أكد رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الخليج العربي الاستاذ الدكتور مريوان حسني أن تصاعد عدد الشباب المدمنين في دول المنطقة، لافتاً إلى ان معظم وفيات الشباب عالميا بالمخدرات هي بسبب أخذ أكثر من نوع مخدر في آن واحد، مما يسبب وفاتهم في الحال.
وذكر خلال مشاركته في الحلقة النقاشية، التي نظمها الديوان الوطني لحقوق الإنسان في دولة الكويت الشقيقة، بعنوان «مجتمع صحي وأمن بلا إدمان» بحضور جمع من الأكاديميين والحقوقيين والمختصين أنه من خلال دراسة نفذتها جامعة الكويت تبين أن معدل أعمار المتعاطين يتراوح من 15 إلى 71 عاما، بحيث تختلف المناطق في النسبة والتفاوت في معدل المتعاطين وكذلك أنواع المخدرات، مؤكدا أن بعض الأسر تتهاون في علاج المدمنين، بحيث تعتبرها مرحلة عادية ثم يعود الشخص طبيعيا، وهذه من الأخطاء الشائعة التي لا يجب التهاون بها.
وأشار خلال عرض مرئي حول الاعراض الخاصة بادمان المخدرات وانوعها وتأثيرها على الفرد والمجتمع إلى أن كثرة الأموال في دول الخليج جعلها مستهدفة من مروجي المخدرات، مما اعتبرها مصدرا أساسيا لهم في الربح، متابعا: "بعد الانفلات الأمني في سورية والمناطق القريبة منها، لاحظنا وجود تهريب مخدرات الى دول الخليج، بحيث يتبع المهربون العديد من الوسائل في تهريبها بواسطة الفواكه وغيرها من الطرق"، موضحاً أن "دول الخليج تعاني من ادخال حبوب الكبتاغون، بينما نجد تركيا تعاني من تهريب وإدخال الهيروين، ونجد مشاكل دول المغرب العربي في ادخال وانتشار مادة الحشيش".
واوضح ان الخطر يتزايد على مستوى العالم ففي كندا فقط يتوفى شخص كل ساعة بسبب تعاطي نوع من انواع العقاقير المخدرة، مشيرا الى ان المنطقة العربية مستهدفة من قبل تجار تلك الاصناف والادوية المخدرة والجهات الراعية لها وهذا ما يسبب مشاكل كثيرة في اوساط الاسر والشباب.
وأضاف مبيناً أن السبب الرئيسي للتعاطي وادمان المخدرات هو الفضول من قبل الشباب، وكذلك تأثير محيط الأصدقاء في هذه العملية، مما يجعل الشخص أكثر عرضة وسهولة للتعاطي، مبينا أن "الكثير من العقاقير والمخدرات تبقى في الدم لمدة يومين إلى ثلاثة حتى تظهر على الشخص الأعراض الانسحابية لها، بينما الحشيش يبقى في الدم 28 يوما، ومخدر «بي سي بي» غير المستخدم بكثرة يبقى في الجسم 7 أيام".
وأشاد الدكتور ميروان حسني بالجهود الكبيرة التي يبذلها رجال الامن والجهات المختصة في الخليج لحماية ابناء الوطن من تلك الآفة ومنعها من دخول البلاد من خلال الضبطيات المتكررة واحباط دخول كميات كبيرة من الممنوعات، ولفت الى ان بعض العوائل مازال متخوفا من «الوصم» عند اكتشاف حالات الادمان عند الأبناء؛ فلا ون بشكل صحيح ويكتمون الامر في بدايته الى ان يستفحل ويصبح العلاج صعبا، فيضعون اعتبارا لكلام الناس ولا يراعون حالة الادمان التي اكتشفوها لدى احد افراد الاسرة.
وذكر ان هناك اسبابا عديدة للإدمان يشترك فيها المدمنون في جميع ارجاء العالم ومنها الفراغ والتقليد الاعمى وفضول التجربة والاضطهاد والظروف الاجتماعية، مشيرا الى ان مراحل الادمان تبدأ بالتجربة والقبول وتتزايد الى ان تصل الى التعود والادمان ومن ثمة ظهور الاعراض المرضية على المدمن.
هذا، وأكد المحاضرين المشاركين في الحلقة النقاشية أن المجتمعات الخليجية مستهدفة من قبل مروجي المخدرات من الخارج، داعين إلى تضامن جماعي لمحاربة هذه الآفة التي تهدد الشباب والمجتمع، مشيرين إلى أن المشكلة الأساسية في الإدمان هي أنها أصبحت سهلة وسريعة في الحصول عليها، بل إنها لم تكن كما كانت عليه سابقا من صعوبة في الترويج، إذ ساعدت شبكات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في سهولة الحصول عليها.
وأكدوا أن المجتمع الخليجي يتكاتف من اجل محاربة ظاهرة المخدرات، التي أصبحت تهدد المجتمع والشباب بشكل خاص من خلال البرامج الإصلاحية التي تتبناها وزارات الداخلية في دول الخليج، ويتبعون تلك البرامج المتابعة والرعاية اللاحقة بعد الخروج من السجن، بيد أنهم أشاروا إلى الحاجة إلى استراتيجية يتم من خلالها تخفيف العرض والطلب للمخدرات.
إلى ذلك، حمل المشاركين في الحلقة النقاشية الام مسئولية التوعية ضد المخدرات والوقاية منها؛ فهي من تواجه المشكلة في بدايتها وهي أكثر فرد قريب من الأبناء، مستعرضين دور وتأثير المدرسة ووزارات التربية والتعليم التي لا يقل عن دور الاسرة "كون الابناء يقضون في مدارسهم أوقاتا أكبر من التي يقضونها في منازلهم مع اسرهم وكثير من المشكلات تنتج من خلال اختلاط الابناء في تلك المدارس مع قرناء السوء".
وأشاروا الى ان الارقام الخيالية التي وصلت لها قضايا الادمان والمخدرات هي نتيجة تجارة إجرامية لا تخلو من ابداع وغرابة في تهريب المواد من خلال الثمار والمواد الغذائية والحلويات، وهي تستهدف هذه المنطقة بأكملها.