وليد صبري * نشكر جلالة الملك المعظم على رعايته الجالية السودانية في البحرين* تنسيق مشترك بين البلدين في القضايا الثنائية والإقليمية والدولية* تأكيدات قوية من البحرين على دعم ومساندة تطوير العلاقات مع السودان* البحرين أول دولة عربية تحضر التوقيع على الوثيقة الدستورية في الفترة الانتقالية بالسودان* البحرين تقف إلى جانب السودان في رفع العقوبات المفروضة عليه* تأييد سوداني لجهود البحرين من أجل خلق خليج آمن ومستقر ومفتوح للتجارة الدولية* الحراك الدبلوماسي العربي والغربي في السودان من أجل تحقيق توافق سياسي في البلاد* التوقيع على الاتفاق النهائي في السودان قريباً في ضوء الحراك والتوافقات* أمريكا وفرنسا وبريطانيا ترفض رفع العقوبات المفروضة على السودان* إفريقيا أصبحت ساحة للصراع بين القوى الغربية وروسيا والصين* السودان ومصر ترفضان تقسيم المياه بخصوص قضية سد النهضة* أجندات خارجية تريد فرض إملاءات علينا بخصوص سد النهضة* تهديدات الحوثيين لأمن باب المندب حقيقة ماثلة وقائمة والمجتمع الدولي المعني بتأمين المضيق* إقامة قاعدة عسكرية روسية في السودان مرهون بموافقة البرلمان المنتخبأكد وزير خارجية السودان علي الصادق التزام بلاده وتعهدها بتحقيق الاستقرار السياسي من أجل استقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات المختلفة،,خاصة العربية، وبينها استثمارات مملكة البحرين، مشدداً على أن تلك الاستثمارات سوف تلقى كل الرعاية والاهتمام، كما ستعمل الحكومة السودانية على تذليل العقبات التي تواجه تلك الاستثمارات، منوهاً إلى أن بلاده قادرة على تحقيق الأمن الغذائي العربي والعالمي. وأضاف وزير خارجية السودان في حوار خصّ به "الوطن" خلال زياته الأخيرة لمملكة البحرين، أنه حصل على تأكيدات من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم بدعم ومساندة تطوير العلاقات مع السودان، لافتاً إلى أن البحرين كانت أول دولة عربية تحضر التوقيع على الوثيقة الدستورية في الفترة الانتقالية بالسودان في عام 2019، موضحاً أن هناك تنسيقاً مشتركاً بين البلدين في القضايا الثنائية والإقليمية والدولية.وقال الصادق إن البحرين مثل كل الدول العربية والإسلامية تقف إلى جانب السودان في رفع العقوبات المفروضة عليه، مؤكداً تأييد السودان جهود البحرين من أجل خلق خليج آمن ومستقر ومفتوح للتجارة الدولية. وتوقع التوقيع على الاتفاق النهائي في السودان قريباً في ضوء الحراك والتوافقات، وخاصة أن السودان شهد حراكاً دبلوماسياً عربياً وغربياً من أجل تحقيق توافق سياسي في البلاد. وفيما يتعلق بقضية سد النهضة شدد وزير الخارجية السوداني على أن بلاده ومصر ترفضان مسألة تقسيم المياه، لافتاً إلى أن حل تلك الأزمة مرتبط بالمفاوضات بين بلاده ومصر وإثيوبيا فقط، مشدداً على رفض بلاده أي إملاءات أو أجندات خارجية.واعتبر أن تهديدات الحوثيين لأمن مضيق باب المندب حقيقة ماثلة وقائمة، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي هو المعني بتأمين المضيق، موضحاً أن إقامة قاعدة عسكرية روسية في السودان مرهون بموافقة البرلمان المنتخب. وإلى نص الحوار:هل لنا أن نتطرق إلى نتائج زيارة معاليكم لمملكة البحرين؟