تشارك مملكة البحرين، دول العالم في الاحتفال السنوي بمناسبة اليوم الدولي للسلام، في الحادي والعشرين من سبتمبر من كل عام، وهي متقدمة للصفوف إقليمياً وعالمياً عبر جهودها الحثيثة لإرساء الأمن والسلام الدوليين، وتكريس ثقافة التعايش والتسامح والانفتاح على الآخر دون تمييز بين دين، أو عرق، أو ثقافة، أو لون.وقد خصصت الأمم المتحدة هذا اليوم السنوي عام 1981 ليكون يوماً رمزياً تعيش فيه البشرية 24 ساعة بلا عنف أو اقتتال أو إطلاق نار، وليكون فرصة لاعتماد لغة الحوار والتفاهم والعيش المشترك بين جميع شعوب الأرض.ويحلّ اليوم الدولي للسلام هذا العام رافعاً شعار: (العمل من أجل السلام.. طموحنا لتحقيق الأهداف العالمية)، فيما يمثل دعوة للعمل الجماعي في سبيل تعزيز السلام وإسهامه في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي سيؤدي تحقيقها إلى تكوين ثقافة السلام لجميع الشعوب.كما تأتي احتفالية 2023 متزامنة مع مؤتمر القمة المعني بأهداف التنمية المستدامة الذي استضافته مدينة نيويورك في الفترة من 18 إلى 19سبتمبر الجاري، للاحتفال بمنتصف فترة إنجاز الدول لخططها المستقبلية بتبنيها أهداف التنمية المستدامة التي أطلقتها الأمم المتحدة عام 2000 فيما تعرف برؤية 2030، حيث يمثل العام 2023 عاما يتوسط بلوغ المدة المستهدفة.ويحلّ اليوم الدولي للسلام، ومملكة البحرين تمثل رمزًا ونموذجاً يحتذى به في السلام بين مختلف الأديان والمذاهب والثقافات والأعراق، وذلك بفضل الرؤى السديدة والقيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، الذي بسط قيم السلام وعززها في أوساط المجتمع المحلي، والخطط والجهود الحكومية المتواصلة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر رؤية البحرين 2030 الرامية إلى إرساء دعائم الوحدة الوطنية والمحبة بين جميع من يعيشون على أرض مملكة البحرين من مواطنين ومقيمين وزوّار.لقد استطاعت مملكة البحرين عبر الزمن أن تكون الأرض الحاضنة للجميع من مشارق الأرض ومغاربها للتنعّم بالعيش الآمن المستقر دون تمييز، ونجحت في أن يكون السلام هو نهجها الراسخ وخيارها الاستراتيجي الثابت الذي ينتصر لمبدأ "الأخوة الإنسانية" ونبذ الخلافات، والقبول بالاختلافات، وتبني لغة الحوار والدبلوماسية، ونشر ثقافة التسامح والتعايش والمحبة بشكل حضاري يعبر عن قيم وأصالة ووعي شعب البحرين.وفي هذا اليوم العالمي، يستذكر المجتمع الدولي قاطباً بكل الفخر والتقدير والإشادة، المبادرات السامية لجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، في هذا الخصوص كإنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي عام 2018، وتدشين "كرسي جلالة الملك للحوار بين الأديان ودراسات التعايش السلمي" في جامعة سابيانزا العريقة بإيطاليا، فضلاً عن تدشين وإطلاق لبرنامج "الملك حمد للإيمان - في القيادة"، بالتعاون مع جامعتي أوكسفورد وكامبريدج ببريطانيا، و"برنامج السلام السيبراني لتعزيز التسامح والتعايش بين الشباب في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.وإسهاماً في زيادة الوعي الإقليمي والعالمي بأهمية احترام الأديان وتقبل الآخر لتحقيق السلام والوئام بين مختلف الشعوب والمجتمعات، أطلق مركز الملك حمد للتعايش السلمي في يوليو عام 2021، "وسام الملك حمد للتعايش السلمي" الذي صُنف بأنه وسام استثنائي لتكريم خيرة الشخصيات والمنظمات العالمية الداعمة للقيم الإنسانية النبيلة.