نجوم الحجري: من باب أولى توفير الحماية للموظف في مواجهة السلطة الإدارية
أوصت دراسة لباحثة قانونية بتدارك الفراغ التشريعي في قانون الخدمة المدنية وإيجاد نص قانوني يمنع اتخاذ الإدارة إجراء النقل الوظيفي كعقوبة تأديبية مقنّعة، مع إبراز الدور العقابي للنظام التأديبي المرتبط بالموظفين العموميين، إذا امتنع عن تنفيذ الحكم القضائي الصادر لصالح المحكوم له بغرض الإضرار أو تحقيقاً لغايات خاصة.
الدراسة قامت بها الباحثة البحرينية نجوم غانم الحجري وحصلت من خلالها على درجة الدكتوراه بتقدير امتياز في القسم العام «القانون الإداري» من كلية الحقوق بجامعة عين شمس، في أطروحتها المعنونة بـ«نقل الموظف العام تأديبياً ورقابة القضاء الإداري على مشروعيته».
وأوضحت الباحثة الحجري أن الدراسة هدفت إلى الكشف عن ماهية النقل الوظيفي التأديبي المقنع، كنتيجة حتمية لما تتمتع به السلطة الإدارية من امتيازات وصلاحيات إدارية مستندة إلى سلطتها التقديرية، وبيان الآراء الفقهية، وموقف التشريعات من تحليل النصوص القانونية ذات الصلة بالقانون المقارن، ودور القضاء الإداري في التصدي لإلغاء الجزاءات التأديبية غير المشروعة، وجبر المضرور جراء توقيع هذا الجزاء التأديبي المقنع، وخاصة أن الموظف هو البنية الأساسية في الكيان الوظيفي، لا بل المنظومة الإدارية والمحرك الأساسي للنشاط الإداري، الذي تعبر بواسطته السلطة الإدارية عن إرادتها الملزمة لتحقيق غايات المشرع الأبعد في المصلحة العامة.
وأكدت الحجري أنه من باب أولى توفير الحماية للموظف في مواجهة السلطة الإدارية باستقرار الأوضاع القانونية والمركز الوظيفي على وجه الارتباط، وتماشياً مع ما نصت عليه المادة (16) من الدستور البحريني الصادر في 14 فبراير 2002 وما نص عليه بأن «الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة» و»المواطنون سواء في تولي الوظائف العامة وفقاً للشروط التي يقررها القانون».
وأشارت الباحثة إلى أن الدراسة أيضاً تهدف إلى الوقوف على أبعاد النظام القانوني الذي يحكم هذا النوع من القرارات الإدارية والظروف التي أسبغتها العقوبة المقنّعة كإجراء تأديبي لا يتسم بالمشروعية، وإعطاء القارئ والباحث على وجه الخصوص القدر الوافي من المعلومات التي يكتنفها الغموض والتي لم يعتنِ بها فقهاء القانون العناية الكافية، ولم تكن موضع دراسة معمقة وتفصيلية. ومن هذا المنطلق عمدت هذه الدراسة إلى بيان الحدود الفاصلة بين إجراء النقل التأديبي المقنع والنقل الإداري المشروع بقياسه على عدة معايير، من خلال المقارنة بين الأنظمة محل الدراسة في التشريع الفرنسي والمصري والبحريني.
وقالت الحجري إن الدراسة توصلت إلى عدة نتائج، أبرزها أنه نصت قوانين الخدمة المدنية على الجزاءات التأديبية التي توقع على الموظف العام على سبيل الحصر، وبموجب ذلك يقع باطلاً كل ما يصدر عن السلطة المختصة من جزاءات تأديبية لم ترد في صريح القانون، فالجزاء التأديبي محصور في القاعدة القانونية أن لا عقوبة إلا بنص، فارتكاب المخالفة توجب توقيع الجزاء الملائم للسلوك الوظيفي السلبي.
وأضافت: كما أُجيز للسلطة الإدارية نقل موظفيها بقرار إداري لما منحها القانون من سلطات، إلا أن المشرع البحريني بناء على قانون الخدمة المدنية الصادر بمرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2010، قد استوجب عدة شروط في قرار نقل الموظف العام ليكتسب مشروعيته، حيث اشترط لنفاذ هذا القرار موافقة السلطة الإدارية المختصة بالتعيين ابتداءً، وألا يضيع النقل فرصة ترقية الموظف في الجهة المنقول إليها، وإلا كان قرارها حريّاً بالطعن عليه بالإلغاء لمخالفة الصريح من القانون.
وأشارت إلى أن سلطة الإدارة التقديرية تكون قد خلقت مجالاً واسعاً لإيقاع العقوبة التأديبية المقنّعة كصدور قرارات نقل الموظفين سواء مكانيّاً أو نوعيّاً كإجراءات التنظيم في الهيكل الإداري، بإعادة توزيع الكادر البشري، وقالت إن تداخل الإجراءات وتشعبها وامتداد سلطة الإدارة يمكنها بذلك أن تتذرع في قرارات النقل بتحقيق المصلحة العامة.
