حسن الستري
اتساقاً مع آخر تعديل طال اللائحة الداخلية للمجلس المنتخبأبدت الحكومة موافقتها على مشروع قانون مقدم من مجلس الشورى يتضمن توحيد القواعد التي تحكم المسائل الإجرائية الجوهرية بين مجلسي الشورى والنواب، بما يكفل النأي بها عن مثالب التعارض والتناقض، فضلاً عن تحقيق المساواة بين أعضاء مجلسي الشورى والنواب في الاستقادة من جواز إعادة التعيين أو التوظيف لعضو مجلس الشورى بالحكومة شأنه في ذلك شأن عضو مجلس النواب.
ويأتي المشروع الشوري بعد صدور المرسوم بقانون رقم 38 لسنة 2022 بتعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب، وذكرت الحكومة أن المشروع يحقق غاية المشرع الدستوري في توحيد الأحكام المتماثلة المنظمة لكل من مجلسي الشورى والنواب، ذلك أن المرسوم الأخير تناول الاحكام المشتركة بين المجلسين، التي تناول لدستور العديد منها، وتتمثل السمة البارزة لأغلب تلك الأحكام المشتركة أنها إجرائية تتعلق بالعملية التشريعية، وبنظام سير العمل في كل من مجلس الشورى ومجلس النواب ولجانهما.
واشتمل التعديل الذي أدخل على الفقرة الأخيرة من المادة 38 منح كل من الرئيس ورئيس اللجنة ومقرر الموضوع والحكومة حق طلب تأجيل مناقشة التقرير لمدة لا تزيد على شهر بما يكفل إعطاء مرونة وصلاحية أكبر، وهو ما سينعكس على دراسة الموضوع بصورة أعمق ويسهم في النهوض بجودة التشريع، وبما يحقق التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية على النحو المقرر بالدستور.
وتناول مشروع القانون المواد 64 و66 و67 و68 بتعديلات يمنح بموجبها صلاحيات جديدة لرئيس مجلس الشورى لمباشرة اختصاصاته في إدارة الجلسات والمناقشات، واتخاذ الجزاء المناسب في مواجهة العضوالمخالف لأحكام اللائحة، ووضع آلية واضحة لاتخاذه الإجراءات المناسبة في حينها، وبما يتناسب مع كل ممارسة دون أن يسلب ذلك حق المجلس في اتخاذ ما يراه مناسباً من جزاءات بحسب ترتيبها في المواد المذكورة، وذلك بهدف فرض النظام بشكل أوسع.
وجاء التعديل الذي أدخل على المادتين 74 و107 لمعالجة مسألة الاختلاف الدائم بشأن أولوية طرح الاقتراحات بالتعديل على مشروعات القوانين أثناء الجلسة، بحيث يكون الضابط لعرض تلك الاقتراحات هو أسبقية تقديمها، بدلاً من ترتيبها على أساس الأوسع مدى والأبعد عن النص الأصلي.
ويتيح التعديل على المادة 101 للحكومة الحق في طلب استمرار النظر في مشروعات القوانين التي لم يفصل فيها المجلس السابق؛ وذلك عند افتتاح دور الانعقاد الأول من كل فصل تشريعي، وإنه يتناسب مع اعتبارها السلطة التي تعمل على إعداد برنامج الحكومة وتحديد متطلباته وملاءماته التشريعية مع بداية كل فصل تشريعي، فضلاً عما تقدم فإنه يكون لأعضاء السلطة التشريعية تقديم ما يرونه من الاقتراحات بقوانين وفق ما هو مقرر من أحكام في هذا الشأن، وذلك أسوة بالتعديل الذي تضمنه المرسوم بقانون رقم 38 لسنة 2022 في شأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب، وحتى ينسجم العمل في بداية كل فصل تشريعي بين كلا المجلسين والحكومة فيما يخص مشروعات القوانين التي لم يفصل فيها المجلس السابق والأولويات التشريعية للمملكة، وهو ما جرى عليه العمل في لائحتي مجلسي الشورى النواب في عام 2002.
وذكرت الحكومة أنه جرى العمل خلال الفصول التشريعية السابقة على تقديم اقتراحات آنية بشكل منفرد قبل الجلسة مباشرة أو أثناءها، بما قد يؤثر سلباً على البنيان التشريعي لمشروعات القوانين، ولمعالجة هذا الوضع، تناول مشروع القانون الفقرة الأخيرة من المادة 104 بتعديل تضمن وضع ضوابط إجرائية خاصة باقتراحات التعديل المشار إليها؛ بحيث يكون طلب التعديل موقعاً من 5 أعضاء على الأقل وأن يكون التعديل مصاغاً ومسبباً، بما يضمن أن يكون اقتراح التعديل المقدم قد تم بعد دراسته بصورة كاملة، وهو ما استتبع تعديل الفقرة الأخيرة من المادة 105 بمنح رئيس المجلس ورئيس اللجنة الحق في طلب إحالة الاقتراح إلى اللجنة، بعد أن كان هذا الحق مقرراً للحكومة ومقرر اللجنة فقط، كما أوجب التعديل إجابة طلب الإحالة إذا لم يسبق نظر الاقتراح أمام اللجنة.
