ثامر طيفور

«البلديات» و«الأشغال» تتراشقان المسؤولية

فات أوان دق ناقوس الخطر والوضع بحاجة لإنقاذ عاجل

180 عمارة و80 منزلاً مأهولاً تعرضت للتصدع

السكان يعيشون حالة استنفار خاصة في مواسم الأمطار


كشفت الحقائق الثابتة، عن وجود خطر كبير يهدد مسكن أكثر من 1260 عائلة بحرينية في مجمع 1016 باللوزي، وما يتبعه من تحديات آنية ومستقبلية، وآثار جمة إنسانية وبيئية، بعد أن تعرضت أكثر من 180 عمارة سكنية و80 منزلاً مأهولاً بالسكان، لخطر التصدع والتهدم بفعل إقامتها فوق مستنقع مائي، زادته «البواليع» بلة بفعل تسرب مياه الصرف الصحي الآسنة إلى الطبقات الأرضية وأساسات تلك المباني. لم تكتمل فرحة المواطنين وأهالي مجمع 1016 المنكوب بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بعد حصولهم على «بيت العمر»، إلا وتفاجئوا بأنهم مهددين بالغرق في مستنقع المياه الآسنة، والتي تراكمت مع مر السنين في الطبقة الأرضية تحت البنايات، وأدت المواد الكيميائية الموجودة فيها إلى تآكل بعض الأساسات وتصدع الجدران، والطفح بشكل مقزز أسفل غرف المصاعد وفي المواقف والشوارع. «الوطن» زارت المجمع واطلعت عن قرب عما يعانيه السكان هناك، والتقت بعدد من المختصين وذوي الشأن، في مجال البنية التحتية والعمارة المدنية، حيث أفرزت نتائج تلك اللقاءات نتائج مفادها أن الأوان قد فات على§ دق ناقوس الخطر، وأن المجمع يجب إنقاذه وبشكل عاجل عبر بناء شبكة للصرف الصحي، ومعالجة غرف تخزين الصرف الصحي التي مازالت تدفع بمياهها إلى باطن الأرض. بدء المعاناة تعود بداية اكتشاف المشكلة، إلى ملاحظة السكان لعدة ظواهر غريبة اكتشفت في البنايات على الرغم من أنها حديثة، أولها أن بعض الحوائط بدأت تتعرض للشقوق، بالإضافة إلى تسجيل هبوط في أرضية المواقف التي تقام تحت العمارات، ونزول وصعود في الشوارع، ما يعني أن المشكلة أصبحت مستفحلة. ويعتقد المواطنون المقيمون في تلك البنايات، أنه تم بناء غالبيتها بشكل لا يستوفي الاشتراطات اللازمة، كما أن أعين الرقابة غابت عن حجم غرف التصريف الخاصة لاستيعاب مياه الصرف الصحي لكل عمارة، فمنها من كان حجم الغرفة للصرف الصحي ما يقارب متر ونصف المتر عرض وما يقارب مترين، وهو حجم غير مناسب بالنسبة لعدد دورات المياه التي تصل إلى 45 دورة مياه لكل عمارة بحسب قولهم. كما أن بعض الغرف الخاصة للصرف الصحي، تم فتحها من تحت الأرض لتسريب المياه، ولأنها قرب الطريق العام بحسب اشتراطات البناء، فإن أغلبها بدأ بالتأثير على الشوارع، الأمر الذي تسبب بهبوط في الطرقات وهبوط وتصدعات في المباني كما شهدت بعض المباني تسريب مياه الصرف الصحي إلى المصاعد الكهربائية. وعبر الأهالي عن خشيتهم من الوصول إلى وضع كارثي، وخطير يهدد أمن وسلامة أبنائهم خلال الفترة المقبلة، فمياه المجاري الآسنة تعتبر خطراً محدقاً للخرسانة والمواد الحديدية والتي قد تتآكل بسرعة فائقة لاحتواء مياه الصرف الصحي على مواد كيميائية. وأكد