وأوصت الدراسة المشرع البحريني بضرورة العمل على إصدار تشريع يتضمن قواعد عامة تسهل سير إجراءات التقاضي أمام المحكمة المدنية البحرينية بدائرتها الإدارية، يتفق مع استقرار الاجتهاد القضائي الإداري مع الدول ذات القضاء المزدوج ذات السبق في مجال التشريع، مع الأخذ بعين الاعتبار الفوارق الناشئة عن اختلاف الهيكل القضائي البحريني، منوهة إلى حتمية العمل على تبويب الأحكام الإدارية وجمعها في مجموعات أو مجلدات، وذلك لتحقيق قواعد إدارية مستقر العمل عليها بعض الشيء، وليسهل الوصول إلى تلك الأحكام والاستناد إليها.
كما أكدت الدراسة أهمية تدارك الفراغ التشريعي عن طريق تضمين قانون الخدمة المدنية أو اللائحة التنفيذية المرفقة له نصّاً يمنع اتخاذ الإدارة إجراء النقل الوظيفي كعقوبة تأديبية مقنّعة لعدم ورودها في قانون الخدمة المدنية البحريني رقم (48) لسنة 2010، مع بإبراز الدور العقابي للنظام التأديبي المرتبط بالموظفين العموميين، إذا امتنع عن تنفيذ الحكم القضائي الصادر لصالح المحكوم له بغرض الإضرار أو تحقيقاً لغايات خاصة بالإدارة ممتنعاً بذلك عن تنفيذ مقتضاه؛ إذ يتعين توقيع جزاء تأديبي للتعدي البين على حجية الشيء المقضي به، بالخروج على مقتضيات مبدأ المشروعية، مخلّاً بذلك بواجبات وظيفته التي يشغلها.
أشرف على أطروحة الدكتوراه أ.د محمد رمزي الشاعر أستاذ القانون العام وعميد كلية الحقوق بجامعة عين شمس الأسبق وأ.د محمد سعيد أمين أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق بجامعة عين شمس.
وتألفت لجنة المناقشة والحكم على أطروحة الدكتوراه من أ.د محمد رمزي الشاعر أستاذ القانون العام وعميد كلية الحقوق بجامعة عين شمس الأسبق (مشرفاً ورئيس للجنة المناقشة والحكم) وأ.د محمد سعيد أمين أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق بجامعة عين شمس (مشرفاً وعضواً)، وأ.د محمد أنس قاسم جعفر الأستاذ بكلية الحقوق جامعة بني سويف ومحافظ بني سويف الأسبق(عضواً)، وأ.د منصور محمد أحمد الأستاذ بكلية الحقوق في جامعة المنوفية وعميد الكلية (عضواً).
{{ article.visit_count }}
أوصت دراسة لباحثة قانونية بتدارك الفراغ التشريعي في قانون الخدمة المدنية وإيجاد نص قانوني يمنع اتخاذ الإدارة إجراء النقل الوظيفي كعقوبة تأديبية مقنّعة، مع إبراز الدور العقابي للنظام التأديبي المرتبط بالموظفين العموميين، إذا امتنع عن تنفيذ الحكم القضائي الصادر لصالح المحكوم له بغرض الإضرار أو تحقيقاً لغايات خاصة.
الدراسة قامت بها الباحثة البحرينية نجوم غانم الحجري وحصلت من خلالها على درجة الدكتوراه بتقدير امتياز في القسم العام «القانون الإداري» من كلية الحقوق بجامعة عين شمس، في أطروحتها المعنونة بـ«نقل الموظف العام تأديبياً ورقابة القضاء الإداري على مشروعيته».
وأوضحت الباحثة الحجري أن الدراسة هدفت إلى الكشف عن ماهية النقل الوظيفي التأديبي المقنع، كنتيجة حتمية لما تتمتع به السلطة الإدارية من امتيازات وصلاحيات إدارية مستندة إلى سلطتها التقديرية، وبيان الآراء الفقهية، وموقف التشريعات من تحليل النصوص القانونية ذات الصلة بالقانون المقارن، ودور القضاء الإداري في التصدي لإلغاء الجزاءات التأديبية غير المشروعة، وجبر المضرور جراء توقيع هذا الجزاء التأديبي المقنع، وخاصة أن الموظف هو البنية الأساسية في الكيان الوظيفي، لا بل المنظومة الإدارية والمحرك الأساسي للنشاط الإداري، الذي تعبر بواسطته السلطة الإدارية عن إرادتها الملزمة لتحقيق غايات المشرع الأبعد في المصلحة العامة.
وأكدت الحجري أنه من باب أولى توفير الحماية للموظف في مواجهة السلطة الإدارية باستقرار الأوضاع القانونية والمركز الوظيفي على وجه الارتباط، وتماشياً مع ما نصت عليه المادة (16) من الدستور البحريني الصادر في 14 فبراير 2002 وما نص عليه بأن «الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة» و»المواطنون سواء في تولي الوظائف العامة وفقاً للشروط التي يقررها القانون».