- لقد تشرفت بمقابلة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم، وقد سلمت جلالته رسالة من أخيه فخامة الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والجهود المشتركة لتقوية هذه العلاقات وتطويرها بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين، وأيضاً التنسيق المشترك بين البلدين فيما يتعلق بالمحافل الإقليمية والدولية متعددة الأطراف، ودائماً هناك تنسيق فيما يتعلق بالقضايا التي تهم وتخص البلدين، وأيضاً التي تخص المنطقة العربية والإسلامية بوجه عام. وقد استمعت إلى تأكيدات قوية من جلالة الملك المعظم لدعم ومساندة تطوير العلاقات مع السودان في كل المجالات وهذا أيضا ما نسعى له؛ لأن مملكة البحرين دولة شقيقة وصديقة ويربطنا بها كثير من الروابط التي تعزز عملنا المشترك.كيف تقيمون دعم مملكة البحرين للسودان من أجل سلامة أمنه واستقراره وحصول التوافق السياسي؟- من حسن الصدف أنه بعد ثورة 2019 في السودان، كان وزير الخارجية البحريني السابق الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، حينما كان وزيراً للخارجية آنذاك، أول وزير خارجية عربي يزور السودان، وقد حضر توقيع الوثيقة الدستورية التي شكلت دستور الفترة الانتقالية في البلاد، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عمق العلاقات الأخوية الوطيدة بين البلدين الشقيقين، واهتمام مملكة البحرين بما يجري في دولة السودان واهتمام السودان باستقرار البحرين.كيف تنظرون إلى دور البحرين في تأمين الملاحة وحفظ الأمن في الخليج والمنطقة؟- السودان يؤيد بشدة كل الجهود التي تبذلها البحرين من أجل خلق خليج آمن ومستقر ومفتوح لكل التجارة الدولية، والسودان متى ما كان دعمه مطلوباً نحن على استعداد لدعم البحرين في مرامي هذه السياسة.كيف تقيمون دعم دول مجلس التعاون الخليجي للسودان؟- تربطنا علاقات جيدة جداً مع كل دول مجلس التعاون الخليجي، والسودان يجد دائماً من هذه الدول الدعم كله، سواء الدعم السياسي، أو الاقتصادي، وأيضاً الدعم في المحافل الإقليمية والدولية، وخاصة أن لدينا بعض التعقيدات في علاقاتنا الدولية، وما يتعلق باستهداف السودان واستهداف أمنه واستقراره من خلال قرارات جائرة فرضت عليه منذ سنوات طويلة، ودائماً دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها البحرين تقف إلى جانب السودان، ونحن نقدر هذه المواقف.يشهد السودان خلال هذه الأيام حراكاً دبلوماسياً وتبادل زيارات مع دول عربية وغربية، هل لنا أن نتطرق إلى هذا الأمر؟- نعم، كل هذا الحراك، بالتفاصيل التي ذكرتها، هو من أجل تحقيق توافق سياسي في البلاد، وهناك مشكلة قائمة تتعلق بكيفية تحقيق الانتقال الديمقراطي ومواصلة التحول الديمقراطي بتشكيل حكومة مدنية تعيد الشعب السوداني إلى الانتخابات المقبلة، ومعظم هذه الزيارات كانت من أجل حث الشركاء السياسيين على إبداء المرونة وتقديم بعض التنازلات ووضع مصلحة السودان في المقام الأول، حتى يتحقق التوافق، وبالتالي تتشكل الحكومة الجديدة، ومحور هذا التحرك أيضاً هو الاتفاق الإطاري الذي تم التوصل إليه مؤخراً في السودان ويحدد شركاء سياسيين لمواصلة التحول الديمقراطي.ما هي المرحلة المقبلة بعد توقيع الاتفاق الإطاري في السودان؟ ومتى من المتوقع التوقيع على الاتفاق النهائي؟- أستطيع أن أكون متفائلاً، وأقول إنه سوف يتم التوقيع على الاتفاق النهائي قريباً، وذلك في ضوء ما يشهده السودان من حراك، وتوافقات، وبعض الأحزاب السياسية، والنشطاء السياسيين، الذين كانوا مناوئين لهذا الاتفاق الإطاري، لكنهم بدؤوا ينضمون إليه، وبالتالي هذا يقربنا أكثر وأكثر من تحقيق التوافق الكامل، ومن ثم تشكيل حكومة جديدة.