محمود عقيل عباس
طالب إعلام جامعة البحرين
*********
بلغ العالم مرحلة فارقة تعتصر لها القلوب، حيث أودت جائحة كوفيد 19 بحياة الكثير من الناس ممن نحبهم وعشنا معهم وفي لحظات فارقناهم، وصار العالم يعيش تسونامي من المعاناة مع الفيروس، حتى انقلبت اقتصادات دول العالم رأسا على عقب وتركت المجتمعات تتمايل، وفي ظل هذه الظروف دأب العاملون في الحقل الصحي وبالتعاون مع كافة الجهات في الدولة على مواجهة هذا الفيروس واحتواء تداعياته، وهؤلاء الجنود المجهولون يضحون بالغالي والنفيس من أجل انقاذ هذا الوطن بصفة خاصة والإنسانية بشكل عام.
ومن هنا كان لنا لقاء خاص مع الطبيب محمد سعيد داغر - أحد العاملين في الخط الأمامي لمكافحة فيروس كورونا لنتعرف عن كثب على الجهود التي قدموها والمعاناة التي كابدوها في سبيل الإخلاص للوطن وللإنسانية، حيث أكد
- في البداية عرفنا عن نفسك؟
محمد سعيد داغر من قرية السنابس من مملكة البحرين، من مواليد 1995حاصل على شهادة الطب العام من جمهورية مصر العربية، تدربت في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية .
- أخبرنا عن سبب اختيارك تخصص الطب؟
هو شغف كنت أعيشه منذ الصغر حيث علاوة على كون العائلة فيها عدد من الأطباء، إلا أن العامل الأساس الذي شدني لمهنة الطب هو حب الإطلاع والإستكشاف وخصوصا في مادة الأحياء التي كنت أعشقها .
- البيئة الإجتماعية من حولك ما أثرها في إختيارك لهذا التخصص؟
وجود الإنسان في مجتمع قائم على مبدأ التكافل والإيثار يجعل الإنسان يطمح في تقديم مستوى عالي من العطاء والعون للجميع، وقد وجدت مهنة الطب تعين الفقير والغني، الضعيف والقوي وتخدم كل الإنسانية على حد سواء .
- في دراستك لحقول الطب وتفرعاته، ما لذي وجدته فيها وزاد ارتباطك بها؟
الإستكشاف والمعرفة، والبحث والتحقيق، فبعد البحث واكتشاف العلة وتقديم العلاج الناجع تلاحظ التغير في المريض، وترسم الإبتسامة على وجهه، وهذه هي المحفز الأكبر لكل طبيب مخلص لايطمع في مكسب مادي بقدر ما يشعر بالرضا والسعادة لسعادة مرضاه.
-كونك طبيب ماهي أهم مفاهيمك في الحياة، وأبرز أهدافك؟
من أهم المفاهيم التي أعيشها كطبيب مستقاة من مهمة رسول البشرية في قول الله تعالى : (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، فأنا أحب الرحمة والتراحم بين الناس.
ومن أهم الأهداف التي أصبو إليها هي السمو بمهنة الطب عن المتاجرة، حيث يقدم الطبيب العلاج لمرضاه بهدف حب العطاء ونيل رضا رب العالمين أكثر من أي مكسب مادي.
- كنت أحد العاملين في الصفوف الأولى في جائحة كورونا، صف لنا دورك والمهام التي شاركت فيها ؟
في نهاية عام 2019 وبداية 2020، سمعنا عن فيروس كورونا الجديد ووصوله لمملكة البحرين، وقد كنت وقتها أتدرب في المملكة العربية السعودية، ولكنني رجعت إلى وطني البحرين التي دخلت مرحلة الطوارئ كغيرها من دول العال، فوجدت نفسي ملزم بواجب وطني وإنساني كبير ومهم، وهو ضرورة الوقوف مع أهلي ووطني لذلك التحقت بمركز عالي مع المتطوعين من أجل مداواة المرضى ورفع معنوياتهم، ومتابعة حالتهم الصحية، ثم انتقلت إلى القاعة رقم 1 في مركز المعارض وهي المسؤولة عن تصنيف المرضى والمخالطين وتوعيتهم واستمر ذلك 9 أشهر تقريبا .
