نوف ضاحي ضعف الرقابة في تطبيقها فتح شهية التجار لرفع الأسعار..تباينت آراء المواطنين بين مؤيد ومعارض لفرض القيمة المضافة على مختلف السلع في المملكة، ففي ما يرى البعض أن ضريبة القيمة المضافة التي تصل إلى 10% قد تغير من السلوك الشرائي للفرد البحريني لجهة أن المستهلك سيركز في شراء الأساسيات ويهمل الكماليات والأمور الترفيهية، يؤكد آخرون أن هذه الخطوة من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار خاصة في ظل تراجع وضعف الجانب الرقابي على الأسواق.كما يرى البعض أن القيمة المضافة لها وجه إيجابي من حيث المساهمة في حل مشكلة البطالة وإيجاد فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل وتحفيز الاقتصاد.وأكد مواطنون أن بعض التجار استغلوا الضريبة لفرضها على سلع غير مشمولة خاصة مع ضعف الرقابة.وقال الدكتور علي عمران الأستاذ بالجامعة الأهلية إن القيمة المضافة قد تغير سلوك الفرد البحريني وسلوكه الشرائي، فالمستهلك البحريني نظرا لتركيزه الشديد في القيمة المضافة يجنح إلى شراء الأساسيات ويهمل الكماليات والأمور الترفيهية، فيتوجه أفراد المجتمع إلى الأشياء الأساسية ويهملون الكماليات في العملية الشرائية، مبينا أن أهمية القيمة المضافة لأفراد المجتمع البحريني أنها تخلق فرصاً ووظائف جديدة يمكن أن تحل مشكلة البطالة فيجد الشباب العاطلون لهم في القيمة المضافة وظائف تحل مشاكلهم، ولعلها أن تكون سبباً في نقلهم من عمل إلى العمل، ولعل هذين العاملين هما الأهم والأبرز في التأثير في هذا المجال مؤكداً أن زيادة القيمة المضافة ستؤثر في الاستثمار في مملكة البحرين لأنها تؤدي إلى عزوف المستثمرين من الخارج.من جانبه ذكر الخبير الاقتصادي عارف خليفة، أن ضريبة القيمة المضافة والتي يجب أن يدفعها المستهلك بالنهاية أدت إلى ارتفاع الأسعار للسلع والخدمات ليس فقط للسلع الضريبية، ولكن حتى للسلع المعفاة وهذا أدى بالطبيعة إلى حتمية انخفاض القوة الشرائية للمستهلك النهائي مع تأثر السلوك الاستهلاكي وتغييره بنسبة ضئيلة جدا من خلال تقليل المستهلك لشراء السلع والخدمات غير المعفاة وهي عادة ما تكون السلع الكمالية والتركيز على السلع الضرورية.وأكد خليفة أن نسبة الـ 10% لها تأثير كبير جداً على أفراد المجتمع البحريني سواء من المواطنين أو المقيمين، حيث بدأت تكون علامة فاصلة في موضوع اختيار شراء واستهلاك السلع والخدمات المعفاة من غيرها وكنا نأمل فعلاً ألا تتأثر أسعار السلع المعفاة ولكن للأسف لضعف مراقبة أسعار السلع والخدمات المعفاة ارتفعت أسعارها بالتوازي مع السلع الضريبية بالإضافة للعوامل العالمية الأخرى والمحلية والتي أدت لارتفاعها بتضخم مفرط.في ما بين حسين آل إسماعيل مقدم الأخبار في تلفزيون البحرين: «على الرغم من أهميـة الضرائب كأحد المصادر الإيرادية للدخل، إلا أن فرض الضرائب يؤثر بلا شك على الأعباء الملقاة على دافعي الضرائب، وإذا ما رجعنا ما حـدث في تجارب الدول الأخرى سنلاحظ أنها أثرت على رفاهية المواطن نوعاً ما، وأثرت على مستويات دخول الأفراد نتيجة ارتفاع الأسعار لمستويات غير مسبوقة وبشكل أثر على الرفاهية الاقتصادية، لذا تسعى الحكومة جاهدة لوضع بعض الحلول للتقليل من حدة هذه الآثار.إلى ذلك ترى الباحثة القانونية عالية الهملان أن هناك العديد من الدول بدأت تتجه إلى فرض ضريبة القيمة المضافة، وتُعتبر دولة ألمانيا أول دولة بدأت فرض ضريبة القيمة المضافة في 1919، وبعد ذلك وبالتدريج أصبحت ضريبة القيمة المضافة من شروط عضوية المجموعة الاقتصادية الأوروبية، وتم اعتماد هذه الضريبة في جميع الدول الأوروبية في 1967. وتُشير الدراسات الاقتصادية إلى أن ضريبة القيمة المضافة «نوع من ضرائب الاستهلاك التي توضع على المُنتج في مراحل إنتاجه حتى عند بيعه»، ومعنى ذلك أن من يتحملها المستهلك الذي يدفعها من راتبه «ما يؤثر عليه وعلى أسرته ويضعف قدرته الشرائية». ويعني ذلك بالضرورة أن القيمة المضافة تُؤثر على المواطنين أصحاب الدخل المحدود وعلى طريقة حياتهم الاستهلاكية دون الأغنياء وذوي الرواتب العالية، وحتى يستفيد المواطن استفادة حقيقية وتامة من راتبه المحدود فإنه بالتأكيد سوف يذهب لشراء السلع الأقل سعراً من السلع المتشابهة وبكميات أقل بما يتوافق مع قدراته المالية.