تشارك مملكة البحرين الأشقاء في المملكة العربية السعودية الاحتفال بالذكرى الثالثة والتسعين لليوم الوطني، الذي يصاف 23 سبتمبر من كل عام، احتفاءً بما يربط بين البلدين من المحبة والتعاون، وما تتميز به العلاقات الثنائية من خصوصية متفردة، وتقديرًا لما تمثله المملكة العربية السعودية الشقيقة من مكانة رفيعة ودور رائد ومؤثر وثقل استراتيجي وجيوسياسي رفيع في المنطقة، وجهودها الإنسانية ومواقفها المساندة للقضايا العادلة، فضلاً مساعيها الخيرة والمتواصلة لنشر السلام والأمن والاستقرار في ربوع العالم، وما تبذله من جهود في صياغة القرار السياسي والاقتصادي العالمي ورسم ملامح مستقبل أكثر ازدهارًا لشعبها وأشقائها، وللبشرية جميعًا.وتعكس مشاركة مملكة البحرين في الاحتفال باليوم الوطني السعودي حقيقة راسخة وجلية؛ ألا وهي أن البلدين يجمعهما تاريخ ممتد ومتواصل من المودة والتوافق والتنسيق في كل المواقف، ولذلك فإن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، دائم التأكيد، وفي كل المناسبات على ما يربط بين البلدين الشقيقين من أواصر العلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة التي تستند على وشائج القربى والمحبة والتاريخ المشترك والمصالح المتبادلة، ودائمًا يعرب جلالته، حفظه الله ورعاه، عن تقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة حفظه الله ورعاه، وجهوده لتوحيد الصف العربي ودعم مسيرة التضامن العربي وخدمة القضايا العربية المصيرية، والدور المؤثر الذي تبذله المملكة العربية السعودية الشقيقة لتحقيق التطلعات والآمال الخليجية والعربية والإسلامية في الأمن والاستقرار والازدهار.كما أن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، أيضًا يؤكد دائماً على أن ما يربط البلدين الشقيقين علاقات أخوية تاريخية متميزة وثابتة أمر محل اعتزاز وفخر، وأن ما تشهده هذه العلاقات من تطور مستمر يرتكز على هذا التاريخ الطويل من صلات القربي، فضلا عن رعاية حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم وأخيه خادم الحرمين الشريفين، لهذه العلاقات لترتقي إلى آفاق أرحب على المستويات كافة، مقدرًا سموه جهود صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية الشقيقة، ودوره في النهضة الحالية لبلاده، وكذلك اهتمامه بتعزيز التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين.ومما لا شك فيه، فإن الاحتفال باليوم الوطني السعودي هو مناسبة لتسليط الضوء واستذكار وتوثيق التاريخ المشرف للمملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وما تشهده من نهضة عمرانية وحضارية، وتطور في مختلف مجالات الحياة، علاوة على ما تبذله من عطاء كبير ووافر من أجل الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية، إلى جانب رعايتها وعنايتها بالحرمين الشريفين وحرصها على الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام، وهو ما جعل المملكة العربية السعودية تحتل مكانة خاصة في قلوب الجميع، وتلك المكانة المستحقة ترتكز على العديد من المقومات التي لا يمكن حصرها، ولعل أبرزها:أولا: المكانة الدينية الرفيعة والكبيرة التي تتبوأها المملكة العربية السعودية في وجدان الشعوب الإسلامية والعربية باحتضانها للحرمين الشريفين والكعبة المشرفة، وقد استطاعت بكرم أهلها ومبادرات قيادتها الحكيمة في العناية والاهتمام بالأماكن المقدسة وتوسعتها، ومشروعاتها الرامية إلى خدمة الحجاج والمعتمرين كل عام، أن تحتل موقعًا هامًا في النفوس والقلوب، وأصبحت مبادراتها في هذا الشأن موضع فخر واعتزاز وتقدير.ثانيًا: الثقل الاستراتيجي والسياسي الذي تحظى به المملكة العربية السعودية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وما تنتهجه قياداتها الحكيمة منذ التأسيس وحتى اليوم، من سياسة خارجية تتسم بالتوازن والاعتدال، وما توليه من حرص على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة سواء من خلال العمل الخليجي المشترك، أو عبر بوابة التضامن والتكامل العربي، أو من خلال توطيد التعاون مع الدول الغربية والآسيوية، أو من خلال انضمامها واستضافتها للعديد من المنظمات الإقليمية والدولية، وما تبديه من خلال هذه المحافل من مواقف شجاعة وحازمة لنصرة القضايا العربية والإنسانية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.