تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة بعيدها الوطني الثاني والخمسين هذا العام، وهي تمضي بنجاح في استكمال مسيرة حافلة ومميزة من الإنجازات الوطنية ذات البعد الإقليمي والعالمي، التي حققت لها الريادة والنمو في مختلف المجالات في وقت قياسي، سعيًا لبلوغ الأهداف الاستراتيجية من رؤية الإمارات 2030، بفضل السياسة الحكيمة لقيادتها برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.وتشارك مملكة البحرين قيادةً وشعبًا الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر من كل عام، الاحتفاء بهذه المناسبة العزيزة، التي يُحيي فيها الأشقاء ذكرى تأسيس الاتحاد في دولة لإمارات عام 1971م، والإعلان رسميًا عن قيام دولة اتحادية مستقلة ذات سيادة عاصمتها أبوظبي.كما يأتي هذا اليوم كمناسبة مثالية تقدم فيه القيادة الإماراتية بكل فخر كشفًا شاملاً بأهم إنجازات الدولة التنموية للعام، مع الإعلان عن ملامح الخطط والأهداف المرحلية الاستراتيجية المؤمل تحقيقها في الأعوام المقبلة.لقد ضربت دولة الإمارات العربية في عام 2023 مثالاً يحتذى به في التحول الحضاري والتنموي المتسارع، إذ نجحت في أن تصبح إحدى أهم وأكبر القوى الاقتصادية الإقليمية والعالمية إضافة إلى حجز مكان في المقدمة باعتبارها لاعبًا سياسيًا ودبلوماسيًا واستراتيجيًا هامًا في محيطها العربي والإسلامي وأيضًا على المستوى الدولي، وهذا ما عكسه حجم وثقل الإنجازات التي تحققت لدولة الإمارات العربية الشقيقة خلال العام 2023 على مختلف الأصعدة.وترتبط مملكة البحرين مع دولة الإمارات العربية المتحدة بعلاقات تاريخية رفيعة ومتجذرة تمتد لعقود طويلة، ساعد في نموها وتطورها علاقات المودة والمحبة التي تربط بين حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، إلى جانب الثوابت والرؤى المشتركة التي تجمع بين البلدين، والتي تنبع خصوصيتها من وشائج القربى والعلاقات الأخوية المتميزة بين قيادتي البلدين الشقيقين على مر العصور، علاوة على ما يجمع بينهما من روابط مشتركة، سواء في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أو في الإطارين العربي والإسلامي.كما تكتسب هذه العلاقات أهمية كبيرة في ظل تمتع البلدين بموقع جغرافي واستراتيجي مميز على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتبنيهما سياسة خارجية حكيمة ومتوازنة ومعتدلة تجنح نحو السلم ونشر ثقافة الاحترام المتبادل بين الدول، إضافة الى كونهما من النماذج الرائدة على مستوى المنطقة في تبني النهج التنموي، ومبادئ حقوق الإنسان، وتنفيذ سياسات ومبادرات طموحة لتكريس دولة المؤسسات والقانون، والتأسيس لأرضية رحبة للتعايش والتسامح والأخوة الإنسانية.لقد التقت رغبة قيادتي البلدين الشقيقتين في تعزيز العلاقات الأخوية المتميزة عبر التوجيه بإنشاء "اللجنة العليا المشتركة بين البلدين عام 2000م"، بهدف تأطير آليات العمل والمشروعات المشتركة وتفعيل الاتفاقيات والتفاهمات بين البلدين بما يحقق التكامل الثنائي المنشود.وساهمت منبثقات اللجنة في توسيع قاعدة العمل الثنائي، لاسيما على صعيد التعاون السياسي، والعسكري، والاقتصادي، والتنموي، ولعل الشراكة الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين تحظى باهتمام بالغ عكسها حجم التبادل التجاري بين الإمارات والبحرين والذي تجاوز أكثر من 6 مليارات دولار في 2022.وأوضح تقرير حديث أصدرته هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية في مملكة البحرين لإحصاءات التجارة الخارجية عن شهر مايو من العام 2023، أن دولة الإمارات تعتبر ثاني أهم وأكبر شريك تصدير واستيراد للبحرين، حيث احتلت المرتبة الثانية في قائمة الواردات السلعية بقيمة 57 مليون دينار، وكذلك حلت في المرتبة الثانية في قيمة الصادرات وطنية المنشأ بقيمة 38 مليون دينار، وجاءت في المرتبة الأولى من حيث حجم إعادة الـتصـديـر الذي بـلغـت قيـمته 24 مليون دينارلقد استهدفت دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة العام 2030 بحزمة من الرؤى والاستراتيجيات التنموية والمستدامة شملت رؤية أبو ظبي الاقتصادية 2030، ورؤية أبوظبي البيئية 2030، وخطة أبو ظبي 2030، واستراتيجية إدارة حركة التنقل لإمارة أبو ظبي، وخطة أبوظبي للنقل البري الشاملة، واستراتيجية دبي للتنقل الذكي ذاتي الحركة، واستراتيجية دبي الصناعية 2030، واستراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد، وأجندة الأمم المتحدة 2030، والاستراتيجية الوطنية للسياحة 2031، إضافة إلى استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050 .وتمكنت الإمارات خلال عام 2023 من تحقيق نمو في تجارتها غير النفطية بنسبة 17% من إجمالي الدخل الوطني رغم التراجع الاقتصادي العالمي، كما تصدرت المؤشرات التنموية العالمية بحصولها على المراكز المتقدمة والأولى في 186 مؤشرًا تنمويًا عالميًا للعام 2023، ما يُعد إنجازًا جديدًا يضاف إلى سلسلة الإنجازات التي تحققت بفضل الرؤى الاستشرافية لدولة الإمارات.