محمد الرشيدات
أهم المشاريع الدولية لمنصة «صفاء» للحفاظ على المناخ العالمي
توفير أجهزة طهي بالطاقة الشمسية للاجئين السودانيين
تعزيز ممارسات الطبخ المحسّنة في نيجيريا لتقليل انبعاثات الكربون
تحويل انبعاثات غاز الميثان إلى كهرباء بموقعين لإدارة النفايات بتركيا
ترميم أشجار المانغروف الأصلية بإقليم السند في باكستان
تطبيق برنامج لإعادة التشجير والتنمية المستدامة في أوغندا
من أرض البحرين تنطلق منصّة «صفاء» كمنصة إلكترونية طوعية مبتكرة تستهدف تنفيذ خططها على امتداد كل الكوكب للحفاظ على البيئة والحدّ من كل المسببات المؤدية إلى تلوّثها، فكان من بين أهم مشاريعها الدولية كخط دفاع عن المناخ العالمي توفير أجهزة طهي بالطاقة الشمسية للاجئين السودانيين، وتعزيز ممارسات الطبخ المحسّنة في نيجيريا لتقليل انبعاثات الكربون، وتحويل انبعاثات غاز الميثان إلى كهرباء بموقعين لإدارة النفايات بتركيا، وترميم أشجار المانغروف الأصلية بإقليم السند في باكستان، وتطبيق برنامج لإعادة التشجير والتنمية المستدامة في أوغندا.

وبالنظر إلى مشاريع منصة صفاء، لربما يمكن فهم الأسئلة المناخية الأكثر إلحاحاً اليوم، ما حال صحّة الأرض؟ وما طبيعة الأدواء والأسقام التي تستهدف عافيتها وقدرتها على تقديم ما في جعبتها من خيرات لبني البشر؟

الإنسان الذي اعتاد على تجاهل نداءات استغاثتها وفي معظم الأحيان يكون غير حريص على رد الجميل لها بالجميل وأكثر مقابل ما تجود عليه من خيرات ربّانية بالجملة، يكفي ذلك الهواء النقي الذي تمنحه إياه ليستهدف في المقابل رئتيها بغازات سامّة تنوعت أشكال مصادرها عبر الأنشطة الحياتية المختلفة، وممارسات سلبية تتمثّل في قطع أشجار الغابات التي تخزّن الكربون، والاستهلاك الزائد للموارد القابلة للتجدد، والهواء الملوث المنبعث من الأنشطة الصناعية ووسائل النقل، إضافة إلى استخدام الوقود الأحفوري في الكهرباء، وغيرها من الأسباب المؤدية إلى حدوث ارتفاع في درجة حرارة الأرض يقف خلفه بالدرجة الأولى تصاعد الانبعاثات الكربونية المسببة للاحتباس الحراري.

قابليةُ الحياةِ على الأرض

في الآونة الأخيرة بات العالم يستشعر الخطر المحدق به، لتُسارِعَ دول الكوكب متكاتفة إلى تبنّي أنجع الحلول وممارسة أفضل السياسات الهادفة التي تُخاطب جميع من يسكنون فيها من أفراد ومؤسسات، ولفت أنظارهم إلى حتمية تصحيح العلاقة مع المستديرة بناءً على تخوّف أبداه علماء جيولوجيون طفا إلى السطح نتيجة دراسة جديدة هي بمثابة إنذار للقاطنين على سطح المعمورة، حملت حقائق وأرقاماً غير مبشّرة بيّنت أن ارتفاع درجات الحرارة فوق 1.5 درجة مئوية يعد مقامرة بقابلية الحياة على الأرض، وإذا لم يُستجاب لمطالب الأرض فسترتفع حرارتها لتصل إلى درجين مئويتين خلال السنوات القليلة القادمة.

