مستقبل واعد للعلاقات بين البحرين وسلطنة عمان بقيادة الملك وجلالة السلطان هيثم بن طارق
play icon
07-a4e68e21-b978-4c71-8a35-202f7447ab12


تستقبل مملكة البحرين اليوم الاثنين، بكثير من الحفاوة والترحيب، صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم سلطان عُمان الشقيقة والوفد المرافق، في زيارة رسمية تستمر يومين بدعوة كريمة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه.

وتعتبر هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها جلالة سلطان عُمان إلى مملكة البحرين منذ تولي جلالته مقاليد الحكم في السلطنة في يناير عام 2020م خلفا للسلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه.

وتأتي زيارة صاحب الجلالة سلطان عمان الشقيقة للمملكة انطلاقًا من العلاقات الثنائية الراسخة التي تربط بين البلدين، وتعزيزاً لأواصر الأخوة والصلات المتينة ووشائج القربى والمحبة التي تجمع شعبيهما الشقيقين منذ زمن بعيد.

عمان وفصل جديد من النهضة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق..

مثّل تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم السلطاني في 11 يناير 2020م استكمالاً لمسيرة النهضة والبناء والتنمية في سلطنة عُمان، والتي أسسها سلفه جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه، قبل 50 عاماً ، في انتقالٍ سلسٍ للحكم في السلطنة كان موضع تقدير العالم وإعجابه.

ووضع جلالة السلطان هيثم بن طارق في خطابه الأول بعد مراسم تنصيبه سلطانا لعُمان، خارطة طريقٍ للنهج الذي سيتبناه في فترة ولايته، حيث أكد أنه سيتأسّى بالخطى النيّرة للسلطان الراحل بثبات وعزم إلى المستقبل مع الحفاظ على ما أُنجز والبناء عليه، كما أكد جلالته الحفاظ على الثوابت التي أرسى دعائمها السلطان قابوس والمتعلقة بسياسة السلطنة الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير واحترام سيادة الدول.

وعلى مدار عامين منذ تولي جلالته مقاليد الحكم في السلطنة، أطلق جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والتصحيح الإداري الحكومي الواسع في بلاده أسهم في الدفع بمزيد من الطاقات والموارد لاستكمال مسيرة النهضة والتنمية والبناء في السلطنة.

وكانعكاسٍ للتطوير الشامل وفق رؤية السلطنة المستقبلية 2040 فيما يتعلق بالشق الدبلوماسي منها، فقد نجح التعاون البحريني العُماني بفضل حرص قيادتي البلدين على فتح آفاق أرحب للسلام والتنمية في المنطقة الخليجية بأسرها وليس فقط على صعيد علاقات التعاون الثنائي والاستثمارات المتبادلة، وهو تطور نوعي في مستوى العلاقات من المتوقع أن يحظى بكل سبل الدعم في إطار التطلعات التي تنشد علاقات أقوى وأواصر أخوة أعمق بين المملكة والسلطنة، ويؤكد أن منطقتنا على أعتاب مرحلة جديدة من البناء والتنمية استكمالاً للرؤى المستقبلية الطموحة لكلا البلدين المتمثلة في رؤية 2030 لمملكة البحرين و2040 لسلطنة عُمان، واللتين تستهدفان في مجملها تحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة للألفية الجديدة، والتصدي للأزمات الاقتصادية العالمية التي خلفتها الأزمة المزدوجة لتراجع النفط وتداعيات جائحة كورونا ، إلى جانب تفعيل الخطط الوطنية لجذب الاستثمارات وتنويع مصادر الدخل غير النفطية وتحديث منظومة العمل الحكومي والاهتمام بالانتقال إلى المستقبل الرقمي بكافة مساراته ، والمشاركة في الجهود الدولية لوضع حلول لتهديدات التغيرات المناخية الخطيرة لكوكب الأرض والوصول الى الحياد الكربوني الصفري.

نصف قرن من النهضة في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد..

أخذت العلاقات الثنائية بين مملكة البحرين وسلطنة عُمان بشكلها الرسمي والشعبي في التطور والنماء في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد الذي تولى الحكم في السلطنة عام 1970م.

وقد انعكست النهضة الحضارية في السلطنة على مستوى العلاقات الثنائية بين مملكة البحرين وسلطنة عُمان حيث حرصت قيادتا البلدين الشقيقين على إنشاء اللجنة البحرينية العمانية الوزارية المشتركة عام 1992، وتأسيس مجلس الأعمال المُشترك بين غرفة تجارة وصناعة البلدين، والتوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الثنائية المتنوعة عبر الزيارات المتبادلة لقادة البلدين وكبار المسؤولين، ومؤخراً تم إشهار جمعية الصداقة البحرينية العُمانية في سبتمبر الماضي في خطوة حديثة عكست رغبة الجانبين في تعزيز التعاون والعمل الثنائي وعلى استدامته وتطويره، وتعزيز العلاقات الاقتصادية، وتحفيز تبادل الاستثمارات، والدفع بها نحو آفاق أرحب، بما يلبي الطموحات المشتركة للقيادتين والشعبين الشقيقين.

