أيمن شكل
أقرت محكمة التمييز حكم براءة ممرضتين من تهمة الخطأ الطبي المتسبب بوفاة جنين اختناقاً، وأكدت على أن تقرير اللجنة لا يعدو أن يكون تقريراً فنياً غير ملزم ولا يصادر سلطة القاضي وحريته في تقدير الدليل المستمد منه، وله أن يكون عقيدته في النزاع من الدليل الذي يطمئن إليه، حيث رجح التقرير الخطأ الطبي سبباً للوفاة دون أن يؤكدها.

وحول تفاصيل القضية أشارت المحامية رحاب المقهوي، وكيلة الممرضتين إلى أن النيابة العامة قد أحالت الممرضتين إلى المحكمة الصغرى الجنائية الخامسة بتهمتين، الأولى وهي التسبب بخطئهما في وفاة الجنين نتيجة إخلالهما بما تفرضه عليهما أصول مهنتهما، كما تسببا في المساس بسلامة جسم المجني عليها «الأم»، وارتكنت تدليلاً على ذلك إلى تقريري الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، واللذان انتهيا لوجود خطأ طبي من المتهمتين تمثل في عدم قدرتهما على قراءة تخطيط نبض الجنين بصورة صحيحة مما أدى إلى اختناقه وقصور الأكسجين لديه لمدة لا تقل عن ساعتين.

وأشارت المحامية المقهوي إلى أن تقرير اللجنة قد جاء «مرجحاً» لسبب موت الطفل لا جازماً به، بما لا يتصور معه التعويل عليه في إدانة المتهمتين، وقالت إن الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين لا الظن والتخمين، ودليل ذلك ما ثبت بتقرير اللجنة الفنية لتقرير الأخطاء المهنية والاخلاقية لمزاولي مهنة الطب البشري وتحديداً بالبند رقم 6 بالصفحة التاسعة منه أنه بمناقشة الحالة مع الخبراء الفنيين في اللجنة أن الأرجح أن موت الطفل قد حدث لسبب إهمال تخطيط نبض الجنين الغير الطبيعي خلال الثلاث ساعات الماضية قبل ولادة الجنين. وقالت محكمة أول درجة في حكمها ببراءة الممرضتين إن ما ارتكنت عليه النيابة في إسناد الاتهام لا يكفي لإثبات الجريمة المسندة إليهما، وذلك لعدم اطمئنان المحكمة إلى تلك الأدلة وخلو أوراق الدعوى من دليل يصح معه إدانتهما، وأوضحت المحكمة بالنسبة للجريمة محل البند ثانياً أن أوراق الدعوى خلت تماماً مما يفيد تعرض المجني عليها «الأم» لثمة إصابة من خلال الواقعة محل الدعوى ولم يعزز ذلك الاتهام ثمة أقوال أو شهادة من أي طرف من أطراف الدعوى وبما فيهم المجني عليها بحد ذاتها التي لم تفيد بأنها تعرضت لإصابة أثناء عملية الولادة وجاءت التقارير الفنية كذلك خالية من ثمة تطرق لتعرض المجني عليها لأية إصابة.

وأضافت المحكمة: ولكل ما تقدم زادت غلة الشك على اليقين في وجدان المحكمة بشأن التهمتين المسندتين للمتهمتين الأمر الذي يتعين معه الحكم بالبراء، فطعنت النيابة على الحكم بالاستئناف حيث أيدت المحكمة حكم أول درجة، فطعنت عليه بالتمييز.

وأشارت محكمة التمييز إلى أن تأسيس إدانة المتهمتين ومعاقبتهما على ظن واحتمال، يتعارض مع الأحكام الجنائية، ولكي تجزم المحكمة بوجود خطأ طبي من قبل المتهمتين للقضاء بإدانتهما، لا بد أن تفصح الأوراق أن إتيانهما فعلاً مادياً أو الامتناع عن أداء عمل واجب عليهما، قد أدى إلى حدوث الوفاة للمولود سيما وأن دخول المجني عليها غرفة العمليات وإجراء عملية الولادة للجنين الذي توفي في حينه يكون قد تداخلت عدة عوامل أخرى أو إجراءات صحية لم تفصح عنها الأوراق من أي من العاملين والقائمين على عملية التوليد أو العناية المبدئية بالطفل، وهو ما يساور وجدان المحكمة الشك في توافر علاقة السببية بين الخطأ والنتيجة.