حسن الستري
لمخالفته السياسة التشريعية.. وغايته متحققة على أرض الواقع
رفضت لجنة شؤون المرأة والطفل بمجلس الشورى مشروع قانون بإضافة مادة جديدة إلى القانون رقم (17) لسنة 2015 بشأن الحماية من العنف الأسري.
وينطوي مشروع القانون على إضافة مادة جديدة برقم (17 مكرراً) إلى قانون الحماية من العنف الأُسري رقم (17) لسنة 2015، تهدف إلى مُعاقبة من يمتنع عن الالتزام بواجب التبليغ عن أي واقعة عنف أسري عَلم بها، وذلك من بين فئات الأشخاص الوارد ذكرهم في المادة (8) من القانون المذكور، وهم من علم بواقعة العنف الأُسري بحكم عمله أو مهنته الطبية أو التعليمية، وتكون العقوبة الغرامة التي لا تقل عن مئتي دينار ولا تجاوز ألفي دينار، وتُشدد إلى عقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة والغرامة التي لا تقل عن ألف دينار ولا تجاوز ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا كان الامتناع عن التبليغ يتعلق بجريمة عنف أسري نجم عنها وفاة أو عاهة مستديمة.
وأكدت اللجنة أن مشروع القانون يخالف السياسة التشريعية المستقرة في مملكة البحرين القائمة على حفظ كيان الأسرة، كما أن الغاية والهدف من مشروع القانون بفرض عقوبة على عدم التبليغ، متحقق على أرض الواقع في النصوص النافذة، إضافة إلى أنه لا يجوز للنيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية في أغلب جرائم العنف الأسري إلا بناء على شكوى من المجني عليه.
ونوهت اللجنة إلى أن النص العقابي الوارد في مشروع القانون يُخاطب فئة غير مُحددة من الأفراد، بالمخالفة لطبيعة النصوص العقابية التي يجب أن تتصف بالدقة والتحديد، كما قد يترتب على تطبيق هذا النص آثار غير مقبولة، إضافة إلى أن غالبية التشريعات المقارنة لم تقرر عقوبة على عدم التبليغ عن جرائم العنف الأسري.
من جهتها أشادت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري بقرار اللجنة بإعادة النظر في مشروع القانون، وبينت أن المجلس الأعلى للمرأة يتفق مع ما جاء في مذكرة الحكومة بشأن مشروع القانون، حيث تكمن الغاية المرجوّة من المشروع في تقرير عقوبة جنائية على من يمتنع عن التبليغ عن أي جريمة عنف أسري نَمَتْ إلى علمه بحكم عمله، وتشديد هذه العقوبة إذا نجم عن هذه الجريمة وفاة أو عاهة مستديمة، باعتبار أنّ التبليغ عن الجرائم بشكل عامّ، وعن جريمة العنف الأسري بشكل خاصّ، من الحقوق الأساسية للإنسان التي كفلتها المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية، بل إنّ هذا الحق يرقى إلى مصافّ الواجب في كثير من الأحيان، وذلك عند ممارسته من قبل الموظفين العموميّين، إذ قد يحول التبليغ عن الجريمة في كثير من الأحيان دون وقوعها، وكذلك تفادي النتائج التي قد تنجم عنها.
كما يرى المجلس الأعلى للمرأة ضرورة إعادة النظر في تقدير العقوبة السالبة للحريّة المقرّرة في هذا الشـأن لتكون أكثر تناسباً، ودرءاً للتشديد المبالغ فيه أو الإفراط غير المبرّر في تحديد مقدار العقوبة، ولتتّسق مع نظيرتها المقرّرة في المادة (230) من قانون العقوبات والتي تعاملت مع الإهمال في التبليغ من قبل الموظف المكلّف وغير المكلّف بالبحث عن الجرائم، وليكون هناك حرص والتزام من قبل الملتزمين بالإبلاغ عن حالات العنف الأسـري، وعدم التأخّر في التبليغ عن واقعة العنف خلال مدة لا تتجاوز (24) ساعة، كما أنّ تحديد الإطار الزمني سيساعد على رصد الآثار المادية الناتجة عن العنف وخاصة العنف الجنسي والجسدي والتي يمكن أن تخف أو تزول مع مرور الوقت.
من جهتها، أفادت الوكيل المساعد للرعاية والتأهيل الاجتماعي زينب العويناتي باتفاق الوزارة مع ما جاء في مذكرة الحكومة، كما ترى الوزارة إعادة النظر في مسألة تحديد مقدار العقوبة التي جاءت بمشروع القانون لتكون (الحبس أو الغرامة) بدلاً من (الحبس مدة لا تقل عن سنة)؛ وذلك لمنح سلطة تقديرية للقاضي.
وبينت المستشارة القانونية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف أنّ مشروع القانون جاء سداً للفراغ التشريعي في القانون (17) لسنة 2015 بشأن الحماية من العنف الأسري، وأنه لا يخالف أحكام الدستور أو القوانين القائمة المعمول بها في مملكة البحرين، وأن الوزارة تتفق مع ما جاء في مذكرة الحكومة بشأن مشروع القانون.