-كيف تقيم هذه التجربة وأثرها على حياتك الشخصة والمهنية؟
كانت تجربة فريدة ومميزة لاعتمادها الحس الوطني والإنساني، ولإحساسك بأن الوطن أمانة في عنقك، وهمتك كطبيب لها بالغ الأثر في حماية الوطن والمواطنين .
-مع انتشار الوباء أصبح الكثير يأخذ الحذر ، صف لنا كيف تعايشت مع هذه المهنة في ظل هذه الظروف؟
كنا نبادر وبكل شجاعة وقوة وحب وبكامل الإحترازات والإحتيطات اللازمة ونبذل قصارى جهودنا من أجل إنقاذ المرضى.
- من خلال متابعتي لوسائل التواصل الاجتماعي وجدت أنك أصبت بفايروس كورونا، صف لنا تجربتك مع هذا المرض؟
نعم، أصبت بفايروس كورونا وقد أصيب والدي وعمتي معي أيضا، وحينها مررت بتجربة قاسية ومرة، حيث شعرت برأسي يكاد ينفجر من الألم إلا أنني كنت أتحامل عليه وأصر على تحمل مسؤولياتي في العمل التطوعي، إلى أن انهار جسمي وقمت بعمل فحص PCR لأكتشف إصابتي بهذا المرض، وكان الأمر يزداد سوءا فنقلت للمستشفى التخصصي وبعدها للمستشفى العسكري لتطور الأمر وعدم القدرة على السيطرة على الفيروس حيث ازداد الإلتهاب في الصدر حتى أصبحت على حافة الموت، إلا أنه بفضل جهود الأطباء وتوفر أجهزة طبية حديثة استطعت أن أستعيد قوتي وصحتي إلا أن خبر وفاة عمتي وعدم قدرتي على التواصل مع والدي المصاب جعل المرض يتفاقم مرة أخرى ولكن بحمد الله وبفضله من علي بالشفاء بعد معاناة دامت الشهرين .
- بعد مرورك بهذه التجربة القاسية، هل أثرت سلبا على عطائك كطبيب؟
إن فقدان الأحبة والإلام التي عشتها خلال هذه التجربة المريرة، زاد من إيماني بأهمية دوري كطبيب يجب أن يخفف من معاناة المرضى وزاد من إصراري لبذل كل طاقاتي في سبيل ذلك.
- من خلال بحثي للإعداد للمقابلة وجدت أن لك فعاليات مجتمعية كثيرة، فما مدى علاقة هذه الفعاليات بالمجال الطبي؟ وما أهميتها ؟
على الرغم من ظروفي كطبيب يزاول عمله لأوقات متأخرة، مما يحد من أنشطته الحياتية ويفرض عليه العزلة الاجتماعية، إلا أنني أؤمن بدوري كطبيب ضرورة تفعيل الجانب التوعوي لخدمة الناس من خلال القنوات الإعلامية المختلفة، لذلك أحرص على تنظيم عدة فعاليات طبية توعوية لفئات الجماهير المختلفة من الناحية العمرية ومن ناحية الإستيعاب والفهم، حيث تتضمن هذه الفعاليات عمل فحوصات عامة تساهم في الكشف عن الأمراض مبكرا ، و من أجل حماية المجتمع من هذه الأمراض ووقايته.
- ما هي أحلامك وطموحاتك المستقبلية؟
من أهم أحلامي هو التخصص في مجال العظام، وكلي أمل بأن أحصل على هذه الفرصة في وطني البحرين لأتدرب على يد كبار الأطباء في البحرين، وفي المستقبل أستطيع فتح مستشفى خاص بالعظام يساعد على حل كل مشاكل العظام ويساهم في تأهيل المرضى لمتابعة حياتهم بالشكل الطبيعي.
- ختاما ..ماهي الرسالة التي توجهها للأطباء في البحرين؟
أقول لزملائي و أخواني و آبائي في المهنة يا أصحاب القلوب البيضاء كبياض رداءكم أحملوا صفاء القلب و سماحة الخلق شفاءً ودواءً لِكلِ من ينظرَ إليكم فالراحة النفسية للمريض نصف العلاج.