ثالثًا: الدور الإغاثي والإنساني المتميز الذي تقوم به المملكة العربية السعودية، مما جعلها بحق نموذجًا إنسانيًا يبادر إلى إغاثة وإنقاذ ورفع المعاناة عن الإنسان في كل مكان، حيث قدمت المملكة أكثر من 96 مليار دولار أمريكي كمساعدات إنسانية وإغاثية خلال الفترة بين 1996 و2023، استفادت منها 167 دولة حول العالم، كما أن مركز الملك سلمان للإغاثة منذ إنشائه في عام 2015م وحتى الآن نفذ ما يقارب 2402 مشروع إنساني في 92 دولة حول العالم، بقيمة تجاوزت ستة مليارات و248 مليون دولار أمريكي، حيث تبين هذه الأرقام والمبالغ المالية الطائلة الدور العظيم الذي تقوم به المملكة في هذا المجال، الأمر الذي جعلها ذات مكانة خاصة في مسيرة العمل الإنساني والدولي.رابعًا: المواقف المشرفة التي تتبناها المملكة العربية السعودية في دعم أشقائها وأصدقائها، ودورها الفاعل والمؤثر في حل الصراعات والنزاعات عبر الحوار والدبلوماسية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، إلى جانب جهودها في التصدي للإرهاب وتجفيف منابعه، ودعمها للعمل الدولي المشترك الذي يستهدف نزع أسلحة الدمار الشامل، والتصدي للتحديات العالمية الجديدة وفي مقدمتها تغير المناخ، والتحذير المستمر في كل المحافل الإقليمية والدولية من تداعيات هذه الأخطار على استقرار وأمن العالم.خامسًا: الدور القيادي الذي تقوم به المملكة العربية السعودية على المستويات الخليجية والعربية والإسلامية، وحرصها المستمر على الارتقاء بمجلس التعاون لدول الخليج العربية ليكون أكثر قدرة على تلبية تطلعات دوله وشعوبه في النماء والازدهار، إضافة إلى قيادتها لمنظومة العمل العربي المشترك وتبنيها لسياسة غايتها وحدة الصف من أجل نهضة عربية شاملة تعزز من مكانة الأمتين العربية والإسلامية في صناعة القرار الدولي، وبما يؤهل الأمة لأن تتقدم على ركب التنمية وفق معطيات وأسس مستدامة تحقق الخير في الحاضر والمستقبل.سادسًا: الريادة الاقتصادية المؤثرة والملهمة التي تتميز بها المملكة العربية السعودية بما تبنته من خطط واستراتيجيات تنموية جعلتها واحدة من أقوى 20 قوة اقتصادية مؤثرة على المستوى العالمي، وعنصرًا فاعلاً تتطلع إلى مواقفه الاقتصادية جميع الدول والتكتلات، واستطاعت القيام بدور مهم في ضبط الاقتصاد العالمي، من خلال مشاركاتها في "قمة مجموعة العشرين"، فضلا عما تشكله من ثقل في سوق الإنتاج النفطي العالمي ومن خلال منظمة "أوبك"، إلى جانب امتلاكها لقاعدة صناعية متنوعة ونشاط تجاري واسع مع العديد من دول العالم، ثم جاءت "رؤية السعودية 2030" لترسم ملامح مرحلة جديدة لتعزيز الدور الاقتصادي للمملكة، وذلك من خلال ما قدمته الرؤية من أفكار ومشروعات لتنويع مصادر الدخل الوطني وفك ارتباطه بالنفط، وقد ظهر أثره جليًا الآن في التطور الحاصل في شتى أوجه الحياة، ولاسيما في مجالات التنمية الاقتصادية والسياحة والنقل والمواصلات والبنية التحتية، والحياة الفنية والأدبية والثقافية والاجتماعية والرياضية.وعلى صعيد العلاقات القوية والأخوية بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية الشقيقة، فإن فصول التاريخ ووقائع الحاضر وتطلعات المستقبل جميعها تؤكد أنها كانت دائمًا، وستظل بإذن الله تعالى، ذات خصوصية فريدة على مستوى العلاقات بين الدول، فهي علاقات ترتكز إلى جانب السعي إلى تحقيق المصالح المتبادلة، على نسيج اجتماعي يربط بين شعبي البلدين، وأواصر من القربى والمصاهرة، مما جعل من الأفراح والأعياد بين البلدين واحدة.