يعتقد البعض أن التخيير للمحضون بعد اكتمال النصاب القانوني للتخيير هو إجراء لا يتعلق بالحضانة، إلا أنه في واقع الأمر تنتهي معه الحضانة بالنسبة لأجر الحضانة ولمسكن الحضانة، وهذا ما أكدته محكمة التمييز في الطعن رقم 40 لسنة 2021 في 29 سبتمبر 2021، حيث أنارت الطريق لكل هاد وقضت بأن المقرر أن النص في المادة 191 من قانون الأسرة رقم 19 لسنة 2017 للحاضنة التي لا مسكن لها أن تسكن مع المحضون في مسكن الزوجية السابق، حتى يهيئ والد المحضون مسكنا مستقلا مناسبا مجهزا لإقامة الحاضنة والمحضون طيلة مدة الحضانة.

ونصت المادتان 124 1/125 من ذات القانون، على أنه وفقا للفقه السني: «تنتهي حضانة النساء ببلوغ الذكر خمس عشرة سنة، وبالنسبة للأنثى حتى تتزوج ويدخل بها الزوج، وإذا بلغ الذكر خمس عشرة سنة، أو بلغت الأنثى 17 سنة ولم تتزوج ولم يدخل بها الزوج فلكل منهما الخيار في الانضمام إلى من يشاء من أبويه أو من له الحق في حضانته، فإن اختار أي منهما الحاضنة استمر معها دون أجر حضانة».

ومفاد ذلك أن الحضانة التي تخول الحاضنة ومن تحضنهم الحق في شغل مسكن الزوجية دون الزوج المطلق هي الحضانة التي تقوم عليها النساء خلال المرحلة التي يعجز فيها الصغار عن القيام بمصالح البدن وحدهم، وأن مدة الحضانة التي عناها الشارع تنتهي ببلوغ الذكر سن الخامسة عشرة وبلوغ الأنثى 17 سنة، وأن اختيار الولد الانضمام إلى حاضنته لا يعتبر امتدادا للحضانة، وإنما هي مدة استبقاء بعد أن يصبح في مقدور الأولاد الاستغناء عن حضانة وخدمة النساء، وهي بالنسبة للبنت حتى تتزوج؛ فقد يطول إلى ما بعد أن تكون قد بلغت سن الرشد كاملة الأهلية، وتملكت وحدها القرار في شؤونها.

وإذا ما رخص بها لمن اختارت لنفسها أن تشارك الأب مهامه الأصلية في مرحلة حفظ وتربية أولاده متبرعة بخدماتها لهم فلا التزام على الأب نحوها لا بأجر حضانة ولا بسكنها، ويقع عليها أن تسكن الأولاد معها المسكن المناسب مقابل أجر المسكن، ومن مالهم إن كان لهم مال أو ممن تجب عليه نفقتهم.

وفي القول على خلاف ذلك تحميل النصوص المعنية بما لا تتسع له وتكاثر للمنازعات بسبب حيازة مسكن الزوجية بما يعود على الأولاد بالأذى النفسي والاجتماعي، وهو ما يتبناه الشرع والشارع.

الحالات يسقط فيها حق المطلقة الحاضنة في «مسكن الزوجية» للزوجة الحاضنة الحق في مسكن الزوجية، ولكن هناك 6 حالات يسقط فيها هذا الحق بمقتضي القانون.

إجراءات سقوط حق الحاضنة في مسكن الزوجية.

1- بلوغ الصغير أقصى سن الحضانة وهو 15 سنة للولد و17 سنة للبنت.

2- سقوط حق الحاضنة في الحضانة دون وجود حاضنة أخرى ينتقل إليها الحق في الحضانة.

3- اختيار الحاضنة للبدل النقدي (أجر السكن) عوضا عن استمرار الإقامة بمسكن الزوجية.

4- تهيئة المطلق مسكناً بديلاً مناسباً في أي وقت، سواء كان المسكن مؤجراً أو مملوكاً.

5- ثبوت وجود أموال خاصة مملوكة للمحضون تمكنه من استئجار أو تملك مسكن مستقل.

6- ثبوت وجود مسكن للحاضنة تقيم فيه، ويمكنها حضانة أولادها فيه.

وفي الأخير، أخلص إلى أن الحضانة هي كفالة الطفل الذي لا يستقل بشؤون نفسه في سن معينة ممن له الحق في ذلك، ومن خلال تناولنا موضوع التخيير ليس امتداد الحضانة، والذي يعتبر من المواضيع الدقيقة والحساسة لكونه يمس حياة الإنسان، ولا سيما في مراحل حياته التي ينتهي بها السن القانوني للحضانة، والذي يكون محتاجاً إلى دراية خاصة، فنجد أن المشرع جعل موضوع الحضانة قائماً على معيار أساسي وهو مصلحة المحضون، هذه المصلحة ما هي إلا صورة من الصور التي جاء بها الإسلام، وطبقها الفقهاء في مذاهبهم.

وما يمكن الإشارة إليه شأن قانون الأسرة الذي عالج موضوع الحضانة بصورة عامة، إذا لم يتطرق إلى كثير من الجوانب المتعلقة بهذا الباب، فنجده قد سكت في بعض الأحكام، أو متعمداً على نص قانوني واحد في أحكام عدة، ومن واجبنا أن نزيل الغموض عن بعض المفاهيم القانونية الشرعية في هذا الجانب، ومنها ما ذكرته في هذا المقال من أن التخيير ليس لامتداد الحضانة.

المحامي محمد الشرعبي