رزان رضي

في أحد الأيام وبينما أنا جالسة أتصفح السوشل ميديا، استوقفتني مقتطفات من مقابلة لمدربة الثقافة الحياتية الأستاذة هالة كاظم مع مرشدتها إلين كيني، حيث شدني عمق الحديث، قوة التواصل، وجمال الانسجام بينهما مما دفعني لمشاهدة المقابلة الكاملة، كم كانت جميلة تلك المقابلة التي أدعو كل شاب وشابة يحمل عنفوان الشباب ويبحث عن معنى الحياة لمشاهدتها.

ما يُميز تلك المقابلة أنها تدفعك للتفكير في جميع مراحل العمر، وكيف أن النهايات ما هي إلا امتداد لنوايا البدايات، إلين كيني قد تجاوزت السبعين من عمرها وقد قضت سنوات من عمرها في كندا نيويورك ودبي كمستشارة نفسية، وقبل كل ذلك هي روح جميلة مفعمةُ بالحياة فلك أن تتصور عمق تجاربها على مر السنوات.

تحدثت إلين عن مشاركتها في مجموعة دعم حول التقدم في السن وطرحت فيه تحديات التقدم في العمر كامرأة بشكل خاص وكإنسان كذلك بشكل عام، وكيف يصعب على الإنسان تقبل نهاية مسيرته المهنية، وتقبل نضج أبنائه واستقلاليتهم إضافة إلى تحدياته الجسدية.

ولعل أكثر ما لفت انتباهي في شخصية إلين هي انشراحة ملامح وجهها ولمعة عينيها وهي تتكلم عما يشعل شغفها ويُبهج أيامها خصوصاً وأنها أصبحت تمارس ما يحلو لها الآن مع متسع من الوقت، فعندما تقل الالتزامات والارتباطات تُتاح للفرد المساحة للحب والشغف ليُثمر ذلك إن كنت قد زرعت تلك البذور وأنت في ريعان الشباب، فما أجمل أن يكبر وعي الإنسان وإدراكه للمعنى الحقيقي من الحياة مع سنه ليكون التاج الذي يُتوج به حياته.

ومن هنا عزيزي الشاب وعزيزتي الشابة أدعوكَ وأدعوكِ لزرع بذور ما نحب وما يُشغف روحنا من الآن، فهذا ما سيظل ويُثمر إضافة إلى إنجازاتك وممتلكاتك، الحياة كلها تحديات ولكن بهجة الروح لا عمر لها، بل ويزداد بريقها بمجرد انتباهك لها ورعايتك لها، أيضاً ابحث دائماً عن تلك الأرواح التي تطمح إلى عمق التجارب وترى الجمال بكل أشكاله، صوره، وتستشعر مشاعره.

ومن هنا أيضاً أدعو أصحاب الحكمة واليقين أن تسمحوا بتمرير ثراء تجاربكم للأجيال القادمة، فمعكم وبكم تغدو الصورة أجمل أعمق وأكمل.