* معظم خريجي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM في منطقة الشرق الأوسط هن من الإناث.
* المساهمة المتزايدة للنساء في قوة العمل من الممكن أن تضيف حوالي 2.7 تريليون دولار أمريكي لاقتصاد دول المنطقة
* تقترن زيادة الفرص في سوق العمل مع زيادة أعداد رائدات الأعمال وارتفاع نسبتهن ضمن القوة العاملة.
* لا تقتصر مساهمة رائدة الأعمال على قيادة النمو الاقتصادي وإنما يمتد دورها لتعزيز الاستقرار الاجتماعي.
هالة الأنصاري
يشكّل واقع ارتفاع أعداد الخريجات مقارنة بالخريجين من تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في منطقة الشرق الأوسط، محوراً أساسياً ضمن اهتمامات دول المنطقة للاستفادة من هذا المورد القيّم، الذي يأتي في سياق طفرة - غير مسبوقة - لمشاركة المرأة في سوق العمل، والتي من المتوقع أن تبلغ قيمتها الإجمالية في اقتصاد دول المنطقة حوالي 2.7 تريليون دولار أميركي بحلول العام 2025.
ويتحقق ذلك في وقت تعزز فيه رائدات الأعمال من مساهماتهن في اقتصاديات الشرق الأوسط، حيث تتنبأ الإحصائيات بنمو متزايد لحصة النساء في المشاريع المولدة للفرص الوظيفية - التقنية والمهنية - سيصل لأكثر من الضعف بحلول عام 2030، وعليه، فقد أصبحت مسألة دعم وتشجيع رائدات الأعمال ذات أولوية كبرى بالنسبة لدول منطقة الشرق الأوسط لضروراتها الاقتصادية والاجتماعية، بالنظر إلى مردودها الكبير على مستويات الرخاء في تلك الدول.
ويتجسد ذلك الاهتمام في العديد من البرامج التي تبادر بها قطاعات الأعمال – العام والخاص – لرفع جاهزية النساء في مجال ريادة الأعمال، والذي يشهد بدوره تسارع في استحداث المهن والفرص الواعدة، وينتج عن ذلك ارتفاع ملحوظ على أعداد رائدات الأعمال وتزايد حصتهن ضمن القوة العاملة.
تهيئة البيئة الداعمة لرائدات الأعمال
تواجه رائدات الأعمال في مختلف أنحاء العالم تحديات ترتبط بالوصول إلى الفرص الاستثمارية، وهو ما حدا بالعديد من دول منطقة الشرق الأوسط بوضع الخطط الكفيلة لمعالجة تلك التحديات عبر تقديم حلول مبتكرة من أجل تهيئة البيئة الداعمة والمشجعة لهن.
وفي هذا السياق، يبادر القطاع الخاص بطرح باقة واسعة من البرامج النوعية والمركزة التي تنبع من فهم عميق للتحديات، ونشير هنا إلى مبادرة She WINS Arabia التابعة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي تدعم حوالي 200 رائدة أعمال لتشغيل وقيادة الشركات الناشئة في المنطقة من خلال إتاحة الحلول المالية وخدمات الإرشاد والتوجيه.
وعلى صعيد آخر، تبرز أهمية برنامج She’s Next العالمي المدعوم من شركة "فيزا" لتمكين رائدات الأعمال من الوصول إلى رأس المال، وقد بلغت استثمارات المبادرة في المشاريع الصغيرة المملوكة من قبل النساء في الولايات المتحدة وكندا والهند وأيرلندا أكثر من 2.2 مليون دولار.
وقد تم إطلاق المبادرة - للمرة الأولى - في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتقدم المبادرة منح بقيمة 50 ألف دولار لمشروع تجاري متميز، في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومؤخراً في البحرين، إلى جانب تقديم التسهيلات والاستشارات والربط مع شبكة مزدهرة من رواد الأعمال.
ومن جهة أخرى، تستمر مبادرات القطاع العام بالقيام بدور مهم ومؤثر ومتواصل لضمان استدامة حصول رائدات الأعمال على شتى أنواع الدعم المطلوب. ونذكر، على سبيل المثال، التعاون المثمر بين المملكة العربية السعودية وجامعة تكساس في أوستن لتوفير منصة إرشادية لرائدات الأعمال. ويعمل مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين بدولة الإمارات العربية المتحدة على زيادة تمثيل الإناث في مجالس إدارة الشركات، بما في ذلك الشركات الناشئة.
