لطالما راودت الشباب أحلام الكتابة والنشر والانتماء إلى عوالم الإبداع اللا متناهية، ورؤية أسمائهم على هامش قصائدهم وقصصهم، وحروفهم المنثورة في نسق إبداعي يحمل في طياته ذكريات ومعانٍ وقصص واقعية وأخرى من نسج الخيال.
جامعة البحرين، حيث خزّان الشباب الأكبر في مملكة البحرين، رأت أن تعبّد الطريق لتحقيق هذا الحلم عن طريق برنامج الكتابة الإبداعي، الذي حرص على إقامته مركز اللغة الإنجليزية بجامعة البحرين على مدى السنوات الخمس الأخيرة، بالتعاون مع كلية تشارلستون بولاية كارولاينا الجنوبية بالولايات المتحدة، والسفارة الأمريكية في المنامة.
يستقبل البرنامج ما بين 50 و60 طالباً للمشاركة سنوياً، ويتم اختيار 12 طالباً وطالبة ممن يتلقون التدريبَ تحت إشراف طلبة الدراسات العليا بكلية تشارلستون.
لسنوات طويلة، حلمت لجين لؤي (الطالبة في السنة الرابعة تخصص اللغة الإنجليزية وآدابها) أن تكون كاتبة مرموقة، وتوقع إصداراتها في معارض الكتب، ويكون لها حضور أدبي لامع، ولكنها لم تكن تعرف من أين تبدأ، تقول: "ما إن وصلني الإعلان عن برنامج الكتابة الإبداعية في ديسمبر الماضي، حتى قمت من فوري بالتسجيل وإرفاق قصة قصيرة من قصصي الخيالية... كانت فرحتي عارمة حين جاءني الرد بالقبول للانضمام إلى البرنامج في شهر فبراير".
اجتمعت لجين مع مشرف البرنامج وبقية زملائها أسبوعياً عبر برنامج زوم، تعرفوا على جوانب الكتابة المختلفة وتقنياتها، وتلقوا النصائح والملاحظات الثاقبة التي ساهمت في تحسين صياغتهم للعمل الأدبي والصعود به إلى مستوى أعلى وأفضل.
المحاضرة بمركز اللغة الإنجليزية ديان بريور، تشيد بالبرنامج قائلة: "إن هذا البرنامج مناسب لمساعدة الطلبة على تطوير مهاراتهم وقدراتهم، وتشجيعهم على السعي وراء أحلامهم، بالإضافة إلى أنه يقوم بتوعية مجتمعية وثقافية، ويشجع على التفكير والتعبير الإبداعيين". وتستدل على ذلك بتمكن إحدى خريجات البرنامج من مواصلة تعليمها في الكتابة بجامعة هارفرد في الولايات المتحدة، كما يعمل أحد خريجي البرنامج حالياً في جريدة جلف ديلي نيوز "Gulf Daily News". فالكتابة الإبداعية تعبير مبتكر عن آمال ورؤى شخصية، ونتيجة لمخزون من الانفعالات والتجارب الخاصة، تنبع من موهبة أدبية وشغف بالكتابة والقراءة، وتنمو بالتدريب والاطلاع، وبتراكم الخبرات والقدرات اللغوية.
يستذكر أستاذ الكتابة الإبداعية في كلية تشارلستون الدكتور بريت لوت، بداية الرحلة والارتباط بجامعة البحرين، حيث كان يلقي عدداً من المحاضرات والورش في مملكة البحرين، وخلال إحدى زيارته لجامعة البحرين، التقى بالدكتور ديفيد ديلر من قسم اللغة الإنجليزية وآدابها، وناقشا إمكانية قيام طلبة الدراسات العليا في كلية تشارلستون بتزويد طلبة جامعة البحرين ببرنامج حول الكتابة الإبداعية. تحولت الفكرة إلى مشروع، وصار هناك تعاون من منسق المنح والبرامج في السفارة الأمريكية بالمنامة علي سوار، مع مركز الدراسات الأمريكية في جامعة البحرين، للترتيب لإطلاق البرنامج في 2018.
شهد د. لوت نمو الطلبة وحبهم للكلمة المكتوبة، إذ يقول: "الكلمة حبل نجاة، الكلمات تمنحنا النظام والسلام الداخلي، والكلمات تبني الجسور وتقيم العلاقات؛ والكلمة التي جسّرت المسافة ما بين كلية في الولايات المتحدة الأمريكية لتتعاون مع جامعة في مملكة البحرين".
تقوم كلية تشارلستون باختيار الأعمال الأدبية وجمعها في كتاب عنوانه "تحت سماء البحرين"، حيث جاءت فكرة العنوان من قصيدة "التحديق بالنجوم تحت سماء البحرين" للطالبة حفصة نصر الدين المشاركة في أول دفعة من البرنامج.
