تبرهن المرأة البحرينية دائما على انتمائها الوطني وقدرتها على العمل والانجاز بكفاءة وإخلاص في ظل المسيرة التنموية الشاملة التي يقودها حضرها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم حفظه الله، فيما ينهض المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المعظم حفظها الله بمهامه كاملة في تنفيذ رؤية جلالة الملك المعظم التي بدت واضحة جلية منذ بداية العهد الزاهر لجلالته والتي ترجمها ميثاق العمل الوطني من خلال نصوص واضحة ومحددة تم تفعيلها على أرض الواقع من خلال التشريعات والمؤسسات المعنية بحقوق المرأة ويأتي على رأسها إنشاء المجلس الأعلى للمرأة كمؤسسة رسمية، وإشهار الاتحاد النسائي البحريني كمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني.

وجاء ميثاق العمل الوطني ليؤكد على تلاقي مباشر بين إرادة جلالة الملك المعظم مع إرادة الشعب البحريني على مسيرة الإصلاح والتحديث، لتترجم بنوده ونصوصه إلى حقيقة ثابتة من خلال عمل المؤسسات الرسمية، وعودة الحياة النيابية، وتعزيز المناخ الديمقراطي، واحترام حقوق الإنسان ومنها حقوق المرأة.

وقد أثبتت المرأة البحرينية نضجها الفكري والثقافي والسياسي من خلال حضورها البارز وإسهاماتها القيمة واستجابتها الفاعلة للحوار الوطني الذي دعا إليه حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله وجرى بمشاركة جميع مكونات الشعب البحريني في 22 نوفمبر 2000 بصدور الأمر الأميري رقم (36) الذي ينص على تشكيل لجنة إعداد ميثاق العمل الوطني، والتي تكونت حينها من 46 شخصية من مختلف فئات ورموز المجتمع البحريني ومنهم 6 سيدات.

الاستفتاء الشعبي

وجرى طرح ميثاق العمل الوطني للاستفتاء الشعبي العام يومي 14 - 15 فبراير من العام 2001 بموجب إعلان أكد حق الرجال والنساء البحرينيات البالغات من العمر 21 عاماً في المشاركة بالتصويت، وحظي الميثاق بإجماع شعبي شبه كامل من خلال موافقة 98,4% ممن لهم حق في التصويت، ومن الأدلة على الحضور البارز للمرأة وصول نسبة تصويت النساء 49% من إجمالي المشاركين، وهي نسبة تقارب نسبة النساء إلى الرجال في مملكة البحرين في وقته، وتبرهن على أن نساء البحرين لم يتأخرن يوما عن واجباتهن الوطنية في بلد تسود فيه الحريات والمساواة.

برهان آخر على الإسهام الفاعل للمرأة البحرينية في مختلف المراحل المهمة من تاريخ بلادها، تجسد من خلال "لجنة تفعيل ميثاق العمل الوطني" التي أُنشِئت بأمر من جلالة الملك المعظم حفظه الله في 24 فبراير 2001 بموجب المرسوم رقم (6) لسنة 2001، وتم تشكيلها بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (15) لسنة 2001 برئاسة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة حفظه الله، وضمت في عضويتها 16 عضواً من بينهم سيدتان، وعملت هذه اللجنة على مدار عام كامل تقريبا على مراجعة جميع القوانين والتشريعات الوطنية واقتراح التعديلات والآليات اللازمة لتنفيذ مبادئ الميثاق.

ثم جاء الدستور المعدل لعام 2002 متضمنا تعديلات على دستور العام 1973، أكدت صراحة الحقوق المشروعة للمرأة البحرينية، ثم أفردت مواد تنص على إلتزام الدولة بكفالة حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل في مختلف الميادين، إضافة إلى نصوص نوعية تؤكد حق المرأة بالمشاركة السياسية حيث جاء الدستور المعدل لعام 2002 متضمناً نصاً نوعياً بإقرار حق المشاركة السياسية للمرأة والرجل ، كما تضمن الدستور المعدل نصاً مضيئاً بإلتزام الدولة بالتوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجال في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية وهما نصان خلت منهما معظم الدساتير العربية.

المساواة بين المواطنين

كما نصت المادة الرابعة من الدستور على أن «الحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة»، كما نصت المادة (18) منه على «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة»، وهو ما رسخ فكر المواطنة ومبادئ الديمقراطية وجعل الناس جميعاً سواسية أمام القانون، ووضع ركيزة تكافؤ الفرص كأساس لاعتماد الكفاءة معياراً أولياً ورئيساً في ممارسة الحقوق والواجبات. انتهاء بإدراج الخطة الوطنية للنهوض بالمرأ’ البحرينية في برنامج عمل الحكومة كثمرة من ثمرات المشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة الملك المعظم الذي جسده ميثاق العمل الوطني.