وتنضم الجهود الأممية بالسعي نحو ذات الهدف، حيث أطلقت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة مسابقة جديدة للشركات الناشئة تهدف إلى دعم الشركات الناشئة التكنولوجية المملوكة للإناث في قطاع السياحة الذي يعتبر من القطاعات الواعدة في المنطقة.
ولا نغفل هنا، عن الإشارة لجهود مملكة البحرين في دعم الشركات الناشئة التي تقودها النساء من خلال مجموعة متنوعة من المبادرات والاستراتيجيات النوعية، التي تنبثق من الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية كشريك جدير في التنمية الوطنية وعلى قاعدة تراعي عدالة إتاحة الفرص المتكافئة بين الرجل والمرأة.
ومن أهم تلك المبادرات "محفظة ريادات"، وهي عبارة عن صندوق بقيمة 100 مليون دولار أمريكي يستهدف الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة التي تملكها النساء أو تشارك بغالبية ملكيتها. ووفقاً لآخر الإحصائيات، استفاد من الصندوق أكثر من 332 مشروعاً تجارياً تملكه نساء في مجالات مثل بيع السلع الصيدلانية والطبية، ووكالات السياحة والسفر، والأعمال الإنشائية، وإدارة الفعاليات، ومراكز الرعاية الصباحية، ودور الحضانة.
تعزيز المشاركة الاقتصادية للنساء
وتواصل قطاعات الأعمال والتجارة جذبها للنساء للانضمام إلى سوق العمل وفتح أبوابها لاستقطاب المزيد من الكوادر النسائية بما يمتلكن من خبرات تخصصية ومهارات تمتاز بالإبداع والمرونة والابتكار، عبر فتح آفاق جديدة أمام مشاريعهن ومنتجاتهن للتوسع والاستفادة من مجال التصدير وبالتالي تعزيز مشاركتهن الاقتصادية بالنظر إلى العائد المرجو من ذلك، إذ تبرهن نتائج عدد من الدراسات في هذا المجال، بوجود علاقة مباشرة بين تنشيط الصادرات وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للدولة المصدرة.
وقد أثبتت حركة التصدير جدارتها في إزالة الحدود أمام المشاريع عبر خلق أسواق جديدة وتوسعة الأسواق القائمة، وتفتح دول الشرق الأوسط المجال أمام خوض المرأة لتجربة التصدير، ونستشهد هنا، بتجربة البحرين التي تحظى باقتصاد متنامٍ يوفر فرصاً فريدة لذلك، حيث قام المجلس الأعلى للمرأة وبالتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة بمملكة البحرين بتصميم وتفعيل مبادرة خاصة تحت مظلة "صادرات البحرين".
وتهدف المبادرة إلى زيادة إمكانية وصول المرأة إلى الأسواق العالمية من خلال مجموعة واسعة من البرامج والتسهيلات ووسائل الدعم بقيمة تزيد عن 132 مليون دولار متاحة للشركات البحرينية، وقد بلغت نسبة المصدرين البحرينيين من النساء 32 ٪ ويتوجهن لأسواق 28 دولة، في حين قامت 50٪ من هذه الشركات بتصدير منتجاتها أو خدماتها إلى الأسواق الإقليمية والدولية لأول مرة.
ولدولة الإمارات العربية المتحدة تجربة مماثلة، فقد أبرمت مؤسسة دبي لتنمية الصادرات الإماراتية شراكة مع لجنة التجارة الدولية وشركة "يو بي إس" لإطلاق مركز SheTrades MENA لتزويد النساء بالخيارات والفرص لتوسيع نطاق أعمالهن عبر التشبيك مع الخبرات والمشاريع المكملة لمجال عملهن، وللحصول على مصادر المعلومات التي تعرفهن بتحديات الأسواق وفرصها.
