خلال نقاشات الطاولة المستديرة "تحولات التجربة الانتخابية في البحرين" بـ"مركز عيسى الثقافي"..أكد خبراء وباحثون أن المرأة البحرينية تعد أول امرأة تمارس حقها الانتخابي تاريخياً على المستويين الخليجي والعربي، مشيرين إلى أن الوعي الانتخابي شهد نضجا في مملكة البحرين بسبب تراكمات الخبرة والتجربة وتطورها.وأضافوا خلال مشاركتهم في الطاولة المستديرة تحت عنوان "تحولات التجربة الانتخابية في البحرين"، والتي نظمها مركز عيسى الثقافي، وأدراها الباحث والخبير القانوني د. علي الصديقي، مساء الثلاثاء، أن "الأنظمة الانتخابية تطورت ونقلت تجربتها إلى دول مجاورة"، منوهين إلى أن "التجربة الانتخابية لها امتداداتها في تاريخ البحرين.وقال معالي الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي، في كلمته الترحيبية، إنه "منذ انطلاقة المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، دخلت مملكة البحرين عهداً جديداً في الممارسة الديمقراطية إذ شهدت التجارب الانتخابية على مر تاريخ المملكة وتحديداً منذ أكثر من 100 عام، تحولات كبيرة في النظم والأسس والمرجعيات الانتخابية، بما يؤصل عراقة التجربة ومواكبتها للتغيرات المتعاقبة في البيئة والوعي المجتمعي".وأضاف "في قراءتنا للتاريخ فإن التجربة السياسية البحرينية خضعت للتراكم في القيم والتطور في النظم ومرت بوقفات أعادت تشكيل فهم المجتمع ورغبته السياسية". منوهاً إلى أن "كل تلك المفاصل المهمة كان لها أثرها الكبير في إحياء هذه المنظومة التشاركية بشكلها العصري مع إطلاق صاحب الجلالة الملك المعظم مشروعه الإصلاحي لتبدأ الحياة السياسية فصولا جديدا من العطاء للوطن وللشعب".وقال إن "حضور المرأة البحرينية هو أول حضور للمرأة على المستوى العربي حيث حظيت بالمشاركة في الانتخابات المحلية وعكس ذلك منظومة القيم المجتمعية التي امتازت بالانفتاح الثقافي والقبول بالاختلافات وإننا نرى امتداد ذلك فيما وصلت إليه المرأة البحرينية من إنجاز وطني وحظيت باهتمام على مستويات مختلفة، كما أن انطلاق ميثاق العمل الوطني واعتماد الدستور من من أهم محطات التجديد في الفكر الثقافي والمجتمعي التي رسخت ثوابت الممارسة الديمقراطية في المملكة ووضعت أطراً داعمة للعملية الانتخابية".من جهته، تحدث أستاذ التاريخ الحديث من دولة الكويت د. عايد الجريد، عن تأثير المجالس الشعبية البحرينية التاريخية في الفكر الانتخابي في الكويت ونقل التجربة البحرينية إلى الكويت، مشيراً إلى أن المجالس الشعبية إحدى محطات تطور التجربة الانتخابية.وقال الجريد إن "العلاقة الوثيقة بين البلدين أدت إلى الاستفادة من بعضهما البعض خصوصا قانون "البلدية الكويتي" عام 1932 الذي نظم أعمال المجلس البلدي الكويتي الأول، والذي جاءت فكرته من البحرين، والتي نقلها إلى الكويت الشيخ يوسف بن عيسى القناعي الذي زار البحرين في أغسطس 1928، والفضل في ذلك يرجع إلى مجلس بلدية المنامة الذي أنشئ في 1919".بدوره، تحدث الباحث والمؤرخ راشد الجاسم عن تاريخ المجلس الاستشاري لعام 1911م، باعتباره أقدم هيئة تنظم المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار السياسي ليس في البحرين، حيث يعكس المجلس جذور التجربة الديمقراطية التي وصلت إليها البلاد.وتابع "كانت إرادة صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة بالموافقة على إنشاء المجلس، وكان هناك عقد اجتماعي مقابل إنشاءه"، مشيراً إلى امتلاك المجلس الاستشاري 1911 صلاحيات موسعة، فحل المجلس بيد صاحب العظمة، وكانت هناك آلية للاختيار الاعضاء، إضافة إلى انتخاب وعزل القضاة الشرعيين ورؤساء الدوائر ".وتحدث الباحث بمركز الوثائق التاريخية بمركز عيسى الثقافي يوسف عقيل (في اتصال عن بعد)، عن التجربة البلدية المتميزة في مملكة البحرين باعتبارها تجربة وليدة سبقت دول المنطقة حيث تعتبر بلدية المنامة التي تأسست في 14 يوليو 1919 ثالث هيئة يتم تشكيلها في دول العالم العربي. وأشار إلى أن "الحالة الديمقراطية كانت فريدة في البحرين خاصة في نظام الإدارة المحلية على مستوى المنطقة العربية حيث إن قانون بلدية المنامة الأساسي الذي صدر في 20 يوليو 1920 هو باكورة الديمقراطية في البحرين، وذلك من خلال انتخاب جزء من أعضاء المجلس.