وعلى صعيد التعاون والتكامل في المجالات العلمية والأبحاث الأكاديمية المشتركة بين البلدين في عهد السلطان الراحل، حرصت سلطنة عُمان على إنشاء كرسيّ صاحب الجلالة السلطان قابوس للاستزراع الصحراوي بجامعة الخليج العربي في مملكة البحرين عام 1994، وهو ما يعكس حرص السلطنة على الوصول إلى مجتمع عالمي معاصر، يعيش في سلام ويوجهه التفاهم المشترك والتسامح في ظل العولمة.

وقد تميزت السياسة الداخلية والخارجية لسلطنة عُمان على الدوام بالاستقرار السياسي والاقتصادي وانتهاج مبدأ الحكمة والتوازن في العلاقات مع جميع الدول، وكان لإسهامات جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد مع إخوانه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول الخليج،، في تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية أثراً بالغاً في توطيد أركان مسيرة مجلس التعاون المباركة وعامل قوة وإضافة كبيرة في مجال العمل الخليجي والعربي المشترك وصون مقدرات ومكتسبات الشعوب الخليجية والعربية.

زيارات متبادلة أضاءت مستوى العلاقات بين المنامة ومسقط..

زيارات متبادلة أضاءت مستوى العلاقات بين المنامة ومسقط على كافة المستويات وبشكل متواصل لم ينقطع ويعكس طبيعة العلاقات التي تربط البلدين الشقيقين قيادة وشعبا ، ولعل الزيارة الرسمية التي قام بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه إلى سلطنة عمان في مارس عام 2000م، قد عكست العمق التاريخي الذي يربط بينهما والتي شهدت على هامشها التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم منها تسهيل انتقال مواطني البلدين واتفاقية التعاون الدبلوماسي والقنصلي.

ومن أوجه تبادل الزيارات الزيارة التي قام بها الراحل جلالة السلطان قابوس لمملكة البحرين سبتمبر 2001م حيث وجّه السلطان الراحل لجلالته الدعوة لحضور القمة الخليجية التي استضافتها سلطنة عُمان في ديسمبر من العام نفسه.

وتعتبر الزيارة التي قام بها جلالة السلطان قابوس رحمه الله لمملكة البحرين في يونيو 2010م هي الزيارة الأخيرة للسلطان الراحل، بيد أنها لم تكن الأخيرة المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين في سبيل الدفع بالعلاقات قدما إلى الأمام، وليكون التعاون الثنائي بين البحرين وعُمان دعامة قوية لمسار التكامل والترابط بين دول مجلس التعاون الخليجي، والعمل العربي المشترك.

دلمون ومَجان وتاريخ قديم بين حضارتين عريقتين..

لا يمكن إغفال التاريخ العتيد الذي جمع البلدين الشقيقين قبل آلاف السنين حيث كانت البحرين آنذاك مهداً لحضارة "دلمون" العريقة، ونشأت في عُمان حضارة "مَجان" القديمة، وكلتاهما حضارتين تاريخيتيْن كان لهما أثرهما الكبير في تشكيل تاريخ المنطقة في شبه الجزيرة العربية وأيضاً في الحضارات الأخرى المجاورة في العراق والشام ومصر وصولاً إلى بلاد الهند.

وقد أفرز هذا التاريخ العريق والتقارب الجغرافي والثقافي والظروف السياسية المحيطة آنذاك إصراراً على تأسيس جذور روابط وعلاقات إنسانية واجتماعية مميزة جمعت أهل دلمون ومَجان إيماناً منهم بوحدة الهدف والمصير المشترك والذي استشرفوا معالمه وأحسنوا تقديره قبل آلاف السنين.

ومن هذا المنطلق عمل أهل البحرين وعُمان على تعزيز تعاونهما الاقتصادي المتبادل، خاصة على صعيد التجارة عبر البحر، وتبادل البضائع والصناعات التقليدية التي نشأت في كلتا الحضارتين مثل صناعة السفن والنحاس التي اشتهرت بها مَجان، وصناعة اللؤلؤ والفخار والحُليّ والنسيج التي اشتهرت بها دلمون، ثم أخذت هذه العلاقات في النمو والاستمرار عبر الزمن وتطور التاريخ وتلاحق العصور لتأخذ أبعاداً أكثر عمقاً وتقارباً، مستندةً في سبيل ذلك على القواسم الحضارية المشتركة التي تربط الشعبين من حيث موقعهما الجغرافي المتميز على ساحل الخليج العربي وملتقى القوافل التجارية البحرية والبرية، ووشائج العروبة والثقافة والنسب والتاريخ والدين المشترك.

واليوم تقف كل من مملكة البحرين وشقيقتها سلطنة عُمان شامختين شاهدتيْن على المنجزات والمكتسبات الحضارية والإنسانية التي تحققت بفضل حكمة القيادتين الحكيمتين في البلدين الشقيقين وإصرارهما على استكمال مسيرة التعاون والتنمية والعطاء تحقيقاً لرفاهية وخير شعبيهما الكريميْن.