قصص نجاح ملهمة للمرأة في منطقة الشرق الأوسط
ولن نبالغ في القول بأن ما تحظى به المرأة في منطقة الشرق الأوسط من اهتمام ودعم يمتاز بشمولية الخطط وتعدد المبادرات التي تتيح لها مشاركة عادلة ومؤثرة في التنمية الاقتصادية، ليسهم، إسهاماً مباشراً، في إيجاد البيئة الملائمة والنموذجية لإطلاق العنان أمام الكفاءات النسائية في مجال ريادة الأعمال، وهو واقع يتطور بسلاسة وتنظيم فائق بالنظر إلى ما تتمتع به النساء من مستويات تعليمية عالية نجد مردودها الواضح على نسب مشاركتها الاقتصادية المتصاعدة، بالإضافة إلى العائد المتوقع من حسن سير هذه الجهود على نمو اقتصادات دول المنطقة واستقرارها بشكل عام.
وللتأكيد على ما يتحقق، فهناك الكثير من الشواهد الكمية والنوعية كالتي أشرنا لها آنفاً، وقد يكون من الملائم هنا أن نحتفي بقصص النجاح المؤثرة التي نتعرف عليها في حياتنا اليومية، ففي البحرين، فازت مؤخراً عدد من رائدات الأعمال الشابات بجائزة مخصصة لهن تسمى "امتياز" تمنحها، سيدة البحرين الأولى، صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة للمشاريع المتميزة، وقد فاز في نسختها الأخيرة، مشروع طبي لتقديم خدمات التحليل والتشخيص الإشعاعي عن بُعد، ومشروع متخصص للمنتجات الغذائية النباتية، ومشروع توسع بالعمل خارج البحرين يقدم الخدمات الجراحية والعلاجية للعلاج المبكر لسرطان الثدي.
وتعمل Playbook على تسجيل قصتها الناجحة في مجال يزداد الاهتمام به، وهي منصة بحرينية لتكنولوجيا التعليم تركز على تسريع النمو الوظيفي للنساء على كل مستوى من مستويات القيادة.
وفي دبي، استطاعت نهى هاشم أن تؤسس تطبيق الدفع Zywa، وهو بمثابة أول بنك يتوجه لفئة المراهقين في المنطقة، ويتيح لهم خدمة إنفاق الأموال وتلقيها وإدارتها من دون الحاجة إلى تداول النقد، ونجحت في جمع 3 ملايين دولار للتوسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وتميزت دينا شومان - من الأردن - بتطبيقها Verity المتخصص في العمليات المصرفية العائلية ومحو الأمية المالية، الذي جمع أكثر من مليون دولار أميركي لتوفير التعليم المالي للأطفال وأولياء أمورهم.
وتمكنّت العلامة التجارية اللبنانية Potion Kitchen من الدخول في مجال الصحة الجمالية باستخدام مكونات عضوية من البيئة المتوسطية، وبرزت، على صعيد آخر، شركة Affectiva الناشئة التي شاركت في تأسيسها رنا القليوبي من مصر، وقامت بتطوير تقنية الذكاء الاصطناعي للتعرف على المشاعر البشرية عبر الوظائف الفسيولوجية، الأمر الذي أدى إلى إدراجها على عدة قوائم عالمية كـCB Insights AI و Forbes AI.
ومع هذه الأمثلة لقصص تبعث على التفاؤل، فإننا نشهد مرحلة استثنائية لمشاركة فاعلة للنساء في الشرق الأوسط فهن يمهدن الطريق بجدارة لتحقيق مستقبل مزدهر، حيث يشير المشهد الاقتصادي لدول المنطقة بأن خطط الاستثمار في الطاقات النسائية حافلة بالمبادرات المؤثرة والحلول المبتكرة، سواء جاءت بصيغة الدعم الحكومي أو برامج القطاع الخاص، ليس لدفع عجلة النمو الاقتصادي فحسب، بل من أجل بناء مجتمع أكثر إنصافا واستقرارا، فلريادة الأعمال دور مهم في تحقيق الاستقلالية المالية للمرأة ومعها أفراد أسرتها، وتزويد الجيل القادم من الفتيات والشابات بنظرة متجددة وأفق واسع للانطلاق بثقة لمتابعة مساراتهن الخاصة.
