في لقاء إذاعي ضمن برنامج "استوديو الدبلوماسية" بالتعاون مع وزارة الخارجية...
أكدت الدكتورة جهاد عبدالله الفاضل، النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى، أن الدبلوماسية البرلمانية البحرينية أسهمت في مساندة جهود السياسة الخارجية لمملكة القائمة على أسس الاعتدال والاحترام المتبادل، وبناء الصداقات والشركات مع مختلف دول العالم، وتعزيز أواصر الترابط والعمل المشترك خدمة للأهداف التي تعود بالنفع والفائدة على البحرين خاصة، وشعوب العالم عامة، مشيرة إلى الدور البارز لميثاق العمل الوطني باعتباره الوثيقة السياسية الوطنية التي شكلت حجر الزاوية في الانطلاق إلى مرحلة ديمقراطية ودستورية جديدة تتضافر من خلالها جهود كافة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والتي أرسى دعائمها الرصينة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه.
وأوضحت الفاضل أن التقدم الحاصل في الدبلوماسية البرلمانية ونتائج أعمالها يعود إلى التنشئة الصلبة للمؤسسات الدستورية، والتي أنجبت كوادر برلمانية استطاعت نيل ثقة المجتمع البرلماني في الخارج، مثمنةً حرص الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه في دعم الحياة البرلمانية، وتعزيز سلطة القضاء، وإعطاء مساحات أكبر للحريات، والتعاون المستمر والمثمر مع السلطة التشريعية، بما يرسخ مبادئ وغايات الميثاق كنهج وطني ثابت.
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتورة جهاد عبدالله الفاضل النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى، والسفير محمد عبدالرحمن الحيدان رئيس قطاع الشؤون القانونية بوزارة الخارجية، والدكتور محمد عبدالغفار سفير مملكة البحرين لدى الجمهورية الفرنسية، في البرنامج الإذاعي "استوديو الدبلوماسية" ضمن حلقة بعنوان "الدبلوماسية وميثاق العمل الوطني"، والتي تُعد بالتعاون مع وزارة الخارجية.
وفيما يلي نص اللقاء الإذاعي ضمن برنامج "استوديو الدبلوماسية" الذي شاركت فيه الدكتورة جهاد عبدالله الفاضل:
- في ظل الاحتفاء بالذكرى 22 لميثاق العمل الوطني، هذا المشروع الذي بلا شك نقل مملكة البحرين نقلة نوعية وجعلها تسابق دول العالم المتقدمة، ماذا يعني لكِ على المستوى الشخصي هذا اليوم؟
إن ما أحدثه ميثاق العمل الوطني من تحولات كثيرة تتجاوز البعد الشخصي إلى البعد الوطني، فما يدفعنا للحديث اليوم عن مشروع أُطلق قبل 22 عامًا، وتنظيم احتفالات وفعاليات من جانب جهات متعددة للاحتفاء بذكرى إطلاق الميثاق، يؤكد أن هذا المشروع ناجح بكل المقاييس، ومفعلوه مازال مستمرًا وبصدى مسموع، حيث إنه مشروع ملك ونهضة وطن، وقد آزر الشعب البحريني بمختلف أطيافه رؤية القائد والمليك، ووقف داعمًا ومؤيد للميثاق، ورسم الملامح المستقبلية من خلال صياغة بنود الميثاق، فالقائد شارك شعبه في رسم مستقبل البلاد.
وعلى المستوى الشخصي، أجد نفسي كبقية شعب البحرين، فخورة جدًا بأنني شاركت بالتصويت بنعم في بطاقة التصويت على الميثاق آنذاك، وحتى الآن نحن مستمرون في المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية، وقد حظيت بالثقة الملكية السامية بتعيني عضوًا في مجلس الشورى، ونلت ثقة الزملاء في المجلس بتزكيتي نائبًا ثاني لرئيس المجلس مع بداية الفصل التشريعي السادس، وهو ما أجده شخصيًا محصلة للميثاق.
- تعتبر ممارستنا الديمقراطية في مملكة البحرين بفضل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم زاخرة ومليئة بالتفاصيل التي تنافس الديمقراطيات العالمية، كيف تصفين ما تحقق من منجزات بفضل هذا المشروع الإصلاحي؟
مملكة البحرين تتميز منذ إقرار ميثاق العمل الوطني بالاستقرار واستدامة ديمقراطيتها، من خلال إجراء الانتخابات النيابية والبلدية لاختيار ممثلي الشعب في مجلسي النواب والمجالس البلدية في المواعيد الدستورية، ولنسأل في هذا الشأن كيف تقاس المنجزات لنعرف أثرها على المجتمع، وهو ما أكده علماء الإدارة الذين وضعوا ضوابط مثل تحديد الأهداف وتاريخ ومدد تنفيذها ومراجعتها وتقييمها. ولم تتعثر الديمقراطية طيلة الأعوام الماضية، بل على العكس شهدت تطور ورسوخ من خلال التعديلات الدستورية التي أعطيت لمجلس النواب، وعززت من الإرادة الشعبية مثل إقرار مجلس النواب لبرنامج الحكومة ورئاسة المجلس الوطني وغيرها من الأمور.
