أيمن شكل المورد البشري في مقدمة ثروات الدول العربيةلا توجد دولة عربية فقيرة ولكن تحتاج إلى توظيف أمثل للمواردلدينا فرصة عظيمة في التطوير ونحتاج إلى أنظمة تعليمية فعالةوصف مدير المنظمة العربية للتنمية الإدارية الدكتور ناصر الهتلان القحطاني حكومة البحرين بأنها حكومة كفؤة وفعالة، استطاعت أن تحسن إدارة الموارد الشحيحة لديها، وظهر ذلك بجلاء في مخرجات هذه الإدارة من مشروعات البنية التحتية وجودة التعليم.وأكد في حوار مع «الوطن» أن الدول العربية ليست فقيرة، ولكن تحتاج إلى توظيف أمثل للموارد وفي مقدمتها المورد البشري، مشيراً إلى أنه على الرغم من شح الموارد فإن حكومة البحرين تتمتع بحسن إدارة لتلك الموارد.وفيما يأتي اللقاء:حدثنا عن نشأة المنظمة العربية للتنمية الإدارية؟- أنشئت المنظمة العربية للتنمية الإدارية عام 1961، كإحدى المنظمات المتخصصة في التنمية الإدارية المنبثقة عن جامعة الدول العربية، للمساهمة في تحقيق التنمية الإدارية في الأقطار العربية؛ بما يخدم قضايا التنمية الشاملة، وفي سعيها لتحقيق هذه الرسالة، توجه المنظمة جهودها وتقدم خدماتها وبرامجها لحكومات الدول العربية الأعضاء في المنظمة، ويتسع نطاق خدمات المنظمة ليشمل منظمات الأعمال والقطاع الخاص.وتعمل المنظمة ضمن عدد كبير من المنظمات والاتحادات العربية التابعة لجامعة الدول العربية، فكل منظمة تمثل قطاعاً وزارياً، ولذلك نحن منظمة حكومية تمثل وزارات الخدمة المدنية والوظيفة العمومية في الدول العربية الأعضاء بالجامعة العربية.ما هي أنشطة المنظمة التي تعمل على تحقيقها؟- يتمثل الهدف الرئيس من إنشاء المنظمة في المساهمة في تعزيز جهود التنمية الإدارية في الوطن العربي، إيماناً منها بأن التنمية الإدارية الفاعلة شرط أساس لتحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة بكفاءة وفاعلية وقناعة راسخة من المنظمة بأن المؤسسات العربية لن تحقق أهدافها إلا من خلال إدارة كفؤة وعنصر بشري مؤهل.كما تسعى المنظمة للتنسيق بين المؤسسات العربية العاملة في مجال التنمية الإدارية، بما يخدم الإدارة العربية، وبما يساعد على تعميم التجارب والممارسات الإدارية المتميزة بين الأقطار العربية باعتبارها بيت الخبرة العربي المتخصص في مجال التنمية الإدارية.هل يقتصر نشاط المنظمة على الحكومات فقط؟- ترتبط المنظمة بعلاقات تعاون فاعلة مع عدد من المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية الرائدة المعنية بقضايا التنمية الإدارية والتطوير الإداري، بما يخدم التنمية الإدارية في الوطن العربي، وبما يمكن المنظمة من الاستفادة من الخبرات المتنوعة التي تسهم في تحقيق أهدافها. ولذلك نحن نسعى للمساهمة في تحقيق التنمية الإدارية الفاعلة في الوطن العربي، بما يخدم قضايا التنمية الشاملة وتطوير وتحسين أداء المؤسسات العربية وتنمية وتطوير معارف ومهارات وقدرات الموارد البشرية، وإثراء الفكر ونشر المعرفة والممارسات الإدارية المتميزة، من خلال البرامج التدريبية والفعاليات المتخصصة والخدمات الاستشارية والبحوث والدراسات طاقم عمل متميز وعدد كبير من الخبراء بما يلبي احتياجات وتوقعات المستفيدين في كافة الدول العربية.