* *مقال منشور للأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة على موقع المنتدى الاقتصادي العالمي
* المساهمة المتزايدة للنساء في قوة العمل من الممكن أن تضيف حوالي 2.7 تريليون دولار أمريكي لاقتصاد دول المنطقة
* تقترن زيادة الفرص في سوق العمل مع زيادة أعداد رائدات الأعمال وارتفاع نسبتهن ضمن القوة العاملة.
* لا تقتصر مساهمة رائدة الأعمال على قيادة النمو الاقتصادي وإنما يمتد دورها لتعزيز الاستقرار الاجتماعي.
هالة الأنصاري
يشكّل واقع ارتفاع أعداد الخريجات مقارنة بالخريجين من تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في منطقة الشرق الأوسط، محوراً أساسياً ضمن اهتمامات دول المنطقة للاستفادة من هذا المورد القيّم، الذي يأتي في سياق طفرة - غير مسبوقة - لمشاركة المرأة في سوق العمل، والتي من المتوقع أن تبلغ قيمتها الإجمالية في اقتصاد دول المنطقة حوالي 2.7 تريليون دولار أميركي بحلول العام 2025.
ويتحقق ذلك في وقت تعزز فيه رائدات الأعمال من مساهماتهن في اقتصاديات الشرق الأوسط، حيث تتنبأ الإحصائيات بنمو متزايد لحصة النساء في المشاريع المولدة للفرص الوظيفية - التقنية والمهنية - سيصل لأكثر من الضعف بحلول عام 2030، وعليه، فقد أصبحت مسألة دعم وتشجيع رائدات الأعمال ذات أولوية كبرى بالنسبة لدول منطقة الشرق الأوسط لضروراتها الاقتصادية والاجتماعية، بالنظر إلى مردودها الكبير على مستويات الرخاء في تلك الدول.
ويتجسد ذلك الاهتمام في العديد من البرامج التي تبادر بها قطاعات الأعمال – العام والخاص – لرفع جاهزية النساء في مجال ريادة الأعمال، والذي يشهد بدوره تسارع في استحداث المهن والفرص الواعدة، وينتج عن ذلك ارتفاع ملحوظ على أعداد رائدات الأعمال وتزايد حصتهن ضمن القوة العاملة.
تهيئة البيئة الداعمة لرائدات الأعمال
تواجه رائدات الأعمال في مختلف أنحاء العالم تحديات ترتبط بالوصول إلى الفرص الاستثمارية، وهو ما حدا بالعديد من دول منطقة الشرق الأوسط بوضع الخطط الكفيلة لمعالجة تلك التحديات عبر تقديم حلول مبتكرة من أجل تهيئة البيئة الداعمة والمشجعة لهن.
وفي هذا السياق، يبادر القطاع الخاص بطرح باقة واسعة من البرامج النوعية والمركزة التي تنبع من فهم عميق للتحديات، ونشير هنا إلى مبادرة She WINS Arabia التابعة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي تدعم حوالي 200 رائدة أعمال لتشغيل وقيادة الشركات الناشئة في المنطقة من خلال إتاحة الحلول المالية وخدمات الإرشاد والتوجيه.
وعلى صعيد آخر، تبرز أهمية برنامج She’s Next العالمي المدعوم من شركة "فيزا" لتمكين رائدات الأعمال من الوصول إلى رأس المال، وقد بلغت استثمارات المبادرة في المشاريع الصغيرة المملوكة من قبل النساء في الولايات المتحدة وكندا والهند وأيرلندا أكثر من 2.2 مليون دولار.
وقد تم إطلاق المبادرة - للمرة الأولى - في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتقدم المبادرة منح بقيمة 50 ألف دولار لمشروع تجاري متميز، في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومؤخراً في البحرين، إلى جانب تقديم التسهيلات والاستشارات والربط مع شبكة مزدهرة من رواد الأعمال.
ومن جهة أخرى، تستمر مبادرات القطاع العام بالقيام بدور مهم ومؤثر ومتواصل لضمان استدامة حصول رائدات الأعمال على شتى أنواع الدعم المطلوب. ونذكر، على سبيل المثال، التعاون المثمر بين المملكة العربية السعودية وجامعة تكساس في أوستن لتوفير منصة إرشادية لرائدات الأعمال. ويعمل مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين بدولة الإمارات العربية المتحدة على زيادة تمثيل الإناث في مجالس إدارة الشركات، بما في ذلك الشركات الناشئة.