الأهالي أنهم كمشترين، تم وعدهم بمد خطوط الصرف الصحي خلال عامين، والآن تمر 8 سنوات دون أي تحرك، وكمشترين لم ينتبهوا لهذه المشكلة وهم ليسوا من أهل الاختصاص. أضرار قصيرة وطويلة المدى بدوره، أكد المهندس محمود مصطفى أنه وبسبب أن بعض تصريفات المجاري مفتوحة في الأرض ولا يوجد صرف صحي، والمنطقة أساساً كانت مستنقع مياه، أصبح هناك ضغط أرضي، وبدأت الطبقات الأرضية تضغط بشكل معاكس للأعلى، لتبدأ رحلة المجمع مع التشققات والتصدعات في البنايات، وكذلك في شوارع والأرصفة. وأكد أنه على المدى القصير، فإن هذا الضغط الأرضي سينعكس أولاً على الشوارع والبنية التحتية في مواقف السيارات على سبيل المثال، أما على المدى البعيد، فإن ترنح الأرض بمياه المجاري الآسنة، سيؤدي إلى تآكل بعض الأساسات والتقصير من عمرها، ما يعني نقص عمرها الافتراضي. وبين أن الضغط المائي بفعل الصرف الصحي، لن يؤدي إلى سقوط عمارات لا سمح الله، ولكنه ناقوس خطر، يهدد بأضرار تقدر بآلاف الدنانير، وهذه أموال من المواطنين والدولة، والمطلوب بشكل عاجل مد خطوط صرف صحي في المنطقة. العيش بحالة استنفار من جانبه، أكد ممثل المنطقة في مجلس النواب، الدكتور عبدالله الذوادي لـ«الوطن»، أن منطقة اللوزي تتكون من عدة مجمعات، وأحدها مجمع 1016، وهي مجمعات مبنية ومعمرة حديثاً، وفيها ما يقارب 140 بناية و250 فيلا فقط، أي ما يزيد عن 2000 نسمة، وهي منطقة حديثه لكن تنقصها أمور كثيرة، منها البنية التحتية الأساسية، حيث يعاني الناس من كارثة صحية بيئية بل قد تتعدى ذلك. وقال الذوادي: «إن سكان المجمع يعيشون في حالة استنفار كبير خاصة في مواسم الأمطار، حيث تمتزج مياه المطر مع مياه المجاري لتصبح كارثة، فيجب معالجة هذا الموضوع في أسرع وقت ممكن، ناهيك عن المشاكل التي قد تصيب البنايات بسبب تسرب المياه بشكل كبير كونها منطقة مائية حيث كانت مستنقعاً في السابق»، مؤكداً ضرورة تجهيز البنية التحتية لشبكة الصرف الصحي بشكل عاجل، لمعالجة التجديدات. وبين الذوادي، أن الجهات المعنية أخذت 12 ديناراً لكل متر مقابل تأمين البنية التحتية، فمن المفترض أن تكون مصاريف البنية التحتية مؤمنة بغض النظر عن الميزانية، كما أن تكاليف تأمين البنية التحتية منخفضة مقارنة بالمبلغ المدفوع عن كل عمارة، مما يعني وجود الميزانية، وبالتالي وجوب سرعة تجهيز البنى التحتية وعدم تعليقها بالميزانيات. وأكد الذوادي، أن معظم المناطق تبنى من غير وجود بنية تحتية مناسبة، بينما في دول الجوار يتم تجهيز المناطق من ناحية البنية التحتية والخدمات ومن ثم توزع الأراضي أو تباع للبناء، وهذا يوفر الكثير من الوقت والجهد والعناء. حلول ترقيعية بدوره، أكد ممثل الدائرة الثامنة بالمحافظة الشمالية، نائب رئيس المجلس البلدي ممثل المنطقة ياسين زينل: «إن الجهات المعنية اتخذت إجراء مؤقتاً باستعمال الصهاريج لشفط مياه خزانات الصرف الصحي، ولكن النمو السكاني يحول دون اكتفاء المنطقة بصهريج أو