رئيس تتارستان: الملتقى فرصة للاستماع للآراء حول سبل التعايش بين الديانات المختلفة
التكاتف والتعاون لدعم قيم الخير والتصدي بكل مسؤولية لدعاة الفتنة والتحريض والكراهية
وزير التسامح الإماراتي: تحقيق التعارف والعمل المشترك لمصلحة الجميع
رئيس أساقفة القسطنطينية بتركيا: أهمية الحوار في مواجهة التحيز والتعصب
أمين التعاون الإسلامي: مساندة أي قيم تنادي باحترام الاختلاف العرقي والديني والتعدد الثقافي
وكيل أمين الأمم المتحدة: جهود ملحوظة للملك في دعم الجهود الدولية لنبذ التطرف
نيابة عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، افتتح سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة الممثل الخاص لجلالة الملك المعظم أمس بمركز عيسى الثقافي، أعمال ملتقى البحرين للحوار «الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني»، الذي يقام على مدى يومين، بتنظيم من مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي ومجلس حكماء المسلمين والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وبمشاركة عدد من أبرز الشخصيات الفكرية البارزة وممثلي الأديان من مختلف دول العالم.
وانطلقت أعمال الملتقى بعزف السلام الملكي، ثم تلاوة آيات بينات من القرآن الكريم، ثم ألقى رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة كلمة نقل خلالها تحيات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، للمشاركين في الملتقى، وتمنياتهما لهم بالتوفيق والنجاح.
وتقدم بالنيابة عن المشاركين بالشكر لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم على هذه المبادرة الكريمة، والتي من شأنها أن تدعم قيم الخير والتعايش للعالم أجمع من أمن وسلام ومحبة ووئام.
وأعلن عن تفضل صاحب الجلالة الملك المعظم، بإنشاء جائزة الملك حمد الدولية للحوار والتعايش السلمي تأكيداً على أهمية الحوار والتفاهم والتعاون المشترك بين الدول، ودعماً من جلالته لكافة جهود الخير والسلام والتقارب بين كل البشر دون تمييز، وهو ما دعت إليه الأديان السماوية وتنظمه القوانين الدولية من أجل رفعة الأمم والشعوب.
وأعرب الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة عن ترحيبه بمشاركة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين وقداسة البابا فرانسيس رئيس الكنيسة الكاثوليكية، مقدراً عالياً جهود مجلس حكماء المسلمين والفاتيكان ومشاركتهما في تنظيم هذا الملتقى الكبير، سائلاً الله عز وجل أن يأخذ بأيدي الجميع للإسهام في خدمة الإنسانية من خلال حوارات رصينة تكرس التعايش وثقافته وأسسه في التعاطي حول العالم، وتجعله رسالة حقيقية تتبناها الحكومات والمنظمات والشعوب.
وأكد أن البحرين حظيت بجغرافيا متميزة وموقع استراتيجي مهم، حيث كانت عبر العصور ملتقى حضارياً لمختلف الحضارات القديمة ومركزاً حيوياً لخطوط التجارة والملاحة، مما جعل أهلها منفتحين على التعاطي البناء مع مختلف الأديان والمذاهب والمعتقدات والأفكار والثقافات والحضارات.
وأشار إلى أن الشواهد الحضارية تبرز كشاهد على تلك الصورة الناصعة، التي يتجاور فيها المسجد والمأتم والكنيسة والكنيس والمعبد، ويمارس فيها كل فرد أو جماعة عباداتهم وطقوسهم العبادية بكل حرية وأمان، وبذلك تجذَّرت قيمة التعايش باعتبارها جزءاً من الثوابت الأصيلة للإنسان البحريني، ومرتكزاً رئيساً للتعاطي العام والعمل الوطني والاجتماعي.
وشدد على أن العمق الحضاري للبحرين، والتاريخ الإنساني فيها، هما من أهم مقومات التعايش فيها، مشيراً إلى عاملين أساسيين لإشاعة التعايش وديمومته ورسوخه في المجتمعات، أولهما احترام الخصوصيات الدينية والمذهبية؛ إذ إن احترامها يجعل البلدان والدول مستوعبةً للتعددية فيها، بل إنها تجعل من التعددية عاملاً حضارياً للبناء والتنمية، وهو ما حرصت على ترسيخه بلادنا منذ زمن بعيد.
