حسن الستري
العيش الكريم وحفظ مكانتهم الاجتماعية متوافرن على أرض الواقع

دعت الحكومة مجلس النواب إلى إعادة النظر في مشروع قانون نيابي ينص على جواز إعفاء المسن من بعض الرسوم التي تفرضها الدولة.

يشار إلى أن النص النافذ ينص على منح المسن تخفيضاً لا يقل عن 50 على الرسوم التي تفرضها الدولة ويصدر بها قرار من مجلس الوزراء.

وبينت الحكومة أن الغاية المرجو تحقيقها من مشروع القانون متوافرة، إذ إن من المقرر أن كل تنظيم تشريعي يفترض أن يفضي إلى بلوغ أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطاراً لمصلحة عامة يقوم عليها، إذ يجب ومشروع القانون ما زال مجرد فكرة، أن يتم البحث والاطلاع على كافة الأدوات التشريعية السارية ذات الصلة بالمجال المراد تناوله بالتنظيم عن طريق إصدار قانون جديد بشأنه، للتأكد من أن مشروع القانون المقترح قد أتى بجديد، فالمشرع يصوغ القوانين ليقرر بموجبها أحكاماً جديدة لمصلحة يقدرها، لا ليؤكد ذات المعاني والأحكام التي تتضمنها نصوص قائمة بالفعل. وإذ تخلص الغاية الأساسية من مشروع القانون وتتمثل الأهداف المرجوة من اقتراحه، في توفير العيش الكريم وحفظ المكانة الاجتماعية لكبار السن، وتوفير الأمن النفسي والاجتماعي لهم ومساعدتهم في الحصول على الخدمات التي تقدمها الدولة، وكانت هذه الأهداف متحققة على أرض الواقع من خلال الآتي:

1) قرار مجلس الوزراء الموقر رقم (08-2189) بتخفيض بعض الرسوم على الخدمات المشمولة لفئة كبار السن (خصم بنسبة 50% من رسوم البناء ورسوم شهادات إثبات الملكية ورسوم البلدية لإيجار البيوت والشقق التي تحصلها وزارة شؤون البلديات، ورسوم تجديد رخصة السياقة، وتجديد سجل المركبة وتجديد جواز السفر التي تحصلها وزارة الداخلية، ورسوم إصدار بطاقة الهوية التي يحصلها الجهاز المركزي للمعلومات ورسوم إصدار استقدام خادم ورسوم تجديد رخصة العامل التي تحصلها وزارة العمل من خلال هيئة تنظيم سوق العمل، ورسوم الغرف الخاصة في مستشفى السلمانية الطبي التي تحصلها وزارة الصحة، وخصم مبلغ لا يتجاوز عشرة دنانير شهرياً من فاتورة الكهرباء والماء لمنزل واحد فقط يسكنه المسن)، وكذلك أنظمة الدعم المالي المختلفة، والخدمات التي تقدمها الدور والأندية الاجتماعية ودور الإقامة الدائمة التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، ومشروع «جودة حياة المسن» وعبر توفير الأجهزة التعويضية للمسنين. ويأتي قرار مجلس الوزراء الموقر سالف الذكر إعمالاً لنص المادة (9) من القانون رقم (58) لسنة 2009 بشأن حقوق المسنين، وفي ضوء الفقرة (ج) من المادة الخامسة من الدستور التي تنص على أن «تكفل الدولة تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل، أو اليتم، أو الترمل، أو البطالة، كما تؤمن لهم خدمات التأمين الاجتماعي والرعاية الصحية».

2) القرار رقم (37) لسنة 2023 بتعديل القرار رقم (47) لسنة 2014 بإعفاء المسنين من نصف الرسوم المقررة لتجديد جواز السفر.

3) القرار رقم (48) لسنة 2014 بإعفاء المسنين من نصف الرسوم المقررة لتجديد شهادة تسجيل المركبات وتجديد رخص القيادة.

ومن ثم، فإن قرار مجلس الوزراء المشار إليه، وكذا القرارات الصادرة عن الوزارات المعنية في هذا الشأن والتي تأتي إعمالاً لنص المادة (9) من القانون رقم (58) لسنة 2009 بشأن حقوق المسنين، كما أن نطاق تخفيض الرسوم التي تفرضها الدولة اشتمل على حد أدنى لا يقل عن (50%)، وبالتالي يمكن تجاوزه بنسبة أكبر وفقاً لما يصدر بشأنه قرار من مجلس الوزراء، الأمر الذي يفضي إلى أنه لا وجه للتعديل المقترح الذي اشتمل عليه الاقتراح بقانون الذي نحن بصدده، لتوافر الغاية المرجو تحقيقها من مشروع القانون.

ونوهت الحكومة إلى أن مشروع القانون يخل بالميزانية العامة للدولة وبرنامج التوازن المالي، إذ إنه من المقرر وفقاً للمحكمة الدستورية أن «الرسم هو مبلغ من المال تحدده الدولة ويدفعه الفرد جبراً في مقابل ما تقدمه له من خدمة أو منفعة خاصة، وقد مايز المشرع الدستوري بين الضرائب والرسوم؛ فالضرائب لا تقرر أو تعدل أو تلغى إلا بموجب قانون صادر عن السلطة التشريعية، وأما فيما يتعلق بالرسوم فقد سلك الدستور في شأنها مسلكاً آخر، فيما يخص أداة فرضها، بأن أجاز للسلطة التشريعية أن تفوض السلطة التنفيذية في تنظيم أوضاعها، وتحديد أنواعها وتقدير قيمتها، بما يحقق الغاية المرجوة من فرض الرسوم.

وذكرت الحكومة أن القيود التي قيد بها الدستور السلطة التشريعية في تفويضها للسلطة التنفيذية في شأن الفرائض المالية الأخرى غير الضريبة العامة، تتفق وكون هذه الفرائض مصدراً لإيرادات الدولة، ووسيلة من وسائل تدخلها في التوجيه الاقتصادي والاجتماعي، تأكيداً لإتاحة الفرص المتكافئة للحصول على الخدمات العامة التي تؤديها الدولة حتى لا تكون الرسوم مجرد وسيلة جباية لا تقابلها خدمات حقيقية يحصل عليها من يدفعها، ولا يتأتى ذلك كله إلا بمسلك متوازن من المشرع لا يكتفى فيه بمجرد إقرار مبدأ فرض الرسم، وإنما يتم تحديده في نطاق السياسة المالية التي تنتهجها السلطة التشريعية في مجال تحديد الإيرادات وضبط الإنفاق، وكفالة تقديم الخدمات التي تلتزم بها الدولة على أساس من العدل الاجتماعي.