وتنضم الجهود الأممية بالسعي نحو ذات الهدف، حيث أطلقت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة مسابقة جديدة للشركات الناشئة تهدف إلى دعم الشركات الناشئة التكنولوجية المملوكة للإناث في قطاع السياحة الذي يعتبر من القطاعات الواعدة في المنطقة.
ولا نغفل هنا، عن الإشارة لجهود مملكة البحرين في دعم الشركات الناشئة التي تقودها النساء من خلال مجموعة متنوعة من المبادرات والاستراتيجيات النوعية، التي تنبثق من الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية كشريك جدير في التنمية الوطنية وعلى قاعدة تراعي عدالة إتاحة الفرص المتكافئة بين الرجل والمرأة.
ومن أهم تلك المبادرات "محفظة ريادات"، وهي عبارة عن صندوق بقيمة 100 مليون دولار أمريكي يستهدف الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة التي تملكها النساء أو تشارك بغالبية ملكيتها. ووفقاً لآخر الإحصائيات، استفاد من الصندوق أكثر من 332 مشروعاً تجارياً تملكه نساء في مجالات مثل بيع السلع الصيدلانية والطبية، ووكالات السياحة والسفر، والأعمال الإنشائية، وإدارة الفعاليات، ومراكز الرعاية الصباحية، ودور الحضانة.
تعزيز المشاركة الاقتصادية للنساء
وتواصل قطاعات الأعمال والتجارة جذبها للنساء للانضمام إلى سوق العمل وفتح أبوابها لاستقطاب المزيد من الكوادر النسائية بما يمتلكن من خبرات تخصصية ومهارات تمتاز بالإبداع والمرونة والابتكار، عبر فتح آفاق جديدة أمام مشاريعهن ومنتجاتهن للتوسع والاستفادة من مجال التصدير وبالتالي تعزيز مشاركتهن الاقتصادية بالنظر إلى العائد المرجو من ذلك، إذ تبرهن نتائج عدد من الدراسات في هذا المجال، بوجود علاقة مباشرة بين تنشيط الصادرات وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للدولة المصدرة.
وقد أثبتت حركة التصدير جدارتها في إزالة الحدود أمام المشاريع عبر خلق أسواق جديدة وتوسعة الأسواق القائمة، وتفتح دول الشرق الأوسط المجال أمام خوض المرأة لتجربة التصدير، ونستشهد هنا، بتجربة البحرين التي تحظى باقتصاد متنامٍ يوفر فرصاً فريدة لذلك، حيث قام المجلس الأعلى للمرأة وبالتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة بمملكة البحرين بتصميم وتفعيل مبادرة خاصة تحت مظلة "صادرات البحرين".
وتهدف المبادرة إلى زيادة إمكانية وصول المرأة إلى الأسواق العالمية من خلال مجموعة واسعة من البرامج والتسهيلات ووسائل الدعم بقيمة تزيد عن 132 مليون دولار متاحة للشركات البحرينية، وقد بلغت نسبة المصدرين البحرينيين من النساء 32 ٪ ويتوجهن لأسواق 28 دولة، في حين قامت 50٪ من هذه الشركات بتصدير منتجاتها أو خدماتها إلى الأسواق الإقليمية والدولية لأول مرة.
ولدولة الإمارات العربية المتحدة تجربة مماثلة، فقد أبرمت مؤسسة دبي لتنمية الصادرات الإماراتية شراكة مع لجنة التجارة الدولية وشركة "يو بي إس" لإطلاق مركز SheTrades MENA لتزويد النساء بالخيارات والفرص لتوسيع نطاق أعمالهن عبر التشبيك مع الخبرات والمشاريع المكملة لمجال عملهن، وللحصول على مصادر المعلومات التي تعرفهن بتحديات الأسواق وفرصها.