ولعل من أبرز الإنجازات التي أرسى قواعدها الميثاق هو الحضور المميز للمرأة البحرينية خلال العقدين الماضيين، والذي بلغ ذروته حين ترأست امرأة مجلس النواب خلال الفصل التشريعي الخامس، في حين مازالت مسيرة تقدم المرأة مستمرة في مواقع عديدة وعبر تقلدها مناصب ومسؤوليات رفيعة المستوى في الوزارات والمؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وكذلك في القطاع والمجتمع الخاص والأهلي.
وبالحديث عن المجلس المنتخب، وهو مجلس النواب، فإن شعب البحرين اختار 8 نساء لأول مرة لعضوية المجلس خلال انتخابات العام 2022، وهو ما يعكس الوعي المتقدم لدى الناخبين بقدرة المرأة على تمثيل صوت المواطن تحت قبل البرلمان، وأن الوظيفة التشريعية ليست حكرًا على الرجل، وهو نجده ثمرة متميزة من ثمار ميثاق العمل الوطني.
- بالحديث المجلس الوطني كأحد مخرجات ميثاق العمل الوطني، كيف تصفين أهمية هذا المجلس ضمن المسيرة التنموية؟
موضوع استئناف الحياة النيابية يمثل أحد أهم بنود الميثاق الذي جاء بتشكيل متوازن للسلطة التشريعية بالاستفادة من التجارب الديمقراطية المختلفة، من خلال تأليف السلطة التشريعية من مجلسين، مجلس تشريعي منتخب بإرادة حرة من شعب البحرين، ومجلس آخر معين من جلالة الملك المعظم يضم الخبرات المختلفة، حيث راعى الدستور وتعديلاته إعطاء صلاحيات أوسع للمجلس المنتخب تعزيزًا للإرادة الشعبية، وقد أثبتت المسيرة الديمقراطية حكمة الملك المعظم أيده الله باعتماد نظام المجلسين في تشكيل السلطة التشريعية التي ساهمت بشكل كبير في دعم ومساندة مسيرة الإصلاح والتنمية التي تشهدها المملكة، وهو ما يؤكد الرؤية الاستشرافية وبعد النظر لدى الملك المعظم في اختيار النموذج الأفضل لخصوصيتنا البحرينية.
- النقاش يقودنا للحديث عن الدبلوماسية البرلمانية وكيف أصبحت صوت الإنسان البحريني للعالم، حدّثينا أكثر عن إسهامات المجلس الوطني في التعريف بالمشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم وميثاق العمل الوطني في المحافل البرلمانية الدولية؟
لا تغيب عن أجندة النقاش في كل اجتماع برلماني عربي وإقليمي ودولي تقديم إضاءات عن المنجزات الوطنية، وكثير من الاجتماعات تشيد وتقدر المسيرة الديمقراطية البحرينية، ويتم تفنيد أي معلومات مغلوطة عن مملكة البحرين
ومشروعها الإصلاحي بردود منطقية وموضوعية تعكس الحقيقة والواقع، وما أنجزته المملكة في التنمية السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
ولو استعرضنا مثال على ذلك، الاجتماع الأخير للاتحاد البرلماني الدولي ركز عنوانه على موضوع "المساواة الجندرية بين الرجل والمرأة"، وقد جاءت مناقشات وفد مملكة البحرين البرلماني مع العديد من المشاركين من مختلف برلمانات العالم، بالتأكد على أن المرأة عنصر رئيسي وشريك في مسيرة التنمية الوطنية، وأن البحرين انتقلت من مرحلة تمكين المرأة إلى تقدمها، وأنها حافظت على مستويات متقدمة في مؤشرات سد الفجوة بين الجنسين بحسب تقرير منتدى دافوس السنوي.
- هناك العديد من المنجزات الدبلوماسية البحرينية، وأبرزها زيادة التفاعل والتواجد البحريني في المنظمات والمحافل الدولية، إذًا كيف عمل الميثاق العمل الوطني في تعزيز دور الدبلوماسية البرلمانية وفتح الآفاق لها، كيف تصفين ذلك؟
الميثاق ساهم في تعزيز الدبلوماسية البرلمانية بشكل كبير، فقد انتقل عضو السلطة التشريعية البحريني من مرحلة الاكتفاء بتمثيل مملكة البحرين في المحافل البرلمانية الخارجية، إلى الحصول على ثقة هذه المحافل لقيادة المشروعات البرلمانية المختلفة، وعلى سبيل المثال احتضان مملكة البحرين خلال شهر مارس المقبل اجتماعات الدورة 146 للبرلمان الدولي بمشاركة أكثر من 2000 برلماني من حول العالم، ونيل رئاسة الاتحاد البرلماني العربي، وكذلك منصب نائب رئيس الجمعية البرلمانية الآسيوية، ورئاسة البرلمان العربي، وأنا شخصيًا من خلال عضويتي في رابطة مجالس الشورى والشيوخ والمجالس المشابهة في أفريقيا والعالم العربي، تم تزكيتي بالاجتماع لأكون نائبًا لرئيس الشبكة البرلمانية للأمن الغذائي في أفريقيا والعالم العربي.