وتضمن المشروع إضافة فقرة أخيرة إلى المادة 43 تنظم آلية الحفاظ على سرية ما يدور في الجلسات التي يتقرر عقدها سرية، بما يحقق غاية انعقادها سرية، وعدم إفشاء ما تم بها سواء أثناء الجلسة أو بعدها، وذلك أسوة بما تضمنه المرسوم بقانون رقم 38 لسنة 2022 المشار إليه، وتوحيداً للقواعد الإجرائية المشتركة التي تنظم عمل مجلسي الشورى النواب ونظام سير العمل في كل منهما. وحيث أجازت المادة (209) مكرراً من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، المضافة بالمرسوم بقانون رقم 38 لسنة 2022 إعادة تعيين أوتوظيف عضو مجلس النواب إذا كان قد شغل وظيفة عامة وتخلى عنها بسبب عضويته في المجلس، وذلك عند انتهاء مدة عضويته بانتهاء الفصل التشريعي، وتحقيقاً للمساواة بين أعضاء السلطة التشريعية بمجلسها؛ فقد كان من الضروري، إقرار ذات الميزة لأعضاء مجلس الشورى من خلال إضافة نص مماثل إلى اللائحة الداخلية لمجلس الشورى، تضمنته الفقرة الأولى من المادة 170 مكرراً، المضافة بموجب المادة الثانية من المشروع. بموجبه يجوز إعادة تعيين أو توظيف عضو مجلس الشورى الذي كان يشغل وظيفة عامة وتخلى عنها بسبب عضويته في مجلس الشورى في وظيفة مماثلة عند انتهاء الفصل التشريعي، كي يؤدي عضو مجلس الشورى مهامه وهو مطمئن إلى غده ومستقبله الوظيفي، وهو ما ينعكس إيجابا على أدائه وعطائه ويكفل المساواة لأعضاء مجلس الشورى الذين تتو افرفيهم شروط تطبيق النص، مع نظرائهم في مجلس النواب لاتحاد مراكزهم القانونية في هذا الشأن.
وبذلك تكون جميع التعديلات التي اشتمل عليها مشروع القانون مماثلة لذات التعديلات التي تضمنها المرسوم بقانون رقم 38 لسنة 2022 سالف الذكر، ووردت على المواد المقابلة لها، فضلاً عن توحيد المزايا التي يتمتع بها أعضاء السلطة التشريعية بمجلسيها حتى تغدو الاختصاصات المشتركة بين المجلسين محكومة بقواعد موضوعية وإجرائية موحدة تحقيقاً لرغبة المشرع الدستوري في هذا الشأن بما ينأى باللائحة الداخلية لمجلس الشورى عن التعارض ومخالفة غاية المشرع الدستوري المشار إليها.
وطلبت الحكومة حذف الفقرة الثانية من المادة 170 مكرراً، المقترح إضافتها لأنها تضمنت؛ حكماً مفاده، جواز إعادة تعيين عضو مجلس الشورى الذي انتهت عضويته، عند انتهاء الفصل التشريعي الخامس، والهدف من إضافة الفقرة ـ بحسب ما ورد في المذكرة الإيضاحية للاقتراح بقانون ـ مساواة الأعضاء المشار إليهم بأقرانهم من أعضاء مجلس النواب الذين انتهت عضويتهم بانتهاء الفصل التشريعي الخامس، إعمالاً لمبدأ المساواة المقرر بالدستور. والواقع أن عدم تضمين الفقرة في مشروع القانون لا يتضمن أي إخلال بمبدأ المساواة.
ذلك أن، مؤدى المادة 124 من الدستور أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها، ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وفي غير المواد الجنائية، وبأغلبية خاصة عند التصويت على القانون.
وبذلك تسري القاعدة القانونية اعتباراً من تاريخ العمل بها على الوقائع التي تتم في ظلها، فإذا حلت محل القاعدة القديمة قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لكل من القاعدتين، وتظل المراكز القانونية التي اكتمل تكوينها وترتبت آثارها في ظل القانون القديم، خاضعة لحكمه وحده. وأن ما يرد من قواعد في قانون لاحق إنما ينطبق بأثر فوري مباشر على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين.
ومن حيث أن المرسوم بقانون رقم 38 لسنة 2022 سالف الذكر، قد صدر في 23 أكتوبر 2022، وتضمن نصاً يجوز بموجبه إعادة تعيين أوتوظيف العضو إذا كان قد شغل وظيفة عامة وتخلى عنها بسبب عضويته في المجلس وذلك عند انتهاء مدة عضويته بانتهاء الفصل التشريعي، وتطبيقا للمادة 124 من الدستور، يسري حكم هذا النص ويطبق بأثر فوري مباشر اعتباراً من التاريخ المحدد لنفاذه، وهو 28 أكتوبر2022، على عضو مجلس النواب المتمتع بصفة العضوية، في تاريخ نفاذ المرسوم بقانون المشار إليه، طالما أن حكمه قد أدركه قبل انتهاء عضويته، وتوافرت فيه الشروط التي تطلبها القانون، وبذلك فقد أصبح في مركز قانوني مختلف عملا بنص المادة 124 من الدستور، أما عضو مجلس الشورى المنتهية عضويته بانتهاء الفصل التشريعي الخامس، فيسري في شأنه أحكام اللائحة الداخلية لمجلس الشورى القائمة، والتي لم تتضمن نصاً مماثلاً في ذلك الحين، ومن ثم لم ينشأ له أي مركز قانوني مماثل في شأن جواز إعادة التعيين أو التوظيف، وبقدر ما بين المركزين المشار إليهما من تغاير فرضته أحكام المادة 124 من الدستور، يفقد هذين المركزين تعادلهما، ولا تجمعها تلك الوحدة التي تقتضي تساويها في الآثار التي يرتبها النص المشار إليه، ومن ثم ينتفي مناط التسوية لاختلاف المركز القانوني.