ما آخر التطورات بشأن الجهود العربية والدولية لرفع العقوبات الدولية من قبل مجلس الأمن بموجب القرار 1591 الصادر عام 2005، على خلفية قضية إقليم دارفور؟- هذا القرار تحديداً(1591) تم إصداره عام 2005 حينما كان هناك حرب في دارفور بين الحكومة والحركات المسلحة، والآن مر نحو 18 عاماً، وقطعاً هناك تحولات كبيرة جداً حدثت على الأرض، وحدثت في الساحة السياسية تستدعي إلغاء هذا القرار، ورفع العقوبات المفروضة على السودان، حيث لم تعد هناك حرب في دارفور، وثانياً معظم اللاجئين عادوا إلى ممارسة حياتهم الطبيعية في قراهم، وثالثاً الذين يقاتلون الجيش السوداني في ذلك الوقت الآن هم أعضاء في مجلس السيادة، ومنهم وزراء، وحكام أقاليم، وبالتالي هناك تغيير كامل في الحياة السياسية، الأمر الذي يستدعي ضرورة إلغاء هذا القرار، والحقيقة أن السودان يلقى الدعم كله من الدول العربية، وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة، بصفتها عضواً غير دائم في مجلس الأمن، حيث تساند مسألة إلغاء هذا القرار، ومعها أيضاً كل من روسيا والصين، وهناك دول إفريقية أيضاً أعضاء غير دائمين يساندون السودان في هذا الأمر، وقد استمعت من جلالة الملك المعظم، ومن وزير الخارجية د. عبداللطيف الزياني، ومن وكيل وزارة الخارجية البحرينية، التأكيدات على أن مملكة البحرين تقف إلى جانب السودان، والحقيقة أن كل الدول العربية والإسلامية تقف إلى جانب السودان من أجل رفع العقوبات المفروضة عليه، لكن هناك تعنت واضح من جانب الدولة حاملة القلم في الأمم المتحدة، وهي التي تتولى رعاية مشروعات القرارات في اتجاه معين، حيث نجد تعنتاً واضحاً من 3 دول، هي: أمريكا، وتساندها بريطانيا وفرنسا، وتلك الدول ترفض مسألة رفع العقوبات عن السودان، على الرغم من اقتناعهم الكامل بأن هناك تغيرات على الأرض وفي الساحة السياسية في السودان وخاصة أنه الآن ليس هناك حرب أو مواجهة، ولكن هم يكابرون من أجل إبقاء السودان تحت طائلة تلك العقوبات.بماذا تفسرون هذا القرار من الدول الثلاث؟- نحن نفسر هذا الأمر على أنه استهداف للسودان، حيث إن هذا الاستهداف منذ الاستقلال حتى اليوم، وربما لدى الغرب حسابات أخرى، وخاصة أن إفريقيا أصبحت ساحة للصراع بين القوى الغربية وروسيا والصين، وفي الوقت ذاته السودان لديه مساحة شاسعة ويجاور كثيراً من الدول التي لديها ارتباطات مع الغرب، ونحن نفهم أنه ليس من مصلحة تلك الدول أن يكون هناك استقرار سياسي في السودان.ما آخر التطورات بشأن سد النهضة؟ وهل هناك تنسيق مع مصر في هذا الشأن؟- سد النهضة هو موضوع شائك، ومن المفروض أن تتم تسويته بين الدول الثلاث، السودان، ومصر، وإثيوبيا، لكن للأسف الشديد أصبحت هناك بعض التدخلات الخارجية التي تريد أن تفرض علينا أجندة معينة ونحن نبصم عليها، وهذا الأمر مرفوض تماماً، وهناك تنسيق مشترك ودائم بين مصر والسودان في هذا الشأن، كما أن دولة الإمارات العربية المتحدة استضافت نحو 4 جولات من المفاوضات غير الرسمية بين الدول الثلاث، ورغم ذلك لم تحقق تلك المفاوضات أي تقدم يذكر، وخاصة في ضوء إصرار الوسطاء على فرض ما يسمى "تقسيم المياه"، وخاصة أن مصر والسودان موقفهما واضح، وهما ضد تقسيم المياه، وبالتالي واضح أن الوسطاء لو أصروا على فرض مسألة تقسيم المياه لن نصل إلى اتفاق، وبالتالي نحن نرى في السودان أن السبيل الوحيد إلى حل مشكلة سد النهضة هو المفاوضات بين الدول الثلاث، وهناك مستويان من المفاوضات بين الدول الثلاث، وهناك مستوى فني، والمعنيون بهذا المستوى يتحدثون فقط في الجوانب الفنية مثل سلامة السد والمياه والآثار المترتبة على دول العبور والمصب، ولا دخل لهم بالعمل السياسي والقضايا السياسية، وهناك مستوى سياسي ووزاري وقانوني تمثله لجان، والمعنيون بهذا الأمر يتحدثون عن الجوانب السياسية والقانونية، وبالتالي أعتقد أنه لو ترك الأمر إلى الدول الثلاث وحدها سوف يتم التوصل إلى اتفاق بشأن السد.