وشددت الهملان على ضرورة أن يتسلح المستهلك بثقافة شراء الأفضل من السلع والخدمات، من خلال البحث عن المكان الأفضل لشراء السلعة المطلوبة، فالسعر أحياناً يختلف بحسب اختلاف تكلفة الشراء وبلد المنشأ ومقدار القيمة المضافة على السلعة. من جانب آخر قد يستغل بعض التجار والشركات فرض الضريبة المضافة ليرفعوا من أسعار سلعهم خصوصا إذا لم تكن هناك مراقبة جادة وفاعلة من قبل وزارة التجارة والصناعة، لذا فإنه بمقارنة المستهلك أسعار السلع في أكثر من مكان سيتعرف على السعر الحقيقي للسلعة ويُجنبهُ ذلك دفع سعر أعلى.من جانبها ذكرت الصحفية والإعلامية بدور المالكي أن مملكة البحرين طبقت فرض رسوم القيمة المضافة مضطرة لأسباب اقتصادية ملحة محلياً وخليجياً وعالمياً، وقد كانت البداية من خلال فرض 5%، ثم ارتفعت إلى 10% في يناير 2022 وقد جاء هذا الارتفاع الضريبي تحت مظلة برنامج التوازن المالي في المملكة، فالبحرين تواجه عجزا ماليا في الموازنة منذ سنوات بسبب انخفاض وتدني أسعار النفط عالميا لفترة طويلة مع علمنا جميعا أن البحرين هي الدولة التي تمتلك أصغر احتياطي ومخزون بترولي على مستوى دول الخليج الشقيقة، ولم يحظ قرار زيادة الضرائب بقبول بين المواطنين، ولكن الضريبة لن تشكل عبئاً كبيراً على المواطن لأن السلع والخدمات الأساسية كالمواد الغذائية والتعليم والصحة هي معفاة من ضريبة القيمة المضافة، لذلك لن تشكل تأثيراً كبيراً على المواطن والأسر البحرينية، ولم تكن المملكة هي الوحيدة التي طبقت أو فرضت ضريبة القيمة المضافة فكل دول العالم تطبق القيمة المضافة، وهناك عدد من دول الخليج فرضت الضريبة المضافة وطبقتها، وأن رؤية السعودية 2030 يظهر فيها إصرار كبير على تنويع مصادر الدخل للمملكة، وهذه الاستراتيجية تبين أن هناك توجها لفرض الضريبة في أي حال من الأحوال. لا ننكر أن هناك بعض الأسر ذات الدخل المحدود والفقيرة سيكون هذا القرار «كارثة» بالنسبة إليها، ولكن لا بد هنا من دور فاعل وحراك شعبي للجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني في دعم هذه الأسر، ليس من خلال الدعم المالي فقط، وإنما من خلال برامج توعوية وتثقيفية تمكن الأسر من مواجهة فرض القيمة المضافة والتداعيات والأعباء الجديدة التي فرضتها على دخلها ومصروفها الشهري، ولذلك عليها ترشيد الإنفاق في الاستهلاك السابق وحساب التبعات المالية والاجتماعية المترتبة على الأسرة وأفرادها وإعادة النظر في التخلي عن الكثير من الحاجات الاستهلاكية غير الضرورية أو ملحة التي كنا نستخدمها. من جهتها أكدت الكاتبة الصحفية رجاء مرهون أن مضاعفة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 10% ألقت بظلالها سلبا على أنماط الاستهلاك المحلية دون أدنى شك. وأردفت: أن «مضاعفة الضريبة جرى في وقت ما زال الاقتصاد يعاني من التبعات المؤلمة لجائحة «كورونا» وأزمة الشحن وارتفاع الأسعار وبالتالي جاءت خطوة مضاعفة الضريبة لتؤثر سلبا على عمليات الشراء، فهذه النوعية من الضرائب تصنف كضريبة استهلاك. وأضاف: آمل أن تكون أي خطوة مستقبلية لفرض ضرائب متوائمة مع أحوال البحرينيين المعيشية والواقع الاقتصادي لدول مجلس التعاون الذي يشكل الكيان الاقتصادي المشترك لنا، وتوسيع قائمة السلع والخدمات المستثناة من ضريبة القيمة المضافة وعلى رأسها بعض السلع الدوائية والأغذية ومكملاتها».بينما قال نائب رئيس الإعلام والعلاقات العامة في الاتحاد الحر لنقابات عمال البحرين عبدالله المعراج، إن القيمة المضافة أثرت على القدرة الشرائية بشكل كبير على شريحة واسعة من المواطنين خصوصاً ذوي الدخل المحدود والشريحة المتوسطة التي أصبحت تتآكل لتنضم إلى شريحة ذوي الدخل المحدود، حيث إن إضافة إلى الضريبة المضافة تأتي الأسعار ملتهبة على أغلب السلع فلا يوجد رقابة حقيقية على السلع بحجة أن السوق بمملكة البحرين سوق مفتوح!!!