صهريجين». وقال: «يلجأ معظم ساكني المنطقة لصرف مبالغ من أموالهم الخاصة لجلب المزيد من الصهاريج، وتم مسبقا إثارة هذا الموضوع من منابر أخرى، أولها المجلس البلدي الشمالي، ومجلس النواب وزيارات المسؤولين الحكوميين في أماكنهم أو زيارتهم للمنطقة حيث زارها وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني السابق والوكلاء من قبل ولديهم إلمام بهذه المشاكل». ودعا إلى وضع مجمع 1016 ضمن الأولويات، فهي منطقة معدومة بلا أي بنى تحتية حقيقية، ويجب التحرك قبل أن تتفاقم المشكلة وتسبب أضراراً للسكان، حيث يحتاج أهل المنطقة إلى أمان بيئي وصحي لهم ولعائلاتهم، معبراً عن أمله بوضع هذه المنطقة كأولوية بالنسبة لوزارة الأشغال، فمن الضروري توفير وتأمين سلامة السكان الصحية والبيئية. وبخصوص تكلفة شفط المياه، أوضح أنه يجب على البلدية شفط المياه، وهي متعاونة بهذا الخصوص بشكل كبير، ولكن ما يحدث حالياً هو أن عدد الصهاريج المخصصة قليل وغير كافٍ، وتفيض المياه عند أهالي المنطقة، مما يضطرهم لإحضار صهاريج بأموالهم الخاصة. وأضاف زينل، أن الحلول المؤقتة التي تقوم بها البلديات هي استخدام الصهاريج لشفط المياه، وهي حلول مؤقتة وترقيعية، مبيناً أن صهريجين عدد قليل مقارنة بحجم المجمع وعدد السكان، والأولى زيادة عدد الصهاريج بزيادة الميزانيات المخصصة لها، على البلدية توفير الصهاريج ريثما يتم حل المشكلة نهائياً بتوفير البنية التحتية وشبكة الصرف الصحي. تراشق مسؤوليات وفي 26 يونيو الماضي، وجهت «الوطن» سؤالاً إلى الجهات المعنية في البلديات، والجهات المعنية في الأشغال، حول المسؤولية عن سحب المياه الآسنة و «شفط البواليع» في المناطق التي لا يوجد فيها خطوط لشبكة الصرف الصحي إلى الآن، إلى جانب المناطق غير المخدومة بالصرف الصحي، وكيف يتم احتساب حجم الغرف الخاصة لاستيعاب مياه الصرف الصحي؟ ومن المسؤول عن عملية «شفط البواليع»؟، ودور وزارة البلديات في الترخيص النهائي للغرف الخاصة بمياه الصرف الصحي. كما تساءلت عن المتطلبات والمواصفات الخاصة بالصرف الصحي المطلوب توافرها في بناية مكونة من 8 شقق وفي كل شقة 4 وحدات صحية ومطبخ، مع العلم أن المنطقة غير مربوطة إلى الآن بشبكة الصرف الصحي، في حال تسبب تأخر إيصال شبكة الصرف الصحي عن أي منطقة غير مخدومة، وأدى ذلك التأخير إلى وقوع أضرار مادية على المواطنين في أملاكهم، ماهي الجهة التي من المفترض بها تعويضهم؟ وهل من القانون أن يقوم المقاول بالتعمد في جعل أرضية غرفة تجميع مياه الصرف الصحي قادرة على تسريب المياه تحت المبنى؟ وفي 21 يوليو الماضي، كررت «الوطن» توجيه الأسئلة إلى «الأشغال»، وإلى «البلديات»، بانتظار الجواب، إلا أن «البلديات» أخطرت «الوطن» أن هناك أسئلة لا تقع ضمن اختصاصها، رامية الكرة في ملعب «الأشغال»، والتي بدورها وعدت بالرد على الأسئلة الواقعة ضمن اختصاصها فقط، وحتى الآن وبعد مضي أكثر من 4 أشهر، لم يتم الرد على أسئلة «الوطن».