«صفاء» تعي احتياجات المُناخ

واحدة من إحدى تلك المبادرات التي تبنتها البحرين وجاءت متزامنة مع مؤتمر المناخ «COP28» الذي تحتضنه مدينة دبي، بما يعكس التزامها الدولي بقضايا المناخ وتحديداً اتفاقية باريس، ومتابعة ما أعلنت عنه في قمّة غلاسكو بشأن خفض الانبعاثات بنسبة 30% في عام 2035 والوصول إلى الحياد الكربوني لمستوى الصفر بحلول عام 2060، هي منصّة «صفاء»، وهي منصة إلكترونية تطوعية مبتكرة أطلقتها شركة ممتلكات البحرين القابضة، وأرادت لها أن تعزز من أواصر التعاون مع كبرى الشركات الوطنية وتوثيقها والتي تمثّلت مؤخراً بالشراكة مع طيران الخليج -الناقلة الوطنية الرسمية للبحرين- ليتمكن المسافرون من حساب بصمتهم الكربونية بناءً على أفضل الممارسات العالمية الصادرة عن اتحاد النقل الجوي الدولي «أياتا»، ومن بعد ذلك تعويضها، وتخصيص هذه التعويضات للمشاريع البيئية العالمية التي تهدف إلى خفض أو القضاء على انبعاثات غازات الدفيئة، كخطوة تعمد إلى وضع العمل المناخي بين يدي الأفراد والمؤسسات، من خلال تعريفهم بمفهوم تعويض الكربون، وكيفية استخدام الأدوات اللازمة لفهم وإدارة البصمة الكربونية الخاصة بهم عبر دليل يسْهُلُ الوصول إليه حول الإجراءات التي يجب اتخاذها بما يتجاوز تعويض الانبعاثات الذي حددته «صفاء» بطريقتين لحسابه، أولهما متوسط الانبعاثات السنوية، وثانيهما الانبعاثات القائمة على النشاط، وذلك بناءً على نصيب الفرد السنوي المقدر من الانبعاثات في البلد الذي يسكنه، وتمكينهم أيضاً من المشاركة في الدعم البيئي عن طريق شراء أرصدة الكربون.

إذ يساوي رصيد الكربون الواحد طناً مترياً واحداً من الكربون يمكن للمهتم اختيار شراء رصيد الكربون الكامل أو جزء منه، اعتماداً على كمية الانبعاثات المقدرة التي يريد تعويضها، وذلك بهدف دعم وتمويل مشاريع المناخ، إلى جانب إطلاعهم على أحدث الأبحاث والحلول الرقمية المبتكرة ومجموعة من المشاريع المناخية المحلية والإقليمية عالية الجودة، للتقليل من انبعاثات الكربون وحماية البيئة الطبيعية البرية والبحرية والجوية.

ترويضُ الانبعاثات الكربونية

«صفاء» هي المنصة التي ستستهدف تصحيح المسار في كيفية التعامل مع كل ما يهدد الحرث والنسل، ووأد المسببات الحقيقية وراء عدم التوازن المناخي الحاصل في كبد السماء، والذي ما انفك يُحدث اختلالاً في طاقة الأرض، واختلافاً في صلب الحالة الجوية المعتادة التي يمكن رؤيتها بشكلها الاعتيادي مُرافِقةً لكلّ فصل من فصول السنة، فتصحيح النهج الفكري للدول وتركيزها المباشر على أهمية تسوية مشكلة الانبعاثات الكربونية والتقليل منها، وحتى إيصالها إلى مستوى الصفر، لا يمكن أن يأتي إلا عبر تبنّي رزمة من السياسات الهادفة كتلك المتمثّلة في منصة «صفاء» الموجَّهة نحو استكمال مبادرات إزالة الكربون المهمة كمنصةِ تعويضٍ سهلةِ الاستخدام للانبعاثات الكربونية الفورية التي يصعب تجنبها من أنشطة البشر المختلفة، إضافة إلى جعل هذه الخدمة في متناول المستخدمين لها عبر دمجها مباشرة في تطبيقاتهم اليومية المفضّلة لتفعيل مشاركتهم في خلق مستقبل أكثر مراعاة للبيئة.