، بينما نرى دولاً أخرى شقيقة لديها ضريبة القيمة المضافة والبعض منهم قيمتها أرفع مما لدينا لكن لم تؤثر بالشكل الكبير على شرائح المواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط والسبب يعود لوجود بدائل من زيادة في الدعم المقدم إضافة إلى وجود رقابة صارمة على الأسعار وأن أي تاجر إذا أراد زيادة في السلع عليه تقديم طلب رسمي للجهات المعنية للنظر فيه لا أن يكون بحسب أهوائه وبمزاجه. نتمنى أن تكون الأخبار المتداولة عن زيادة القيمة المضافة مع بداية السنة القادمة مجرد إشاعة، وأيضاً يجب أن يكون هناك مناقشة بشأن القيمة المضافة مع السلطة التشريعية بحسب ما تقتضيه المرحلة لا أن تكون موجودة الضريبة وزيادتها للأبد، نعلم لكل مرحلة ظروفها ولكن يجب أن يكون هناك وقت معلن لكل بداية مشروع ونهايته كمشروع ضريبة القيمة المضافة.ويقول حبيب ضيف موظف في قطاع خاص إن القيمة المضافة تؤثر على المواطنين ذوي الدخل المحدود وعلى طريقة حياتهم الاستهلاكية دون الأثرياء والمستثمرين وذوي الرواتب الرفيعة، وحتى يستفيد المواطن استفادة حقيقية وتامة من راتبه المحدود فإنه يقيناً سيذهب لشراء السلع الأقل سعراً من السلع المتشابهة وبكميات أقل بما يتوافق مع قدراته المالية.من جانبها قالت سمر حبيب: «من المعروف بعلم الاقتصاد أن الضرائب نوعان: الأول وهي الضرائب تقتطـع مـن الدخـل مباشرة والنوع الثانــي مــن الضرائــب فهــي الضرائــب غيــر المباشــرة؛ فلا تقتطع مباشــرة مــن دخــل عناصــر الإنتاج، وإنمــا تفــرض كبــدل خدمـات تقدمهـا الدولـة، أو تفـرض علـى الاستهلاك، وعليـه، تعـد ضريبـة القيمـة المضافـة مـن الضرائـب غيـر المباشـرة كبقية الشعوب والأمم فإننا نتطلع لحياة رغيدة ومستقبل يوفر لنا ولأبنائنا الحياة المستقرة».وأضافت: «أن التغير هو من عناصر التكوين فكان لا بد من مواكبة التغيرات ومجاراتها وكبقية الحكومات وتماشيا في مصاف الدول المتقدمة لجأت الحكومة بالتعاون مع نظيراتها دول الخليج العربي لاتباع هذه الاستراتيجية كنوع من التدعيم لإنفاق الحكومي. وكوننا مجتمعاً يعتمد على النفط كدخل اقتصادي لا بد من البحث عن مصادر دخل تدعم الإنفاق الحكومي لتحقيق الخدمات لمواطن فهي مصدر إيراد بالنسبة للحكومة ومع ذلك، كان لا بد من مراعاة أن البحرين اقتصاد صغير مفتوح ومدمج وأن مستوى دخل الفرد فيها منخفض نسبة لنظائرها من دول الخليج فلا توجد مقارنة لا بين معاشات وتسهيلات المعيشة ولا بين القدرة الشرائية لذا فإن تأثير فرض 10% نسبة قد تأثر بشكل كبير على المواطن أو المستهلك بشكل عام وذلك بسبب تفاوت القدرة الشرائية وضعف المدخول حيث إن ما يدفعه المشتري من ضريبة القيمة المضافة تصاعدي مع تصاعد دخله، ولكنه انحداري في نسبته إلى الدخل».وبينت: «أن الأعلى دخلا يدفع كقيمة مطلقة أكثر، لكن نسبة ما يدفعه إلى دخله تنخفض مع زيادة الدخل والعكس صحيح مع أصحاب الدخل المنخفض هذا الوضع يستدعي تدخلا ديناميكيا في تعديل في بنية ضريبة القيمة المضافة، بما يخفف من تأثيرها على ذوي الدخول الأقل. مثلا، تزيد النسبة على السلع الأقل أهمية أو الأكثر كمالية، وتقل على عكسها، وتنعدم على سلع مختارة. على الرغم من أن الزيادة في ضريبة القيمة المضافة تبدو الخيار الأكثر قابلية للتطبيق، إلا أنه يمكن تأمين سياسات أعلى من القبول العام من خلال قدر أكبر من الشفافية في السياسة المالية. على وجه الخصوص بالضبط كما تخطينا أزمات سابقة حيث تم بناء استراتيجية البحرين الناجحة المتعلقة بفيروس «كورونا» على مداولات شفافة ومشاركة استباقية مع الجمهور، ومن شأن محاكاة هذه الجوانب في المجال المالي أن يساعد البحرين في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشكل أكثر سلاسة على المواطن والحكومة».