حسن الستري
لوجود عقوبة مقدرة له بقانون العقوباتأوصت لجنة شؤون المرأة والطفل الشورية برفض مشروع قانون بإضافة مادة جديدة برقم (17 مكرراً) إلى القانون رقم (17) لسنة 2015 بشأن الحماية من العنف الأسري، والمتضمنة معاقبة المُكلف بالتبليغ الوارد في المادة (8) من هذا القانون بالغرامة التي لا تقل عن مئتي دينار، ولا تجاوز 2000 دينار إذا امتنع عن التبليغ، وتكون العقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة، والغرامة التي لا تقل عن 1000 دينار، ولا تجاوز 2000 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا كان الامتناع عن التبليغ يتعلق بجريمة عنف أسري نجم عنها وفاة أو عاهة مستديمة، بينما جاءت المادة الثانية تنفيذية.
وبينت اللجنة أنه يجب أن يسود اللين والرفق في العلاقات الأسرية، والبعد عن الشقاق وعدم الوفاق واجتناب العنف الأسري في حل المشكلات.
وذكرت اللجنة أن الإبلاغ عن الجرائم بشكل عام من الحقوق الأساسية للإنسان التي كفلتها المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية، حيث نصت المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 46 لسنة 2002 على أنه «لكل من علم بوقوع جريمة، يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب، أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها».
كما أن المشرع البحريني أفرد بنص المادة 230 عقوبات، عقوبة الحبس أو الغرامة على الموظف العام المكلف بالبحث عن الجرائم أو ضبطها، وعقوبة الغرامة على الموظف غير المكلف، إذا أهمل أي منهما أو أرجأ الإخبار عن الجريمة، حيث تنص المادة (230) من المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1976بإصدار قانون العقوبات على أنه «يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل موظف عام مكلف بالبحث عن الجرائم أو ضبطها أهمل أو أرجأ الأخبار عن جريمة اتصلت بعلمه.
وعاقب المشرع البحريني بالغرامة كل موظف غير مكلف بالبحث عن الجرائم أو ضبطها أهمل أو أرجأ إبلاغ السلطة المختصة بجريمة علم بها أثناء أو بسبب تأدية وظيفته. وذلك كله ما لم يكن رفع الدعوى معلقاً على شكوى أو كان الجاني زوجاً للموظف أو من أصوله أو من فروعه أو إخوته أو أخواته أو من في منزلة هؤلاء من الأقارب بحكم المصاهرة».
كما أن المادة 231 عقوبات أفردت عقوبة الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين، على من يزاول إحدى المهن الطبية أو الصحية إذا وجد بالمتوفى أو المريض عند إسعافه علامات تشير إلى أنَّ وفاتَه أو إصابتَه من جناية أو جنحة أو إذا توافرت ظروف أخرى تدعو إلى الاشتباه في سببها، ولم يُبلِّغ السلطة العامة بذلك حيث نصت هذه المادة على أنه «يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، مَن قام في أثناء مزاولته مهنة طبية أو صحية بالكشف على شخص متوفَّى أو بإسعاف مصاب بإصابة جسيمة وُجِدت به علامات تشير إلى أنَّ وفاتَه أو إصابتَه من جناية أو جنحة أو إذا توافرت ظروف أخرى تدعو إلى الاشتباه في سببها ولم يُبلِّغ السلطة العامة بذلك».
وأوضحت اللجنة أن مشروع القانون المعروض حدد عقوبة الحبس بمدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن 1000 دينار ولا تجاوز 2000 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا كان الامتناع عن التبليغ يتعلق بجريمة عنف أسري نجم عنها وفاة أو عاهة مستديمة، دون أن يترك تقدير عقوبة الحبس والغرامة للقاضي كما هو الحال في نص المادتين 230 و231 من قانون العقوبات، حال أن سلطة المشرع في مجال تفريد العقوبة، يجب أن يراعى فيها مبدأ تناسب العقوبة مع الجريمة والتدرج في العقوبة صعوداً ونزولاً بين حدَّيها الأقصى حال التشديد، والأدنى في حالة الظروف المخففة كي تكون العقوبة متناسبة مع الجريمة المرتكبة، وحتى يترك للقاضي تقدير العقوبة المناسبة بحسب ظروف كل قضية على حدة، وخاصة أن عقوبة الحبس حدّها الأدنى عشرة أيام، وحدَها الأقصى ثلاث سنوات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، عملاً بنص المادة (54) من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1976.
وحيث إن المادتين 230 و231 من قانون العقوبات المذكور، تضمنتا عقوبة الحبس والغرامة -حال عدم الإبلاغ- دون تحديد مدة معينة للحبس، لذا كان يتعين على مشروع القانون المعروض مراعاة ذلك، تحقيقاً للتناسق والتناغم مع النصوص والتشريعات السائدة حتى لا يكون بمعزل عن سياق التشريعات النافذة.
وأكدت اللجنة أن المبالغة في تقدير العقوبة بالحبس والغرامة، قد يمنع المعتدى عليه أو أحد أفراد الأسرة من التبليغ، وخاصة أن هناك دولاً عربية كثيرة لم تجرم عدم التبليغ حفاظاً على الأسرة وحمايتها.
وجاء في تقرير اللجنة أنه بالرجوع إلى دراسة الدول المقارنة نجد أغلب الدول لم تنص على عقوبة الحبس عن عدم التبليغ مثلاً؛ ففي المملكة العربية السعودية لم تنص على عقوبة رغم أنها ألزمت بالتبليغ كل من يصل إلى علمه واقعة عنف أسري، أما الإمارات العربية المتحدة فلم ينظم قانونها مسألة التبليغ، وفي المملكة الأردنية الهاشمية تم النص على الغرامة فقط في حالة عدم التبليغ، أما في دولة الكويت فقد أحال في مجال العقاب إلى ما هو منصوص عليه في قانون العقوبات، ولفتت اللجنة أخيراً إلى أن العقوبة في مشروع القانون أشد من العقوبة المقررة عن ذات الفعل في الفقرة الثانية من المادة 230 من قانون العقوبات؛ لأنها نصت على الغرامة فقط.