يقول د. لوت مفتخراً "قطعنا شوطاً في الكتابة، إذ نشر أول كتاب من تأليف 11 طالبة وطالباً، وضم 22 قصة قصيرة و18 قصيدة، بينما احتوى كتاب هذا العام على 20 قصة قصيرة و30 قصيدة من عمل 11 طالبة".
لإضفاء لمسة فنية على الأعمال الأدبية، لها صفة محلية وخاصة ونابعة من الطلبة أيضاً؛ "طلبنا من الطلبة مشاركتنا بعض أعمالهم الفنية لإضافتها كغلاف للكتاب، فوقع الاختيار على لوحة الطالبة فاطمة محمد أيوب للعام 2020، والطالبة فضيلة نصرالدين للعام 2021، والطالبة عائشة خالد محمد للعام 2022".
تقول عائشة: "في خضم الواجبات والاختبارات الجامعية، كان هذا البرنامج بريق أمل ومساحة للراحة والبعد عن التوتر والقلق، وفرصة لتعلم كتابة الشعر والقصيدة بطريقة احترافية. وإضافة إلى ذلك تبتسم بارتياح قائلة: "سعدت جداً باختيار لوحتي الفنية كغلاف للكتاب".
بعيداً عن جدول أعمال البرنامج، يحرص د. لوت على إقامة فعاليات أخرى، حيث قدم ندوة الكتابة الخيالية لطلبة الجامعة، كما رافق الطلبة للالتقاء بمجموعة دائرة كتاب البحرين في فعالية لقراءة الأعمال الأدبية بفندق ويست إن، والمشاركة في بعض أعمال خدمة المجتمع.
ختام البرنامج لا يعني نهاية المطاف، إذ تؤكد الطالبة لجين أن البرنامج له تأثير إيجابي في حياتها، حيث ساهم في تحسين ثقتها بنفسها، وأيضاً طوَّرَ مهاراتها في الكتابة والخطابة والحوار ومشاركة الآراء، بالإضافة إلى أنه علمها النقد البناء، والاستماع للآخرين، والاستفادة من التغذية الراجعة. لجين تقول: "كانت تجربة رائعة، فإلى جانب المعلومات الهائلة والنصائح الكتابية التي زودتنا بها المشرفة على فريقنا إلسي لاسك؛ حصلنا على مجموعة رائعة من الأصدقاء في البحرين وخارجها، لنستكمل العمل بشغف ونتشارك كتابتنا. وإذا ما سنحت لي الفرصة لخوض هذه التجربة من جديد فسأوافق على الفور."
{{ article.visit_count }}
جامعة البحرين، حيث خزّان الشباب الأكبر في مملكة البحرين، رأت أن تعبّد الطريق لتحقيق هذا الحلم عن طريق برنامج الكتابة الإبداعي، الذي حرص على إقامته مركز اللغة الإنجليزية بجامعة البحرين على مدى السنوات الخمس الأخيرة، بالتعاون مع كلية تشارلستون بولاية كارولاينا الجنوبية بالولايات المتحدة، والسفارة الأمريكية في المنامة.
يستقبل البرنامج ما بين 50 و60 طالباً للمشاركة سنوياً، ويتم اختيار 12 طالباً وطالبة ممن يتلقون التدريبَ تحت إشراف طلبة الدراسات العليا بكلية تشارلستون.
لسنوات طويلة، حلمت لجين لؤي (الطالبة في السنة الرابعة تخصص اللغة الإنجليزية وآدابها) أن تكون كاتبة مرموقة، وتوقع إصداراتها في معارض الكتب، ويكون لها حضور أدبي لامع، ولكنها لم تكن تعرف من أين تبدأ، تقول: "ما إن وصلني الإعلان عن برنامج الكتابة الإبداعية في ديسمبر الماضي، حتى قمت من فوري بالتسجيل وإرفاق قصة قصيرة من قصصي الخيالية... كانت فرحتي عارمة حين جاءني الرد بالقبول للانضمام إلى البرنامج في شهر فبراير".
اجتمعت لجين مع مشرف البرنامج وبقية زملائها أسبوعياً عبر برنامج زوم، تعرفوا على جوانب الكتابة المختلفة وتقنياتها، وتلقوا النصائح والملاحظات الثاقبة التي ساهمت في تحسين صياغتهم للعمل الأدبي والصعود به إلى مستوى أعلى وأفضل.
