أوروبا لا تزال تلعب دوراً هاماً في الشؤون العالميةأكد نبيل بن يعقوب الحمر، مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام، بأن تاريخ العلاقات بين الدول العربية وأوروبا قديم ومعقد، حيث شهدت تحديات ومشاكل عديدة على مر العصور.وأضاف في كلمة له ضمن ندوة بمنتدى أصيلة بالمملكة المغربية، أنه وخلال القرون الثلاثة الماضية كانت أوروبا مهيمنة على العالم، ومن ضمنها منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا المنطقة العربية، وكانت في صعود عبر ديناميكية الدولة المستعمرة وعبر ديناميكية نشر التنوير والثورة الصناعية والنظم الديمقراطية الليبرالية، كما كانت النموذج للنظام السياسي والاقتصادي والفكر الحر.وأضاف الحمر، أن التساؤلات تطرح عن ما إذا كانت أوروبا قادرة على الاستمرار في تواصل الصعود أم أنها بدأت ودخلت في مراحل السير نحو الانحدار والخروج من التاريخ.وأشار إلى أن نوازع القوة والانحدار والخروج من التاريخ في أوروبا وغيرها هو موضوع شائك ومعقد يتعلق بتحوّل الدول والشعوب والتأثيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تؤثر في هذا السياق، كما لا يوجد حالياً أي دليل على أن أوروبا تخرج من التاريخ أو تنحدر بشكل ما، والواقع أن أوروبا لا تزال تلعب دوراً هاماً في الشؤون العالمية وتحتفظ بتاريخ غني وتراث ثقافي واقتصادي قوي، ويمكن أن توجد بعض التحديات والمشكلات التي تؤثر على بعض الدول الأوروبية بشكل أكبر من غيرها، وهذا لا يعني أنها تدخل في مرحلة الانحدار التاريخي.ونوه الحمر إلى أنه لا يمكن اعتبار أوروبا خارجة عن التاريخ، أو بدأت مرحلة الانحدار، حيث لا يزال لديها تأثير كبير على الساحة العالمية، ومن خلال العمل المشترك والتكامل الأوروبي يمكنها الاستمرار في الحفاظ على تأثيرها وتحقيق التقدم والتطور في العديد من المجالات، كما يمكنها أن تستمر في لعب دور بارز في الشؤون العالمية من خلال العمل المشترك والتحالفات والتفاعل مع التحديات الجديدة بعيداً عن العقلية الاستعمارية والهيمنة التي كانت تمارسها مع دول العالم، وبشكل خاص الدول العربية والقارة الأفريقية، حيث لم تعد هذه دول تقبل الهيمنة والرضوخ لأية قوة والاستكانة لأية جهة في استباحة الثروات التي لديها.وأشار إلى وجود تحديات تواجه أوروبا، ولكنها تحديات جاءت ضمن الدور الذي اضطلعت به، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، طيلة القرون الماضية من الهيمنة على مناطق كثيرة في العالم ومسؤولياتها في هذا الجانب، وأن من بين هذه التحديات التي تواجهها اليوم الأزمات المالية التي تعرضت لها بعض دولها خلال العقد الماضي، والتي تسببت في صعوبات اقتصادية واضطرابات سياسية في بعض الحالات.وتطرق مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام، إلى مسألة الهجرة واللاجئين، والتي شهدتها أوروبا في السنوات الأخيرة، وهو ما أثر على الاستقرار السياسي والاقتصادي في بعض دولها وظهور التخوف من الصراعات العرقية، حيث إن هناك تحديات سياسية داخلية، وما تعانيه بعض الدول الأوروبية من التوترات السياسية الداخلية والانقسامات الاجتماعية والثقافية التي قد تؤثر على القدرة على اتخاذ قرارات موحدة والتعاون الفعال بين الدول الأعضاء.وأوضح أن تحديات الأمن والتهديدات الإرهابية والجريمة المنظمة والتحديات الأمنية الأخرى قد تعزز المخاوف بشأن استقرار أوروبا وتؤدي إلى التأثير السلبي عليها، وهي مخاوف قد تكون موضع تصورات وآراء مختلفة، وقد تختلف الآراء بين الأشخاص المختلفين بشأن مدى تأثير هذه العوامل ومستوى الخطر الذي قد يشكله على أوروبا.وسلط الحمر الضوء على مسألة استجدت إثر نشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا؛ إذ أثرت الحرب سلبًا على مبدأ الحريات في أوروبا وعلى المستوى العالمي أيضاً، وقد تسببت في انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، كما تعرض السكان المدنيون في المناطق المتأثرة بالصراع لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والتهجير.