كما احتضنت مملكة البحرين في نوفمبر 2022 "ملتقى البحرين للحوار: الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني" برعاية سامية من جلالة الملك المعظم، تزامناً مع الزيارة التاريخية التي قام بها قداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان لمملكة البحرين، بحضور فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، حيث أكدت البحرين ومن خلال استضافة أكثر من 100 شخصية دينية عالمية للحوار على أرضها بكل انفتاح وتسامح، على الدور الدولي الذي تلعبه المملكة من أجل التقريب بين الشعوب تكريساً للسلام إلى جانب الدور الذي تقوم به الدبلوماسية البحرينية في الخارج، ومؤسسات المجتمع المدني والقوى الناعمة الداعمة للإخاء والإنسانية وحقوق الإنسان.وفي احتفالية ضخمة أقيمت بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية مطلع أغسطس المنصرم، تحت رعاية جلالة الملك المعظم، دشنت مملكة البحرين ممثلةً في مركز الملك حمد للتعايش السلمي، "جائزة الملك حمد للتعايش السلمي"، بحضور لفيف من المسؤولين والسفراء والدبلوماسيين وقيادات دينية، وشخصيات رفيعة ونخب إعلامية وحقوقية، يتقدمهم السيد مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي السابق.والجائزة التي تم تدشينها الشهر الماضي، كان قد تم الإعلان عن إطلاقها خلال ملتقى البحرين للحوار "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني" الذي احتضنته المملكة العام الماضي، وتمثل انعكاساً لرؤية جلالة الملك المعظم بضرورة أن يستقر حق الاختلاف في وجدان الناس، كحق إنساني، حضت عليه جميع الأديان والمواثيق الدولية.كما تحمل الجائزة في طياتها معان مهمة، ودلالات رمزية عميقة باعتبارها تحمل اسم جلالة الملك المعظم، الذي يُنظر له كقائدٍ استثنائيٍ، يمتلك منهاج عمل مستنير، لترسيخ موقع مملكة البحرين كمركز عالمي لتعزيز التقارب الحضاري بين أتباع الأديان ومختلف الثقافات.وفيما تمثل رؤية حكيمة لعالم أكثر سلاماً واستقراراً، جاء إطلاق جلالة الملك المعظم دعوة عالمية لإقرار اتفاقية دولية لتجريم خطابات الكراهية الدينية والطائفية والعنصرية بجميع صورها، وذلك في كلمة سامية وجهها جلالته في افتتاح اجتماعات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في دورتها السادسة والأربعين بعد المئة، التي استضافتها البحرين في مارس الماضي من العام الجاري، حيث أكد جلالته على ضرورة أن تتضمن الاتفاقية منع إساءة استغلال الحريات والمنصات الإعلامية والرقمية في ازدراء الأديان أو التحريض على التعصب والتطرف والإرهاب، والعمل الجماعي على نشر ثقافة السلام والتفاهم وقبول الآخر، وتعزيز عرى التآخي والصداقة بين الأمم، وإدماج هذه القيم وتعميمها في المناهج التعليمية والأنشطة الدينية والثقافية والرياضية، استرشادًا بمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ودعوة الأديان كافة إلى التسامح والمحبة.إن مملكة البحرين بذلك ولا زالت تبذل جهوداً كبيرة لتكريس نهج السلام والإخاء الإنساني بين الشعوب، وتبني مبادئ التعايش السلمي والبناء عليها كثمرة للمسيرة التنموية الشاملة التي أرسى دعائمها جلالة الملك المعظم، فلا عجب أن تتقدم المملكة الصفوف بمبادراتها الدولية، خصوصا وأنها كانت قبل آلاف السنين من أوائل الدول في المنطقة التي كان لها تجارب تاريخية فريدة وملهمة في مجال التعايش والحريات وحقوق الإنسان والعيش بسلام.