تحتفل مملكة البحرين بـ "يوم الشرطة" في 14 من ديسمبر من كل عام، تقديرا للدور الوطني الكبير الذي ينهض به رجال الشرطة في بسط الأمن والاستقرار وبث الطمأنينة في المجتمع، وترسيخ جهود النماء والتقدم، فهم الدرع الذي يحمي ويصون مقدرات ومنجزات الوطن، وهم المثال والقدوة في التضحية والفداء، بما يسطروه من مواقف وتضحيات خالدة في ذاكرة ووجدان الوطن، لتروي للأجيال في الحاضر والمستقبل عن شجاعتهم وبطولاتهم في الذود عن وطنهم، وتستلهم من رسالتهم النبيلة وعيونهم الساهرة التي تحرس في سبيل الله قيم ومعاني الشجاعة والصمود والكبرياء.

ويحمل الاحتفال بيوم الشرطة البحرينية العديد من الدلالات، التي تعكس المكانة والاحترام الذي يتمتع به رجال الشرطة، وما تحظى به عطاءاتهم وتضحياتهم من تقدير على المستوى الوطني ككل، انطلاقا من عظم المسئولية الملقاة على عاتقهم، ودورهم الحيوي في تعزيز منظومة الأمن وبسط الاستقرار، والذي يعد العنصر الأهم في مواصلة جهود التنمية، وذلك وفق المبدأ الثابت لمعادلة التنمية بأنه لا تنمية بدون أمن، ولا أمن بدون تنمية، فالأمن هو الدرع الحامي للتنمية والداعم والمحرك لها.

وقد عمل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، على ترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية في مملكة البحرين، وفق رؤية شاملة، حرص جلالته أيده الله من خلالها على السير بخطى ثابتة وواضحة أسهمت في تعزيز مسيرة النماء والخير والعطاء، عبر ترسيخ دولة القانون والمؤسسات والتأكيد على الالتزام بالقانون والنهوض بالرسالة الأمنية النبيلة، التي تكفل تماسك الجبهة الداخلية وحفظ الوحدة الوطنية، باعتبارها الأساس في تحقيق الأمن والاستقرار الوطني.

ووفق هذه الرؤية السامية، نجحت وزارة الداخلية ورجالها البواسل في تحقيق العديد من المنجزات بفضل الدعم غير المحدود الذي تحظى من لدن جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، و الرعاية والمساندة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، لتوفير وضمان الإمكانات والموارد اللازمة لتحقيق الجاهزية العالية والأداء الاحترافي المتميز لرجال الأمن، بما يواكب أحدث النظم الأمنية على المستوى العالمي، ومن أجل تقديم الخدمات الشرطية والأمنية على مستوى عال من الاقتدار والتخصص والانضباطية، والارتقاء بكفاءة رجال الأمن وقدراتهم في مواجهة مختلف التحديات الأمنية.

ومن أبرز المنجزات التي حققتها منظومة الأمن البحرينية خلال العام 2022، ما عكسته التقارير الأمنية من إحصاءات إيجابية فيما يتعلق بمعدل الجريمة في البحرين، حيث انخفض المعدل العام للجريمة على مدى السنوات الأربع السابقة، بنسبة 30%، وفق ما أعلنه الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، خلال اللقاء المجتمعي مع أصحاب وممثلي المجالس في المملكة في شهر سبتمبر الماضي.

وقد عكس هذا الإنجاز الأمني المتميز، ما حققته رؤية صاحب الجلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه، في جعل المواطن الهدف الأسمى للمسيرة التنموية الشاملة، من خلال توفير سبل الحياة الكريمة للمواطنين في أجواء من الطمأنينة والأمان؛ وكفالة مختلف حقوقهم السياسية بعدالة ومسؤولية، الأمر الذي جعل من المواطن البحريني شريكا رئيسيا في جهود النماء والتقدم وحفظ الأمن والاستقرار.

وشكل الاستحقاق الانتخابي الذي شهدته مملكة البحرين مؤخرا، تجسيدا واقعيا لأهمية الدور الأمني في ترسيخ منظومة الحقوق والحريات التي تنعم بها مملكة البحرين، وذلك من خلال جهود رجال الأمن ومساهمتهم البارزة في ضمان إجراء العملية الانتخابية في أجواء من الأمن والطمأنينة، والتي هيأت للجميع الإدلاء بأصواتهم بكل حرية ويسر، وهو ما ترجمته نسب المشاركة الكبيرة في الانتخابات والتي فاقت جميع نسب المشاركة خلال الانتخابات السابقة، حيث بلغت 73 %.