وهذا كله يعود إلى التنشئة الصلبة للمؤسسات الدستورية، والتي أنجبت كوادر برلمانية استطاعت نيل ثقة المجتمع البرلماني في الخارج.
- من خلال احتكاكم بالبرلمانيين من مختلف دول العالم، لنتحدث أكثر عن أعضاء مجالس الشيوخ والشورى في الدول الغربية، وكيف أصبحت نظرته لمملكة البحرين خلال العقدين الماضيين
العالم أصبح ينظر إلى ميثاق العمل الوطني باعتباره وثيقة سياسية شكلت حجر الزاوية في الانطلاق إلى مرحلة دستورية جديدة من خلال تعديل الدستور، وعودة الحياة البرلمانية، وتعزيز سلطة القضاء، وإعطاء مساحة أكبر للحريات العامة، مما انعكس بشكل واضح من خلال الممارسة الدستورية طيلة 22 عامًا، أي أن كل ما جاء به الميثاق قد جرى تفعيله بشكل واضح من خلال الآليات والأدوات الدستورية، وهو ما حظي باحترام وتقدير دول العالم والبرلمانات الدولية.
- كيف تتكامل السلطتين التشريعية والتنفيذي في إطار ما تضمنه ميثاق العمل الوطني من غايات وأسس؟
ما يربط السلطتين التشريعية والتنفيذية هو علاقة تعاون نص عليها دستور مملكة البحرين، وهي علاقة راسخة من خلال مسيرة العمل البرلماني، وأستطيع القول ان
ما جاء به الميثاق ونص عليه الدستور من رسم لاختصاصات واضحة للسلطتين، ساهم في إزالة أي لبس وتعارض في اختصاصاتهما، ففي السابق كانت الحكومة عضوًا في المجلس الوطني خلال سبعينيات القرن الماضي، فيما أصبحت عضوية مجلسي الشورى والنواب اليوم مستقلة عن عضوية الحكومة، وكل مجلس سيدًا في قراره، وقد ساهم الفصل بين السلطات مع التعاون فيما بينها في ذات الوقت في تعزيز العمل الدبلوماسي من خلال تحقيق التكامل في أداء المهام الدبلوماسية في الخارج.
كما أن صوت البحرين أصبح يصل للبرلمانات والمنظمات البرلمانية من خلال تفعيل أعضاء السلطة التشريعية للدبلوماسية البرلمانية، ودائمًا يُلتف لوجهات نظر وآراء البرلمانيات.
- فخورون باستضافة البحرين في مارس المقبل اجتماعات الجمعية 146 للبرلمان الدولي، وبصفتكم أعضاء في السلطة التشريعية في مملكة البحرين، ماذا تعني لكم هذه الاستضافة؟
في البداية لابد من الإشارة إلى أن الاتحاد البرلماني الدولي هو أعرق مؤسسة برلمانية في العالم، وقد تأسس في العام 1889، وحين يعقد اجتماع له في بلد معين فإنه يتم تسليط الضوء العالمي على هذا البلد من حيث استقرارها السياسي والأمني والاقتصادي، والتي تُهيئ الظروف لاستضافة اجتماعات هذا البرلمان العريق.
خلال مارس المقبل نحن أمام قمة برلمانية كبرى نحتضن العالم من خلالها، وذلك بمشاركة ما يقارب 178 برلمان من مختلف دول العالم، وأعتقد أن اختيار مملكة
البحرين لانعقاد هذه الاجتماعات من شأنه أن يعزز المكانة المميزة لمملكتنا باعتبارها حريصة على تطبيق قيم ومبادئ حقوق الإنسان والتعايش والتسامح. وكل ذلك يعود إلى حكمة الدبلوماسية البرلمانية البحرينية في توجيه بوصلتها لما يخدم المملكة وسياستها الخارجية التي تتميز بالاعتدال والاتزان، والانسجام مع الاستراتيجيات الوطني في استقطاب المؤتمرات الكبرى التي تعود بالنفع والفائدة على البحرين.
- في إطار ثمار ميثاق العمل الوطني، ما هي تطلعاتنا وآملنا للمرحلة المقبلة كشعب بحريني؟
حقيقةً نتطلع في المرحلة المقبلة لأن يستمر زخم روح الميثاق لدى الجميع، وأنا شخصيًا على ثقة بذلك، لأننا نستطيع تحول التحديات إلى إنجازات من خلال التكاتف وقراءة المشهد العام بشكل موضوعي.