ونوه الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة، إلى أن ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين وقوانيننا الوطنية تصون هذه الخصوصية، وتؤكد عليها، وقد حرصت البحرين على جعل تشريعاتها وأنظمتها متوائمة مع هذا التنوع، ففي قضايا الأحوال الشخصية أو الأحكام الأسرية مثلاً؛ يتحاكم كلُّ فردٍ بحسب دينه ومذهبه، وكذلك الحال فيما يتعلق بالأوقاف الإسلامية.
وأشار الشيخ عبدالرحمن بن محمد، إلى أن العامل الثاني هو الحرية الدينية، حيث تتمتع البحرين بحريات دينية واسعة لا تقتصر على منحها فحسب، بل تتعداه إلى دعم تلك الحريات والشعائر، وكفالتها ومساندتها وترسيخها، باعتبارها وجهاً حضارياً للبلاد وأهلها، فصارت البحرين نموذجاً عالمياً يُحتذى في هذا المجال.
وأوضح أن البحرين تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث نسبة عدد المساجد والجوامع ودور العبادة قياساً إلى عدد سكانها ومساحتها، حيث يمارس الجميع شعائرهم الدينية في إطار من التعايش البناء.
ولفت إلى أنه مع إطلالة القرن الحادي والعشرين، كانت البحرين على موعدٍ مع التاريخ بقيادةٍ استثنائيةٍ حكيمةٍ من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، الذي دشَّن عهده الزاهر بإطلاق مشروع وطني إصلاحي تنموي شامل؛ يبني على ثوابت البلاد وقيمها وهويتها وعاداتها وتقاليدها، صاغه جلالته برؤية ثاقبة، وأسس صلبة متماسكة.
وأضاف أن البحرين حملت بقيادة جلالته رسالة التعددية والتعايش والسلام لتبثها في العالم كله، مصافحةً بذلك كل الجهود الدولية في هذا المضمار؛ انطلاقاً من إيمانها الراسخ بأهمية هذه الرسالة ليعم الخير أرجاء المعمورة.
وأشار الشيخ عبدالرحمن بن محمد، إلى أن جلالته أطلق سلسلةً من المبادرات السامية في هذا المجال؛ ومن أهمها إنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، وتدشين كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي بجامعة سابينزا الإيطالية العريقة، وتوقيع إعلان مملكة البحرين في الولايات المتحدة، وإطلاق مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية. بالإضافة إلى دعوة جلالته لفضيلة شيخ الأزهر الشريف وقداسة بابا الفاتيكان للمشاركة في أعمال هذا الملتقى المبارك.
وأكد أن مملكة البحرين وقيادتها الحكيمة حملت رسالة التعايش والسلام بكل حرصٍ وإيمانٍ ووفاءٍ، لتكون منارةً لبث هذه القيم النبيلة، ومركزاً لمبادراتٍ عالميةٍ استباقيةٍ نوعيةٍ في هذا المجال؛ إيماناً بما لهذه القيم الإنسانية السامية من دورٍ وإسهامٍ فعَّالٍ في خير العالم وأمنه ونهضته، وستبقى مملكة البحرين بقيادة مليكها المعظم أيده الله وفيةً ومخلصةً لهذه الرسالة السامية والنبيلة، رائدةً معطاءةً فيها، يشهد لها التاريخ فيها برسوخ القدم وصدق النية والعزيمة، نحو عالم أكثر سلماً وسلاماً وأماناً.
ودعا الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة الجميع، إلى التكاتف والتعاون لدعم قيم الخير والتعايش والسلام، والتصدي بكل مسؤولية لدعاة الفتنة والتحريض والكراهية.
فيما ألقى رئيس جمهورية تتارستان، رستم مينيخانوف، كلمة أعرب فيها عن خالص الشكر والتقدير لجلالة الملك المعظم على هذه المبادرة والدعوة إلى عقد الملتقى، لاسيما وأن قضية الحوار بين الأديان والثقافات تعد أمراً مهماً جداً للعالم في هذه المرحلة التي يمر فيها بأوضاع صعبة ومعقدة، مشيراً إلى أن الملتقى يمثل فرصة للاستماع إلى مختلف الآراء القيمة حول سبل التعايش والوئام الاجتماعي بين الثقافات والديانات المختلفة.