التمتع بالحقوق السياسية

ونفاذاً للدستور المعدل لعام 2002، بادرت المرأة البحرينية بالمشاركة في الانتخابات لعام 2002 بنسبة بلغت 48% كناخبة وعدد 8 مترشحات، وفي انتخابات 2006 بلغت مشاركة المرأة 50% كناخبة و72 سيدة قررت الترشح في الانتخابات، وشهدت هذه الانتخابات وللمرة الأولى فوز سيدة بالتزكية بمقعد في المجلس النيابي، فيما شهدت انتخابات 2010 أكبر نسبة مشاركة للمرأة كناخبة بلغت 51% فيما بلغ عدد المرشحات12 سيدة، واستطاعت المرأة للمرة الأولى الظفر بمقعد بلدي بالاقتراع المباشر في مقابل المحافظة على مقعدها النيابي. ومع خلو 19 مقعدا نيابيا في عام 2011 تمكنت المرأة من حصد 4 مقاعد ليرتفع عدد الفائزات بالمقاعد إلى 5 مقاعد نيابية. وفي انتخابات 2014 بلغت نسبة مشاركة المرأة كناخبة 46%، فيما ترشحت 34 سيدة تمكنت 3 منهن من الظفر بمقاعد نيابية و3 آخريات بمقاعد في المجالس البلدية. وفي انتخابات 2018 بلغت نسبة مشاركة المرأة كناخبة 48%، وبلغ عدد المترشحات 48 مرشحة للمجلس النيابي والمجالس البلدية، وتمكنت 6 سيدات من الظفر بمقاعد نيابية و4 سيدات بمقاعد المجالس البلدية وتُوّج هذا الحضور المتميز للمرأة بانتخاب أعضاء مجلس النواب للسيدة فوزية بنت عبد الله زينل رئيسة للمجلس النيابي، لتكون بذلك أول امرأة تتولى هذا المنصب الرفيع في تاريخ المملكة، وأول سيدة خليجية وعربية ترأس السلطة التشريعية عبر الانتخاب المباشر. وجاء فوزها برئاسة المجلس بعد حصولها على 25 صوتاً من أصل 40 هم أعضاء المجلس، وفي انتخابات 2022 وصل عدد المرشحات إلى 107 مرشحة وهو العدد الأعلى في تاريخ البحرين، في حين سجلت نسبة مشاركة المرأة كناخبة 48%، وتمكنت 8 سيدات من الفوز بالمقاعد النيابية فيما فازت 3 سيدات بالمقاعد البلدية.

حقوق المرأة الإسكانية

وحظيت المرأة البحرينية في العهد الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم باهتمام خاص من جلالته بتثبيت حقها في الحصول على العديد من الخدمات التي تقدمها الدولة ومن بينها الحق في الحصول على الخدمات الإسكانية، ونتيجة لجهود حثيثة من المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع الحكومة الموقرة، صدر قرار وزير الأشغال والإسكان رقم (12) لسنة 2004 بشأن حق المرأة البحرينية العاملة أو التي لها دخل شهري ثابت وتعول ولا تمتلك أي عقار الإنتفاع بإحدى الخدمات الإسكانية، وكذلك يحق للمرأة المطلقة الحاضنة للأبناء بصفة دائمة بموجب حكم أو اتفاق ، ولا تملك على وجه الاستقلال مسكناً خاصاً أن تتقدم للوزارة بطلب الحصول على إحدى الخدمات الإسكانية، كما صدر قرار وزير الإسكان رقم (909) لسنة 2015 والذي جرى تعديله في 2023 واشتمل على إضافة فئة خامسة لفئات المستفيدين من الخدمات الإسكانية ويقصد بها المرأة المطلقة أو المهجورة أو الأرملة وليس لديها ابن أو أكثر أو العزباء يتيمة الأبوين، وتستفيد هذه الفئة أيضاً من مشروع "مساكن" الذي تفضلت صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله بافتتاح النموذج الأول بمنطقة اللوزي بالمحافظة الشمالية في عام 2016، وجرى وضع حجر الأساس للنموذج الثاني في ديسمبر 2023 بمدينة شرق الحد.

تقنين قانون الأسرة

وجاء ميثاق العمل الوطني ليكون الداعم الأول لاستقرار الأسرة البحرينية، حيث أنجز المجلس الأعلى للمرأة وفق اختصاصاته المنصوص عليها في الأوامر السامية بإنشاءه حزمة مكتسبات تشريعية وقانونية أسهمت في استقرار الأسرة البحرينية، ومنح المرأة حقوقها أسوةً بالرجل، ومساواتها بالحقوق والواجبات ولعل من أبرزها صدور قانون الأسرة في عام 2017 الذي يعد علامة فارقة في الحياة الاسرية، ويتوّج مرحلة طويلة من المطالبات والمتابعات الوطنية سواء على مستوى مؤسسات المجتمع المدني أو على الصعيد الرسمي من أجل استكمال منظومة التشريعات الخاصة بالمرأة في مملكة البحرين، انسجاماً مع ما ورد في ميثاق العمل الوطني والدستور من مبادئ ضامنة وحامية للحريات والحقوق للمواطنين.