ناقشت دراسة حديثة في جامعة الخليج العربي محددات الابتكار المزدوج للتحول في الرعاية الصحية في مملكة البحرين. وتشهد مملكة البحرين تحولاً في السياسات الصحية يقوم على استقلالية المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية، وإنشاء نظام للضمان الصحي لكافة المواطنين والمقيمين.

ويقصد بالابتكار المزدوج، ذلك الابتكار الذي يدمج بين نوعين من السياسات وهما الابتكار الاستكشافي، والابتكار الاستغلالي. حيث يعمل الابتكار الاستكشافي على توليد أفكار، وخدمات، وإستراتيجيات جديدة؛ على عكس الابتكار الاستغلالي، الذي يركز على بناء وتوسيع الأفكار والخدمات الموجودة بالفعل.

إلى ذلك، قامت الدراسة التي أعدتها الباحثة (رباب حبيب ادريس صالح) في سياق مشروع الحصول على درجة الدكتوراه في إدارة الابتكار من جامعة الخليج العربي، بعمل 21 مقابلة مع الإدارة العليا والوسطى، إلى جانب استبانة آراء 509 من العاملين في مجال الرعاية الصحية، وجمع البيانات النوعية من مراجعة منهجية لـ 113 مقالة. معتمدة على دراسة حالة: تحول مستشفى السلمانية الطبي إلى مقدم رعاية مستقل.

غطت الدراسة مجموعة من المحاور التي سعت للتعرف على محددات الابتكار المزدوج في الرعاية الصحية، وقدرة المؤسسة على تقديم خدمات جديدة، وتحسين الخدمات الموجودة بطريقة مبتكرة، إلى جانب دور المؤسسات والأفراد في الابتكار والتحول الصحي.

وتوصلت الدراسة إلى أن الابتكار المزدوج يهدف إلى تحديث النظم، والتحول نحو استقلالية المستشفيات الحكومية وتشغيلها ذاتياً للوصول إلى الجودة والتميز، وتوسع نطاق الخدمات من حيث السعة وإدراج خدمات جديدة، الى جانب رضى المرضى عن مستوى الرعاية الصحية، وتقليل أوقات المواعيد والانتظار في المستشفى للحصول على الرعاية الصحية.

كما توصلت الدراسة إلى أن هناك اتجاهين رئيسيين للابتكار المزدوج في مجال الرعاية الصحية حيث يلعب الأشخاص (القيادات والموظفين) دوراً مهماً في الابتكار المؤسسي، إلى جانب دور العمليات والتي يقصد بها السياسات التشغيلية التي تساهم في تدفق الإنتاج وبالتالي تكوين بيئة خصبة للابتكار. وجدت الدراسة على جانب متصل أن أزمة فيروس كورونا (كوفيد-19) ساهمت في الابتكار المزدوج وتحول المستشفيات، من خلال مجموعة من الدوافع الإيجابية والتي تمثلت في القدرة الإبداعية، الرقابة والميزانيات الداعمة، والتحول الرقمي والعلاج عن بعد.

وبحسب النتائج فان الدوافع التوجيهية تتمثل من خلال التعليمات الاستراتيجية والتوجيهات الحكومية متمثلة بشكل رئيسي بتوجيهات ودعم صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الشيخ سلمان بن حمد ال خليفة حفظه الله ورعاه وخطواته الاستباقية من خلال الفريق الوطني الطبي للتصدي لجائحة كورونا و قنوات التواصل المباشرة في دعم الابتكار والتحول خصوصا في وقت الجائحة، كما ويتجلى ذلك من خلال دعم ومساندة الإدارة العليا بشكل عام والرئيس التنفيذي للمستشفيات الحكومية بشكل خاص الذي يستثمر في الأفراد ويدفع لتعزيز العمليات والخدمات من أجل إدخال خدمات جديدة.

كما شكل دافع التنافس مع المستشفيات الأخرى في السوق حاجة إلى إجراء تغييرات في سياسات المستشفى حتى تتمكن من العمل مع برنامج التأمين الصحي الوطني المخطط له، وسيتعين على المستشفيات العامة التنافس مع المستشفيات الخاصة من خلال تحسين جودة خدماتها من أجل جذب المرضى.

في المقابل، تخضع استقلالية المستشفى لدوافع معيارية داخليًا وخارجيًا من قبل الموظفين والمرضى والمواطنين، حيث يتطلع الموظفون إلى تطوير النظم والسياسات التشغيلية لتسهيل عملهم. بالإضافة إلى ذلك، يشارك الأطباء والممرضات كجزء من التغيير بأكمله، ويقدمون ملاحظات حول العمليات الحالية، ويقترحون اقتراحات للتحسين والتعزيز.

كما يقدم المرضى والمواطنين دوافع نحو الابتكار المزدوج من أجل أن تكون مستشفى السلمانية قادرة على تقديم رعاية عالية الجودة باستمرار والحفاظ على مكانتها باعتبارها أكبر مستشفى أساسي لتقديم الرعاية الثانوية في المملكة.

وأخيرا، عند تصميم وتنفيذ ركائز استقلالية المستشفى، تأثر المستشفى الحكومي بمعيار الخبرة العالمية لاكتساب رؤى إضافية من خلال مراجعة النماذج الناجحة محلياً وعالميا.

أشرف على الدراسة الأستاذ الدكتور سعود المحاميد، أستاذ نظم الأعمال الإلكترونية والابتكار بجامعة الخليج العربي. بمشاركة الدكتور ماكميلان دوروغبو أستاذ سلسة التزويد وابتكار الخدمة المشارك. والأستاذ الدكتور أحمد الأنصاري رئيس قسم التعليم الطبي بجامعة الخليج العربي.