شهد مسرح البحرين الوطني، يوم الثلاثاء الموافق 9 يناير 2024م، ختام مؤتمر التراث الأثري لتقنيات الري وإدارة المياه في العالم الإسلامي، والذي أقيم تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، وافتتحه نيابة عن سموه، سمو الشيخ محمد بن سلمان بن حمد آل خليفة.
وألقى المؤتمر الذي نظّمته هيئة البحرين للثقافة والآثار بالتعاون مع معهد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة إكستر بالمملكة المتحدة، الضوء خلال أيامه الثلاثة على إبداعات المجتمعات الإسلامية عبر التاريخ في نقل وإدارة المياه وسبل الاستفادة منها في فهم المكتشفات الأثرية الأخيرة في مملكة البحرين والمتعلقة بالمنشآت المائية ومواجهة التحديات البيئية والمناخية وتحسين الحياة في الحاضر والمستقبل.
وشهد اليوم الأخير جلسة عرض التوصيات، والتي أكد خلالها البروفيسور تيموثي إنسول من معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة، على أهمية توجيه مزيدٍ من الاهتمام نحو موضوع تراث إدارة المياه، خاصةً وأنه جزءٌ مهمٌّ من حياة الناس اليومية، وغالبًا ما يتم غض النظر عنه، كما أعلن عن مشروع نشر كتابٍ يجمع الأوراق البحثية الخاصة بالمواضيع التي تمت مناقشتها في المؤتمر، على أن يتم نشره في منتصف عام 2025.
بينما أعرب الدكتور سلمان المحاري مدير إدارة الآثار والمتاحف بهيئة البحرين للثقافة والآثار عن سعادته لنجاح المؤتمر على كافة الأصعدة، حيث شهد تفاعلًا كبيرًا من المتحدثين والمستمعين، تجلى بشكلٍ واضح في الطرح المكثف للأسئلة خلال جلسات المؤتمر، كما أعلن الدكتور المحاري عن طرح أفكارٍ جديدةٍ للتنفيذ مستقبلًا، كالمشاريع البحثية المشتركة التي تجمع المختصين من مجالاتٍ مختلفةٍ للإسهام في تطوير مسيرة البحث العلمي، مثل مشروع بحثي لدراسة الأفلاج وقنوات الري الموجودة في المنطقة.
وخرج المشاركون في المؤتمر بمجموعة توصيات منها تشجيع التعاون بين الباحثين والمؤسسات لمواصلة البحث في تقنيات الري وإدارة المياه وتعزيز الشراكات والشبكات لتبادل البيانات والمنهجيات والنتائج لتعزيز الفهم الجماعي لهذه الأنظمة، استكشاف استخدام التقنيات الحديثة مثل الاستشعار عن بعد ونظام المعلومات الجغرافية (GIS) والذكاء الاصطناعي لتعزيز دراسة وتوثيق أنظمة الري القديمة والتأكيد على أهمية المحافظة على المواقع والمنشآت الأثرية المتعلقة بالري وإدارة المياه في محاولة لإعادة إحياء ما يمكن منها وضمان استدامتها على المدى الطويل، إضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات جغرافية مكانية عالمية توثق التراث المائي الإسلامي الغني وتطوره الحضري التاريخي في جميع أنحاء العالم.
هذا ويعد مؤتمر التراث الأثري لتقنيات الري وإدارة المياه في العالم الإسلامي الأول من نوعه في مملكة البحرين، وشارك فيه نخبة من المتحدّثين والمتخصّصين الروّاد في مجالاتهم من مختلف دول العالم. وشملت المناطق التي غطّتها الدراسات التي عُرضت في المؤتمر: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجنوب شرق ووسط آسيا، وجنوب الصحراء الكبرى ومناطق النفوذ السابقة في شبه الجزيرة الأيبيرية (الأندلس) والبلقان. كذلك تضمن برنامج المؤتمر زيارات ميدانية عرفت المشاركين فيه على عدد من المواقع الهامة في البحرين كموقع قلعة البحرين، معبد باربار، موقع سار الأثري ومتحف البحرين الوطني.
الجدير بالذكر أن التراث الأثري لتقنيات الري وإدارة المياه في الحضارة الإسلامية يشمل مجموعة واسعة من الإنشاءات الهندسية مثل: القنوات الجوفية (الأفلاج)، والقنوات المعلّقة، والبِرك، والخزانات، والنوافير، وطواحين المياه، والآبار، والسدود والقناطر وغيرها. وتمتد الفترة الزمنية التي تم فيها تطوير هذه العناصر الإنشائية واستخداماتها من القرن السابع حتى القرن التاسع عشر الميلادي.