينيكي» في مستشفى سلوان للطب النفسي: يعرف اضطراب الشره للطعام بأنه أحد اضطرابات الأكل التي يقوم فيها الفرد بتناول كميات كبيرة من الطعام في وقت قصير وبشكل سريع إلى الحد الذي يؤدي للاختباء أثناء الأكل والشعور بعدم الارتياح. وهناك أسباب نفسية وفسيولوجية وجينية لاضطراب الشره لتناول الطعام، ولكن أهم تلك الأسباب هي مشكلات القلق والتوتر، حيث يحاول الأطفال السيطرة على مشاعر القلق التي يعانون منها من خلال تناول الطعام بكثرة، بالإضافة إلى ذلك فإن الحرمان الطويل من الطعام قد يؤدي لمشكلات الشره للطعام حيث يلجأ بعض الآباء للضغط على أطفالهم في الالتزام بحميات غذائية لا تتضمن الوجبات الخفيفة أو السريعة ولا تحتوي على الدهون والسكريات بشكل مبالغ فيه الأمر الذي يؤدي إلى رد فعل عكسي للأطفال.

وتابعت: بعد أن يتناول الطفل كميات كبيرة من الطعام يبدأ بالشعور بعدم الارتياح والإجهاد والتعب، كما يشعر بالخجل من نفسه والذنب نتيجة تناوله لكميات كبيرة من الطعام قد تؤدي لزيادة وزنه، فيشعر بالقلق والتوتر مرة أخرى وربما الاكتئاب فيعاود تناول الطعام وهكذا يبقى في دائرة مفرغة من المشكلات النفسية والسلوكية.

وأضافت: يجب توفير البيئة الأسرية الآمنة للطفل، وملاحظة أي بوادر لمشكلات القلق والاكتئاب والثقة بالنفس والعمل على حلها، ومن ثم تجنب الحديث عن الأكل والوزن بكثرة أمام الطفل، وتشجيعه على تنظيم الأكل باعتدال دون حرمان، وأخيراً ممارسة التمارين الرياضية المحببة للطفل بدون ضغط أو جهد زائدين.