من جهته، قال الإنثروبولوجي البحريني المقيم في ألمانيا د. محمد الزكري عبر كلمة مسجلة بأن "كل مجالس البحرين، لاسيما مجالس المحرق، تعد مجالس شورى، منذ دار الندوة مروراً بدار ابن الأرقم، وصولاً إلى مجالس المحرق التي ورثت تجارب تاريخية إسلامية عربية عريقة، واستُخدمت لعقد روش يتعلم روادها أدب وسلوك النقاش والحوار والجدل والإنصات والقبول والرفض". موضحاً أن "المجتمعات العربية تمارس مسألة الحوارات المفتوحة وإبداء الرأي منذ قديم الزمان، في حين أن الحوارات بدأت في فرنسا عبر في القرن السابع عشر، وهذا ما ينقض الصورة النمطية لدى المجتمعات الغربية بأن العرب يعيشون في فوضى.وأكدت الباحثة والمستشارة القانونية د. منيرة مبارك الفاضل على السبق التاريخي لحضور المرأة البحرينية على المستوى الخليجي والعربي، مشيرةً إلى أن الوثائق التاريخية أثبتت أحقية التصويت لأي امرأة تملك عقار مسجل باسمها مع التزامها بدفع رسوم البلدية أسوة بالرجل، على اعتبار ذلك اللبنة الأولى التي حظيت بها المرأة البحرينية من حقوقها السياسية.وأضافت بأن المرأة البحرينية شاركت في استفتاء إثبات عروبة البحرين مطلع السبعينات، بالإضافة إلى دخولها في أول تشكيل لمجلس الشورى في عهد جلالته عام 2000، ثم في لجنة إعداد ميثاق العمل الوطني، ولجنة تفعيل ميثاق العمل الوطني، ولا زالت المرأة البحرينية تزدهر بإنجازاتها في ظل مشاركاتها وحقوقها السياسية.من جانبه، تحدث رئيس قسم القانون العام بجامعة البحرين د. مروان المدرس عن اهتمام مملكة البحرين بالحقوق السياسية من خلال زيادة المشاركة الشعبية في إدارة الشأن العام، والمتجلي في ميثاق العمل الوطني عام 2001، وما نص عليه الدستور على حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق الانتخاب والترشيح، فضلاً عن منح المرأة كامل حقوقها.كما أكد أستاذ القانون العام بجامعة العلوم التطبيقية د. محمد عبدالسلام في مداخلته حول الرقابة القضائية بأن القضاء البحريني يمارس دوراً بارزاً في حماية الحقوق والحريات السياسية وبالتالي بدور الحامي لحقي الترشح والانتخاب ويراعي الحريات السياسية التي تتكامل فيما بينها.في حين تطرق رئيس جمعية المرصد لحقوق الإنسان محسن الغريري إلى "ثنائية الحيادية والرقابة على الانتخابات، ودور مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة على الانتخابات، وأشكال الرقابة وحجم تأثيرها تكامليا على حيادية الممارسة"، مشددا على "أهمية مراقبة منظمات المجتمع المدني للعملية الانتخابية في البحرين، حيث بدأت تلك الرقابة مع عودة الحياة النيابية في المملكة وفي انتخابات 2002، مع ضرورة أن تطبق مؤسسات المجتمع المدني عنصر الديمقراطية داخلياً في جمعياتها من خلال عقد الاجتماعات الدورية وإجراء الانتخابات داخلها بشفافية وحيادية واستقلالية.بدورها، تحدثت الباحثة القانونية د. شيخة العليوي عن مدى فعالية النظام الجمالي وحماية البيئة في الدعاية الانتخابية البحرينية، حيث ذكرت أنه "لا يمكن تحديد الطرف الأضعف، ما بين الدعاية الانتخابية، والمحافظة على البيئة، فكلاهما كفلهما الدستور البحريني وهما وجهان لعملة واحدة، ولكن يجب وضع لحماية النظام الجمالي لمباني الدولة والمحافظة على البيئة من الممارسات العشوائية في الدعاية الانتخابية ونظافة المقرات ومكافحة التلوث الصوتي الضوضائي، وبالتالي الهندسة الجمالية مطلوبة".كما تناول الباحث عبدالله القطان "الضوابط والقواعد المنظمة للدعاية الانتخابية، مبيناً بأن المشرع البحريني نظم هذا الأمر، ومن أبرزها مبدأ المساواة بين المرشحين وحمايتهم من سوء المعاملة، وضمان الشفافية والنزاهة، وحياد السلطات، وضمان عدم التأثير السلبي على الناخبين، وحرمة دور العلم ودور العبادة والمرافق العامة للدولة، وأخلاقيات الدعاية الانتخابية".وقد تطرق الباحث القانوني حمد عبدالله لموضوع شرط الكفاءة العلمية للمرشح حيث ذكر بأن "المشكلة الرئيسة تكمن في تأثير اشتراط الشهادة العلمية للمرشح النيابي ما بين مؤيد ومعارض، لأن الفكرة تتمثل في أن تقييد مبدأ حرية الترشح من شأنه التأثير على المشاركة في الحياة السياسية، في المقابل أنه يشكل ثغرة ترتبط بعمل النائب داخل المجلس وما يفرضه هذا العمل من خبرة وكفاءة معينة". واقترح "ضرورة وجود حلول قانونية وأسانيد تحسم الجدل وتؤدي إلى تطوير العمل البرلماني من الناحية الفعلية عبر التوصل إلى حلول مقبولة من ناحية التأسيس القانوني والتطبيق الفعلي بعد الموازنة ما بين الاتجاهات المختلفة".واستعرض الخبراء والباحثون موضوعات تتعلق بنظام "الكوتا الانتخابية للمرأة "حيث اعتبرته د. منيرة الفاضل أنه تمييز إيجابي لكنها رأت في الوقت ذاته أن البحرين ليست بحاجة إليه، كما تمت مناقشة تقنين الإعلانات الانتخابية خاصة فيما يتعلق بقنوات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تحديد سقف لتمويل الحملات الإعلانية.