ما الخدمات التي تقدمها المنظمة؟- تقدم المنظمة خدماتها الاستشارية والدراسات والبحوث التطبيقية للمؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والأهلي في الوطن العربي، وفقاً لأفضل معايير الجودة والمهنية وطبقاً لأحدث المنهجيات في العمل الاستشاري. وقد تم إنجاز أكثر من 300 خدمة استشارية للدراسات التقييمية ودراسات قياس رضا المستفيدين والتقييم المؤسسي وجدوى المشروعات تقييم واختيار وإعداد القادة.ومن خلال الدراسات الإستراتيجية، تقوم المنظمة بإعداد وتطوير نظم قياس الأداء، وإعداد وتطوير الخطط الإستراتيجية وتقديم الدعم الفني والدراسات التنظيمية الخاصة بالهيكل التنظيمي وإعادة الهيكلة للأنظمة ووضع اللوائح وتقديم الدراسات الاكتوارية وتأهيل المؤسسات لتطبيق مبادئ ومعايير الحوكمة.ماذا عن الموارد البشرية باعتبارها المحور الأول في العمل الإداري؟- لدينا في المنظمة دراسات خاصة بنظم العمل وإدارة الموارد البشرية وإعادة توزيع القوى العاملة، كما تحفل المكتبة الرقمية للمنظمة بأكثر من 4 آلاف عنوان عربي وأجنبي في مختلف مجالات علوم الإدارة، وتعتبر بوابة عربية للمعلومات الإدارية تشتمل على أكثر من مليون صفحة في مختلف علوم الإدارة وأكثر من 500 رسالة دكتوراه في مجالات علوم الإدارة المختلفة، وقاعدة للعناوين تشمل أكثر من 20 ألف عنوان لجهات حكومية وخاصة في الوطن العربي.هل تدرس المنظمة كفاءة القطاع الإداري في الدول العربية؟- لدينا تقارير تصدر عن مؤشرات التنمية الإدارية في الوطن العربي، وننظم المنتدى العربي للإدارة الحكومية الذي يقام على هامش القمة العربية للحكومات ويحضره كافة الوزراء والمعنيين بالدول العربية، وكذلك تنشر تقارير بالتعاون مع منظمات أخرى أو من خلال وزارات حول مؤشرات التنمية الإدارية والإدارة العربية والتطوير الإداري والتدريب للمؤسسات ونسبة الموازنة الموجهة للباب الأول «الرواتب» وعدد الموظفين مقابل عدد السكان في الدولة.ما الهدف من تحديد نسبة الموظفين مقابل عدد السكان؟- وجدنا من خلال الدراسات أن الحكومات المثقلة بعدد كبير من الموظفين وما يسمى بالبطالة المقنعة، ستصل إلى مرحلة عدم القدرة على سداد الرواتب ولا تقديم الخدمات، وهناك توجه لدى بعض الدول العربية للتحول إلى العلاقة التعاقدية مع الموظف حتى لا يصبح خروج الموظف من مكانه مستحيلا.هل أصبحت العلاقة القديمة بين المواطن والحكومة بشأن التوظيف أمراً غير مجدٍ؟- حدث لدى العديد من الحكومات على مر السنوات الماضية «تضخم وظيفي»، نتيجة اعتبار الوظيفة العامة بمثابة ضمان مدى الحياة للراتب، وهذا لا ينفي وجود كوادر متميزة وذات كفاءة في القطاع الحكومي، ولو رأينا نسبة خدمة الموظف العام للمواطنين في الدول الأوروبية سنجد أن كل موظف يخدم 150 مواطناً، بينما في الوطن العربي نجد أن كل موظف عام يخدم ما بين 12 و15 مواطناً، وهو ما استدعى بعض الحكومات لاتخاذ النهج التعاقدي المعتمد على الكفاءة الممتازة، ولا ننسى أيضاً أثر التحول الرقمي على عدد الموظفين الذين تحتاجهم الحكومات.