{{ article.visit_count }}
طالب إعلام جامعة البحرين
*********
بلغ العالم مرحلة فارقة تعتصر لها القلوب، حيث أودت جائحة كوفيد 19 بحياة الكثير من الناس ممن نحبهم وعشنا معهم وفي لحظات فارقناهم، وصار العالم يعيش تسونامي من المعاناة مع الفيروس، حتى انقلبت اقتصادات دول العالم رأسا على عقب وتركت المجتمعات تتمايل، وفي ظل هذه الظروف دأب العاملون في الحقل الصحي وبالتعاون مع كافة الجهات في الدولة على مواجهة هذا الفيروس واحتواء تداعياته، وهؤلاء الجنود المجهولون يضحون بالغالي والنفيس من أجل انقاذ هذا الوطن بصفة خاصة والإنسانية بشكل عام.
ومن هنا كان لنا لقاء خاص مع الطبيب محمد سعيد داغر - أحد العاملين في الخط الأمامي لمكافحة فيروس كورونا لنتعرف عن كثب على الجهود التي قدموها والمعاناة التي كابدوها في سبيل الإخلاص للوطن وللإنسانية، حيث أكد
- في البداية عرفنا عن نفسك؟
محمد سعيد داغر من قرية السنابس من مملكة البحرين، من مواليد 1995حاصل على شهادة الطب العام من جمهورية مصر العربية، تدربت في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية .
- أخبرنا عن سبب اختيارك تخصص الطب؟
هو شغف كنت أعيشه منذ الصغر حيث علاوة على كون العائلة فيها عدد من الأطباء، إلا أن العامل الأساس الذي شدني لمهنة الطب هو حب الإطلاع والإستكشاف وخصوصا في مادة الأحياء التي كنت أعشقها .
- البيئة الإجتماعية من حولك ما أثرها في إختيارك لهذا التخصص؟
وجود الإنسان في مجتمع قائم على مبدأ التكافل والإيثار يجعل الإنسان يطمح في تقديم مستوى عالي من العطاء والعون للجميع، وقد وجدت مهنة الطب تعين الفقير والغني، الضعيف والقوي وتخدم كل الإنسانية على حد سواء .
- في دراستك لحقول الطب وتفرعاته، ما لذي وجدته فيها وزاد ارتباطك بها؟
الإستكشاف والمعرفة، والبحث والتحقيق، فبعد البحث واكتشاف العلة وتقديم العلاج الناجع تلاحظ التغير في المريض، وترسم الإبتسامة على وجهه، وهذه هي المحفز الأكبر لكل طبيب مخلص لايطمع في مكسب مادي بقدر ما يشعر بالرضا والسعادة لسعادة مرضاه.
-كونك طبيب ماهي أهم مفاهيمك في الحياة، وأبرز أهدافك؟
من أهم المفاهيم التي أعيشها كطبيب مستقاة من مهمة رسول البشرية في قول الله تعالى : (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، فأنا أحب الرحمة والتراحم بين الناس.
ومن أهم الأهداف التي أصبو إليها هي السمو بمهنة الطب عن المتاجرة، حيث يقدم الطبيب العلاج لمرضاه بهدف حب العطاء ونيل رضا رب العالمين أكثر من أي مكسب مادي.
- كنت أحد العاملين في الصفوف الأولى في جائحة كورونا، صف لنا دورك والمهام التي شاركت فيها ؟
في نهاية عام 2019 وبداية 2020، سمعنا عن فيروس كورونا الجديد ووصوله لمملكة البحرين، وقد كنت وقتها أتدرب في المملكة العربية السعودية، ولكنني رجعت إلى وطني البحرين التي دخلت مرحلة الطوارئ كغيرها من دول العال، فوجدت نفسي ملزم بواجب وطني وإنساني كبير ومهم، وهو ضرورة الوقوف مع أهلي ووطني لذلك التحقت بمركز عالي مع المتطوعين من أجل مداواة المرضى ورفع معنوياتهم، ومتابعة حالتهم الصحية، ثم انتقلت إلى القاعة رقم 1 في مركز المعارض وهي المسؤولة عن تصنيف المرضى والمخالطين وتوعيتهم واستمر ذلك 9 أشهر تقريبا .