واستعرض تجربة تتارستان في تعزيز التعايش بين جميع الأطياف والمكونات التي تعيش على أرضها، وما تمتلكه من إرث حضاري وتاريخي يقوم على التنوع والتعدد والاحترام المتبادل، والجهود التي تقوم بها لدعم هذه القيم الإنسانية، مشدداً على أهمية هذه القيم في تحقيق التقدم والنماء للشعوب.
أما وزير التسامح والتعايش بدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، عبر في كلمة عن الشكر والامتنان لراعي الملتقى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وذلك تقديراً صادقاً لحرص جلالته على نشر وتأكيد مبادئ التسامح والتعايش السلمي، والاحترام المتبادل بين الجميع.
كما أعرب عن الشكر والتقدير لمملكة البحرين لاستضافتها لهذا الملتقى، والذي يعكس ما تتسم به المملكة من ريادة وتميز في الحوار والتسامح والتعايش والسعي إلى بعث الأمل والثقة، في مستقبل العالم.
ولفت الشيخ نهيان بن مبارك، إلى أن هذه النخبة المتميزة من المفكرين ورموز وممثلي الأديان حول العالم يعبرون بوجودهم في هذا الملتقى عن أننا جميعاً أعضاء في مجتمع إنساني واحد نعمل سوياً من أجل تحقيق حياة حرة وكريمة للجميع في كل مكان.
وأشار إلى أن الملتقى يؤكد من جديد على ضرورة أن يكون الطابع الروحي للأديان، والقيم الإنسانية التي يشترك فيها البشر في كل مكان، أساساً لإحداث تغييرات قانونية، وأدبية، وأخلاقية، وسلوكية، واقتصادية، في حياة الناس، تحقق التعارف والحوار والعمل المشترك بين الجميع، لما فيه مصلحة الجميع.
وتطرق إلى جهود دولة الإمارات برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في دعم قيم التسامح والتعايش.
من جانبه، شدد رئيس أساقفة القسطنطينية بالجمهورية التركية قداسة برثلماوس الأول البطريرك المسكوني، على أهمية الحوار في مواجهة التحيز والتعصب وسوء فهم الأخر وما لذلك من آثار سلبية على السلام، مشدداً على أهمية بذل من الجهود الإنسانية المشتركة التي تعزز من قيم الحوار وتسهم في ترسيخ التعايش بما يسهم في التغلب على الأزمات.
في حين ألقى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، كلمة أعرب فيها عن شكره لجلالة الملك المعظم ولمملكة البحرين على تنظيم الملتقى، والمبادرة التي تهدف إلى خدمة الإنسانية والقيم البناءة المشتركة بين الأديان من أجل التعايش السلمي والتسامح بين الجميع.
وأكد أن الملتقى يكتسب أهمية بالغة على مستوى الأفكار التي تساند القيم التي تنادي باحترام الاختلاف العرقي والديني والتعدد الثقافي، مستعرضاً الجهود التي تقوم بها منظمة التعاون الإسلامي في ترسيخ مبادئ الحوار وما توليه من اهتمام بكل ما من شأنه أن يحقق السلام والاحترام المتبادل بين الأديان ورفعة قيم المحبة والتسامح بين مختلف الأمم والشعوب.
بينما أعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات ميغيل أنخيل موراتينوس في كلمة، عن سعادته بالمشاركة في الملتقى والتي تأتي في إطار رؤى مملكة البحرين بقيادة جلالة الملك المعظم في دعم قيم التعايش واحترامها للتنوع الثقافي والتعددية الدينية وما تشكله هذه القيم من أولويات في نهج مملكة البحرين.
وأشاد بالجهود التي يقوم بها جلالة الملك المعظم في سبيل دعم الجهود الدولية الرامية إلى نبذ التطرف والعنف والكراهية، منوهاً إلى ما تحظى به مملكة البحرين من تاريخ وحاضر يقوم على احترام الحريات والتعددية الثقافية والدينية. كما تطرق إلى احترام الدين الإسلامي لقيم التعايش واحترام الآخر وكل ما يخدم الإنسانية ويدفعها إلى التقدم.
وتم عرض فيلم عن تاريخ مملكة البحرين وقيمها الحضارية التي تميزت بها عبر العصور من تعايش وسلام، حتى أصبحت قبلة حاضنة لكل الثقافات، وما وصلت إليه من تطور في هذا المجال في ظل العهد الزاهر لجلالة الملك المعظم.