وأشارت الباحثة إلى أن الدراسة أيضاً تهدف إلى الوقوف على أبعاد النظام القانوني الذي يحكم هذا النوع من القرارات الإدارية والظروف التي أسبغتها العقوبة المقنّعة كإجراء تأديبي لا يتسم بالمشروعية، وإعطاء القارئ والباحث على وجه الخصوص القدر الوافي من المعلومات التي يكتنفها الغموض والتي لم يعتنِ بها فقهاء القانون العناية الكافية، ولم تكن موضع دراسة معمقة وتفصيلية. ومن هذا المنطلق عمدت هذه الدراسة إلى بيان الحدود الفاصلة بين إجراء النقل التأديبي المقنع والنقل الإداري المشروع بقياسه على عدة معايير، من خلال المقارنة بين الأنظمة محل الدراسة في التشريع الفرنسي والمصري والبحريني.
وقالت الحجري إن الدراسة توصلت إلى عدة نتائج، أبرزها أنه نصت قوانين الخدمة المدنية على الجزاءات التأديبية التي توقع على الموظف العام على سبيل الحصر، وبموجب ذلك يقع باطلاً كل ما يصدر عن السلطة المختصة من جزاءات تأديبية لم ترد في صريح القانون، فالجزاء التأديبي محصور في القاعدة القانونية أن لا عقوبة إلا بنص، فارتكاب المخالفة توجب توقيع الجزاء الملائم للسلوك الوظيفي السلبي.
وأضافت: كما أُجيز للسلطة الإدارية نقل موظفيها بقرار إداري لما منحها القانون من سلطات، إلا أن المشرع البحريني بناء على قانون الخدمة المدنية الصادر بمرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2010، قد استوجب عدة شروط في قرار نقل الموظف العام ليكتسب مشروعيته، حيث اشترط لنفاذ هذا القرار موافقة السلطة الإدارية المختصة بالتعيين ابتداءً، وألا يضيع النقل فرصة ترقية الموظف في الجهة المنقول إليها، وإلا كان قرارها حريّاً بالطعن عليه بالإلغاء لمخالفة الصريح من القانون.
وأشارت إلى أن سلطة الإدارة التقديرية تكون قد خلقت مجالاً واسعاً لإيقاع العقوبة التأديبية المقنّعة كصدور قرارات نقل الموظفين سواء مكانيّاً أو نوعيّاً كإجراءات التنظيم في الهيكل الإداري، بإعادة توزيع الكادر البشري، وقالت إن تداخل الإجراءات وتشعبها وامتداد سلطة الإدارة يمكنها بذلك أن تتذرع في قرارات النقل بتحقيق المصلحة العامة.
وأوصت الدراسة المشرع البحريني بضرورة العمل على إصدار تشريع يتضمن قواعد عامة تسهل سير إجراءات التقاضي أمام المحكمة المدنية البحرينية بدائرتها الإدارية، يتفق مع استقرار الاجتهاد القضائي الإداري مع الدول ذات القضاء المزدوج ذات السبق في مجال التشريع، مع الأخذ بعين الاعتبار الفوارق الناشئة عن اختلاف الهيكل القضائي البحريني، منوهة إلى حتمية العمل على تبويب الأحكام الإدارية وجمعها في مجموعات أو مجلدات، وذلك لتحقيق قواعد إدارية مستقر العمل عليها بعض الشيء، وليسهل الوصول إلى تلك الأحكام والاستناد إليها.
كما أكدت الدراسة أهمية تدارك الفراغ التشريعي عن طريق تضمين قانون الخدمة المدنية أو اللائحة التنفيذية المرفقة له نصّاً يمنع اتخاذ الإدارة إجراء النقل الوظيفي كعقوبة تأديبية مقنّعة لعدم ورودها في قانون الخدمة المدنية البحريني رقم (48) لسنة 2010، مع بإبراز الدور العقابي للنظام التأديبي المرتبط بالموظفين العموميين، إذا امتنع عن تنفيذ الحكم القضائي الصادر لصالح المحكوم له بغرض الإضرار أو تحقيقاً لغايات خاصة بالإدارة ممتنعاً بذلك عن تنفيذ مقتضاه؛ إذ يتعين توقيع جزاء تأديبي للتعدي البين على حجية الشيء المقضي به، بالخروج على مقتضيات مبدأ المشروعية، مخلّاً بذلك بواجبات وظيفته التي يشغلها.
أشرف على أطروحة الدكتوراه أ.د محمد رمزي الشاعر أستاذ القانون العام وعميد كلية الحقوق بجامعة عين شمس الأسبق وأ.د محمد سعيد أمين أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق بجامعة عين شمس.
وتألفت لجنة المناقشة والحكم على أطروحة الدكتوراه من أ.د محمد رمزي الشاعر أستاذ القانون العام وعميد كلية الحقوق بجامعة عين شمس الأسبق (مشرفاً ورئيس للجنة المناقشة والحكم) وأ.د محمد سعيد أمين أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق بجامعة عين شمس (مشرفاً وعضواً)، وأ.د محمد أنس قاسم جعفر الأستاذ بكلية الحقوق جامعة بني سويف ومحافظ بني سويف الأسبق(عضواً)، وأ.د منصور محمد أحمد الأستاذ بكلية الحقوق في جامعة المنوفية وعميد الكلية (عضواً).