قصص نجاح ملهمة للمرأة في منطقة الشرق الأوسط
ولن نبالغ في القول بأن ما تحظى به المرأة في منطقة الشرق الأوسط من اهتمام ودعم يمتاز بشمولية الخطط وتعدد المبادرات التي تتيح لها مشاركة عادلة ومؤثرة في التنمية الاقتصادية، ليسهم، إسهاماً مباشراً، في إيجاد البيئة الملائمة والنموذجية لإطلاق العنان أمام الكفاءات النسائية في مجال ريادة الأعمال، وهو واقع يتطور بسلاسة وتنظيم فائق بالنظر إلى ما تتمتع به النساء من مستويات تعليمية عالية نجد مردودها الواضح على نسب مشاركتها الاقتصادية المتصاعدة، بالإضافة إلى العائد المتوقع من حسن سير هذه الجهود على نمو اقتصادات دول المنطقة واستقرارها بشكل عام.
وللتأكيد على ما يتحقق، فهناك الكثير من الشواهد الكمية والنوعية كالتي أشرنا لها آنفاً، وقد يكون من الملائم هنا أن نحتفي بقصص النجاح المؤثرة التي نتعرف عليها في حياتنا اليومية، ففي البحرين، فازت مؤخراً عدد من رائدات الأعمال الشابات بجائزة مخصصة لهن تسمى "امتياز" تمنحها، سيدة البحرين الأولى، صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة للمشاريع المتميزة، وقد فاز في نسختها الأخيرة، مشروع طبي لتقديم خدمات التحليل والتشخيص الإشعاعي عن بُعد، ومشروع متخصص للمنتجات الغذائية النباتية، ومشروع توسع بالعمل خارج البحرين يقدم الخدمات الجراحية والعلاجية للعلاج المبكر لسرطان الثدي.
وتعمل Playbook على تسجيل قصتها الناجحة في مجال يزداد الاهتمام به، وهي منصة بحرينية لتكنولوجيا التعليم تركز على تسريع النمو الوظيفي للنساء على كل مستوى من مستويات القيادة.
وفي دبي، استطاعت نهى هاشم أن تؤسس تطبيق الدفع Zywa، وهو بمثابة أول بنك يتوجه لفئة المراهقين في المنطقة، ويتيح لهم خدمة إنفاق الأموال وتلقيها وإدارتها من دون الحاجة إلى تداول النقد، ونجحت في جمع 3 ملايين دولار للتوسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وتميزت دينا شومان - من الأردن - بتطبيقها Verity المتخصص في العمليات المصرفية العائلية ومحو الأمية المالية، الذي جمع أكثر من مليون دولار أميركي لتوفير التعليم المالي للأطفال وأولياء أمورهم.
وتمكنّت العلامة التجارية اللبنانية Potion Kitchen من الدخول في مجال الصحة الجمالية باستخدام مكونات عضوية من البيئة المتوسطية، وبرزت، على صعيد آخر، شركة Affectiva الناشئة التي شاركت في تأسيسها رنا القليوبي من مصر، وقامت بتطوير تقنية الذكاء الاصطناعي للتعرف على المشاعر البشرية عبر الوظائف الفسيولوجية، الأمر الذي أدى إلى إدراجها على عدة قوائم عالمية كـCB Insights AI و Forbes AI.
ومع هذه الأمثلة لقصص تبعث على التفاؤل، فإننا نشهد مرحلة استثنائية لمشاركة فاعلة للنساء في الشرق الأوسط فهن يمهدن الطريق بجدارة لتحقيق مستقبل مزدهر، حيث يشير المشهد الاقتصادي لدول المنطقة بأن خطط الاستثمار في الطاقات النسائية حافلة بالمبادرات المؤثرة والحلول المبتكرة، سواء جاءت بصيغة الدعم الحكومي أو برامج القطاع الخاص، ليس لدفع عجلة النمو الاقتصادي فحسب، بل من أجل بناء مجتمع أكثر إنصافا واستقرارا، فلريادة الأعمال دور مهم في تحقيق الاستقلالية المالية للمرأة ومعها أفراد أسرتها، وتزويد الجيل القادم من الفتيات والشابات بنظرة متجددة وأفق واسع للانطلاق بثقة لمتابعة مساراتهن الخاصة.
* *مقال منشور للأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة على موقع المنتدى الاقتصادي العالمي