{{ article.visit_count }}
التكاتف والتعاون لدعم قيم الخير والتصدي بكل مسؤولية لدعاة الفتنة والتحريض والكراهية
وزير التسامح الإماراتي: تحقيق التعارف والعمل المشترك لمصلحة الجميع
رئيس أساقفة القسطنطينية بتركيا: أهمية الحوار في مواجهة التحيز والتعصب
أمين التعاون الإسلامي: مساندة أي قيم تنادي باحترام الاختلاف العرقي والديني والتعدد الثقافي
وكيل أمين الأمم المتحدة: جهود ملحوظة للملك في دعم الجهود الدولية لنبذ التطرف
نيابة عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، افتتح سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة الممثل الخاص لجلالة الملك المعظم أمس بمركز عيسى الثقافي، أعمال ملتقى البحرين للحوار «الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني»، الذي يقام على مدى يومين، بتنظيم من مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي ومجلس حكماء المسلمين والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وبمشاركة عدد من أبرز الشخصيات الفكرية البارزة وممثلي الأديان من مختلف دول العالم.
وانطلقت أعمال الملتقى بعزف السلام الملكي، ثم تلاوة آيات بينات من القرآن الكريم، ثم ألقى رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة كلمة نقل خلالها تحيات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، للمشاركين في الملتقى، وتمنياتهما لهم بالتوفيق والنجاح.
وتقدم بالنيابة عن المشاركين بالشكر لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم على هذه المبادرة الكريمة، والتي من شأنها أن تدعم قيم الخير والتعايش للعالم أجمع من أمن وسلام ومحبة ووئام.
وأعلن عن تفضل صاحب الجلالة الملك المعظم، بإنشاء جائزة الملك حمد الدولية للحوار والتعايش السلمي تأكيداً على أهمية الحوار والتفاهم والتعاون المشترك بين الدول، ودعماً من جلالته لكافة جهود الخير والسلام والتقارب بين كل البشر دون تمييز، وهو ما دعت إليه الأديان السماوية وتنظمه القوانين الدولية من أجل رفعة الأمم والشعوب.
وأعرب الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة عن ترحيبه بمشاركة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين وقداسة البابا فرانسيس رئيس الكنيسة الكاثوليكية، مقدراً عالياً جهود مجلس حكماء المسلمين والفاتيكان ومشاركتهما في تنظيم هذا الملتقى الكبير، سائلاً الله عز وجل أن يأخذ بأيدي الجميع للإسهام في خدمة الإنسانية من خلال حوارات رصينة تكرس التعايش وثقافته وأسسه في التعاطي حول العالم، وتجعله رسالة حقيقية تتبناها الحكومات والمنظمات والشعوب.
وأكد أن البحرين حظيت بجغرافيا متميزة وموقع استراتيجي مهم، حيث كانت عبر العصور ملتقى حضارياً لمختلف الحضارات القديمة ومركزاً حيوياً لخطوط التجارة والملاحة، مما جعل أهلها منفتحين على التعاطي البناء مع مختلف الأديان والمذاهب والمعتقدات والأفكار والثقافات والحضارات.
وأشار إلى أن الشواهد الحضارية تبرز كشاهد على تلك الصورة الناصعة، التي يتجاور فيها المسجد والمأتم والكنيسة والكنيس والمعبد، ويمارس فيها كل فرد أو جماعة عباداتهم وطقوسهم العبادية بكل حرية وأمان، وبذلك تجذَّرت قيمة التعايش باعتبارها جزءاً من الثوابت الأصيلة للإنسان البحريني، ومرتكزاً رئيساً للتعاطي العام والعمل الوطني والاجتماعي.
وشدد على أن العمق الحضاري للبحرين، والتاريخ الإنساني فيها، هما من أهم مقومات التعايش فيها، مشيراً إلى عاملين أساسيين لإشاعة التعايش وديمومته ورسوخه في المجتمعات، أولهما احترام الخصوصيات الدينية والمذهبية؛ إذ إن احترامها يجعل البلدان والدول مستوعبةً للتعددية فيها، بل إنها تجعل من التعددية عاملاً حضارياً للبناء والتنمية، وهو ما حرصت على ترسيخه بلادنا منذ زمن بعيد.