كما كان لرجال الأمن البواسل دورهم المشهود ضمن الجهود الوطنية لمواجهة جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19)، حيث شكلت وزارة الداخلية وعبر أجهزتها المتعددة أحد أهم الخطوط الدفاعية الوطنية في مواجهة هذه الجائحة، ضمن جهود فريق البحرين بقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله لحفظ سلامة المجتمع، إذ عملت وزارة الداخلية على ضمان الأمن والاستقرار المجتمعي، وصولا إلى مرحلة التعافي من الجائحة وعودة الأمور إلى نصابها الطبيعي في مختلف مناحي الحياة بالمملكة.

وفي سياق تعزيز الأمن المجتمعي والشراكة المجتمعية كذلك، فقد أثبتت العديد من البرامج والمبادرات الفاعلة لوزارة الداخلية كفاءة وفعالية، ومنها العقوبات البديلة والسجون المفتوحة، وهما البرنامجان اللذان تنفذهما الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام والعقوبات البديلة، حيث ساهمت العقوبات البديلة في خفض العودة للجريمة بنسبة بلغت 33.3%، فيما تراجعت معدلات الإخلال في تنفيذ العقوبات البديلة بنسبة 71.3% خلال عام 2021 وبلغ عدد المستفيدين 4413 شخصا.

وعملت وزارة الداخلية على العديد من البرامج الأخرى التي استهدفت تعزيز الانتماء الوطني وقيم المواطنة، عبر تقديم مجموعة من الخبرات الممنهجة في إطار من التفاعل الإيجابي لتعزيز القيم وترسيخ المفاهيم الخاصة بالأمن المجتمعي والفكري، ومنها مبادرات الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة "بحريننا"، التي شملت إقرار 107 مبادرات، ومبادرة "فاعل خير" التي تعنى بمد جسور التواصل بين أصحاب الأيادي البيضاء من المتبرعين المحسنين والمتعثرين والمعسرين ممن صدرت بحقهم أحكام قضائية أو جنائية، واستفاد منها 429 حالة، إضافة إلى برنامج "التعافي" الذي تم تدشينه عام 2018 بهدف تحصين الشباب وتحقيق تعافيهم من آفة المخدرات ليكونوا عناصر صالحة للمجتمع والمحافظة على كيان الأسرة، وكذلك برنامج مكافحة العنف والإدمان "معا " والذي تنفذه إدارة الوقاية من الجريمة وشرطة خدمة المجتمع ، حيث أسهم البرنامج في انخفاض السلوكيات في المدارس بنسبة 56.5%، إلى جانب إدخال مناهج جديدة منها الأمن السيبراني والتعايش السلمي ومكافحة التطرف.

وقد حظيت جهود وزارة الداخلية بتقدير ملكي رفيع، تعبيراً عن الاعتزاز والتقدير للدور الفاعل للشرطة في حفظ أمن البلاد واستقرارها، حيث أمر صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، خلال الاحتفال بمئوية شرطة البحرين، باستحداث "الوسام الملكي للشرطة"، ويمنح للذين قدموا أعمالاً أمنية استثنائية أظهروا فيها الشجاعة والبسالة، وكذلك وسام "الخدمة الأمنية المميزة"، لمن لهم سجلاً حافلاً بالعطاء والإنجاز ويتحلون بأخلاقيات العمل الأمني، وهو الأمر الذي يجسد حرص جلالته أيده الله على التكريم والاحتفاء بكل السواعد والكوادر الوطنية في مختلف ميادين العمل الوطني باعتبارهم الثروة الحقيقة للوطن، والضمانة الأكيدة لأمنه واستقراره ونماءه.

إن الاحتفال بيوم الشرطة البحرينية، والتي تمتلك إرثا يمتد لأكثر من 100 عام، هو فرصة للتعبير عن معاني التقدير والامتنان لرجال الأمن وتضحياتهم الخالدة ودورهم الفاعل في إرساء الأمن والسلام؛ ومناسبة لتوجيه التحية والاحترام لكل رجال الأمن على جهودهم المتواصلة للحفاظ على استتباب الأمن وبث الطمأنينة والسكينة في نفوس أبناء المجتمع، وجعل مملكة البحرين واحة للأمن والاستقرار والتعايش السلمي.