يمثل السابع عشر من شهر ديسمبر من كل عام يومًا من أيام الوطن المجيدة التي خصصها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه يومًا للشهيد تخليدًا ووفاءً وعرفانًا بتضحيات وعطاء وبذل شهداء الوطن، الذين أدوا مهامهم وواجبهم الوطني في كافة الميادين العسكرية والمدنية والإنسانية.

لفتة كريمة سامية من جلالة الملك المعظم حفظه الله بربط هذه المناسبة بأسمى أيام الوطن وهي ذكرى أعياده الوطنية المجيدة، كون الشهادة من أجل الوطن هي أسمى درجات البذل والفداء، ومحل فخر واعتزاز.

وفي موسم الأعياد الوطنية وفي غمرة الاحتفالات بإحياء ذكرى قيام الدولة البحرينية في عهد المؤسس أحمد الفاتح كدولة عربية مسلمة عام 1783 ميلادية، وذكرى تولي حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم، يأتي الاحتفاء بشهداء الواجب الأبرار من أبناء البحرين، لتبقى ذكراهم حاضرة في وجدان الوطن وضميره، ونبراسًا مضيئًا للأجيال القادمة لتعلم دروس حية في معاني البطولة والوطنية والعطاء بلا حدود أو مقابل.

ومنذ أن أصدر صاحب الجلالة الملك المعظم مرسوماً بتخصيص يوم 17 من ديسمبر من كل عام يومًا للشهيد، وأبناء البحرين يستذكرون هذه المناسبة بكثير من الامتنان والتقدير والعرفان بالجميل، مقرونة بالدعوات الخالصة لكل شهداء الواجب، والذين أدوا واجبهم تجاه الوطن بكل أمانة وإيثار دون تردد، مستلهمين من بطولاتهم قصصًا لا تنتهي تعكس قيم التضحية والانتماء والولاء للقيادة والوطن.

إن مملكة البحرين لا تنسى أبناءها، لاسيما أبطالها الكرام ممن بذلوا النفس والدماء الزكية فداء لترابها واستقرارها وأمن شعبها واستدامة رخائه، فقد أمر جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، بتأسيس الصندوق الملكي لشهداء الواجب" عام 2016م برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ، ليضع أساسًا ثابتًا وإطارًا مؤسسيًا يحظى بالرعاية الملكية السامية والمتابعة المباشرة من صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء للعمل على وضع البرامج والمبادرات التي يتم من خلالها تقديم الرعاية والدعم والمساندة لأبناء وأسر شهداء الواجب، والحرص على إتاحة المجال أمامهم للمشاركة المجتمعية الفاعلة والمتميزة في كافة المناسبات والاحتفالات الوطنية ، مما ترك أثرًا طيبًا في نفوسهم ومزيدًا من مشاعر الفخر والاعتزاز والزهو بالإرث المُشرف الذي تركه لهم ذووهُم من شهداء الوطن ما حيوا، ولكي تظل هذه المناسبة تكريمًا أصيلاً ويومًا يتجسد فيه الترابط بين جميع أبناء الشعب البحريني الذي لا ينسى شهداءه ممن ارتقوا بكل فخر وسلام .

ومن أبرز الرموز الأيقونية التي تميز الاحتفاء بذكرى يوم الشهيد وتدلل عليه، هو ارتداء شارة "زهرة الرازجية" القماشية أو المعدنية التي تثبت على الصدر من جهة اليسار . وتتكون من زهرة الياسمين البحريني البيضاء المعروفة في اللهجة البحرينية باسم "الرازجية"، تحتضنها سعفة نخيل خضراء، في دمج للونين الأبيض والأخضر رمزًا للسلام الذي دافع عنه شهداء البحرين وقدموا أرواحهم فداء له ، كما اختير موقع تثبيتها في يسار الصدر لكي تكون قريبة من قلب كل مواطن وهو يرتديها اعتبارًا من يوم 9 إلى 17 ديسمبر من كل عام احتفاء بهذه المناسبة، والتي تتزامن مع أعياد البحرين الوطنية .

إن مملكة البحرين وهي تحتفي بيوم الشهيد فإنها تؤكد أنها بحق بلد الكرام الذي يخلد ذكرى أبنائه ممن قدموا حياتهم في ساحات العز والشرف التي شاركت فيها المملكة بكثير من المهام الدفاعية العسكرية وذات الطابع الإنساني، والتي أسفر بعضها عن تقديم شهداء من أبنائها المخلصين في سبيل الذود عن حياض الوطن والتمسك بمواقف المملكة الثابتة في الدفاع عن الحقوق والقضايا العادلة، ودرءًا للخطر المحدق بشعبها أو أشقائها من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمتين العربية والإسلامية، بل والإنسانية جمعاء متى اقتضت الضرورة ، في إطار المواثيق والأعراف الدولية الداعية إلى إرساء الأمن والسلم الدوليين.

فسلاماً لأرواح شهداء الوطن النفيسة، وسيرتهم العطرة ستبقى خالدة أبد الدهر، وطوبى لمستقرهم الرفيع في جنان الرحمن بإذن الله تعالي.