ونوه الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة، إلى أن ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين وقوانيننا الوطنية تصون هذه الخصوصية، وتؤكد عليها، وقد حرصت البحرين على جعل تشريعاتها وأنظمتها متوائمة مع هذا التنوع، ففي قضايا الأحوال الشخصية أو الأحكام الأسرية مثلاً؛ يتحاكم كلُّ فردٍ بحسب دينه ومذهبه، وكذلك الحال فيما يتعلق بالأوقاف الإسلامية.
وأشار الشيخ عبدالرحمن بن محمد، إلى أن العامل الثاني هو الحرية الدينية، حيث تتمتع البحرين بحريات دينية واسعة لا تقتصر على منحها فحسب، بل تتعداه إلى دعم تلك الحريات والشعائر، وكفالتها ومساندتها وترسيخها، باعتبارها وجهاً حضارياً للبلاد وأهلها، فصارت البحرين نموذجاً عالمياً يُحتذى في هذا المجال.
وأوضح أن البحرين تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث نسبة عدد المساجد والجوامع ودور العبادة قياساً إلى عدد سكانها ومساحتها، حيث يمارس الجميع شعائرهم الدينية في إطار من التعايش البناء.
ولفت إلى أنه مع إطلالة القرن الحادي والعشرين، كانت البحرين على موعدٍ مع التاريخ بقيادةٍ استثنائيةٍ حكيمةٍ من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، الذي دشَّن عهده الزاهر بإطلاق مشروع وطني إصلاحي تنموي شامل؛ يبني على ثوابت البلاد وقيمها وهويتها وعاداتها وتقاليدها، صاغه جلالته برؤية ثاقبة، وأسس صلبة متماسكة.
وأضاف أن البحرين حملت بقيادة جلالته رسالة التعددية والتعايش والسلام لتبثها في العالم كله، مصافحةً بذلك كل الجهود الدولية في هذا المضمار؛ انطلاقاً من إيمانها الراسخ بأهمية هذه الرسالة ليعم الخير أرجاء المعمورة.
وأشار الشيخ عبدالرحمن بن محمد، إلى أن جلالته أطلق سلسلةً من المبادرات السامية في هذا المجال؛ ومن أهمها إنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، وتدشين كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي بجامعة سابينزا الإيطالية العريقة، وتوقيع إعلان مملكة البحرين في الولايات المتحدة، وإطلاق مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية. بالإضافة إلى دعوة جلالته لفضيلة شيخ الأزهر الشريف وقداسة بابا الفاتيكان للمشاركة في أعمال هذا الملتقى المبارك.
وأكد أن مملكة البحرين وقيادتها الحكيمة حملت رسالة التعايش والسلام بكل حرصٍ وإيمانٍ ووفاءٍ، لتكون منارةً لبث هذه القيم النبيلة، ومركزاً لمبادراتٍ عالميةٍ استباقيةٍ نوعيةٍ في هذا المجال؛ إيماناً بما لهذه القيم الإنسانية السامية من دورٍ وإسهامٍ فعَّالٍ في خير العالم وأمنه ونهضته، وستبقى مملكة البحرين بقيادة مليكها المعظم أيده الله وفيةً ومخلصةً لهذه الرسالة السامية والنبيلة، رائدةً معطاءةً فيها، يشهد لها التاريخ فيها برسوخ القدم وصدق النية والعزيمة، نحو عالم أكثر سلماً وسلاماً وأماناً.
ودعا الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة الجميع، إلى التكاتف والتعاون لدعم قيم الخير والتعايش والسلام، والتصدي بكل مسؤولية لدعاة الفتنة والتحريض والكراهية.
فيما ألقى رئيس جمهورية تتارستان، رستم مينيخانوف، كلمة أعرب فيها عن خالص الشكر والتقدير لجلالة الملك المعظم على هذه المبادرة والدعوة إلى عقد الملتقى، لاسيما وأن قضية الحوار بين الأديان والثقافات تعد أمراً مهماً جداً للعالم في هذه المرحلة التي يمر فيها بأوضاع صعبة ومعقدة، مشيراً إلى أن الملتقى يمثل فرصة للاستماع إلى مختلف الآراء القيمة حول سبل التعايش والوئام الاجتماعي بين الثقافات والديانات المختلفة.