وفيما يتعلق بالحريات الأساسية؛ أشار إلى أن الحرب شهدت تقييداً كبيراً لحرية التعبير وحرية الصحافة، وتم تكميم الأصوات المعارضة وقمع حرية الإعلام بين الجانبين، وما يشكله ذلك من ازدواجية في معايير ومبادئ حرية تدفق المعلومات، وأصبحت الدول الأوروبية تمارس ضغوطات غير مسبوقة على المؤسسات الصحفية والإعلامية، وهو إجراء كانت تنتقد فيه سابقاً دول العالم الثالث وتعتبره إجراءً متخلفاً لتلك الدول وطبقت عليها إجراءات قاسية للحد من الإجراءات المقيدة لحرية الصحافة والإعلام.وعلى المستوى العالمي، ذكر أن الحرب الأوكرانية الروسية أدت أيضاً إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي وتوتر العلاقات الدولية وتفاقم التوتر بين روسيا والدول الغربية، ما أثر سلبا على التعاون الدولي وقدرة المجتمع الدولي على التعامل مع قضايا أخرى تتعلق بحقوق الإنسان والحريات.وبين أنه ومع ذلك وبمعزل عن ما تقدم، تجب أيضاً الإشارة إلى أن أوروبا لا تزال تستمر في التقدم في العديد من المجالات، إذ لديها اقتصاد قوي ومتنوع، وتلعب دوراً رئيسياً في الابتكار والبحث العلمي، وتحظى بتكامل اقتصادي وسياسي قوي في إطار الاتحاد الأوروبي.وذكر أنه بعد الحرب العالمية الثانية تراجعت القوة الاقتصادية والسياسية لأوروبا بشكل عام، بينما نشأت قوى جديدة مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي والصين، فيما شهدت العقود الأخيرة تحولا في النظام العالمي، حيث تقدمت العديد من البلدان النامية اقتصادياً وأصبحت تكتسب نفوذاً سياسياً، وأدى هذا إلى وجود قوى ذات نفوذ في خط متوازٍ مع النفوذ الأوروبي، وبذلك تعزيز دور الدول الصاعدة الأخرى بشكل ملفت للنظر، وأنه لطالما كانت أوروبا منطقة مهمة على الصعيد العالمي، والتي شهدت تاريخاً طويلاً من الصراعات والتغيرات السياسية والاقتصادية.ونوه الحمر إلى العصور الوسطى، التي كانت الدول الأوروبية تتنافس على السيطرة على الأراضي والثروات، وكان للقوة العسكرية والاقتصادية دوراً كبيراً في تحديد نفوذ الدول.ولفت إلى أنه مع مرور الوقت، تطورت أوروبا بشكل كبير وشهدت تكوين الدول الوطنية وتوحيد بعض القارات وتأسست الاتحادات الأوروبية، وبدأ العمل على تعزيز التكامل السياسي والاقتصادي بين الدول الأعضاء، وقد أدى ذلك إلى تأسيس الاتحاد الأوروبي الذي يهدف إلى تعزيز السلام والازدهار في المنطقة وتشكلت تكتلات قوية تنافست مع أوروبا وغيرها من القوى الدولية.وأكد الحمر، أنه لم تظهر بوضوح مسألة إسقاط القوى الأخرى للقوى التقليدية المعروفة بنفوذها وهيمنتها بقدر ما ظهرت مسألة الرغبة في التعاون والتنسيق عبر تجمعات القوى الكبرى مثل G20 - G8 - G7.وأشار بعد هذه النظرة السريعة وما يهم في الوصول له سواء كانت مسألة أوروبا بشكل خاص أو الغرب بشكل عام، والذي يشمل أمريكا وكندا أو الشرق القادم بقوة كالصين والهند، أنه ما يهم في كل ذلك الدور العربي وكيف تكون للأمة العربية بما لديها من إمكانيات تؤهلها لتأخذ دورها بين كل هذه القوى وتأثيرها وفقاً للمصالح العربية والمحافظة على المكانة اللائقة بها، وأن العالم اليوم أصبح متعدد الأقطاب والمكانة والقوة تتشكل من خلال الإيمان بمدى الإمكانيات وكيفية الحفاظ عليها وكيفية رعاية المصالح في عصر تعددية القوى والأقطاب.وبين أن علينا الإيمان بقدرات الأمة العربية وما يمكن أن تقدمه للبشرية من تطور وعلم وثقافة ومبادئ وأخلاق، بعيدا عن القلق والخوف من الانحدار، وعندما تتواجه المصالح العربية مع أوروبا ومع الأقطاب الأخرى في العالم سنرى العديد من التحديات والفرص التي تتطلب التعاون والتفاهم، لتلتقي المصالح العربية مع مصالح الأقطاب الأخرى عبر تعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية والبحث العلمي وزيادة التفاهمات عبر اتفاقيات التجارة الحرة وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمار والتكنولوجيا والتعاون الأمني ومكافحة الإرهاب والتعاون في مكافحة التهديدات الأمنية المشتركة مثل الإرهاب وتجارة المخدرات والجريمة المنظمة، عبر تبادل المعلومات والتنسيق الأمني، وكذلك التعاون الثقافي والعلمي وتعزيز التفاهم وتبادل الثقافات.وأضاف أن الحوار السياسي المستمر يجب أن يكون مفتوحاً ومستمراً لمناقشة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية المشتركة، والبحث عن حلول مشتركة ويجب أن يتم تنفيذه بناءً على مبادئ المساواة والاحترام المتبادل، وبما يخدم مصالح الجميع بعيداً عن قلق الانحدار والخروج من التاريخ.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90