لكن هذا الوضع قد يزعج المواطن الباحث عن وظيفة في دولته؟- لقد أدركت حكومات في الدول العربية أنها غير قادرة على الحركة لوجود عدد كبير من الموظفين الذين لا يتمتعون بالكفاءة والإنتاجية المناسبة.لكن الحق في التوظيف يعتبر حقاً أصيلاً للمواطن في دولته؟- لذلك لا يعني التوجه للعلاقة التعاقدية أن تتخلى الحكومات عن مسؤوليتها في توظيف المواطن، لكن ليس في القطاع العام بالضرورة، ولذلك يجب أن يكون القطاع الخاص منتجاً وقادراً على استيعاب التوظيف.فعلى سبيل المثال ما حدث في الصين حين كانت القوى العاملة تقريبا 100% حكومية، ومع تحول الدولة إلى النظام الاقتصادي المختلط، أصبحت النسبة هي 91% من القوى العاملة في القطاع الخاص وفقط 9% بالقطاع العام، وهذه القفزة الهائلة لم تحدث إلا من خلال قطاع خاص جبار، واقتصاد قوي.فالحكومات هي التي تقود التنمية ويجب أن يبقى القطاع العام متواجداً بقوة، لكن في المقابل يجب دعم القطاع الخاص ليكون منتجاً واقتصاداً حقيقياً يشمل الإنتاج والتصدير والاستيراد ويستوعب العمالة، ولعل ما حدث في أوروبا اليوم من عملية إحلال العمالة القديمة بالشباب من المهاجرين أصحاب الخبرات والمهن الحرفية. وفي بعض الدول العربية لا توجد أزمة في العمالة، وإنما هناك نقص في المشروعات التي تستوعب حجم العمالة العاطلة، ولذلك يجب علينا إيجاد قطاع خاص فعال يستوعب هذه العمالة، وبذلك تظل الحكومة قوية؛ لأنها تقود التنمية إما تنفيذاً أو تنظيماً وتشريعاً، وقد بدأت بعض الدول العربية تفعيل هذه الإستراتيجية، ومنها المملكة العربية السعودية التي حققت قفزات كبيرة في الآونة الأخيرة على المستوى الاقتصادي والإدارة وتطوير المورد البشري. ويقودنا هذا إلى موضوع أهم هو الرؤية الواضحة للمشروعات التنموية والمشروع التعليمي في الدولة ومستقبلهما، فكثير من الأنظمة التعليمية يفتقر للرؤية والسياسة، وبعد الرؤية يجب أن تكون هناك إرادة لتحقيق هذه الرؤية وإصرار على تحقيقها وتسخير الموارد لتحقيق الرؤية. أؤكد لك أن كل الدول العربية غنية ولا توجد دولة عربية فقيرة، ولكن تحتاج إلى توظيف أمثل للموارد وفي مقدمتها المورد البشري، ولدينا فرصة عظيمة في التطوير والتحسين، ولكن نحتاج إلى أنظمة تعليمية فعالة.ماذا عن مملكة البحرين في تقارير تقييم المنظمة؟- البحرين متميزة في حكومتها وأنها إدارة كفؤة وفعالة، فعلى الرغم من شح الموارد إلا أن الحكومة في مملكة البحرين تتمتع بحسن إدارة لتلك الموارد، وهذا يظهر بجلاء في مخرجات هذه الإدارة من مشروعات البنية التحتية والطرق والمباني ومؤسسات التعليم والجودة التي تتمتع بها تلك المشروعات، فعلى سبيل المثال أرى أن مطار البحرين يعتبر من أفضل المطارات على مستوى العالم بحسب خبرتي في السفر إلى دول العالم، بل إن تقارير دولية كثيرة أشارت إلى تفضيل الناس للعيش في البحرين بسبب جودة الحياة فيها.