وتحتل المملكة العربية السعودية مكانة كبيرة في قلب كل بحريني، ومع ذكرى اليوم الوطني السعودي تزينت شوارع وطرق مملكة البحرين بأعلام المملكة العربية السعودية تقديرًا لها ولقيادتها الحكيمة، كما أن تنظيم العديد من الفعاليات السياحية والترفيهية بهذه المناسبة، هو أمر يأتي انطلاقا مما يربط بين البلدين والشعبين الشقيقين من علاقات تتجاوز في دلالاتها كل الكلمات، ولعل من أبرز المؤشرات التي تعكس عمق العلاقات بين البلدين الآتي:أولا: الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين الشقيقين، والتي تشهد أجواء من المحبة والتقدير، والتأكيد على تطابق وتكامل الرؤى والأهداف والمنطلقات بما يلبي الآمال المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين، ورغبتهما الأكيدة في توطيد أطر التعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والثقافية والتنموية، وعلى الجانب البحريني كانت آخر زيارة، التي قام بها حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله إلى الشقيقة السعودية في مايو 2023 لترؤس وفد مملكة البحرين في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية الثانية والثلاثين بالرياض، والزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله إلى المملكة العربية السعودية في أكتوبر 2022.أما من الجانب السعودي، فقد كانت الزيارة الأخيرة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى مملكة البحرين في ديسمبر 2021، التي شهدت عقد الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي البحريني، وأثمرت عن إطلاق 11 مبادرة اقتصادية بين البلدين تشمل مجالات الاقتصاد والطاقة والصناعة والتجارة، إلى جانب استهداف الصناديق السعودية لاستثمار خمسة مليارات دولار في مشاريع تنموية بمملكة البحرين.ثانيًا: تطابق الرؤى والمواقف بين البلدين الشقيقين تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية، في إطار نهج يقوم على وحدة الموقف والمصير المشترك، والعمل لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين والأمن والسلم في المنطقة والعالم، والعمل المشترك وتنسيق المواقف بما يعزز من تضامن واستقرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتطوير الشراكات مع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية، وتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط وعلى المستوى الدولي، وضرورة حل النزاعات بالطرق السلمية، وضرورة العمل المشترك في كل ما يحقق النفع والرخاء للدول والشعوب.ثالثًا: حجم التبادل التجاري بين البلدين، حيث تعد المملكة العربية السعودية أكبر شريك اقتصادي لمملكة البحرين بمبادلات تجارية تتجاوز قيمتها تسعة مليارات دولار أمريكي عام 2021، منها تجارة غير نفطية بقيمة 3.4 مليارات دولار، واستثمارات مباشرة بقيمة 9.96 مليارات دولار تعادل 30% من رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البحرين بنهاية سبتمبر 2021، إلى جانب نحو 89% من السياحة الواردة إلى مملكة البحرين، فضلا عما يربطهما من مبادرات مشتركة في مجالات الصناعة والتجارة والخدمات.رابعا: المكون التاريخي والاجتماعي والثقافي بين الشعبين الشقيقين، حيث يتشاركان في العادات والتقاليد، ارتكازًا على الروابط التاريخية والأخوية التي بناها الأجداد وتوارثها عنهم الآباء والأحفاد. ولتزداد قوة من خلال ما يجمعهما من روابط الدم والنسب والمصير المشترك، لترسم لوحة مشرقة من التلاحم والمودة والمحبة، التي تعززت في ظل ما يجمع بين قيادتي البلدين الشقيقين من علاقات متجذرة، ومساعيهما لبناء مستقبل أكثر إشراقًا للبلدين والشعبين الصديقين.خامسًا: حرص مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية على تعزيز أوجه الاستفادة المتبادلة مما لديهما من إمكانيات اقتصادية واستراتيجية، وما يجري تنفيذه من مشروعات وخطط للتطوير والنماء سواء من خلال الرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين 2030، أو "رؤية السعودية 2030"، انطلاقًا مما لدى البلدين من مناخ اقتصادي يدعم الانفتاح وتنويع مصادر الدخل وتسهيل استقطاب الاستثمارات من أجل رفد الاقتصاد الوطني في كل من البلدين بموارد تمكنها من استمرارية جهود البناء والتنمية الشاملة والمستدامة وتوفير مزيد من فرص العمل لمواطنيها.إن هذا غيض من فيض في مسيرة العلاقات بين البلدين والشعبين، وبالتأكيد فإن مشاركة مملكة البحرين في الاحتفالات باليوم الوطني السعودي كل عام، لخير دليل على متانة العلاقة بين البلدين والشعبين الشقيقين، وروح الأخوة والمحبة التي تربط بينهما، واحتفاءً لما تمثله هذه العلاقات من تاريخ ممتد وحاضر متميز ومستقبل مشرق بإذن الله، وحرص مشترك على التعاون بما يعود بالخير والنماء عليهما.