إن الفكرة التي تبلورت من خلالها «صفاء»، جاءت للتركيز على قياس انبعاثات الكربون بثلاثة نطاقات تمثّل عادة الانبعاثات الأصعب في التخفيف، في مقدّمتها الانبعاثات الناتجة مباشرة عن الأصول التي تملكها الشركة أو تسيطر عليها كتشغيل الآلات والأجهزة الإلكترونية، إضافة إلى الانبعاثات غير المباشرة الناتجة عن الطاقة التي تشتريها المؤسسة، مثل الكهرباء المولدة من خلال محطات الفحم، وصولاً إلى أنشطة من أصول لا تملكها أو تسيطر عليها الشركة المبلغة، ولكنها موجودة ضمن سلسلة القيمة الخاصة بها، مثل سفر الأعمال والشحن البحري وأساطيل السيارات. وإلى جانب ما سبق، وبسبب ما تواجهه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من ارتفاع في درجات الحرارة، وانحسار للمساحة الخضراء، وانخفاض في هطول الأمطار، وارتفاع في مستويات سطح البحر، فضلاً على الازدياد في حموضة المحيطات، حددت منصّة صفاء خطّة عمل ترتكز على جزئية تعويضات الكربون لدعم المشاريع المناخية التي تقلل وتزيل الغازات الدفيئة من الغلاف الجوي مثل مبادرات الطاقة المتجددة، والممارسات الزراعية لتخزين الكربون، وتحويل النفايات إلى طاقة، والتشجير وإعادة التشجير، وإدارة مدافن النفايات.

مشاريعُ مناخيةٌ للمنصةِ يدٌ فيها

ولعل من بين أهم تلك المشاريع المناخية الدولية عالية الجودة التي وضعت المنصة يدها لإدارتها والوقوف عليها، توفير أجهزة طهي تعمل بالطاقة الشمسية للاجئين السودانيين لتمكينهم من إعداد وجبات الطعام بالطاقة المتجددة، والحد من استنشاق الدخان الضار، ناهيك عن تعزيز ممارسات الطبخ المحسّنة في نيجيريا للتقليل من انبعاثات الكربون عن طريق تصنيع وتوزيع مواقد الطبخ الفحمية الفعالة وعالية الكفاءة، وفي ذلك تحسين الصحة وسبل العيش للأسر الريفية ذات الدخل المنخفض.

وإلى جانب ذلك تبنّت المنصة التطوعية دعم مشروع إدارة النفايات بموقعين داخل تركيا، هما أودايري وكوموركودا لتحويل انبعاثات غاز الميثان من مدافن النفايات فيهما إلى كهرباء من خلال تطوير وبناء وتشغيل منشأتين لتحويل النفايات إلى طاقة يتكونان من أنظمة لجمع الغاز ومحطات لحرقها، ليمتد عمل المنصة إلى أن وصل إلى تبني مشروع ترميم أشجار المانغروف الأصلية على مساحة 350 ألف هكتار من الأراضي الرطبة المرتبطة بالمد والجزر على الساحل الجنوبي الشرقي لإقليم السند في باكستان الذي وفّر أكثر من 20 ألف فرصة عمل واستفاد منه السكان المحليون البالغ عددهم 49 ألف نسمة.

ومن المتوقع أن يزيل المشروع ما يقرب من 140 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون على مدار عمره من خلال إعادة الغطاء النباتي للأراضي الرطبة المتدهورة، بالشكل الذي يضمن استقرار المنطقة الساحلية وحمايتها التي تُعدُّ موطناً لـ11 نوعاً مهدداً عالمياً من الحيوانات البحرية، بما في ذلك دولفين نهر السند، ودولفين المحيط الهندي الأحدب، والبانغولين الهندي.

وأخيراً وليس آخراً، تطبيق برنامج TIST في أوغندا الذي سيستهدف الجمع بين إعادة التشجير والتنمية المستدامة لامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، والذي سيتولّى تنفيذه مزارعو الكفاف الذين يعتمدون على أنفسهم لمكافحة الآثار المدمرة الناتجة عن إزالة الغابات والفقر والجفاف، إذ سيحتفظ المزارعون المحليون بملكية الأشجار ومنتجاتها، ما يخلق مصدر دخل محتمل على المدى الطويل ويطور البيئات وسبل العيش المستدامة فيها.

منصّة «صفاء» كمنصة إلكترونية طوعية مبتكرة ستسعى من على أرض البحرين لتنفيذ خططها الرامية إلى الحفاظ على البيئة والحدّ من كل المسببات المؤدية إلى تلوّثها، وطرح الأفكار المرنة والمباشرة المتعلقة بتوفير الكربون وعدم إطلاقه في الجو، ومتابعة مستوى الغازات المنبعثة من فوّهات المصانع، ومراقبة المنشآت التجارية التي تعتمد في تشغيل آلاتها على الطاقة، ومداراة الطاقة المتجددة، وكل ذلك كفيل أن يجعل من المنصة شريكاً فاعلاً لكل الجهات الرسمية وغير الرسمية من أجل تسوية المشاكل المناخية في البحرين والعالم أجمع.