كيف تقيمون تهديدات المتمردين الحوثيين لأمن مضيق باب المندب والملاحة في البحر الأحمر؟- تهديدات المتمردين الحوثيين لأمن مضيق باب المندب حقيقة ماثلة وقائمة، والمجتمع الدولي هو المعني بتأمين الملاحة في المضيق.أعلنت روسيا مؤخراً أنها تنتظر موافقة السودان على إقامة قاعدة بحرية. ما رأيكم في ذلك؟- هذا الموضوع قديم، منذ الحكومة السابقة في السودان، وروسيا طلبت من السودان تأسيس قاعدة عسكرية بحرية، وهذا إجراء روتيني، وبعض الدول تستضيف قواعد عسكرية، سواء أمريكية أو روسية أو فرنسية وغيرها، وبالنسبة لنا في السودان، الموافقة على هذا الأمر مرهونة بتكوين برلمان سوداني منتخب، وهذا البرلمان هو الذي يحدد ويسمح بإقامة القاعدة العسكرية أم لا؟ ولذلك نحن في انتظار تكوين برلمان جديد وتحديد قراره.هل تعتقدون أن إقامة قاعدة عسكرية روسية في السودان سوف تثير غضب دول كبرى وربما تكون ذريعة للاستمرار في فرض العقوبات؟- يمكن أن يكون لهذا القرار تأثير سلبي من جانب بعض الدول، وخاصة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، لكن في الوقت نفسه لا نستطيع أن نستبق الأحداث ونتحدث عن أشياء وأمور قبل أن تحدث، ونحن نترك هذا الأمر إلى البرلمان السوداني المنتخب؛ لأنه هو المفوض بالقرار، وهو الذي سوف يناقش منافع وأضرار القاعدة العسكرية الروسية؛ لأنه عمل بحت يخصه، ووزارة الخارجية السودانية سوف تعرض هذا الأمر على البرلمان المنتخب، وهو الذي يناقش القرار برمته.السودان يتمتع بخيرات ومقومات زراعية وصناعية، كيف يمكن استغلالها من خلال استقطاب الاستثمارات الخليجية والعربية؟- السودان لديه كل مقومات الاستثمار ويمكنه تحقيق الأمن الغذائي العربي، بل الأمن الغذائي العالمي، فقط نحن نحتاج إلى الاستقرار السياسي، وكل شيء ممكن، ومعروف أن المستثمر مهما كانت خلفيته أو بلاده أو جنسيته هو دائماً يحتاج إلى بلد ينعم بالاستقرار؛ لأنه من المعلوم أن رأس المال جبان، وبالتالي نحن في السودان نبذل قصارى جهدنا من أجل تحقيق الاستقرار وبالتالي استقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات المختلفة وخاصة العربية، وبينها استثمارات مملكة البحرين، لذلك سوف تجد من السودان كل الرعاية والاهتمام، وهناك تعهدات من جانبنا لتذليل كل العقبات التي تواجه الاستثمارات العربية، وخاصة بعد القمة العربية الأخيرة التي عقدت في الجزائر والتي صادقت على الأمن الغذائي العربي، وأن يكون السودان واحداً من البلدان التي يكون عليها التركيز لتحقيق الأمن الغذائي العربي.ماذا عن الجالية السودانية في البحرين؟- نحن نتوجه بالشكر إلى جلالة الملك المعظم على رعايته الجالية السودانية في البحرين، وقد استمعنا من جلالته إلى حديث طيب عن الجالية السودانية في المملكة وتميزها وعملها بتفانٍ ما يثلج الصدر، ونحن نناشد إخواننا السودانيين بضرورة الاحتفاظ بهذه الصورة الزاهية والعمل بإخلاص في مملكة البحرين؛ لأن العمل في البحرين يعتبرونه مثل العمل في السودان وبالتالي يساهمون مع إخوانهم في البحرين وأعضاء الجاليات والجنسيات الأخرى في تحقيق الرفاهية لهذا البلد الكبير.