واستعرض تجربة تتارستان في تعزيز التعايش بين جميع الأطياف والمكونات التي تعيش على أرضها، وما تمتلكه من إرث حضاري وتاريخي يقوم على التنوع والتعدد والاحترام المتبادل، والجهود التي تقوم بها لدعم هذه القيم الإنسانية، مشدداً على أهمية هذه القيم في تحقيق التقدم والنماء للشعوب.
أما وزير التسامح والتعايش بدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، عبر في كلمة عن الشكر والامتنان لراعي الملتقى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وذلك تقديراً صادقاً لحرص جلالته على نشر وتأكيد مبادئ التسامح والتعايش السلمي، والاحترام المتبادل بين الجميع.
كما أعرب عن الشكر والتقدير لمملكة البحرين لاستضافتها لهذا الملتقى، والذي يعكس ما تتسم به المملكة من ريادة وتميز في الحوار والتسامح والتعايش والسعي إلى بعث الأمل والثقة، في مستقبل العالم.
ولفت الشيخ نهيان بن مبارك، إلى أن هذه النخبة المتميزة من المفكرين ورموز وممثلي الأديان حول العالم يعبرون بوجودهم في هذا الملتقى عن أننا جميعاً أعضاء في مجتمع إنساني واحد نعمل سوياً من أجل تحقيق حياة حرة وكريمة للجميع في كل مكان.
وأشار إلى أن الملتقى يؤكد من جديد على ضرورة أن يكون الطابع الروحي للأديان، والقيم الإنسانية التي يشترك فيها البشر في كل مكان، أساساً لإحداث تغييرات قانونية، وأدبية، وأخلاقية، وسلوكية، واقتصادية، في حياة الناس، تحقق التعارف والحوار والعمل المشترك بين الجميع، لما فيه مصلحة الجميع.
وتطرق إلى جهود دولة الإمارات برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في دعم قيم التسامح والتعايش.
من جانبه، شدد رئيس أساقفة القسطنطينية بالجمهورية التركية قداسة برثلماوس الأول البطريرك المسكوني، على أهمية الحوار في مواجهة التحيز والتعصب وسوء فهم الأخر وما لذلك من آثار سلبية على السلام، مشدداً على أهمية بذل من الجهود الإنسانية المشتركة التي تعزز من قيم الحوار وتسهم في ترسيخ التعايش بما يسهم في التغلب على الأزمات.
في حين ألقى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، كلمة أعرب فيها عن شكره لجلالة الملك المعظم ولمملكة البحرين على تنظيم الملتقى، والمبادرة التي تهدف إلى خدمة الإنسانية والقيم البناءة المشتركة بين الأديان من أجل التعايش السلمي والتسامح بين الجميع.
وأكد أن الملتقى يكتسب أهمية بالغة على مستوى الأفكار التي تساند القيم التي تنادي باحترام الاختلاف العرقي والديني والتعدد الثقافي، مستعرضاً الجهود التي تقوم بها منظمة التعاون الإسلامي في ترسيخ مبادئ الحوار وما توليه من اهتمام بكل ما من شأنه أن يحقق السلام والاحترام المتبادل بين الأديان ورفعة قيم المحبة والتسامح بين مختلف الأمم والشعوب.
بينما أعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات ميغيل أنخيل موراتينوس في كلمة، عن سعادته بالمشاركة في الملتقى والتي تأتي في إطار رؤى مملكة البحرين بقيادة جلالة الملك المعظم في دعم قيم التعايش واحترامها للتنوع الثقافي والتعددية الدينية وما تشكله هذه القيم من أولويات في نهج مملكة البحرين.
وأشاد بالجهود التي يقوم بها جلالة الملك المعظم في سبيل دعم الجهود الدولية الرامية إلى نبذ التطرف والعنف والكراهية، منوهاً إلى ما تحظى به مملكة البحرين من تاريخ وحاضر يقوم على احترام الحريات والتعددية الثقافية والدينية. كما تطرق إلى احترام الدين الإسلامي لقيم التعايش واحترام الآخر وكل ما يخدم الإنسانية ويدفعها إلى التقدم.
وتم عرض فيلم عن تاريخ مملكة البحرين وقيمها الحضارية التي تميزت بها عبر العصور من تعايش وسلام، حتى أصبحت قبلة حاضنة لكل الثقافات، وما وصلت إليه من تطور في هذا المجال في ظل العهد الزاهر لجلالة الملك المعظم.