-كيف تقيم هذه التجربة وأثرها على حياتك الشخصة والمهنية؟
كانت تجربة فريدة ومميزة لاعتمادها الحس الوطني والإنساني، ولإحساسك بأن الوطن أمانة في عنقك، وهمتك كطبيب لها بالغ الأثر في حماية الوطن والمواطنين .
-مع انتشار الوباء أصبح الكثير يأخذ الحذر ، صف لنا كيف تعايشت مع هذه المهنة في ظل هذه الظروف؟
كنا نبادر وبكل شجاعة وقوة وحب وبكامل الإحترازات والإحتيطات اللازمة ونبذل قصارى جهودنا من أجل إنقاذ المرضى.
- من خلال متابعتي لوسائل التواصل الاجتماعي وجدت أنك أصبت بفايروس كورونا، صف لنا تجربتك مع هذا المرض؟
نعم، أصبت بفايروس كورونا وقد أصيب والدي وعمتي معي أيضا، وحينها مررت بتجربة قاسية ومرة، حيث شعرت برأسي يكاد ينفجر من الألم إلا أنني كنت أتحامل عليه وأصر على تحمل مسؤولياتي في العمل التطوعي، إلى أن انهار جسمي وقمت بعمل فحص PCR لأكتشف إصابتي بهذا المرض، وكان الأمر يزداد سوءا فنقلت للمستشفى التخصصي وبعدها للمستشفى العسكري لتطور الأمر وعدم القدرة على السيطرة على الفيروس حيث ازداد الإلتهاب في الصدر حتى أصبحت على حافة الموت، إلا أنه بفضل جهود الأطباء وتوفر أجهزة طبية حديثة استطعت أن أستعيد قوتي وصحتي إلا أن خبر وفاة عمتي وعدم قدرتي على التواصل مع والدي المصاب جعل المرض يتفاقم مرة أخرى ولكن بحمد الله وبفضله من علي بالشفاء بعد معاناة دامت الشهرين .
- بعد مرورك بهذه التجربة القاسية، هل أثرت سلبا على عطائك كطبيب؟
إن فقدان الأحبة والإلام التي عشتها خلال هذه التجربة المريرة، زاد من إيماني بأهمية دوري كطبيب يجب أن يخفف من معاناة المرضى وزاد من إصراري لبذل كل طاقاتي في سبيل ذلك.
- من خلال بحثي للإعداد للمقابلة وجدت أن لك فعاليات مجتمعية كثيرة، فما مدى علاقة هذه الفعاليات بالمجال الطبي؟ وما أهميتها ؟
على الرغم من ظروفي كطبيب يزاول عمله لأوقات متأخرة، مما يحد من أنشطته الحياتية ويفرض عليه العزلة الاجتماعية، إلا أنني أؤمن بدوري كطبيب ضرورة تفعيل الجانب التوعوي لخدمة الناس من خلال القنوات الإعلامية المختلفة، لذلك أحرص على تنظيم عدة فعاليات طبية توعوية لفئات الجماهير المختلفة من الناحية العمرية ومن ناحية الإستيعاب والفهم، حيث تتضمن هذه الفعاليات عمل فحوصات عامة تساهم في الكشف عن الأمراض مبكرا ، و من أجل حماية المجتمع من هذه الأمراض ووقايته.
- ما هي أحلامك وطموحاتك المستقبلية؟
من أهم أحلامي هو التخصص في مجال العظام، وكلي أمل بأن أحصل على هذه الفرصة في وطني البحرين لأتدرب على يد كبار الأطباء في البحرين، وفي المستقبل أستطيع فتح مستشفى خاص بالعظام يساعد على حل كل مشاكل العظام ويساهم في تأهيل المرضى لمتابعة حياتهم بالشكل الطبيعي.
- ختاما ..ماهي الرسالة التي توجهها للأطباء في البحرين؟
أقول لزملائي و أخواني و آبائي في المهنة يا أصحاب القلوب البيضاء كبياض رداءكم أحملوا صفاء القلب و سماحة الخلق شفاءً ودواءً لِكلِ من ينظرَ إليكم فالراحة النفسية للمريض نصف العلاج.