المحاضرة بمركز اللغة الإنجليزية ديان بريور، تشيد بالبرنامج قائلة: "إن هذا البرنامج مناسب لمساعدة الطلبة على تطوير مهاراتهم وقدراتهم، وتشجيعهم على السعي وراء أحلامهم، بالإضافة إلى أنه يقوم بتوعية مجتمعية وثقافية، ويشجع على التفكير والتعبير الإبداعيين". وتستدل على ذلك بتمكن إحدى خريجات البرنامج من مواصلة تعليمها في الكتابة بجامعة هارفرد في الولايات المتحدة، كما يعمل أحد خريجي البرنامج حالياً في جريدة جلف ديلي نيوز "Gulf Daily News". فالكتابة الإبداعية تعبير مبتكر عن آمال ورؤى شخصية، ونتيجة لمخزون من الانفعالات والتجارب الخاصة، تنبع من موهبة أدبية وشغف بالكتابة والقراءة، وتنمو بالتدريب والاطلاع، وبتراكم الخبرات والقدرات اللغوية.
يستذكر أستاذ الكتابة الإبداعية في كلية تشارلستون الدكتور بريت لوت، بداية الرحلة والارتباط بجامعة البحرين، حيث كان يلقي عدداً من المحاضرات والورش في مملكة البحرين، وخلال إحدى زيارته لجامعة البحرين، التقى بالدكتور ديفيد ديلر من قسم اللغة الإنجليزية وآدابها، وناقشا إمكانية قيام طلبة الدراسات العليا في كلية تشارلستون بتزويد طلبة جامعة البحرين ببرنامج حول الكتابة الإبداعية. تحولت الفكرة إلى مشروع، وصار هناك تعاون من منسق المنح والبرامج في السفارة الأمريكية بالمنامة علي سوار، مع مركز الدراسات الأمريكية في جامعة البحرين، للترتيب لإطلاق البرنامج في 2018.
شهد د. لوت نمو الطلبة وحبهم للكلمة المكتوبة، إذ يقول: "الكلمة حبل نجاة، الكلمات تمنحنا النظام والسلام الداخلي، والكلمات تبني الجسور وتقيم العلاقات؛ والكلمة التي جسّرت المسافة ما بين كلية في الولايات المتحدة الأمريكية لتتعاون مع جامعة في مملكة البحرين".
تقوم كلية تشارلستون باختيار الأعمال الأدبية وجمعها في كتاب عنوانه "تحت سماء البحرين"، حيث جاءت فكرة العنوان من قصيدة "التحديق بالنجوم تحت سماء البحرين" للطالبة حفصة نصر الدين المشاركة في أول دفعة من البرنامج.
يقول د. لوت مفتخراً "قطعنا شوطاً في الكتابة، إذ نشر أول كتاب من تأليف 11 طالبة وطالباً، وضم 22 قصة قصيرة و18 قصيدة، بينما احتوى كتاب هذا العام على 20 قصة قصيرة و30 قصيدة من عمل 11 طالبة".
لإضفاء لمسة فنية على الأعمال الأدبية، لها صفة محلية وخاصة ونابعة من الطلبة أيضاً؛ "طلبنا من الطلبة مشاركتنا بعض أعمالهم الفنية لإضافتها كغلاف للكتاب، فوقع الاختيار على لوحة الطالبة فاطمة محمد أيوب للعام 2020، والطالبة فضيلة نصرالدين للعام 2021، والطالبة عائشة خالد محمد للعام 2022".
تقول عائشة: "في خضم الواجبات والاختبارات الجامعية، كان هذا البرنامج بريق أمل ومساحة للراحة والبعد عن التوتر والقلق، وفرصة لتعلم كتابة الشعر والقصيدة بطريقة احترافية. وإضافة إلى ذلك تبتسم بارتياح قائلة: "سعدت جداً باختيار لوحتي الفنية كغلاف للكتاب".
بعيداً عن جدول أعمال البرنامج، يحرص د. لوت على إقامة فعاليات أخرى، حيث قدم ندوة الكتابة الخيالية لطلبة الجامعة، كما رافق الطلبة للالتقاء بمجموعة دائرة كتاب البحرين في فعالية لقراءة الأعمال الأدبية بفندق ويست إن، والمشاركة في بعض أعمال خدمة المجتمع.
ختام البرنامج لا يعني نهاية المطاف، إذ تؤكد الطالبة لجين أن البرنامج له تأثير إيجابي في حياتها، حيث ساهم في تحسين ثقتها بنفسها، وأيضاً طوَّرَ مهاراتها في الكتابة والخطابة والحوار ومشاركة الآراء، بالإضافة إلى أنه علمها النقد البناء، والاستماع للآخرين، والاستفادة من التغذية الراجعة. لجين تقول: "كانت تجربة رائعة، فإلى جانب المعلومات الهائلة والنصائح الكتابية التي زودتنا بها المشرفة على فريقنا إلسي لاسك؛ حصلنا على مجموعة رائعة من الأصدقاء في البحرين وخارجها، لنستكمل العمل بشغف ونتشارك كتابتنا. وإذا ما سنحت لي الفرصة لخوض هذه التجربة من جديد فسأوافق على الفور."