كما جاءت مشاركة دولة الإمارات في قمة مجموعة العشرين الاقتصادية الكبرى والنامية في الهند هذا العام -بصفة ضيف- لتؤكد على دورها المحوري اقتصاديًا في مجال الطاقة والمناخ والتزامها تجاه الاقتصادات الرئيسة في هذه المجموعة التي تمثل 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و75% من التجارة، وما يقرب من ثلثي سكان العالم، حيث تذهب %43 من صادرات الإمارات غير النفطية إلى دول العشرين بحسب بيانات 2023 الصادرة عن وزارة التجارة الخارجية الإماراتية.وعلى الصعيد السياسي، واصلت الإمارات في 2023 جهودها الرائدة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين، من خلال ترؤسها لمجلس الأمن للمرة الثانية، ما يعكس الثقة الدولية التي تتمتع بها اقليميًا وعالميًا باعتبارها شريكًا بنّاءً في المجتمع الدولي للتعامل مع التحديات الراهنة مثل الحفاظ على السلام، وتعزيز التسامح، والتغير المناخي، وإعطاء الأولوية للإغاثة الإنسانية، ولمعالجة الأزمات الصحية العالمية، والابتكار في التنمية، إضافة إلى تمثيلها للكتلة العربية في مجلس الأمن الدولي.وجسد إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بأن يكون عام 2023 عامًا للاستدامة تحت شعار "اليوم للغد"، مدى اهتمام سموه البالغ بأن مفهوم الاستدامة يعد أولوية وطنية كبرى.، ومن هذا المنطلق تستضيف دولة الإمارات النسخة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28) في مدينة إكسبو دبي في الفترة الممتدة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023، لتوحيد الجهود العالمية في مجال العمل المناخي وتحديد فرص التعاون المتاحة لإيجاد الحلول للتحديات المناخية بمشاركة قادة وزعماء العالم وأكثر من 70 ألف مشارك من كل دول العالم، في خطوة تؤكد ريادة الإمارات، وتقدير العالم لجهودها في استدامة المناخ.ويشهد مؤتمر "كوب 28" إجراء أول تقييم عالمي للجهود المستمرة على مدار عامين لتحديد مدى التقدم الذي أحرزته الحكومات المعنية في تنفيذ خطط العمل المناخي لمواجهة الاحتباس الحراري والقضايا البيئية الأخرى ذات الأولوية القصوى، وتقديم الحلول لتقليل الانبعاثات الكربونية والتحول إلى الطاقة النظيفة المتجددة بحياد صفري.وتمتلك دولة الإمارات مسيرة حافلة في العمل في مجالات البيئة والمناخ والدبلوماسية المناخية والتعاون متعدد الأطراف، كونها أول دولة في المنطقة توقع وتصادق على اتفاق باريس، وأول دولة تلتزم بخفض الانبعاثات على مستوى جميع القطاعات الاقتصادية، وأول دولة تطلق مبادرتها الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.وواصلت دولة الإمارات في عام 2023، مضاعفة إنجازاتها الرائدة في القطاع الفضائي الذي أصبح واحدًا من القطاعات الإستراتيجية التي تطمح إلى المضي فيها بقوة وتميز، وفي هذا السياق أطلقت الإمارات في 19 من نوفمبر 2023 أحدث مشاريعها الفضائية، وهي المرحلة التنفيذية لمشروع تطوير الأقمار الاصطناعية الرادارية "سرب"، تعزيزًا لجهود دعم منظومة تصنيع الأقمار الاصطناعية وقيادة دفة الصناعة الفضائية فيه، وهو المشروع الأوَّل من نوعه لتطوير سرب من الأقمار الاصطناعية الرادارية التي تستخدم تكنولوجيا تصوير حديثة في كافة الظروف الجوية، والأوقات، ويهدف المشروع إلى تحقيق مجموعة كبيرة من المستهدفات التي من شأنها تعزيز جهود الإمارات لإيجاد حلول للتحديات المرتبطة بالتغيُّر المناخي واستدامة البيئة والمساهمة في التطوير العمراني، ودعم مواجهة الكوارث، وتحديات الأمن الغذائي وغيرها.كما شهد هذا العام إنجازًا فضائيًا إماراتيًا وعربيًا غير مسبوق وهو إعلان مركز محمد بن راشد للفضاء، عن إتمام أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب "طموح زايد 2″، بعودة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي في سبتمبر الماضي إلى الأرض، بعد إتمامه بنجاح مهمة امتدت 6 أشهر في محطة الفضاء الدولية نجح خلالها في إجراء 200 تجربة علمية، كما أصبح النيادي أول رائد فضاء عربي يخوض مهمة "السير في الفضاء" خارج محطة الفضاء الدولية استمرت نحو 7 ساعات ، وهو ما وضع الإمارات في المرتبة العاشرة عالمياً في مهمات السير في الفضاء خارج محطة الفضاء الدولية.وفي أبريل الماضي من العام الحالي أعلنت وكالة الإمارات للفضاء عن تمديد رحلة مشروع الإمارات لاكتشاف المريخ "مسبار الأمل" عامًا إضافيًا لاستكمال مزيد من الأبحاث والدراسات المناخية والعلمية الهامة عن الكوكب الأحمر، حيث نجح "مسبار الأمل" في الاقتراب إلى مسافة 100 كيلومتر من قمر ديموس التابع للمريخ، وهي المسافة الأقرب لمركبة فضائية منذ مهمة "فايكنغ" عام 1977م.لقد أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة عنوانًا بارزًا للتطور والتقدم المتسارع، بفضل قيادتها الرشيدة، واستطاعت ان تحوّل التحديات إلى فرص، والحلم إلى واقع، واستهدفت بذكاء الطريق نحو الريادة العالمية في مختلف المجالات.